تشكل الرسومات على الجدران (الغرافيتي) في مدينة داريا وغيرها من المدن السورية، لوحات فنية يراد منها إيصال رسائل إلى المجتمع الدولي حول الثورة السورية وأهدافها ومعاناة السوريين.
وخلال الأسبوع الماضي، خرج فريق المركز الإعلامي في المدينة لتنظيم حملة من أجل تلوين وتجديد الغرافيتي التي رسمت خلال مراحل الثورة على جدران المدينة المهدمة، بسبب تأثرها بالعوامل الجوية، ومن أجل الحفاظ عليها.
يقول أبو مالك الشامي (22 عامًا)، أحد أعضاء المركز الإعلامي المستقل، لعنب بلدي “يأتي مشهد الدمار والقصف معتادًا بالنسبة للعالم الخارجي، والكلام عن معاناتنا لم يعد يخترق آذان المعنيين، فاعتمدت من خلال رسوماتي على إيصال فكرة معينة تختصر كل شيء وتعبر عن حياتنا”.
ونوه إلى أنه تعمّد في رسوماته على أن تكون “بسيطة وواضحة يفهمها الجميع ولا تحتاج للتفكير طويلًا حول معانيها”، مؤكدًا أن المركز وضع شعار داريا على جميع الرسومات بحيث تكون رسائل خارجة من داريا وغير تابعة لأي جهة بالرغم من أنها نشاط لفريق المركز، فكانت هذه الرسومات رسائل من أهالي المدينة.
كيف بدأت الفكرة؟
يتذكر أبو مالك شريكه في مشروع الرسومات على الجدران الشهيد مجد معضماني “عين داريا”، وكيف اتفقا على رسم غرافيتي معبّر عن الثورة، وعلى حد قوله “كانت الرسومات في البداية نتاج اجتماع فكري بين الطرفين وبعد انضمامه للمركز الإعلامي أصبح العمل نتاج لاجتماع أفكار كامل الفريق”.
وأضاف أبو مالك “لاقت الرسومات صدى كبيرًا، وأخذت اهتمام عدد من الصحفيين والفنانين”.
يقول أبو مالك “ولعل أكثر ما لفت نظر وفد هيئة الأمم عند دخوله المدينة والتجول في شوارعها، الرسومات التي شاهدها في كل شارع وعلى كل سقف مهدم، إذ توقف الوفد عند لوحة رسمت بمناسبة احتفال العالم بقدوم عام 2016، وتحكي صورة لبابا نويل يحمل شعار الأمم المتحدة UN خلفه (تابوت) معبأ بهدايا العيد، ويقوم بنفخ البراميل والصواريخ على شكل هدايا العيد لتوزيعها على الشعب السوري الذي تطير أرواحه في السماء، وقام الوفد بتصويرها والوقوف عندها لعدة دقائق”.
مثل شعبي
بدوره، حسام الأحمد، مدير المركز الإعلامي، يقول “الرسم أحد الوسائل التي استخدمها المركز لنقل صورة معاناة أهالي المدينة والتعبير عن أفكارنا من خلال جدار أو سقف مهدم طارحًا المثل القائل (لو في تم لهالحيط لنطق)”.
يتم اختيار الرسومات عادة بحسب ظروف المرحلة، فعندما يطرح أحد أعضاء الفريق فكرة ما، يتم رسمها على لوحة مصغرة كنموذج أولي، ثم يتم التشاور لتأخذ شكلها النهائي.
يضيف الأحمد “نحن مجموعة من الشباب الذين جمعتهم الثورة واختاروا الإعلام وسيلتهم فكان المركز جهة مستقلة هدفها نقل الواقع للجميع، حيث قمنا بتوثيق المظاهرات السلمية منذ بدايتها وشاركنا بإنتاج وثائقي (داريا أخوة العنب والدم)، أما في الحملة التي شنتها قوات النظام على المدينة في نوفمبر 2012 برز اسم داريا كثيرًا بسبب قوة وجودة الصور والفيديوهات التي صدرت”.
ولم يتوقف المركز عن نشاطاته، إذ يقوم بإعداد أنشودة جديدة سترى النور قريبًا، وأصدر عددًا من الأناشيد والأفلام القصيرة، مثل “داريا رمز الثوار، شعل نارك يا مقدام”، وفيلم “عائدون” و”سنقاتل” و”داريا التي غابت عنها الشمس”، الذي ترجم إلى عدة لغات بحسب مدير المركز.