الجفاف والحرب.. تحديات شُحّ المياه المنزلية (أهمية تبنّي نهج التربية المائية- حالة سورية)

ديسمبر 21, 2022

ريمون المعلولي

دراسات

مقدمة:

تُعدُّ سورية مثالًا واضحًا لتجلي آثار التغيّرات المناخية وانعدام الاستقرار السياسي والعنف المسلّح والفقر وندرة الموارد المائية وحركة السكان في داخلها وإلى خارجها. فمن أبرز خصائص المناخ فيها، تواترُ سنوات الجفاف، وقد ضربت أحدث موجاته البلاد، وكانت أسوَأها، في شتاءِ 2007-2008، إذ بلغ الجفاف ذروته، فتراجعت معدلات الهطول المطري عن معدّلها السنوي بنسب كبيرة، وتناقصت الموارد المائية السطحية والجوفية. وضاعف من أثر الجفاف سوءُ إدارة المياه، وقد تجلّى ذلك بانخفاض مؤشر الاستدامة المائية إذ بلغ 46 %، وانخفض نصيب الفرد من المياه إلى أقلّ من 100 ليتر، في اليوم، مقارنة بالمتوسط العالمي (200 ليتر) [1]. ودخلت سورية في ما يُعرف بـ “الفجوة المائية “، من خلال استمرار زيادة الطلب على المياه مقابل نقص مصادره، في ظلّ تزايد سكاني مرتفع، ودخلت سورية في تصنيف “شحّ المياه”، وفق مؤشر “الإجهاد المائي” (WSI ) [2] .

أولًا– وضع المياه  خلال سنوات الحرب:

خلال سنوات الحرب التي بدأت في العام 2011، دخلت سورية في إحدى نوبات الجفاف الشديد، حيث غارت المياه الجوفية، وجفت ينابيع كثيرة، وبات تأمين مياه الشرب عسيرًا حتى عند سكان المدن الكبرى، فقد عاش سكانها على وقع أنظمة تقنين لمياه الشرب الواصلة عبر شبكات البلدية، مع انتشار ظاهرة صهاريج المياه المتنقلة بين الأحياء، لتغطية عجز الشبكات العامة عن تأمين حاجات السكان للمياه المنزلية، وباتت مسألة ترشيد استعمال المياه في المنازل ضرورةً حيويةً.

واليوم، تتعمق معاناة السوريين، وتشتد حاجتهم إلى مياه الشرب، فقد انخفضت نسبة ما كان يُزوِّد المساكن بنسبة 40%، عمّا كانت عليه قبل عقدٍ من الزمان. وأعاقت الحرب إلى حدٍ كبير إمكانات الوصول إلى المياه الصالحة للشرب [3]، إضافة إلى تعطل 50٪ من أنظمة المياه والصرف الصحي، في جميع أنحاء سورية، من جراء العنف، وتعذر إجراء الصيانة المناسبة، وفي بعض الحالات، فقدت المرافق ما بين 30٪ إلى 40٪ من الموظفين الفنيين والمهندسين اللازمين للمحافظة على استمرار تشغيل هذه الأنظمة. كما غادر كثير منهم البلاد، وتقاعد آخرون من دون أن يتمكّنوا من تدريب أبناء الجيل الأحدث سنًّا، ونقل ما اكتسبوه من معرفة إليهم [4].

لقد أصبح مطلب توفير المياه الصالحة للشرب مهددًا، ما يجبر الناس على الاعتماد على مصادر غير آمنة للمياه من خلال الاستعانة بشاحنات خاصة لنقل المياه المشكوك بسلامتها فضلًا عن ارتفاع أسعارها إلى المنازل، ما يترك السكان في مواجهة عواقب مقلقة على الصحة العامة، وبخاصة  في أوقات تفاقم جائحة كورونا [5]، وبدء تفشي وباء الكوليرا، من جرّاء تلوث مياه الشرب في كل المناطق السورية.

هنا، يبرز دور المرأة، باعتبارها المسؤول الرئيس عن قطاع المياه المنزلية [6]، وتبرز معه ضرورة بناء قدراتها وإدماجها في إدارة هذا القطاع، على المستويين المحلي والوطني [7]، وذلك من خلال بناء معارفها وتنمية مهاراتها ودوافعها، ما يسهم في تعديل سلوكها وطريقة تعاملها مع المياه.

تشمل المياه المنزلية “مياه الشرب والاغتسال والطهي وحفظ الصحة وضمان نظافة مكان السكن. [8].

