عانى الشعب السوري عبر تاريخه، بكلّ مكوناته، مظلوميات متعددة، أسهمت إلى حدٍ ما في انغلاق كل مكون على ذاته، خائفًا من المكون الآخر، وغير واثق فيه، وأسس ذلك لثقافة القطيعة بين المكونات السورية. وحين جاءت الثورة السورية، أصبح الحديث عن المظلوميات ذا نبرة عالية.
وإذا كانت المظلومية الكبرى التي مارسها النظام الأسدي تفوق كل المظلوميات التاريخية، لكونها كانت مظلومية شاملة لم ينجُ منها أي مكون سوري، حتى المكون العلوي الذي يُحسب النظام الأسدي عليه، بشكل أو آخر؛ فهذا لا يعني أنه قبل النظام الأسدي لم تكن هناك مظلوميات، بل حاق بكل مكون خلال تاريخ سورية مظلومية، بطريقة أو أخرى، وأكاد أن أجزم بعدم وجود مكون سوري نجا من هذه المظلومية.
لذا فإن حديثنا في هذه الورقة ليس عن تاريخ المظلوميات السورية، إنما هو حديث عن كيفية بناء مستقبل للسوريين كلهم، يكون خاليًا من المظلومية لأي مكون من مكوناتها.
أشهر المظلوميات التاريخية
هناك مظلوميات تاريخية شهيرة، منها ما تسبب في حروب أهلية، ومنها ما تسبب في حروب عالمية، وهناك مظلوميات ما زالت قائمة، وتشكل حالة قلق وعدم استقرار للمجتمعات الأهلية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
مظلومية البروليتارية ([1])
بنت الشيوعية العالمية مشروعها الماركسي على مظلومية الطبقة العاملة “البروليتارية”، وقامت الماركسية على هذه المظلومية، ورفعت شعارها الشهير “يا عمّال العالم اتحدوا”، وقد فشلت الشيوعية، بعد قيامها بأكثر من 70 سنة، في تحقيق مشروعها الأممي، وانهزمت أمام الرأسمالية والليبرالية.
المظلومية الإسلاموية
يعتقد أنصار نظرية الإسلام السياسي أنهم يعانون مظلومية منذ سقوط الخلافة الإسلامية بدايات القرن المنصرم، ولذا ما زالوا يعملون لعودة الخلافة الإسلامية عالميًا! من خلال ما أُطلق عليه لاحقًا مسمى “الإسلام السياسي”، ومثَّل هذا الاتجاه في هذه المظلومية أربعة تيارات، ما تزال تنادي بمظلوميتها الإسلاموية: جماعة الإخوان المسلمين؛ والسلفية بمدارسها المختلفة؛ وحزب التحرير الإسلامي؛ والتيار الرابع هو الإسلام السياسي الشيعي المختلف تاريخيًا مع أهل السنّة، والذي نجح في العام 1979 في إنهاء مظلوميته التاريخية بإسقاط نظام الشاه بإيران، وإقامة نظام ولاية الفقيه الذي جسد الحلم الشيعي في دولة لها أنصار وأتباع في مختلف بقاع الأرض، وعَمِل بعد تأسيس دولته على تصدير هذا الحلم، ليتوسع خارج الحدود الإيرانية تحت شعار تصدير الثورة الإسلامية، وما يزال يعمل من أجل ذلك، ويظلم الآخرين.
المظلومية الألمانية
نادى بها الزعيم الألماني هتلر، بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، التي فرض بعدها المنتصرون بالحرب شروطًا قاسية ومجحفة، اقتصاديًا وعسكريًا وسياسيًا، بحق ألمانيا المهزومة، وأسس هتلر حزبه النازي، واتهم اليهودَ بأن لهم دورًا في هزيمة ألمانيا بالحرب، فخاض بعد وصوله إلى السلطة حربًا عالمية، انتهت بهزيمته، وبتفكيك ألمانيا إلى دول عدة. وهذه المظلومية أنتجت الفكر النازي ذا الوجود النسبي في أوروبا حتى اليوم.
المظلومية اليهودية
استطاعت الحركة الصهيونية استغلال ظلم اليهود، واضطهادهم من قبل النازية، وجعلوا من المحرقة “الهولوكوست” شمّاعة على رأس مظلوميتهم؛ فكسبوا تعاطف العالم، وحصلوا على وعد بريطاني (وعد بلفور) بإنشاء وطن مستقل لهم في فلسطين، فتحولوا بمظلوميتهم إلى ظلمة، عندما اضطهدوا الفلسطينيين، وهجروهم من أرضهم بدعم أممي، ونتج عن تلك المظلومية احتلال فلسطين ([2]).
المظلومية النسوية
عملت الحركة النسوية على استعادة حقوق المرأة في الغرب، من الذكورية التي اضطهدتها باسم الدين والأعراف، ثم تأسست الحركة الأنثوية Feminism التي تحولت إلى حركة عالمية موجودة في كل دول العالم، بشكل أو آخر، لتدافع عن حقوق المرأة، وقد ركزت بعد تحقيقها لنجاحات قانونية ودستورية في الغرب على شرقنا البائس، في محاولةٍ منها للحصول على حقوق المرأة، ووجهت نشاطها باتجاه الدين واللغة والأسرة، باعتبارهم أهم أسباب المظلومية النسوية.
