*دراسة قصيرة شاركت في المؤتمر الثاني للباحثين السوريين في العلوم الاجتماعية، الذي نظّمه مركز حرمون للدراسات المعاصرة، مطلع العام الجاري 2022.
المحتويات
المقدمة.
منهج الدراسة وأدواتها.
المبحث الأول: مظاهر التماسك الاجتماعي.
أ – في مستوى العلاقة مع السلطة.
ب – في مستوى العلاقات الاجتماعية البينة.
المبحث الثاني: المجتمعات المتوازية ظاهرة تعكس التغيرات في العلاقات الاجتماعية.
المبحث الثالث: الانعكاسات السلبية الناجمة عن مظاهر خلل التماسك المجتمعي “ظاهرة المجتمعات المتوازية”.
المبحث الرابع: الآليات التي من شأنها تعزيز الاندماج الاجتماعي في المنطقة.
الاستنتاجات.
الخاتمة.
المقدمة
بعد اندلاع الثورة السورية في مطلع عام 2011، وعلى مدى الأعوام الماضية، جرى تهجير المجتمعات المحلية في مدينة دمشق وريفها وحمص ودرعا، إلى شمال غرب سورية، كأحد الإجراءات العقابية من النظام ضد معارضيه، حيث تنجم عن التهجير والنزوح والتغيير المستمر في أماكن الإقامة ارتدادات مختلفة، علاوةً على الارتدادات الاقتصاديّة والضغط السكاني. وتكمن في معاناة الأسر النازحة في التنقل الدائم بحثًا عن دعم إنساني وإيجاد ملامح الاستقرار في معيشتها، في ظل قلة وفقر مدقع لكثير من السكّان، وما ينجم عن ذلك من أزمات اجتماعية تنعكس على المجتمع بطرفيه: “المهجّرين والمجتمع المضيف”.
يظهر التفاعل الاجتماعي من خلال العلاقات الاجتماعية التي تتشكل نتيجة وجود أفراد متجانسين من ناحية المصالح والأهداف المشتركة. ويتفاعل بعضهم مع بعض، ويرتبطون معًا في علاقات معينة، يكون كل منهم على وعي بعضويته في الجماعة. وتتكون العمليات الاجتماعية بوجهيها الإيجابي والسلبي: (التعاون وتحقيق التماسك الاجتماعي، والتنافس/أو النزاع والصراعات).
وتتكون النزاعات من تفاعلات مركبة بين مجموعة من العناصر، ولذلك فهي تنقسم إلى نوعين، من ناحية الظهور والبروز: الأول صراعات كامنة تتضمنها تفاعلات الحياة الاجتماعية العامة، كالاختلاف بين طرفين في السوق على مسألةٍ ما؛ والثاني صراعات ظاهرة تتضمن تهديد المصالح والامتعاض الاجتماعي، وتوظيف الأيديولوجية “القومية أو الدينية أو المناطقية أو العشائرية”.
وعليه، فإنّ النزاعات أو الصراعات تعد صورة مألوفة من صور التفاعل الاجتماعي، بين مختلف المجموعات السكانية، لكنها عندما تتطور وتتفاقم، تتحول إلى ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى حل من المهتمين والمتخصصين في هذا الأمر. وتتطلب من المجتمع توفير الحد الأدنى لمواجهة صراعاته للعيش، لأنه في كل المجتمعات أساليب تجعل من الصراع أمرًا لا مفرّ منه، وظاهرة حتمية، وفق ما رأى ديفيد لو كوود، عالم الاجتماع البريطاني[1]. ولعب استبداد النظام السياسي في سورية الدور الأبرز في الصراع في سورية، وعمل جاهدًا على تكريس النزاعات الاجتماعية “الطائفية والعرقية”، وإظهارها بهدف إخفاء الصراعات السياسية القائمة خلفه.
استنادًا إلى ما سبق، حاولت الدراسة تحقيق هدفين رئيسيين:
1 – تبيان دور موجات التهجير القسري من المناطق السورية في تشكيل المجتمعات المتوازية، وتأثير تلك المجتمعات في البنية الاجتماعية في المجتمع الجديد.
2 – بما أن أهمية التماسك الاجتماعي تتأتى من نهوضه بالحياة الاجتماعية إلى مستوى أرقى، وتلعب فيه القيم الثقافية والاجتماعية دورًا جوهريًا على اختلافها وتباينها بين أفراد المجتمع؛ فإن الدراسة تهدف إلى إبراز دور هذه القيم في الحفاظ على البنى الاجتماعية وتوجيه تفاعلاتها، بالشكل الذي من شأنه التأكيد والمحافظة على هوية المجتمع من جانب، وتطوره بما يجعله قادرًا على التفاعل مع متغيرات الواقع المتجددة، والتناقضات الناجمة عن الثقافات الوافدة، أو العلاقات المصلحية، وما تشكله تلك الثقافات والعلاقات كعائق أمام تحقيق التكامل والتجانس بين أفراد المجتمع.
أما أهمية الدراسة فتتأتى من ضمور وتيرة العمل العسكري إلى الحدود الدنيا تقريبًا، مقارنة بمراحل سابقة، وبروز ملامح ومحاولات وقف الحرب، وتحقيق السلام الوطني والمصالحة الاجتماعية التي يجب أن يسبقها تجهيز المجتمع للعيش مع الحقائق والاستعداد للتعويض، ويكون فيه المستقبل للجميع، وضرورة البناء أو الترويج للعلاقات القائمة على المواطنة بين المكونات العرقية والدينية والثقافية والمناطقية، وترسيخ مفهوماتها لقطع الطريق أمام أي محاولة لإعادة استخدام تلك التمايزات والفروقات في ما بينها في إشعال نزاع داخلي.
ومن الضروري تأكيد الاهتمام بمسألة التماسك المجتمعي، باعتبار المجتمع كائنًا عضويًا، يؤدي وظائفه الأساسية من خلال تماسك بنيته الأساسية التي تساعد في تحقيق التفاعل الاجتماعي السليم، وما ينتج منه من إشباع للحاجات الضرورية لأفراد المجتمع. ويدعم التماسك الاجتماعي استقرار المجتمع وتطوير نظمه الاجتماعية، وحمايتها، وجعلها قادرة على التفاعل مع المتغيرات المتجددة واستيعابها بالتدريج، ويؤسس في المجتمع القابلية للتجديد والتطوير، كما أسس للاستقرار والتماسك.
منهج الدراسة وأدواتها
في الجانب النظري تم الاعتماد على معايير التماسك الاجتماعي لدى عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركهايم، حيث ورد في كتابه (الانتحار) أن “التغيرات في بنية المجتمع تعتمد على طبيعة الجماعات والمنظمات والمجتمعات التي تؤثر تأثيرًا كبيرًا ومباشرًا على أنماط سلوك الأفراد، عندما تتوفر في هذه الجماعات صفاتٌ، منها اعتماد الفرد على المقاييس والقيم المشتركة، تماسك أفراد الجماعة بسبب المصالح المشتركة، والتزام الفرد بأخلاقية وسلوكية جماعته”[2].