نفّذ الباحث في صيف 2013 مسحًا ميدانيًا، شمل المحافظات الجنوبية الغربية من سورية (دمشق، ريف دمشق، درعا، السويداء، القنيطرة)، للتعرّف إلى واقع المياه المنزلية: مصادرها، كمياتها الواردة والمستهلكة، وسبل سد النقص الناجم عن قصور كميات مياه الشبكات، ثم التعرّف إلى أساليب تكيف الأسرة (المرأة) مع حالات نقص المياه المنزلية، وعلاقة تلك الأساليب بالمعلومات عن المياه، وأخيرًا رصد اتجاهات المرأة نحو إدارة الطلب على المياه، وموقفها من عدد من السياسات المائية.

ونظرًا لتعدد أهداف المسح المذكور وتنوّعها، ولغنى النتائج التي أسفر عنها تحليل البيانات والمعلومات، بعد تفريغها ومعالجتها، فقد رأى الباحث أهمية قراءة تلك النتائج من جديد، في ضوء أزمة المياه التي تشهدها غالبية الأقاليم الجغرافية السورية في الوقت الراهن، وما ترتّبه على السوريين من آثار، حيث إنها تحولت إلى ما يشبه الكارثة البيئية/ المائية، واكتست طابعًا حادًا في ظل الصراع المسلح، مع استعمال المياه سلاحًا في هذا الصراع. ومن ثمّ نظر الباحث في ما يمكن استخلاصه من أفكار تفيد في التعاطي مع الأزمة الراهنة للمياه.

ومن أبرز النتائج:

1- تتزود الأسر المقيمة في المحافظات المعنية بالبحث (الجنوبية الغربية) بمصادر متعددة للمياه المنزلية، فلا يوجد مصدر واحد يمكن أن يُلبّي احتياجاتها المائية كاملة، ما يجعل أمر ضبط نوعية المياه وسلامتها صعب المنال، فضلًا عما يرتبه ذلك من زيادة الأعباء من هدر الوقت والجهد، إضافة إلى ما ينجم عنه من ارتفاع قيمة الفاتورة الشهرية للأسرة.

– بلغت نسبة مساهمة الشبكة العامة بـ (93.8%) من إجمالي الوارد للمنازل، ونصيب الصهاريج (5.5%)، فيما تُسهم عبوات المياه بنسبة (0.7%) من إجمالي الكمية الواردة/ المستهلكة. وقد بلغ نصيب الفرد من المياه المنزلية (107.3) ليتر، في اليوم، وهو معدّل متفاوت بين المحافظات.

– تمتعت غالبية نساء العيّنة بمستوى معرفة مرتفع، في ما يخص غالبية الأسئلة عن واقع المياه [9]. وقد تبيّن وجود فروق في كميات المياه المستهلكة، تبعًا للمستوى التعليمي للمرأة، وكذلك تبعًا لمستويات المعرفة عن واقع المياه، حيث سجّلت المرأة الأكثر تعلّمًا، والأرفع معرفة بواقع المياه، أقلّ كمية استهلاك لمياه المنزل.

2- وعن الأساليب التي تمارسها المرأة لترشيد استخدام المياه المنزلية [10]

تمارس المرأة السورية، في المنطقة الجنوبية الغربية من سورية، أساليب مختلفة لترشيد المياه المنزلية، في ظلّ شحّ المياه وندرتها، فهي تلجأ إلى ممارسات بديلة عن تلك التي تعوّدت عليها سابقًا، مثلًا عند الاستحمام، تستبدل حوض الاستحمام (البانيو) بالمِرَش (الدش)، أو تستبدل الحوض أو المرش بوعاء (جُرن) كوسيلة لضبط الكمية المستهلكة من مياه الاستحمام. وعند تنظيف أرضيات المنزل (الغرف، الفناء الخارجي…)، تستخدم قطعة قماش (ممسحة) مبللة بالماء، بدلًا من اللجوء إلى الشطف بسكب الماء الذي كان يُعدُّ سلوكًا منتشرًا، بغية تنظيف الأرض وترطيب الهواء المنزلي. وفي المطبخ، تقوم بتنظيف الأواني أو الخضار والفاكهة في وعاء مملوء بالماء، بدلًا من فتح الصنبور بصورة مستمرة ومباشرة. وتميل إلى سقي نباتات حديقة المنزل من مياه الصهاريج، بدلًا عن ريّها من مياه الشبكة الصالحة للشرب.

