“خليني صال ع الدار بس لك خاي” بهذه الكلمات يواجه أحد مقاتلي المعارضة وابن إدلب المهنّئين بتحرير المدينة؛ يصل المقاتل إلى داره ويروي حكايات 4 سنوات حرم فيها من أهله وجيرانه، بينما ترتفع أصوات الزغاريد من نساء الحي. لم تكن الحالة الوحيدة لعودة مقاتلين إلى ديارهم، إلا أنها رسالةٌ أثلجت قلوب المبعدين المحرومين في كلّ الأرض السورية وأخبرتهم “بعد الليل رح يطلع النهار”.
شهدت المحافظة منذ انطلاقة الثورة السورية نشاطًا مدنيًا وعسكريًا أرّق نظام الأسد، تشهد عليه ساحة الساعة ولافتات كفرنبل وحيطان سراقب وصمود جبل الزاوية، ولم يتوان الأسد في سبيل إيقاف المدّ الشعبي عن قصف المحافظة بالجملة، ما أسفر عن مقتل قرابة 12500 شهيد (وفق مركز توثيق الانتهاكات).
وقد أثبت درس التوحيد بين فصائل المنطقة أنّها الطريقة الوحيدة لنجاح الثورة والوصول إلى أهدافها في عموم سوريا، لكنّ تحديات كبيرة تقف أمام “الفاتحين” خصوصًا وأن مركز المحافظة يعني سيطرة حقيقية وفعلية لزمام الأمور. ورغم أن مقاتلي “جيش الفتح” أبدوا وعيًا كبيرًا خلال الساعات الأولى للانتصار، إذ لم تشتتهم الرايات وحافظوا على المؤسسات الحكومية ولم يمسوها بأذىً أو تخريب، إلا أنهم مطالبون بإكمال ما بدأوه والخروج من بين الأحياء السكنية إلى النقاط التي تشكل خطرًا من ردات فعلٍ خاطفة لمقاتلي الأسد.
ولا بدّ من الاتفاق على إدارة المدينة عبر مجلس مدني بالتنسيق مع العسكر وبمشاركة الخبرات والكفاءات، كما يجب الاستفادة من الموظفين السابقين لتوثيق انتهاكات الأسد وتسيير أمور المواطنين.
الإبقاء على معسكر المسطومة وقريتي كفريا والفوعة بيد الأسد يعني حتمًا أن خاصرة المعارضة مكشوفة أمام ضرباتٍ وقذائف تنتقم من المدنيين، لذا يجب إنهاء تمركز الأسد في أنحاء المحافظة بأسرع وقت ممكن.
إدلب اليوم، وعلى طريقتها، تعيد رسم حكايات الهرموش والأسعد وتثبت أن الأم التي ولدتهما قادرة على تربية أجيالٍ يرفضون الظلم وبطش الطغاة… سوريا تنتظركم.