ولأن الدراسة تقع ضمن حقل الدراسات الوصفية؛ اعتمدتُ على المنهج الوصفي التحليلي لمناسبته في دراسة الظواهر الاجتماعية والإنسانية، وتنفيذ عدد من المقابلات لتوفير المعلومات عن الواقع المجتمعي، كأحد أدوات البحث العلمي[3].
تتمثل مشكلة البحث في الآتي: كيف تشكلت المجتمعات المتوازية في شمال غرب سورية، والآثار الناجمة عنها، وعلاقاتها مع السلطات المنتشرة في المنطقة، إضافة إلى الدور الذي تلعبه القيم الفكرية الثقافية والاجتماعية في تعزيز تماسك المجتمع، أو توليد مكونات أخرى ضمنه بناء عليها.
المبحث الأول: مظاهر التماسك الاجتماعي
تدفع الحروب والصراعات المسلحة المجتمعَ إلى إعادة تنظيم أولوياته، والأفراد إلى إعادة النظر في أهدافهم وسبل تحقيقها في ظل ما يحيط بهم. وتؤدي إلى اختلال قيم الأفراد، ونقص في إشباع حاجاتهم المختلفة والشعور بالتهديد. وتدفع إلى ظهور الهجرات المتعددة، من داخل المجتمع، ومثالها في الحالة السورية (تزايد سكان محافظة إدلب وشمال غرب سورية بشكل عام منذ بدء الثورة السورية، هربًا من الملاحقات الأمنية التي شنها النظام على المدنيين. واستمر مع انطلاق قوافل التهجير القسري إلى مناطق الشمال السوري من أكثر من 25 منطقة من مختلف المحافظات السوريّة، بحسب إحصاءات “منسقو الاستجابة” أبرزها “جنوب دمشق وبلدات القلمون ودرعا والقنيطرة وأرياف حمص ومدينة حلب والغوطة الشرقية والقنيطرة”[4]). أو من خارجه، ومثالها في الحالة السورية “دخول موجات من المقاتلين الأجانب الأراضي السورية”[5].
وأدى انطلاق ثورة الشعب السوري إلى تباين الآراء في معسكرين متقابلين، بداية الأمر، “نظام ومعارضة”؛ ومن ثم برزت سلسلة معسكرات لاحقًا، تلتقي في جوانب وتتباين مواقفها في جوانب أخرى، بفعل تدخلات القوى الإقليمية والدولية[6]. الأمر الذي أرخى بظلاله على بنية المجتمع السوري، من خلال التأثير في العلاقات الأسرية، ومدى الشقاق الذي حصل بين أفراد الأسرة الواحدة أو بين الأصدقاء، بسبب مواقفهم مما يجري في سورية، وما ينتج منه في بنية العلاقات الاجتماعية، ودوره السلبي في مستقبل السلم الاجتماعي للبلاد.
انعكست تلك التغيرات على بنية المجتمع السوري بكل فئاته وانتماءاته في شمال غرب سورية، كونه جزءًا من المجتمع السوري العام. ومقابل تلك الارتدادات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، برزت مؤشرات وصور للتماسك الاجتماعي:
أ – في مستوى العلاقة مع السلطة
بما أن هيئة تحرير الشام “سلطة الأمر الواقع”، وهي تنظيم جهادي سلفي، تعد القوة المسيطرة في محافظة إدلب شمال غرب البلاد، فقد أخفقت في اختراق شرائح واسعة من المجتمع، بسبب عملها في إطار مجموعات مغلقة. إضافةً إلى ذلك، ترجم السكان المحليون معارضتهم لهيئة تحرير الشام، ولا سيما ممارساتها الاقتصادية الاحتكارية وتجسيدها لاتجاهٍ متشدد في الإسلام، إلى خطوات ملموسة، ففي عامي 2017 و2018، أجرت بلدات سراقب ومعرة النعمان والأتارب انتخابات لاختيار المجالس المحلية، في تحدٍّ علني لهيئة تحرير الشام التي ترى أن هذه الممارسات تتنافى مع الإسلام. كذلك نظّم سكان هذه البلدات، إضافة إلى بلدات سرمدا وكفرتخاريم وأريحا، تظاهرات دانوا فيها علنًا هيئة تحرير الشام، وطالبوا بالتخلص منها. وقد سعت هيئة تحرير الشام على نحوٍ مطّرد إلى تجنّب المواجهة المباشرة مع السكان المحليين، خشية تعرُّض منزلتها لمزيد من الإضعاف[7].
وما تزال تمنع المقاومة المحلية المجتمعية ضدّ هيئة تحرير الشام في إدلب، المتمثلة في التظاهرات والاحتجاجات المطلبية التي تتعلق بالكهرباء والمياه وتعبيد الطرقات وأسعار المحروقات، ومعرفة مصير بعض الناشطين وغيرها، اختراقها لشرائح كبيرة من المجتمع، حيث باتت هيئة تحرير الشام تستجيب لها لسببين:
- استجابة لتحولات قد تقود في أي لحظة إلى تحديد دور لها في المستقبل.
- الدعاية لنفسها أنها طرف سياسي قادر على التماهي مع مطالب جماهيره وتحقيقها.
ب – في مستوى العلاقات الاجتماعية البينة
تتمثل في العمل الجماعي والمبادرات الفردية والجماعية، والسعي إلى إقامة العلاقات البينية ومساعدة المجموعات المهجرة قسرًا للتغلب على الظروف الإنسانية التي تعانيها، وعلى تجاوز الاختلافات لاحقًا بينها. وشُكل عدد من الفرق التطوعية التي تعمل من خلال جمع التبرعات، لتقديم دعم لوجستي للعائلات الأكثر فقرًا، عبر تزويدهم بأغطية وأثاث بسيط ومستلزمات حياتية ضرورية. وأعلنت كثير من المنظمات الإنسانية والمجالس المحلية في الشمال المحرّر استعدادها لاستقبال قوافل المُهجّرين، والعمل على تقديم العون لهم[8]. ولم تقتصر تلك المبادرات على الجانب الإنساني، بل تعدّته إلى الجانب الاقتصادي، وانتشرت كثير من المبادرات الفردية والجماعية التي تضمن تدريبات على أعمال تهدف إلى تمكين النساء من الناحية الاقتصادية، كدورات الخياطة وحياكة الصوف والحلاقة النسائية، والصناعات الغذائية (المونة المنزلية)، وتجهيز مركز لنساء يعملن في التسويق الإلكتروني وصيانة الهواتف الخلوية، لتزويد المتدربات بمهارات وخبرات تمكنهن من الانطلاق بعمل خاص في المخيمات، بهدف تحقيق التمكين الاقتصادي للنساء، لأهميته في تأمين مورد اكتفاء ذاتي لدى النساء المعيلات لأسرهنّ؛ ولتحفيز المرأة كي تكون فاعلة في المجتمع ككل[9].