ومن النساء من يُنظِّمن استهلاك المياه، من خلال تحديد عدد مرات استعمالها، كتحديد عدد مرات الاستحمام في الأسبوع، أو تحديد المدة التي يتم خلالها استهلاك المياه، أي تنظيم مواعيد استعمالها، كمواعيد غسل الثياب، أو الجلي، أو الاستحمام، أو ريّ الحديقة … إلخ، لأن العشوائية في استعمال المياه تؤدي إلى زيادة المصروف منها. وتلجأ نساء أخريات إلى اتباع أسلوب التدوير، أي إعادة استخدام المياه المستعملة في مجالات أخرى، كأن تستخدم المياه الناتجة عن غسل الثياب -وهي مياه دافئة وتحوي المنظف/ الصابون- من أجل تنظيف أجزاء من المسكن، كشطف الحمامات، والدرج، وقد تسقي أحواض النباتات من المياه المتبقية من عملية غسل الخضار والفاكهة… إلخ.

وكذلك يمكن ضبط كمية المياه المستعملة، من خلال التحكم في فتحة صنبور المياه، فلا يترك الصنبور مفتوحًا لدى الاستحمام أو جلي الأواني، أو شطف الأرض أو شطف الدرج، بل يُغلَق ثم يُفتح تبعًا للحاجة. وكذلك تقنين كمية الماء عند ريّ نباتات الحديقة… ومقابل ذلك، فإن قلة من النساء تحدثن عن اقتنائهن تجهيزات تقنية أو فنية، لضبط كمية المياه المستهلكة، مثلًا، اللجوء إلى أسلوب الرشّ والتنقيط لري النبات، أو تركيب صنابير ذات تدفق محدود، أو أحواض طرد حديثة في المرحاض… أو استخدام مواد تنظيف يمكن أن تساعد في التخفيف من كمية الماء المستعمل في المطبخ وغيره… الخ. فالوسائل التقنية ما زالت قليلة الانتشار على مستوى المجتمع السوري، وهي غير معروفة لدى فئات واسعة من السكان، فضلًا عن عدم تمكن العارفين عنها من شرائها واستخدامها، نظرًا لارتفاع أسعارها.

هذا، وقد وردت إشارات عن اتباع المرأة أسلوب التوعية والإرشاد لأفراد أسرتها، بغية اتباع أساليب التقنين والترشيد التي تتبعها هي. ويبدو أن مرد ذلك يعود إلى أن معظم العمل المنزلي هو بيد المرأة، وهذا ما أفادت به نتائج بحث حول ميزان العمل المنزلي في الأسرة السورية. (المعلولي، 2012)

3- أظهرت دراسة اتجاهات المرأة نحو إدارة الطلب على المياه المنزلية: [11]

* أنها تساند السياسات التي تؤدي إلى توفير المياه، مع وضع ضوابط لاستهلاكه، لكنها ترفض أية إجراءات تؤدي إلى رفع تسعيرته، وبالتالي ترفض خصخصة قطاع المياه.

* تؤيد إجراءات تقنين استهلاك المياه المحلية وتنميتها إدراكًا منها لقيمة هذه الثروة، فهي مع أفكار إعادة استعمال المياه المستعملة في الاستحمام وغسل الثياب وغسل الخضار (المياه الرمادية) في المجالات الممكنة، ومع فكرة إعادة استعمال المياه السوداء بعد تكريرها لري المحاصيل الزراعية. وهي مع المشاريع التي تؤدي إلى حسن استثمار مياه الآبار والأمطار وتنميتها.

* إنها مع فكرة الحدّ من هدر المياه المستعملة، وترى أن لها دورًا لم تحظ به في إدارة المياه، وليس على مستوى الاستخدام النهائي للموارد الطبيعية، وليس على مستوى التخطيط واتخاذ القرار.

* تؤيد فكرة التعرفة المرتفعة على المستهلك في القطاعات غير المنزلية، ولكنها ضد فكرة الأسعار التصاعدية على الاستهلاك، فهي متحفظة عمومًا نحو أي سياسة تؤدي إلى رفع فاتورة الماء، وقد يعود سبب ذلك إلى تدني الحالة المالية لأسرتها.

* لقد تأكدت أهمية دور المرأة في إدارة المياه، فالمرأة التي تملك اتجاهات إيجابية نحو ترشيد موارد المياه يمكن أن تكون قدوة طيبة لأبنائها، حين تنقل إليهم اتجاهاتها وتزودهم بالمهارات اللازمة لحسن التعامل مع مياه المنزل والمدرسة، فضلًا عمّا يمكن أن تقوم به المدرسة، من خلال مناهج دراسية مطورة تأخذ البعد المائي كأحد المضامين الأساسية في مناهجها، لإكساب التلاميد المعلومات والاتجاهات والمهارات المتعلقة بالتعامل مع الموارد المائية المتاحة والمحافظة عليها وترشيد استهلاكها. وهذا ما يسمّى بـ “التربية المائية”.

