“استيقظت صباح ذلك اليوم على أصوات جلبة وصراخ في الشارع الذي أقطن فيه، وبدأت أحاول استيعاب ما يجري بعد سماعي كلمات عن جثث في النهر، ثم توجهت برفقة بعض الأصدقاء إليه، وحينها صعقت بالمنظر”.
مشهد صادم استيقظ عليه الشاب محمد نهاد، وأهالي حي بستان القصر في مدينة حلب، في 29 كانون الثاني 2013، فكانت عشرات الجثث تطفو فوق سطح ماء نهر قويق، الذي يتدفق من مناطق سيطرة النظام السوري إلى وسط الحي.
وأجمع حينها الناشطون والإعلاميون العاملون على الأرض، على مسؤولية النظام عن تلك الجريمة، على اعتبار أن الكثير من ذوي جثث الضحايا، قالوا إن أبناءهم كانوا معتقلين في الأفرع الأمنية التابعة للنظام.
في ذلك اليوم عثر الأهالي على 94 جثة في البداية، إلا أن استمرار تدفق الجثث عبر النهر حتى تاريخ 14 آذار من العام نفسه، زاد من عدد الضحايا، ووصل العدد الإجمالي إلى 221 جثة.
نهاد وصف المشهد بـ”الأكثر دموية في حياته”، وقال إنه سحب جثتين، الأولى لشاب في عقده الثالث، والثانية لطفل لم يتجاوز الـ15 من عمره، موضحًا أنه انسحب بعدها وترك المكان، “لأني أحسست بالإعياء”.
وتذكر الناشط الطبي حذيفة دهمان، يوم المجزرة، ووصف حال الجثث بأنها كانت مكبلة الأيدي، وجميعها قتل إثر طلق ناري في الرأس، “غسّلنا الجثث وكفنّاها، ثم نقلت إلى مدرسة اليرموك، وبعدها أخذت عينات شعر من قرابة 100 جثة، من أجل التحاليل الطبية”.
شعر يومها دهمان بالعجر التام، حتى إنه لم يعد يقوى على الكلام، على حد وصفه، وختم “كنت أعمل بصمت والألم يعصر قلبي. ساعدنا أقارب الضحايا في التعرف على بعض الجثث، كان يومًا رهيبًا”.
وصادف الجمعة الماضي، الذكرى الثالثة لـ “مجزرة النهر”، التي يعدها ناشطو حلب من أبشع المجازر التي تعرضت لها المدينة منذ بدء الثورة السورية.