المبحث الثاني: المجتمعات المتوازية ظاهرة تعكس التغيرات في العلاقات الاجتماعية[10]
تجمع المنطقة موضوع الدراسة مختلف الانتماءات العِرقية والدينية والاجتماعية: (العرب، الكرد، التركمان/ المسيحيين، الدروز، السُنّة، اليزيديين/ الحضر، البدو). وقد عَكس التعايش المشترك بينهم إحدى أهم سمات الشعب السوري: عدم العداء بينه وبين الآخرين، من دون أن يخلو الأمر من خلافات ونزاعات، تنطلق من قاعدة مفادها أن “جميع الصراعات الناشبة فى جميع المجتمعات قائمة في الأساس على المصلحة المباشرة، بمعنى أن الحراك السياسى في مجتمع ما، من مظاهرات وثورات وانتخابات وعمليات عنف وانشقاقات وتطرف وتطهير عرقي وغير ذلك، مبني على صراع طبقتين أو أكثر على السلطة أو الثروة أو النفوذ، وما الاعتبارات الأخلاقية والشعارات التي تتصدر المشهد إلا واجهة تعمل كمظلة لإخفاء حقيقة الأمور وحقيقة الدوافع لدى الأطراف الفاعلة في النزاع”[11].
ارتبط ظهور المجتمعات الموازية بالتطورات الميدانية والتوافقات السياسية بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في الساحة السورية. وبدأت بالتشكل والظهور بشكل فعلي مع بدء موجات التهجير القسري من المدن والبلدات السورية، أو سيطرة التنظيمات المتطرفة على بعض المناطق، حيث اضطر أهلها إلى النزوح عنها، لعدم تكيفهم مع ممارسات تلك التنظيمات المتشددة.
تُعرف المجتمعات الموازية في الحالة السورية على أنها تكتلات بشرية، نشأت بهدف التنظيم للمجموعات المهاجرة “المناطقية، أو العرقية، أو الدينية أو الطائفية”. وتقلل من اندماج أي نمط من الأنماط المجتمعية مع الأكثرية التي يمثلها المجتمع المضيف. وكثرت بعد اندلاع الحرب السورية، بسبب عمليات التهجير القسري والنزوح العشوائي التي فَرضت على المجتمعات المهاجرة التكتل على نفسها، بهدف حماية نفسها من التفكك والانحلال.
وهي ظاهرة تحدث في حالات الهجرة بأعداد غير قليلة إلى مجتمعات جديدة، حيث يتحول المهاجرون من منطقة أو عرق أو دين ما، إلى أقلية في المجتمع المضيف، فتقوم تلك الأقلية بعمل نوع من التنظيم الذاتي لتحافظ على خصوصيتها ووجودها وعدم ابتلاعها من قبل المجتمع المضيف، وتتضامن لتحقيق المصلحة المشتركة لأفرادها، وتنظيم نفسها والعمل على تلبية احتياجاتها بذاتها.
وتنتشر المجتمعات الموازية على امتداد المنطقة. ويمكن أن نقف عند أبرزها بالترتيب، بحسب نفوذها وقدرة تأثيرها في المجتمع الجديد الذي وفدت إليه، ونَسبِ تسميتها إلى المدينة التي خرجت منها:
- مجتمع أهل حلب: يشكل الثقل البشري الأكبر في شمال سورية، لكونه يضم أهالي مدينة حلب الذين هُجّروا منها، إضافة إلى أهالي الريف الحلبي الموجودين أصلًا في المنطقة، وهو تكتل محمي بواحدٍ من أقوى الفصائل العسكرية المحسوبة على المعارضة السورية “الجبهة الشامية”.
- مجتمع أهل الشام: يوازي المجتمع الشامي بقوته المجتمع الحلبي، وينتمي أغلبه إلى سكان غوطة دمشق، ويُحسب على “جيش الإسلام”، ونظرًا إلى انحسار دور جيش الإسلام، سياسيًا وعسكريًا، وعدم تقليد مسؤوليه مناصب سلطوية، انحسر بدوره تأثير هذا المجتمع، لذلك اتجه “مجتمع أهل الشام” إلى التوسع والاستثمار في المجال الاقتصادي، مستفيدًا من عوامل عدة، كرؤوس الأموال التي يملكها أفراده، وحاجة المنطقة إلى الخدمات كسوق استهلاكية، وطبيعة أفراده الميالة إلى العمل التجاري[12].
- مجتمع الشرقية: وينتمي أبناؤه إلى مدينة دير الزور، وهو مجتمع قليل العدد، لكنه ذو تأثير كبير ونفوذ.
- مجتمع أهل درعا: يبلغ عدد العائلات التي تنتمي إليه أكثر من 950 عائلة ، توزعت على مدن وبلدات عدة في شمال غرب سورية، أهمّها (مدينة إدلب، مخيمات أطمة، مدينة الباب، مدينة عفرين). ويتميز توزع المهجرين من درعا بأنه اعتمد في توزعه على معايير ثلاثة واضحة، وهي:
- المعيار الأيديولوجي: ويُحسب عليه من توجه للإقامة في “دركوش وكفرتخاريم ومحيطهما”؛ حيث ينتشر هناك حزب التحرير الإسلامي.
- المعيار الاقتصادي: ويحسب عليه من سكن مدينة إدلب وبلدة أطمة، حيث وفّرت هيئة تحرير الشام لهم المسكن والعمل، وهم في الوقت ذاته وجدوا أن البيئة وما فيها من قوانين مناسبة لهم، باعتبار أن معظمهم من عناصر الهيئة في درعا.
- الميول والاتجاهات والعادات والتقاليد الاجتماعية: ويُحسب عليه أصحاب الميول الاجتماعية التقليدية المحافظة، وسكن معظمهم مدينة الباب. وأصحاب الميول الاجتماعية المتحررة، أو من يطلق عليهم في المجتمع السوري “منفتحين”، وسكنوا مدينة عفرين[13].
- مجتمع أهل حمص: لم يتشكل للمهجرين من سكان حمص مجتمع موازٍ يوازي المجتمعات سابقة الذكر، بسبب ما يتميزون به من انفتاح وتفاعل مع الجميع، وهو ما يشهد لسكان هذه المدينة في الأوساط الاجتماعية السورية. وما يميز هذا المجتمع أنه تشكل ضمنه مجتمعات موازية، على غرار مجتمعات أهل الشام وحلب. وشكل تلك المجتمعات أبناء حمص من المدينة، وأهل حمص الذين ينحدرون إلى مدينة الرستن، ولهاتين الفئتين مجتمع موازٍ يعمل على حل مشكلاتهم، ورعاية مصالحهم[14].
وتنتشر في المنطقة مجتمعات عدة متوازية أصغر من المجتمعات السابقة، وأقل تأثيرًا منها، كمجتمع خان شيخون، في مخيم دير حسان، ومجتمع أهالي كفرنبودة، في مخيم قاح[15].
بناء على ما سبق، فإن جملة من العوامل والمؤشرات المركبة والمتداخلة تفاعلت في ما بينها، وأسهمت في ظهور المجتمع الموازي وملامحه ودوره وهويته، لتعكس هشاشة في الحوكمة والمؤسسات السياسية وحقوق الإنسان والأمن والهيكل والأداء الاقتصادي والموارد البيئية والطبيعية، وتنعكس بدورها سلبًا على العلاقات الاجتماعية. من خلال مظهرين:
المظهر الأول: السلطة والمجتمع: تشكلت الفصائل الثورية بطابعها المناطقي للدفاع عن المتظاهرين من اعتداءات الشبيحة وعناصر الأمن الممنهجة، على الرغم من أنها حتى الآن لم تستطع التحول إلى مؤسسة عسكرية لها هياكلها وقياداتها، نظرًا إلى تعدد مشاربها الأيديولوجية والمالية. وبقيت محض إطار نظري، لوصف كل من حمل السلاح بهدف حماية المدنيين، وإسقاط النظام، وتحقيق أهداف الثورة السورية الوطنية الجامعة في الحرية والكرامة والعدل، بوصفها الشرعية الوحيدة الممنوحة لتحول النضال السلمي إلى الكفاح المسلح في مواجهة العنف المفرط الذي لجأ إليه النظام السوري[16]. وكسبت تلك الفصائل بموجب ذلك التعاطف الشعبي، بسبب الكراهية العامة للنظام القائم. وأخذت بالتدريج دور الدولة المستغرقة بالسلطة.
