بدأت قصة نجاحها الأولى بعد حصدها المرتبة الأولى، في معرض احتضنته مدينة دوما في الغوطة الشرقية، وفازت لوحتها بمبلغ 50 دولارًا، مكّنتها من شراء هاتف محمولٍ، مازالت توثق به رسوماتها صورًا حتى اليوم، طامحةً بأن توصل رسالتها إلى العالم.
سماح لبودة (35 عامًا) أمٌ لستة أطفال، شاركت بمعرض “ربيع وكتاب 2” التي نظمته إدارة مكتبة “بيت الحكمة” في دوما، آب 2015، تستمر بتجسيد صورٍ عن واقع الثورة السورية، وأخرى تحمل شخصياتٍ كرتونية أقرب إلى قلب الأطفال، كما تقول لعنب بلدي.
“تضرر منزلنا إثر القصف وغدت لوحاتي تحت الركام، إلا أنني استطعت انتشال بعضها وبدأت من جديد”، تصف الأم الثلاثينية ما مرت به خلال الأشهر الماضية، وتشير إلى أنها تحمل رسوماتها المتبقية التي أثنى عليها معظم من تواصلت معهم عنب بلدي في الغوطة، داخل كيس يتنقل معها أينما نزحت، وفق تعبيرها.
أم أكرم، كما يناديها جيرانها، ترى أن رسمها يفرغ الشحنات التي بداخلها، وتجد منه وسيلة للتعبير عن الوضع الذي تعيشه إلى جانب أهالي الغوطة، وتتمنى أن تصل رسالتها من خلال الرسوم إلى “أصحاب العقول والضمائر الحية”، رغم أنها تجد صعوبة في تأمين مستلزمات الرسم لغلاء أسعارها.
بدأت لبودة الرسم بعمر ثلاث سنوات، وتعتبر أنه العمر الذي استطاعت فيه تمييز الأشخاص والواقع من حولها، الذي غدا اليوم “قصفًا وصبرًا وخوفًا وترقبًا للمجهول”، وترى في رسوماتها تعويضًا لأطفالها عما يمرون به، وخاصة بعد مقتل أكبر أولادها أكرم في القصف على الغوطة.
رغم أن أم أكرم لم تكمل تعليمها وتزوجت بعمر 13 عامًا، إلا أنها واظبت على صقل موهبتها وعلمتها لأطفالها، فابنها عمران رسام وخطاط كما هو والده، أما رضوان في الصف الخامس فهو بارع برسم الخرائط، بينما تحاول الأم تطوير رسومات أولادها أيمن في الصف الثاني والتوأم سلام وبيان (عامان ونصف).
ليست لبودة الوحيدة التي أبرزت الثورة السورية فنها في الغوطة الشرقية، وتطمح في إيصاله إلى العالم، فقد احتضنت الغوطة العديد من التجارب المماثلة، وأبرزها الخمسينية ماجدة سلام من مدينة دوما، والتي عرضت لوحاتها آذار الماضي، لأول مرة في حياتها، وأكدت في حديث سابق إلى عنب بلدي أنها ستستمر في الرسم لتعرض لوحاتها من جديد “بعد انتصار الثورة”.
وتطمح الرسامة الثلاثينية التي تعيش في مدينة دوما حاليًا، لعرض لوحاتها في الغوطة وخارج سوريا، بهدف لفت الأنظار نحو “امرأة عانت وحرمت من تعليمها، إلا أنها قادرة على تحقيق ما لم يستطع الذين تعلموا أن يحققوه”، على حد وصفها.