ثانيًا- التربية المائية:

1-مفهوم التربية المائية:

تُعدّ التربية المائية أحد مجالات التربية البيئية، وهي جهد تربوي يهدف إلى تمكين الأفراد والجماعات من المشاركة الفعالة في إدارة مستدامة لموارد المياه، من خلال تزويدهم بالمعارف والمعلومات عن المياه وتحديات توافرها والحفاظ عليها لتبقى كافية ونظيفة، وتزويدهم بقيم الصيانة والترشيد والتقدير، وتدريبهم على مهارات الإدارة الرشيدة لمصادرها وأساليب استهلاكها في جميع العمليات والاستخدامات البشرية: منزلية، زراعية، صناعية… إلخ، وتشجيعهم على المشاركة في صنع القرارات المتعلقة بإدارة المياه على المستويات المحلية والإقليمية.

2- مبررات التربية المائية:

– تقع سورية في منطقة جغرافية حساسة للتغيرات المناخية، فغالبية أراضيها تقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة التي تتصف بقلة الهطل المائي فيها، مع تعاقب سنوات شح مع سنوات أخرى من الهطل الذي يراوح بين المتوسط و القليل، لذا يتم تصنيف سورية على أنها من بين أشدّ البلدان تعرضًا للإجهاد المائي.

– تتسم الديموغرافية السورية بنمو سكاني مرتفع، وهرَمُ أعمار سكانها فتيّ ذو قاعدة واسعة وذروة ضيقة، فضلًا عن انخفاض خصائصهم التعليمية.

– إن إقدام السلطات المختصة على سنّ قوانين وضوابط، والتشدد في العقوبات الهادفة لضبط السلوك البشري وتعديله إزاء موارد البيئية، غير كافيين البتّة، فالقوانين والعقوبات قد تؤدي دورها في ظلّ حضور ممثلي القانون. لذلك يبقى السلوك المرغوب راسخًا حين يُغرس عبر التربية، خصوصًا إذا دُعم بالمعرفة الكافية عن المياه والقيم الإيجابية نحوها، عندئذٍ يبقى السلوك البيئيّ، عمومًا، راسخًا وحاضرًا في مختلف الظروف والمواقف.

– على الرغم من تمتع النظم البيئية -ومنها نظم المياه- بآليات تمكنها من الاستمرار والتنقية الذاتية من الملوثات الطبيعية، يبقى الإنسان هو الكائن الأكثر تلويثًا للمياه، وهدرًا لها، ولذلك على التربية أن تتجه إلى الإنسان، من أجل تصويب سلوكه وتحويله إلى سلوك مناصر للبيئة والمياه التي تعدّ بحق أهمّ مكونات نظمها المختلفة.

 ويزيد من ضرورات اعتماد التربية المائية ما خلّفته الحرب من عمليات تهجير واسعة، أعادت توزيع الديموغرافية السورية على امتداد جغرافيتها، بصورة مختلفة وغير مراعية لتوافر الموارد المائية، حيث يتجمع ملايين السوريين في رقعٍ جغرافية محدودة، قد لا تتوافر فيها مصادر مياه كافية للشرب، هذا ما تشهده تجمعاتهم في شمال وشمال غرب سورية، وبخاصة في مئات المخيمات التي تعاني أكثر من غيرها من التجمعات البشرية شحًّا في مصادر المياه، يزيد معاناة المقيمين فيها، وهم يسعون لتوفير مياه الشرب، فضلًا عن استخدام قوى الأمر الواقع المختلفة المياه سلاحًا في الصراع المستمر، منذ أكثر من عقد من السنوات، فضلًا عن دور تركيا كسلطة تقع في هضبتها غالبية الأحواض المائية التي تغذي أهمّ الأنهار السورية.

 وعليه، نرى أن التربية المائية ضرورية للسوريين، وبخاصة للأجيال الناشئة، فالسلوك الإيجابي المتعلم في سن مبكرة يبقى أثره راسخًا. ولأن نصف الأطفال من عمر (6-18 سنة) غير مسجلين في المدارس، ومحرومون من مزايا التعليم، بات الاعتماد على أشكال التربية الأخرى لازمًا.