نقلت هذه الفصائل عند تهجيرها مع حواضنها السمات والعوامل التي نشأت عليها. وأبقت لنفسها دور تنسيق بُنى المجتمع بما يعمق سيطرتها واستمرارها. وأشرفت بشكل مباشر أو غير مباشر على إنشاء المؤسسات التعليمية والإغاثية والصحية، كونها تمثل أدوات السلطة لاختراق المجتمع والسيطرة على مختلف مجالات نشاطه الاجتماعي[17]. لذا غدت الأولويات المناطقية المتباينة اليوم بين تجمّع سوري ونظيره على تعارض في ما بينها في أحيان كثيرة.
العوامل الاجتماعية: نقل المجتمع المهجر معه ما عمل النظام على تكريسه خلال عقود حكمه، من تقوقع اجتماعي- ثقافي، وتصحير للمجتمع المدني بمعظم مكوناته. لذلك تخوفت هذه المجتمعات من الاندماج مع البيئة الحاضنة لجهلها بثقافتها وسلوكاتها، ولرغبتها في حماية العادات والتقاليد والطقوس الخاصة بحياة الأفراد المنتمين إلى هذه المجتمعات، ولحاجتها الملحة إلى التكتل لحماية الأفراد من الاعتداءات التي يمكن أن تحصل من قبل المجتمعات المضيفة، ولحماية هويتها وانتمائها الثقافي على أمل العودة ضمن جماعات متماسكة لم يشتتها النزوح أو التهجير، ولعدم الثقة والمعرفة بالأخلاقيات والسلوكات التي تغذي هذه المجتمعات، لدرجة عدم إقامة روابط اجتماعية في ما بينها “الزواج والمصاهرة”[18].
المبحث الثالث: الانعكاسات السلبية الناجمة عن مظاهر خلل التماسك المجتمعي “ظاهرة المجتمعات المتوازية”
توقفت الهجرات القسرية التي سببها عنف النظام السوري وآلته العسكرية، وكذلك التفاهمات التي أُبرمت مع معارضيه التي قضت بتهجيرهم إلى شمال غرب سورية. إلا أن قوافل المهجرين من السوريين في مناطق النظام لم تتوقف. واستمرت في التدفق بسبب النقص الحاد في الخدمات الأساسية وشلل مختلف قطاعات العمل الصناعي والتجاري والزراعي، حيث يصل إلى مناطق المعارضة التي تعدّ من الوجهات المفضلة لدى شريحة واسعة من السوريين الراغبين في الخروج من مناطق النظام، بشكل شبه يومي، بين 400/600 شخص عبر الممرات المشتركة، ويصل الرقم أحيانًا إلى 1000 شخص يوميًا، ويقلّ العدد في كثير من الأحيان بسبب التوتر العسكري الذي يطرأ على خطوط التماس[19]. ونجم عن ذلك جملة من الارتدادات المركبة والمتداخلة والمترابطة مع التطورات التي يشهدها الإطار المكاني للدراسة، ونوجزها بما يأتي:
أ – الارتدادات السياسية
لا يقتصر تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي والإنساني على تصاعد التوترات بين المجتمعات، والتعامل بين أفرادها وفق الصورة النمطية الخاطئة في البناء المعرفي لأفراد كل فئة (عربي – كردي، أو مهجر – مضيف)، بل تصل إلى درجات تشمل اتجاهات الأفراد وميولهم من الأحداث، والنكوص بالأفكار، وتفضيل نظام الاستبداد على ما هم فيه، وهذا يمثله مقولة “كنا عايشين” التي تطفو بين الحين والآخر عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين السوريين، ممن هم في صفّ الثورة. أو ظاهرة الاستقواء بالأجنبي: “كالتقرب من قبل البعض من الأتراك بحكم تواجدهم في شمال غرب سورية،وتأثير ذلك على العلاقات بين أبناء المجتمع.
ب – الارتدادات الاقتصادية
بما أن العلاقة بين السياسة والاقتصاد تتسم بأنها علاقة تبادلية، وتتأثر المجتمعات بالهجرات في أرجاء العالم كلها، ومن ذلك الهجرات القسرية التي وفدت إلى شمال غرب سورية الذي يتصف بعدم الاستقرار السياسي، وما نجم عنه من تراجع في معدلات النمو الاقتصادي، وتراجع مستويات الإنتاجية والنمو التي انعكست بدورها إلى ظهور الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وما تخلفه من فوضى وعدم استقرار. منها على سبيل المثال ما شهدته مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة المعارضة من احتجاجات، وإضراب نفذه موظفون وعاملون سوريون، كالوقفة الاحتجاجية من نقابة المعلمين السوريين الأحرار، في أواخر العام 2021، وإعلانهم الإضراب وعدم دخول الصفوف المدرسية، بهدف رفع الأجور بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار[20].
عدم استقرار المنطقة من الناحية الأمنية ومن ناحية وقف الهجرات إليها، واعتمادها على المساعدات من دون وجود موارد ثابتة للاقتصاد، جعلها تخضع لاقتصاد الحرب الذي يعد أبرز سماته “اللامركزية”، ونمو الأسواق غير النظامية والسوداء، والاعتماد على التهريب الذي تسيطر عليه القوى المسيطرة، واستغلال اليد العاملة[21].
ذلك كله يمنع العامل الاقتصادي في حال استقراره من تحقيق أهدافه التي تؤدي إلى ثراء في مختلف جوانب الحياة؛ فالمجتمعات التي تتمتع باقتصاد جيد ومستقر تكون قادرة على إنتاج بنى ثقافية قادرة على التأثير في ما حولها، وتجعل الإنسان أكثر عطاء، وتُقلل من الآثار السلبية للظواهر الاجتماعية، كالفقر وما يولده من حرمان وإحساس بالمظلومية، التي من شأنها أن تزيد من حدة التناقضات الاجتماعية وتؤثر في عملية التطور والنمو في المجتمع، ويقف الأفراد عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي[22]، كالجريمة التي نرى صورًا متعددة منها في المنطقة “شمال غرب سورية”[MA3] ، كالخطف والقتل المجهول فاعله.
