الفن السوري في المناطق المحررة… أوركسترا بلا قائد

يناير 4, 2023

فيديوهات, مقالات

إعداد فريق التحقيقات في عنب بلدي

خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬انطلاقتها،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2012،‭ ‬دفعت‭ ‬الثورة‭ ‬ومطالبها‭ ‬بالسوريين‭ ‬للتعبير‭ ‬عنها‭ ‬بوسائل‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬الفنون،‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬الحراك‭ ‬الثوري‭ ‬المدني،‭ ‬فبرزت‭ ‬الأعمال‭ ‬المسرحية‭ ‬والغنائية،‭ ‬وألفت‭ ‬النصوص‭ ‬الدرامية،‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬فنانون‭ ‬شباب‭ ‬على‭ ‬شكل‭ “‬سكيتشات‭” ‬تناولت‭ ‬يوميات‭ ‬السوريين‭ ‬في‭ ‬الثورة،‭ ‬وصورت‭ ‬أحلامهم،‭ ‬وعكست‭ “‬سوريا‭ ‬المستقبل‭” ‬في‭ ‬أعمالهم‭. ‬

ربيع الفن الثوري والخريف المستعجل

مثّل‭ ‬العام‭ ‬2012،‭ ‬ربيع‭ ‬الفن‭ ‬المرتبط‭ ‬بالثورة‭ ‬السورية،‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬اللوحة‭ ‬الفسيفسائية‭ “‬المشرقة‭” ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬بدأت‭ ‬تختفي‭ ‬ملامحها،‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬وتيرة‭ ‬العنف‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وظهور‭ ‬جماعات‭ “‬متشددة‭”‬،‭ ‬حاربت‭ ‬الفنون‭ ‬لاعتبارات‭ “‬دينية‭” ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

فحلت‭ ‬الأناشيد‭ ‬التعبوية،‭ ‬التي‭ ‬غلبت‭ ‬فيها‭ ‬النبرة‭ ‬الطائفية،‭ ‬مكان‭ ‬الأهازيج‭ ‬الشعبية،‭ ‬وطليت‭ ‬اللوحات‭ ‬الغرافيتية‭ ‬التي‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬روح‭ ‬الثورة‭ ‬بالشعارات‭ ‬العسكرية‭ ‬والرايات‭ ‬الفئوية،‭ ‬ولوحق‭ ‬الفنانون‭ ‬والمبدعون‭ ‬واعتقل‭ ‬بعضهم،‭ ‬فغاب‭ ‬الغناء‭ ‬والمسرح‭ ‬والرسم،‭ ‬وبقيت‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬تمارس‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬ضيق‭. ‬وتراجع‭ ‬اهتمام‭ ‬الأهالي‭ ‬بتعليم‭ ‬الأولاد‭ ‬الفنون‭ ‬على‭ ‬اختلاف‭ ‬أنواعها،‭ ‬بسبب‭ ‬استمرار‭ ‬العنف،‭ ‬وتحت‭ ‬ضغط‭ ‬الحالة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬ما‭ ‬ينذر‭ ‬بولادة‭ ‬جيل‭ ‬سوري‭ ‬جديد‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬شيئًا‭ “‬اسمه‭ ‬فن‭”‬،‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬المسرحي‭ ‬السوري‭ ‬حسين‭ ‬برو‭. ‬

هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬أوصلت‭ ‬المناطق‭ ‬المحررة‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬دون‭ ‬غيرها،‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬السوداوية،‭ ‬والحزن،‭ ‬والكآبة،‭ ‬لا‭ ‬يصدر‭ ‬عنها‭ ‬إلا‭ ‬العنف‭ ‬والقتل‭ ‬والتهجير،‭ ‬ولا‭ ‬يصور‭ ‬فيها‭ ‬الإعلام‭ ‬إلا‭ ‬المجازر‭ ‬والبراميل‭ ‬ويراقب‭ ‬عداد‭ ‬الضحايا،‭ ‬بينما‭ ‬توارى‭ ‬الفنانون‭ ‬بمواهبهم‭ ‬خلف‭ ‬الحدود،‭ ‬وركبوا‭ ‬القوارب‭ ‬إلى‭ ‬بلدان‭ ‬اللجوء،‭ ‬وبقي‭ ‬من‭ ‬أعمالهم‭ ‬الأطلال،‭ ‬تاركين‭ ‬حسرة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬السوريين،‭ ‬الذين‭ ‬مايزالون‭ ‬يرددون‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬أغاني‭ ‬الساروت‭ ‬والقاشوش‭.‬

لكن‭ ‬ثمة‭ ‬من‭ ‬يملك‭ ‬بقية‭ ‬إصرار‭ ‬وعزيمة،‭ ‬ويحاول‭ ‬تصدير‭ ‬الفن‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬المحررة‭ ‬رغم‭ ‬مرارة‭ ‬الحياة‭ ‬وصعوبات‭ ‬المعيشة،‭ ‬ودخول‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬السوريين‭ ‬وتراثهم‭ ‬في‭ ‬قاموس‭ “‬المحرمات‭” ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق،‭ ‬ليبرز‭ ‬تساؤل،‭ ‬يصفه‭ ‬البعض‭ ‬بأنه‭ “‬ترفي‭”: ‬هل‭ ‬بقي‭ ‬أثر‭ ‬للفن‭ ‬بعد‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الثورة؟‭ ‬ما‭ ‬صفاته‭ ‬وخصائصه؟‭ ‬هل‭ ‬لدينا‭ ‬مؤسسات‭ ‬فنية‭ ‬وأعمال‭ ‬ومشاريع‭ ‬قابلة‭ ‬للاستمرار‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب؟‭ ‬

 

المصـــدر

المزيد
من المقالات