3- خصائص التربية المائية وأهميتها:

يسمح تحليل مفهوم التربية المائية باستخلاص أبرز خصائصها، ويمكن تحديدها في الأفكار الآتية:

– هي أحد فروع التربية البيئية.

– تسعى لتنوير المتعلمين بالوعي وتزويدهم بالمعرفة عن المياه، باعتبارها أحد أهم موارد البيئة الحيوية الضرورية لحياة الكائنات الحية على الأرض، وعن مصادرها وتوزعها.

– إبراز التحديات التي تواجه المياه، وبخاصة تلك الناجمة عن سلوك الإنسان وسبل كشفها وأساليب حمايتها وصيانتها ترشيد استعمالها.

– تنمية اتجاهات إيجابية لدى المتعلمين نحو موارد المياه، وقيم المواطنة لدى المتعلمين لتحمل مسؤولياتهم نحوها، والمشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بمصادرها وتوزيعها واستهلاكها، وفق نهج الإدارة المتكاملة.

– تمكين المتعلمين من المهارات الذهنية الضرورية لحسن التعامل مع الموارد المائية -ومنها المياه المنزلية- كالقدرة على الاستقراء والاستنتاج، والتحليل واستشعار المشكلات التي يمكن أن تقع في المستقبل والتعامل مع المشكلات الراهنة ومناهج علاجها.

– إنها تربية موجهة لكافة الأعمار، ومتجهة نحو المستقبل.

4- أشكال التربية المائية

تتسم التربية البيئية/ المائية بالمرونة الكافية التي تؤهلها لتصميم مناهج نظامية والتخطيط لبرامج غير نظامية ولا نظامية، تتكامل جميعها للإسهام في تحقيق أغراض التربية المائية.

تتم التربية النظامية عبر مناهج معدّة مسبقًا، ترتقي مضموناتها من صف لآخر، وعبر المراحل التعليمية المختلفة. فيما يمكن للتربية غير النظامية أن تُضمّن محتوياتها في برامج المنظمات غير الحكومية والنقابات والمنظمات الحرفية والمهنية المختلفة، فضلًا عن قدرة الإعلام البيئي على تقديم مساهمات فعالة في التوعية المائية، ولن نغفل دور الأسرة المهمّ في بث القيم والاتجاهات الإيجابية نحو الثروة المائية وممارسة السلوكات الإيجابية للحفاظ على نظافتها وترشيد استهلاكها وبخاصة المياه المنزلية، وهو ما يسمى بـ “التربية اللانظامية”.

5- أهداف التربية المائية ومستوياتها:

تهدف التربية المائية إلى:

– غرس الوعي والحس المرهف إزاء المياه لدى المتعلّمين وبالمشكلات المرتبطة بها.

– إتاحة الفرص التعليمية للمتعلمين، لاكتساب خبرات متنوعة، والتزود بفهم أساسي عن المياه والمشكلات المتعلقة بها.

– إكساب المتعلمين المهارات ليتمكنوا من تحديد التحديات والمشكلات التي تواجه المياه وحلها.

– إكساب المتعلمين الاتجاهات والقيم ومشاعر الاهتمام وتقدير الثروة المائية، وتنمية حوافزهم للمشاركة الإيجابية في حمايتها وترشيد استخدامها.

– إتاحة الفرصة للمتعلمين للمشاركة النشطة في العمل على حل المشكلات الملحّة للموارد المائية.

– معاونة المتعلمين على تقويم مقاييس وبرامج التربية المائية، في ضوء العوامل الاقتصادية الاجتماعية والطبيعية والنفسية والجمالية والثقافية.

تقديم الأهداف للمتعلمين وفق مستويات: المستوى الأول معرفة المفاهيم المعنية بالموارد المائية الأساسية والمبادئ المرتبطة بها، أي إكساب المتعلمين معرفة كافية تمكّنهم من اتخاذ قرارات واعية حول الإنسان والبيئة ومواردها المائية.

أما المستوى الثاني، فيركز على الوعي بالمشكلات والقضايا ذات الصلة بالموارد المائية وعلاقتها بالإنسان وقيمه، وكيفية تأثير النشاطات البشرية في العلاقة بين نوعية الحياة ونوعية المياه وتأثيرات السلوكيات الفردية فيها.

ويركز المستوى الثالث على المعرفة والتقصي عن المشكلات البيئية وآثارها على الثروة المائية، وعمليات التقييم، وطرح البدائل لحلّها.