ج – الارتدادات الإدارية
مردها وجود بنية مؤسساتية ضعيفة، وغياب القيادات القوية القادرة على استشراف المستقبل، وانعدام المؤسسات الرقابية والقضائية التي تخولها القوانين الناظمة لها بمراقبة عمل تلك الجهات، والتأكد من معايير الحكم الرشيد فيها، وإساءة النفوذ واستغلال السلطة من سلطات الأمر الواقع التي تتحكم في المنطقة، وفرض الإتاوات والرشوة على المعابر في ما بينها. وتنعكس من خلال السرقة والفساد المالي والإداري، في مؤسسات المجتمع الخاضعة لسلطات الأمر الواقع، حيث دلت دراسة صادرة عن مركز حرمون للدراسات على تشعب الفساد وانتشاره في منظمات المجتمع المدني، في ثلاث مستويات (فساد المانحين – فساد المنظمات نفسها بالسرقة المباشرة وغير المباشرة – فساد سلطات الأمر الواقع كالمجالس المحلية)[23].
د – الارتدادات المجتمعية
مما تفرزه بعض الأوقات التي يمرّ بها المجتمع “النشأة أو التغيير أو الانتقال من مرحلة إلى أخرى”، وجود حالة الاستقطاب بدرجة من الدرجات، يتغذى بالمصالح للجهة التي تعمل على إدارته، ومما يساهم في طفو هذه الحالة على السطح في شمال غرب سورية عواملُ عدة أبرزها عاملان:
1 – نشوء السوريين “الوافدين والمهجرين” في مجتمع تعرّض للقهر والاستبداد لمدة طويلة من الزمن، أفرزت منظومة قيم سلوكية وسيكولوجية حضرت فيها الفردية والمصلحة الشخصية والتنميط الإنساني، وغابت الجماعة ومصلحتها العامة لصالح الجماعات “الهويات الفرعية” المناطقية بشكل خاص.
2 – يعدّ التهجير والفقر من العوامل الأساسية لظاهرة الاستقطاب التي تتحول إلى واحدة من الإشكالات التي تواجه المجتمعات؛ لأثرها الممزق، ولما تُشيعه من حالة ضعف الثقة التي تؤدي بدورها إلى مزيد من التوتر والصراعات. وهو ما تعانيه منطقة شمال غرب سورية من أحوال إنسانية وسياسية واجتماعية غير مستقرة.
وبناءً على ما سبق، ظهرت أنواع عدة لظاهرة الاستقطاب وباتجاهات مختلفة. منها ما هو موجه من رأس الهرم باتجاه القواعد والحواضن الشعبية، كزيارة الجولاني، برفقة عدد من أتباعه، وهو يسجل احتياجات بعض اللاجئين في المخيمات بريف إدلب[24]، كما رعت هيئة تحرير الشام “سلطة الأمر الواقع” مؤتمر قبيلة البكارة الأول التي عقدته في إدلب، حيث عبّرت هذه التحركات عن جدية الهيئة في الدخول في التنافس على استقطاب الحاضنة الاجتماعية، ومنها القبائل والعشائر العربية التي أولتها مختلف القوى في سورية أهمية كبيرة خلال السنوات الماضية، لدعم سلطتها والاستفادة منها لأغراض متعددة[25]، أو لنسج العلاقات مع المجتمع المحلي على مستوى إدارة المناطق والتنسيق مع قوى الثورة السورية، في إطار منافستها على تبديل صورتها (تصنيفها كمنظمة إرهابية)، وتمثيل الحالة الثورية السورية.
أما الاستقطاب الآخر، فيبدأ كأحداث تقع في سياق الحراك الاجتماعي وتفاعلاته وتعاملاته، أي ضمن القواعد الشعبية، ومن باب المصادفة، يكون طرفا هذا التفاعل والاختلاف من منطقتين مختلفتين (مهجر “الغوطة” – مضيف “حلب”) وما إن يتطور الخلاف بينهما حتى تتدخل القوى الممثلة لكليهما بالتصعيد، وذلك لأسباب سلطوية تتعلق بالنفوذ والموارد والتمثيل، وعليه فإن معظم الصراعات بين الفصائل في شمال غرب سورية تعود إلى هذه الأسباب[26]. ففي مطلع عام 2019، اندلعت اشتباكات عنيفة بين “جيش الإسلام” الذي يعد نفسه ممثلًا لمهجري دمشق، و”أحرار الشرقية” الذي ينتمي عناصره إلى مدن المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة)؛ على إثر طعن عناصر من “أحرار الشرقية” ثلاثة مهجرين من الغوطة، في عقب ملاسنات بين الطرفين[27].
وتخضع المنطقة لمحاولة استقطاب بهدف إضعافها وتفتيتها معنويًا تتمثل في البروباغندا الإعلامية الروسية التي برعت فيها منذ أيام الحقبة السوفييتية. وتتمثل في ما تطلقه من أخبار وإشاعات وبخاصة ما يتعلق بفتح معابر إنسانية لعبور المدنيين من المنطقة باتجاه مناطق النظام، وإيهام المدنيين أن المعابر هي آخر فرصة قبل شن العملية العسكرية، وهي تريد من وراء ذلك تحقيق مكاسب سياسية، ودعائية تتعلق بسعيها لإعادة شرعية النظام في العقل الجمعي لدى مواطنيه. أو تشويه صورة المنطقة وساكنيها بادعاءاتها المتكررة عن محاربة الإرهاب فيها.
المبحث الرابع: الآليات التي من شأنها تعزيز الاندماج الاجتماعي في المنطقة
تتضافر جملة من العوامل والتدابير التي من شأنها تحقيق الاندماج الاجتماعي بين مجتمع المهجرين والمجتمع المضيف، من خلال التركيز على الجوانب الاجتماعية- الاقتصادية- الثقافية. حيث يوجد في المنطقة “شمال غرب سورية” مجموعات سكانية متباينة في عاداتها وتقاليدها، وتتوافق في أهدافها العامة المتمثلة في الموقف السياسي الداعم للثورة، مع احتمال تبدّل الأولويات نظرًا إلى سعي السكان إلى تأمين الحد الأدنى من الاستقرار الأمني والمعيشي. وهو الأمر الذي يحتم على القوى المسيطرة “السلطة” العمل على ترسيخ الحقوق الفردية للمواطن، كونها تنعدم لدى المواطن غير المؤطر في أي من الفصائل والقوى والمؤسسات التابعة لأيٍّ من الأطراف المسيطرة سواء المتعلقة بحرية الرأي والتعبير أم التعليم والطبابة والعمل والسكن[28]. ويحكم الجميع وفق منطق القوة على حساب منطق الحق. وبذلك فإن إيجاد رابط متبادل مع المجتمع المضيف بالاعتماد على التوافقات من دون إغفال التباينات الاجتماعية من شأنه تسريع عملية الاندماج. وتفتح معرفة الأفراد حقوقهم المتبادلة الباب لتواصل اجتماعي في ما بينهم.
وتلعب الإدارات المحلية دورًا مهمًا في إنتاج السياسات الفاعلة والمحددة للإطار المحلي للمجتمعَين، والتفاعل المجتمعي بينهما لامتلاكها قنوات معلوماتية وتجريبية واتصالات كثيرة. فالنشاط الذي تقوم به المؤسسات المحددة مثل “المختار والمدراس وموظفيها وأصحاب الرأي” التي تلقى احترامًا من المجتمعات؛ يشكل حصولها على قبول وانتشار واستدامة في المجتمع، دور مهم كطريق مساعدة على الاندماج.
