منذ بداية الحراك العسكري في الثورة السورية، حظيت الثورة بعشرات المحاولات والمبادرات التي كانت تدعو لتوحيد الفصائل العسكرية في غرف عمليات مشتركة في فترة المعارك ضد نظام الأسد، بالإضافة إلى المبادرات بتشكيل وحدة تنظيمية تضع جميع الفصائل العسكرية في هيكلية الجيش الواحد عبر قيادة الأركان وغيرها من التنظيمات الأخرى، ورغم كل هذه المحاولات التي نجح بعضها وفشل بعضها الآخر، لم يكن ملف ضبط البنادق بين الفصائل العسكرية سهلاً، فالتغييرات الميدانية المتكررة في فترة المعارك وسقوط بعض المناطق وحصار أخرى، بالإضافة إلى تشكيل فصائل جديدة حسب طبيعة المرحلة واختفاء فصائل أخرى مع مرور الوقت حالت دون ذلك، كما أن عدم وجود حالة الاستقرار المعيشي المنظمة للعناصر والدعم الثابت أسهم باستمرار حالة الشتات بين الإخوة والقيادات وعزز مفهوم الفصائلية فيما بينهم فلم يكن بمقدور المشاريع الوحدوية التي ظهرت واختفت أن تلم شمل كل المنضمين تحت لوائها مالياً وتنظيمياً، ويبقى المشروع الوطني الجامع الحلم الذي لم يتحقق والذي حاولنا مراراً وتكراراً خلقه منذ معركة حصار حلب وحتى اليوم.
لقد بذلنا جهوداً كبيرة مع جميع العقلاء من الوجهاء والقيادات العسكرية في جميع المناطق المحررة أن نعمل على ضبط البنادق وأن يكون مشروعنا الأساسي هو “الجيش الوطني السوري” مشروعاً فعلياً وليس هيكليات مكتوبة على الورق، وأن يكون اندماج الفصائل العسكرية تحت لوائه حقيقياً بحيث تتحمل جميع القيادات والضباط والعناصر مسؤولياتها الأمنية وتضبط الأوضاع في جميع المناطق من منطقة عمليات غصن الزيتون إلى درع الفرات ومناطق نبع السلام.
الجيش الوطني السوري الذي أُسس في نهاية عام 2017 هو المشروع المثالي وأمل الشارع السوري بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، فهذه الهيكلية التي نحتاجها والتي تسهم في تعزيز الصورة التنظيمية للثورة السورية بأفضل أشكالها، فنحن بحاجة إلى قيادة أركان حقيقية وإلى وزارة دفاع تقود العملية العسكرية برمتها وتخفف بالوقت ذاته من حدة بعض التوترات التي تحدث ويستغلها العديد من الشخصيات والمنظمات المشبوهة لنسف تضحيات الجيش الوطني والفصائل العسكرية وتعميم الحالات الفردية من بعض الجرائم على أنها أحداث عامة تشمل الجميع، وضم الجاني والمجني عليه في قالب واحد دون دراية أو علم أو حتى وجود تحقيق يشرح ملابسات هذه الانتهاكات.
لا شك أن بعض الاتهامات التي وجهت للبعض قد تكون حقيقية ولكن تعميمها بصورة سلبية تضع الجميع في دائرة الشك والاتهام وهذا ما نرفضه جميعاً، الجيش الوطني السوري الحر ومن قبله الكثير من الفصائل العسكرية الموجودة حالياً، والتي انتهى وجودها عبر أكثر من أحد عشر عاماً من عمر الثورة السورية قدّمت لسوريا الكثير الكثير من الدماء والشهداء والبطولات التي لا يمكن أن تنسى أو تنسف بمجموعة من التعليقات من حسابات وهمية أو حقيقية على وسائل التواصل الاجتماعي.
بعد أكثر من أحد عشر عاماً من عمر ثورتنا المباركة وبعد كل هذه التضحيات والدماء التي بذلها أبطالنا في سبيل نصرة الثورة وتحقيق أهدافها نتحمل اليوم مسؤولية أخلاقية كبيرة في رص الصفوف وتوحيد الكلمة ولم شمل جميع القيادات والعناصر تحت لواء الجيش الوطني السوري وتحت سقف هيكلية واحدة، وهذا حق علينا جميعاً تجاه شعبنا وإخوتنا الذين مازالوا ينتظرون منا الكثير، علينا جميعاً اليوم من الائتلاف الوطني السوري إلى الحكومة السورية المؤقتة ومنظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية بالإضافة إلى الشخصيات الوطنية وجميع الثوار والأحرار، أن ندعم وبكل قوة مشروع الوحدة الحقيقي والجاد بين جميع الفصائل العسكرية تحت لواء واحد وهيكلية واحدة، فقد آن الآوان أن يقتنع جميع المعطلين والمستفيدين من تشرذمنا أن الجيش الوطني السوري هو الحل.