أما المستوى الرابع، فهو يؤكد أفعال المواطنة، وتتضمن تنمية القيم الضرورية لدى المتعلمين من أجل الممارسة المناسبة، وتشمل: اكتساب المتعلّمين مهارات المواطنة التي تمكّنهم، فرادى وجماعات، من الممارسة الفعلية، على مستوى الإقناع، والاستهلاك، العمل السياسي، العمل التشريعي، والإدارة المتكاملة للمياه، وإتاحة الفرصة للمتعلمين لتطبيق مهارات المواطنة في اتخاذ قرارات مناسبة بشأن إستراتيجيات الممارسة المتعلقة بقضايا المياه [12].

6– مناهج التربية المائية

من المداخل الملائمة لإدخال مضامين التربية المائية في المناهج التعليمية، يمكن اختيار مدخل الموضوعات المتعددة. وفق هذا المدخل يتم بناء مصفوفات تتضمن المحتوى المائي، مرتبة وفق مستويات من المستوى الأكثر عمومية (المجالات الرئيسة) إلى الموضوعات الفرعية وانتهاءً بأبسطها (المفاهيم والمعلومات)، ثم يتم تصنيفها بحسب الصفوف والمراحل التعليمية.

ويتم اختيار عدد من المواد الدراسية الأكثر ملائمة، بغية تشريبها مضامين التربية المائية، كالجغرافيا والعلوم واللغات والفنون… إلخ، وتُقدّم للمتعلمين في سياق موضوعات تلك المواد في حصصها الدراسية المعتادة. ويعتمد هذا المدخل بشكل رئيسي على جهود المعلّمين والمشرفين التربويين.

المراجع والحواشي

[1] الآثار البيئية للنزاع: سورية الجفاف والسنوات العجاف. مجلة البيئة والتنمية. آذار- نيسان. 2014 المجلد 19. العددين 192-193، ص 20- 35

[2] Water Stress Index

[3]صحيفة WD ليست الحرب وحدها.. كيف فاقم الجفاف معاناة السوريين؟ https://2u.pw/IW6nh تاريخ المشاهدة 07.03.2021

[4] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، 01 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، انظر https://2u.pw/yjlaR تاريخ المشاهدة 10/8/2022

[5] Independent عربية أزمة المياه في سورية… جفاف وعطش، 27 فبراير/ شباط 2022. انظر https://2u.pw/3ZIJA شوهد بتاريخ 20/7/2022

[6] بلغ متوسط ساعات العمل المبذول في المنزل (9 ساعات و42 دقيقة يوميًا) يكون نصيب المرأة منها (7 ساعات و24 دقيقة). أنظر: المعلولي، ريمون. ميزان ساعات العمل المأجور وغير المأجور لدى المرأة والرجل وقيمته المالية في الأسرة السورية – دراسة ميدانية تحليلية مقارنة في المنطقة الجنوبية من سورية. مجلة جامعة دمشق – المجلد 30 – العدد الأول 2014

[7] GWA.(2006) Gender, Domestic Water Supply and Hygiene,2006، أنظر www.genderandwater.org/content/

[8] ـUNDP  دليل المصادر في النوع الاجتماعي والمسار الرئيسي لإدارة المياه، نسخة رقم 2.1 2006. أنظر https://bit.ly/3Fm49d4 ت. م 26/10/2022

[9] للتعرّف على النتائج التفصيلية عن هذا المحور، راجع: المعلولي، ريمون، المياه المنزلية وفروق استهلاكها بين النساء تبعًا لمستوياتهن التعليمية ومعارفهن عنها، “دراسة ميدانية في عددٍ من المحافظات السورية مجلة جامعة دمشق – المجلد 31 – العدد الأول 2015. ص 187- 210

[10] للمزيد من التفاصيل راجع: المعلولي، ريمون، أساليب ترشيد استخدام المياه المنزلية وعلاقتها ببعض المتغيرات.

Tishreen University Journal- Arts and Humanities Sciences Series: Vol. 35 No. 2 (2013): الآداب والعلوم الإنسانية

[11] المعلولي، ريمون اتجاهات المرأة نحو إدارة الطلب على المياه وعلاقتها ببعض المتغيرات، مجلة اتحاد الجامعات العربية للتربية وعلم النفس، المجلد الثاني عشر – العدد الأول– 2014

[12] تم تحديد مستويات أهداف التربية المائية قياسًا بمستويات التربية البيئة، نقلًا عن (مكتب اليونسكو الإقليمي. 1990، 138).

المزيد
من المقالات