أما المجتمع المدني ومؤسساته، فله دور فعال في المساهمة فى حمل قاطرة التنمية، وتقديم المقترحات إلى “السلطة”، والسعي إلى تنمية الجانب التطوعي خدمة للجميع، وذلك بالتأثير المباشر في المجتمع ككل، وليس فقط خدمة لأغراض شخصية وأنانية. وهو يلعب من خلال تنفيذه سياساته دورًا مهمًا في تحقيق الاندماج الاجتماعي، وتلجأ منظمات المجتمع المدني -على الرغم من حداثة تأسيسها- إلى الإعلان عن وظائف شاغرة، لتملأ هذه الشواغر بموظفين من مختلف مكونات مجتمع شمال غرب سورية، أو مجتمع نطاق عملها الجغرافي (عربي – كردي – تركماني – مهجر – مضيف)، وذلك بهدف الوصول إلى معرفة آراء تلك المكونات وتصوراتها من خلال موظفيها، وما تحتاج تلك المجتمعات إلى العمل على توفيره من المجتمع المدني[29]. وتقوم منظمات المجتمع المدني بفعاليات ونشاط مشترك محدود إلى حد ما؛ يتعلق بالتعريف بالثقافات وتقليص الفجوة بين المجتمعات، ويؤكد تطبيق قوانين حقوق الإنسان والفرد، بعيدًا من الانتماء السياسي أو العرقي أو المناطقي، وتوجيه نشاطها بشكل عادل إلى كل مجتمع من المجتمعات المضيفة والوافدة من دون تمييز أو تفرقة. ونتيجة لذلك، أصبحت المؤسسات السياسية تعمل على تأمين التمثيل السياسي لجميع الأنماط المجتمعية بعدالة، من دون التمييز والتفرقة، وكذلك تعمل المؤسسات العسكرية والأمنية بالتنسيق مع تلك الأنماط المجتمعية إلى حد ما على غرار ما قامت به المؤسسات السياسية، بهدف حماية الأمن والسلام بين المجتمعات وعدم التساهل في تطبيق الأحكام على الجميع [30].
العمل على تنفيذ برامج التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الآتية:
أ – البعد الاجتماعي، من خلال العمل على توفير احتياجات الأفراد الأساسية من خدمات صحية، وبرامج تعليمية متكاملة، ورعاية وتكوين الأسرة بشكل عام، ومشاركة أفراد المجتمع في الحكم والإدارة.
ب – البعد الاقتصادي، ويشمل رفع مستوى المعيشة، والقضاء على الفقر، والحد من التفاوت في توزيع الدخول، وإيجاد بيئة استثمارية، وفرض الأمن. وينجم عن كل ذلك الثقة والاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع.
ج – البعد البيئي، ويتضمن الحفاظ على الموارد الطبيعية والمائية، والحماية من جميع الآثار السلبية لجميع المخلفات الصناعية سواء في البيئة أم الأفراد، فعلى سبيل المثال، شمل الجفاف سدًّا رئيسيًا في شمال غرب سورية، للمرة الأولى منذ إنشائه قبل نحو ثلاثة عقود (سدّ الدويسات في منطقة دركوش بإدلب 1994)، من جراء تراجع مستوى الأمطار والاهتراء وتزايد اعتماد المزارعين على مياهه بشكل عشوائي[31].
وتنتشر في مناطق عدة من الشمال السوري مصافي البترول البدائية “حراقات النفط”، بأعداد كبيرة، لتأمين حاجة السوق المحلية ، وعلى الرغم من الأضرار الصحية لها، فإن مئات الأطفال يعملون فيها، سواء في جمع النفايات الناتجة من عمليات الحرق أو التكرير أم في تنظيف الخزان من الداخل وإزالة الشوائب العالقة بقاعه وجدره التي تتكاثف عليها السموم مخلفة لهم عددًا من الأمراض، كالسعال والربو التحسسي والتهاب القصبات الحاد وذات الرئة، عدا مخاطر انفجار هذه الحراقات عند أدنى خطأ أو تسرب للفيول أو استهداف من طائرات النظام أو القوات الحليفة له[32].
إن ما سبق من شأنه تلبية احتياجات المواطن في الوقت الحالي والمستقبلي، وتحسين ظروفه المعيشية، والأخذ بالحسبان الحالة السورية، والآثار السلبية الناجمة عن الصراع “اجتماعيًا واقتصاديًا”، وتوجهه إلى التهدئة تدريجيًا وصولًا إلى الحل السياسي[33].
الاستنتاجات
1 – تشكل الهجرات القسرية، والهجرات الشرعية واللاشرعية التي تتم عبر خطوط التماس، مشكلة ذات اتجاهين: الأول إيجابي يتمثل في إثراء المنطقة في شمال غرب سورية، من الناحية الاقتصادية والسياسية “مقارنة بمجتمع النظام السوري، وما توفره من يد عاملة وغيرها، وفضاء من حرية التعبير والرأي”، في ظل ما تشهده من جنوح تدريجي إلى الاستقرار؛ والثاني سلبي، ينعكس على هوية المجتمع السوري برمّته، فالمهجّرون الذين تركوا مناطق سكنهم الأصيلة باتت مجتمعاتهم ضعيفة بعاداتها وتقاليدها، وكل تفاصيل بنائها الاجتماعي، وفي الوقت نفسه، هم في شمال غرب سورية ليس لديهم المجال المفتوح لأسباب اقتصادية واجتماعية لبناء مجتمعاتهم، الأمر الذي يهدد بذوبانها واندثارها.
2 – تضع الفلسفة البراغماتية قاعدة (التغيير نحو الأفضل)، ولذلك لا بدّ من إحداث التغيرات الثقافية الملائمة لحاجة الشباب حتى يُصبحوا أكثر حرية[34]، وسعيًا لممارسة الأدوار الاجتماعية التي تدفع المجتمع إلى التطور والحراك الدائم. هذا الأمر يُلقي مسؤولية كبيرة على عاتق منظمات المجتمع المدني، وذلك من خلال تكثيف نشاطها الذي يحتفي بتراث وتقاليد المجتمعات الموجودة، مع السّعي لتحقيق المساواة والمواطنة بينهم، بهدف إبراز التعددية الاجتماعية والثقافية وتعزيز الحوار. ولا تقف عند هذا الحد، بل تعمل على التوجه نحو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وإعادة تشكيلها عبر مبادرات وحملات مناصرة، لأن هذه المناطق ليست داعمة له، بل كانت خارج سيطرته، وبالميل نحو هذا التوجه، يمكن التخفيف من التخوّف الذي أشرنا إليه في البند 1.
3 – لا يتفق البعض على توصيف الحالة الاجتماعية في الشمال السوري بأنها مجتمعات متوازية، وإن كان من حيث الظاهر، فالدافع للتنظيم الذاتي من المناطق المختلفة هو دافع مناطقي، إلا أنه في الحقيقة هو أمر فرضته الحاجة إلى تنظيم جهد الدعم الإنساني والإغاثي أكثر من اعتبارات الانتماء المناطقي أو التباين الطفيف في العادات والتقاليد[35].
