“أنا قائد كتيبة دبابات.. كلفني (النظام السوري) بمهمة قصف مدينة الحفة”، يقول يوسف الجادر، بابتسامة ساخرة، ومن المؤكد أن ما لم يكن يعلمه النظام السوري حينها أنه بتكليفه هذا، سيكون قد صنع واحدًا من أشهر الشخصيات الوطنية السورية بعد الثورة من حيث لا يدري.
رفض يوسف الجادر الأوامر الموجهة له، بعد أن قضى أشهرًا يراقب ما تفعله قوات النظام في المناطق الثائرة.
“لو تركلنا خيار نحن الضباط أنو نستقيل ونقعد ببيوتنا كنا تركنا، بس بشار الأسد ما تركلنا خيار، يا بدك تكون قاتل يا قاتل”، يقول الجادر الذي انشق عن الجيش في حزيران 2012.
“كنت شوف الدبابات المدمرة على قناة الأورينت أشعر بالفرح، بعدين صرت قول أنا قائد كتيبة دبابات، وهي دباباتي، كيف عم أفرح؟”، يكشف الجادر التناقض الذي وضعه به النظام السوري، كغيره من الضباط والسوريين، وفق تعبيره، حين أرغمهم على مواجهة بعضهم البعض.
كان الجادر واحدًا من أكثر الشخصيات الثورية التي دعت إلى وحدة السوريين، وهو ما يعكسه قوله “أنا عشت باللاذقية 22 سنة.. أنا بعرف العلويين طيبين وفقراء”.
“يمكن عشر قادة فرق فقط هن يلي عايشين، وهدول (العلويين) حاطينون وقود للاستفادة منهم، وهم أبناء ضيع ما عندون أكل ولا خبز، وإذا مرض واحد منون بموت وما معه حق دواء”، يردف في شهادته المصورة أثناء استقباله لعلويين منشقين.
ما إن انشق الجادر حتى نشر النظام صوره على وسائله الإعلامية، وادعى أنه ليبي من “المرتزقة”، ومروج مخدرات.
استلم يوسف الجادر قيادة أركان “لواء التوحيد” في “الجيش الحر”، وخاض عدة معارك ضد النظام في ريف حلب، وحرر “مدرسة المشاة” في المحافظة.
“والله مزعوج، لأن هي الدبابات دباباتنا، وهاد العتاد عتادنا، وهدول العناصر أخوتنا، والله العظيم كل ما أشوف إنسان منا أو منون مقتول بزعل”، تناقل السوريون كلمات الجادر هذه بعد تحرير مدرسة المشاة، واشتهر حينها باسم “أبو فرات” الذي أخذه على ما يبدو من مسقط رأسه جرابلس، حيث يمر النهر الشهير.
وما هي إلا ساعات قليلة حتى انتشر نبأ مقتل “أبو فرات” بلغم أرضي أثناء تمشيط محيط مدرسة المشاة، في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات، 15 كانون الأول 2012، تاركًا خلفه ذكرى مضيئة في درب الثورة المظلم.