ويمكن رؤية الاختلافات الاجتماعية أوضح بين مجتمع عفرين “الكردي” ومجتمع المنطقة الشرقية، لأسباب سياسية أمنية عسكرية أكثر منها مناطقية أوعرقية، حيث يمكننا الحديث هنا عن مجتمعات موازية. أما باقي المجتمعات المهجرة إلى شمال غرب سورية، فإن القاسم المشترك بينها وبين المجتمعات المضيفة أن نمط حياتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها متشابه إلى حد ما، كما أن المجتمعين كليهما تعرضا لعدم استقرار أمني، وتعاقب قوى السيطرة، ومن ثم عانيا ظروف الحرب والهجرة أيضًا.
وفي المقابل، فإن وحدة المعتقد تكاد تحول المنطقة كلها إلى لون طائفي واحد “السنّة”، وهو ما سيساهم في الانغلاق الاجتماعي، وفقدان ميزة التنوع بين مكونات الشعب السوري الديني والثقافي والعرقي، ويعطي مؤشرات خطرة لناحية سهولة تقسيم سورية سياسيًا بناء على التموضع الاجتماعي الجديد ونمو جيل ضيق الأفق يتميز بالسلبية تجاه المختلف[36].
4 – تضطر منظمات المجتمع المدني إلى تنفيذ مشروعات لإرضاء رغبة جهة التمويل، الأمر الذي يضعها في مواجهة مع المجتمع وعاداته وتقاليده، ويشكل حاجزًا بين الطرفين، لذلك يقع على عاتق تلك المنظمات إعداد المشروعات التي من شأنها تحقيق النهوض بالمجتمع، مع المحافظة على تقاليده التي تساير التطور العلمي والاجتماعي والتكنولوجي.
5 – الارتداد لإجراءات ما قبل الدولة الوطنية، كتشكيل ما يسمى في المنطقة، وبشكل خاص المنطقة التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” مجلس الأعيان والشيوخ، حيث يكلف هذا المجلس المكون من وجهاء ذوي منزلة اجتماعية بإدارة ما ينجم عن التفاعلات الاجتماعية. وهذا بدوره يولد الشعور بالظلم لفئة في المجتمع، ويحيد دور القانون وتطبيقاته[37].
الخاتمة
كان البحث محاولة لتسليط الضوء على إحدى الظواهر الاجتماعية الناجمة عن أسباب سياسية واجتماعية واقتصادية، إضافة إلى لفت الانتباه إلى الدور الذي تلعبه القيم الثقافية والاجتماعية التي يعمل المجتمع من خلال مؤسساته المختلفة على غرسها في نفوس أبنائه لتعزيز تماسكه، ولذلك توصل إلى:
1 – العمل على إنشاء وتأسيس البنى والهياكل المؤسساتية الخدمية والأمنية والاقتصادية والقانونية. ودعم وترسيخ الموجود منها حاليًا. وتفعيل دور الكوادر العلمية “الاقتصادية والطبية والأمنية والقانونية” التي تعيش في المنطقة أو داخل تركيا، لأن ذلك يعمل على تحقيق أهداف عدة منها:
- الحد من هجرة الكفاءات العلمية والتخصصية في كثير من المجالات، فقد أشار (م.ع) إلى أن القطاع الطبي في شمال غرب سورية، نظرًا إلى طول مدة الصراع، قد استُنزف، سواء من خلال استهداف البنى التحتية الخاصة به “مستشفيات ومراكز صحية” أم من خلال هجرة الكوادر الطبية المتخصصة منه[38].
- الاستعداد لمرحلة الانتقال السياسي في ظل الحديث عن إمكانية تطبيق اللامركزية الإدارية في سورية مستقبلًا.
2 – توجه المؤسسات الموجودة في منطقة الدراسة، سواء الرسمية منها أم منظمات المجتمع المدني، إلى وضع البرامج الخاصة والقوانين المناسبة التي تهيئ الجو وتفسح المجال أمام الفئات الاجتماعية الوليدة “أرامل – مجهولي النسب”، بما يتناسب مع حقوق الإنسان من جهة، وما تمتلكه من قدرات وإمكانات ومهارات، ورعايتها وتطويرها لدى أفرادها من جهة أخرى. والعمل على تمكين الفئات الضعيفة “الشباب – المرأة”، لأن الاستبعاد الممنهج والتهميش المستمر ونقص التأثير تعد محركات قوية لنشوء المظلوميات التي تؤثر في التماسك المجتمعي أو تقوضه مع مرور الزمن.
3 – القيام بدراسات تتناول تقييم التماسك المجتمعي وقياسه، في شمال غرب سورية بشكل خاص، وفي مختلف المناطق السورية بشكل عام، والوقوف على القواسم المشتركة للتماسك المجتمعي الخاصة بالمجتمع السوري، وكذلك الآثار الناجمة عن الصراع على تماسك المجتمع السوري.
4 – تأكيد نشر الوعي بمفهومات المواطنة الكاملة وحقوق الإنسان، ولا يعني التماسك المجتمعي عدم التغير، بل العكس تمامًا، وذلك من خلال منظومة المؤسسات المحلية والوسطاء الداخليين، من دون إغفال ما يرتبط بالنزوح القسري من اضطراب اجتماعي واقتصادي وتوترات وتفتت اجتماعي، كما هو الحال في شمال غرب سورية.
[1] د. محمد عبد الكريم الحوراني، النظرية المعاصرة في علم الاجتماع، جامعة اليرموك (إربد – الأردن)، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع 2007، ص 86.
[2] إميل دوركهايم، الانتحار، ترجمة – حسن عودة، الطبعة الأولى (دمشق – منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب، وزارة الثقافة، 2011)، ص 381. https://bit.ly/3feRvBt
[3] عند توجه الباحث للحصول على معلومات تخص موضوع البحث إلى أفراد من المجتمعات الأصلية من الوافدين الذين شكلوا مجتمعات متوازية في المناطق التي ورد ذكرها في الدراسة، وجد صعوبة في الحصول على طلبه لأسباب عدة منها (عدم الإلمام بمفهوم البحث ومضمونه “المجتمعات المتوازية” أو امتلاك تصور عام عن موضوع البحث، ومن ثم عدم القدرة على توصيف الظاهرة وما نجم عنها وكيف تشكلت) لذلك لجأ إلى مجموعة من العاملين في مجال منظمات المجتمع المدني، بعضهم من الوافدين. ويشاركون في تنفيذ برامج الدعم والاندماج في المنطقة.
[4] “سوريا المصغّرة”.. كيف هندس “التهجير القسري” ديمغرافية السكان في إدلب؟ موقع اتحاد الديمقراطيين السوريين – هيئة التحرير – https://bit.ly/3Sw7Ekx
[5] مفوضة حقوق الإنسان: ازدياد المقاتلين الأجانب في سوريا يشعل العنف الطائفي موقع الأمم المتحدة – https://bit.ly/3SxfkD6
[6] استطلاع: تمزّق البنية الاجتماعية السورية بفعل سنوات الحرب – موقع تلفزيون سورية – fhttps://bit.ly/3DNzBjr
[7] منهل باريش – كيف ولماذا تحدّت إدلب أمراءها الجهاديين – مركز مالكوم، كير كارنيغي للشرق الأوسط -شوهد في 22 أيار/ مايو 2020 في: https://bit.ly/3BOM0Bk
[8] شمس الدين مطعون – مبادرات فردية وجماعية لاستقبال المُهجّرين في إدلب، ، موقع اقتصاد 20 آب 2019 – شوهد في: https://bit.ly/3ScuuxK
“فريق نور المدينة التطوعي” ببلدة سرمين في ريف إدلب. وقد أُسس فريقهم منذ تهجير أول دفعة من أهالي ريف دمشق في 2016. وفريق “مشاريع صغيرة” مع مجموعة من المتطوعين في مدينة إدلب على إطلاق نشاط يهدف إلى إغاثة مُهجّري ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي. وقدم مجلس تفتناز المحلي بريف إدلب مساعدة جمعية “تجمع أهل الخير”، عن إنشاء مخيم في البلدة يتسع لقرابة 30 عائلة.
[9] عبد المجيد القرح – مبادرات نسائية لزيادة التمكين الاقتصادي في المخيمات، ، موقع تلفزيون سوريا 12/5/ 2021 – شوهد في: https://bit.ly/3r1k6Nf
[10] المجتمعات المتوازية في شمال غرب سورية هي المجتمعات المتعارف عليها بناء على أساس انتماء أبنائها المناطقي بسبب التهجير القسري لهم من مناطقهم وبلداتهم (درعا – حمص – داريا – الغوطة الشرقية). أو على أساس أيديولوجي بالالتحاق بالمؤسسات التي يحمل أيديولوجيتها.
[11] د. محمد محسن أبو النور – وصايا تأسيسية: عشر نصائح كي تصبح محلل سياسي ناجح – – المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية 11/ 1/ 2019 – شوهد في: https://bit.ly/3S3zQv4
[12] (س. أ) ناشطة إعلامية وتهتم بقضايا الصحافة الاجتماعية وبخاصة المتعلقة بالمرأة (مقابلة أجراها الباحث بتاريخ 23/10/ 2021م)
[13] (محمد الحسين ) عضو المكتب التنفيذي لمجلس محافظة درعا في الحكومة المؤقتة في الشمال السوري، ومسؤول الاحصاء في المكتب – طالب يدرس العلوم السياسية في جامعة الشام التي أنشئت في الشمال السوري (مقابلة أجراها الباحث بتاريخ 21/10/ 2021م)
[14] (ض.ع) مهندس اتصالات، وباحث في الشأن السوري. (مقابلة أجراها الباحث بتاريخ 18 /10/ 2021م)
[15] (ھند – ف) ناشطة مدنية، وموظفة في مجال المراقبة والتقييم. (مقابلة أجراها الباحث بتاريخ 20/10/ 2021م)
[16] رأفت الرفاعي – هل باتت المعارضة المسلحة عبئا على الثورة السورية، ، موقع الجزيرة 11/1/ 2018- شوهد في: https://bit.ly/3f2kQim
[17] جاد الكريم الجباعي – المجتمع الموازي: خلفية لفهم ما يجري في سورية “بتصرف” ، مجلة عمران – العدد 7 ( 2014)- ص 153. https://bit.ly/3SyfJoP
[18] (نور الهدى الصيادي) ناشطة في مجال المجتمع المدني، ومن المهجرين من حماة، وتقيم في الدانا (مقابلة أجراها الباحث 14/10/ 2021).
[19] خالد الخطيب – هجرة السوريين عبر الخطوط.. شراكة غير معلنة بين “الرابعة” وفصائل في المعارضة – ، موقع تلفزيون سوريا 27/9/ 2021 – شوهد في: https://bit.ly/3UKYnXN –
[20] عدنان عبد الرزاق، رفع الأجور في الشمال السوري بنسبة 40%، العربي الجديد 27/12/ 2021، شوهد في: https://bit.ly/3S9qsWH
[21] حمود المحمود – اقتصاد الحرب في الصراع السوري: تكتيك “دبر راسك”، – مركز مالكوم كير، كارنيغي 23/6/2015 – شوهد في: https://carnegie-mec.org/2015/07/23/ar-pub-60273,
[22] مظلوم هادي – أهمية وتأثير الاقتصاد في بناء المجتمعات، ، صدى الواقع السوري 25/9/ 2019- شوهد في: https://bit.ly/3DSHuEx
[23] مناف الحمد ومحمد نور النمر – منظمات المجتمع المدني السورية في تركيا، ، مركز حرمون للدراسات المعاصرة 26/9/2020 . شوهد في: https://bit.ly/3SdlvMH
[24] الجولاني في مخيمات النازحين رغم مكافأة أميركية لكشف معلومات عنه، تلفزيون سوريا 19 /12/2020. شوهد في:https://bit.ly/3LzZVj2
[25] خالد الخطيب – إدلب: تحرير الشام تنافس على استقطاب قبيلة البكارة – صحيفة المدن30/8/ 2021 – شوهد في: https://bit.ly/3fd4HXI
[26] (م. س) ناشطة في مجال المجتمع المدني، من إحدى قرى مدينة عفرين (مقابلة أجراها الباحث 17/ 10/2021م).
[27] اقتتال عنيف في مدينة عفرين بين جيش الإسلام وفصيل أحرار الشرقية الذي أعانه على إعادة هيكلة نفسه والشرطة العسكرية تتدخل لفض الاشتباك، المرصد السوري لحقوق الإنسان 6/11/2018. شوهد في: https://bit.ly/3R3mJIZ
[28] حيان جابر -البنية الاجتماعية السورية الراهنة، – العربي الجديد 12/10/ 2020 . شوهد في: https://bit.ly/3Sq0QEL
[29] (ر. ھ) إجازة في اللغة العربية، ويعمل في منظمة مجتمع مدني تعمل في المنطقة (مقابلة أجراها الباحث 24/10/2021).
[30] (نور الهدى الصيادي) ناشطة في مجال المجتمع المدني، ومن المهجرين من حماة، وتقيم في الدانا (مقابلة أجراها الباحث بتاريخ 14/10/ 2021).
[31]لأول مرة منذ إنشائه…جفاف سد في سوريا، قناة الحرة الفضائية 21/11/2021 . شوهد في: https://arbne.ws/3S64Nic
[32] فارس الرفاعي – حراقات النفط البدائية خطر يهدد حياة الأطفال في الشمال السوري، – موقع اقتصاد15/8/21 . شوهد في: https://bit.ly/3dDdu4A
[33] (د. ك) دكتوراه في الاقتصاد، وصاحب استثمارات عدة في المشروعات الصغيرة (مقابلة أجراها الباحث 24/10/2021م).
[34] د. صابر جيدوري، تكوين الشباب في مجتمع متغير- بقلم الدكتور صابر جيدوري، – مركز نقد وتنوير للدراسات الإنسانية 29/7/ 2021. شوهد في: https://bit.ly/3LDT4VQ
[35] (محمد سليمان دحلا) محام وكاتب وناشط سياسي مقيم في عفرين (مقابلة أجراها الباحث بتاريخ 17 /10/2021)
[36] يحيى الحاج نعسان – بعد الغوطة الشرقية الثورة لم تربح والنظام انتصر على نفسه.، ، المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام 4/4/2018. شوهد في: https://bit.ly/3Surlc6
[37] (ن.ح) مدرس لمادة الجغرافيا، وناشط في المجال الإعلامي، (مقابلة أجراها الباحث 21/10/2021)
[38] – (م.ع) مسؤول إداري في مستشفى أطمه شمال مدينة إدلب. (مقابلة أجراها الباحث22 /10/2021)