المظلومية الكردية
ربّما هي من أشهر المظلوميات اليوم، وأكثرها تداولًا في المشرق العربي، إذ يعتبر دعاتها أن الشعب الكردي، تعرض لمظلومية أثناء إنشاء الدول بعد الحرب العالمية الأولى، وتم إعطاء الشعوب حقوقها من خلال دول قطرية، وتجاهلوا منح الشعب الكردي دولة خاصة بأبنائه، ووقف العالم جلُّه ضد الشعب الكردي في تقرير مصيره، وبقي الشعب الكردي موزعًا بين سورية، والعراق، وتركيا، وإيران. وما يزال ينادي بهذه المظلومية في البلدان الموزع بينها.
المظلومية المسيحية
منذ أن نَحَتَ الفقهاء مفهوم “أهل الذمة”، وصاغوا قوانين بعد (الفتح الإسلامي) لسورية وغيرها، تمنع المسيحي من أن يتقلّد مناصب عليا، وكانت النظرة إليه نظرة غير عادلة، حتى بات خائفًا وهو الأصيل في موطنه، منذ ذلك الحين؛ تأسست مظلومية مسيحية، ولم نلحظ حتى اليوم قوانين عادلة وجريئة ترفع هذه المظلومية عنهم.
كل هذه المظلوميات المذكورة آنفًا، عندما امتلكت القوة، وأثناء نضالها من أجل رفع المظلومية عنها، ظلمت الآخر المختلف معها، بأسلوب أو آخر، وباسم رفع المظلومية، وإعادة الحقوق لأصحابها، يصبح أحيانًا المظلوم -بطريقة أو بأخرى- ظالمًا.
ماذا بعد سرديات المظلومية
كلنا مظلومون، أجل كلنا في سورية مظلومون، بشكل أو بآخر، فكما ظُلم الكرد، ظُلم العرب، وكما ظُلم المسيحيون، ظُلم الآشوريون، وكما ظُلم الشيعة ظُلم السُنة، وكما ظُلم الإسماعيليون، ظُلم الدروز، وظُلم العلويون! فكلنا عانى المظلومية، بنسبة أو بأخرى، وبشكل أو بآخر. إضافة إلى مظلومية المرأة، والمظلومية المناطقية، ومظلومية الريف، ومظلومية المدن البعيدة عن المركز! إذن؛ مظالمنا كثيرة ومتعددة، ولا تُحصر في مظلومية واحدة ولا بمكون واحد. ولكن الإصرار على سردية المظلومية قد يؤسس أحيانًا لمظلومية أخرى، تصبح عقبة في إنتاج حلّ وطني! ولا بد من التفكير في مستقبل سوري بلا مظلومية، بحيث تكون سورية لكل أبنائها، لا يتميز فيها مكون على آخر، لسبب ديني أو طائفي أو عرقي.
كل هذه المظلوميات المختلفة الأشكال التي عاناها السوريون دفعت النخب الثقافية والسياسية السورية للبحث في صناعة مستقبل سوري لا يُظلم فيه أحد، وازدادت وتيرة الحديث والحوار في رفع المظلومية خلال سنوات الثورة، فطُرِحت أفكار مختلفة لا متخالفة من أجل رفع المظلومية عن الجميع، إنْ من خلال من كتبوا ميثاق الشرف الوطني، أو من خلال مشروعات أسست لعقد اجتماعي سوري جديد، أو كتابات تحدثت عن حقوق فوق دستورية ([3]).
ولكن غالبية هذه المشروعات الصادقة تعثرت نتيجة تمسّك بعض دعاتها بأيدولوجياته، فكانت الأدلجة سببًا مباشرًا أو غير مباشر لهذا التعثر الذي أفشل الاتفاق على ورقة وطنية، تكون مقدمة لدستور سورية الحرة. ووُلِدَت أفكار متناثرة هنا وهناك، لإنهاء المظلومية، ظهرت خصوصًا بعد تشكيل اللجنة الدستورية، التي لم تستطع حتى الآن إنجاز أي شيء لكتابة الدستور أو لإنهاء المظلوميات السورية! ومما لا شك فيه أن النظام الأسدي أسهم بشكل كبير في فشل هذه اللجنة. وأسهمت السرديات التاريخية حول المظلومية، عند جلِّ المكونات السورية، في هذا الفشل، بسبب ولادة ثقافة المحاصصة القاتلة للمشروع الوطني وبناء سورية بشكل صحيح من جهة، ومن جهة أخرى بسبب نظرة بعضهم إلى سورية كما لو أنها كعكة، يعمل كل مكون فيها لزيادة حصته منها، وهذان عاملان يؤسسان لمظلوميات جديدة، ويُفْشلان قيام مشروع المواطنة على أسس صحيحة.
المظلومية تحليلًا وتركيبًا
إن مفهوم المظلومية يحتاج إلى تحليل وتركيب، لمعالجته على أسس سليمة وعادلة، تكون الإنسانية مبدأ أصيلًا في المعالجة والحلّ. فالمظلومية إحساس إنساني بوقوع الظلم على مجموعة ما، بانتهاك حقوقها، وعدم الاعتراف بها، نتيجة قرار سياسي أو قضائي أو دستوري، ثم تتحول المظلومية إلى حالة سياسية تشكو في خطابها من مظلوميتها، وقد يدفع ذلك أصحابها إلى تطرف سلوكي أو إعلامي، تجاه من ظلمه ومن سكت عن مناصرته، قد يصل في حالة امتلاك القوة إلى التعدي الجنائي، أو الاتهام بالخيانة والغدر، فيتحوّل صاحب المظلومية إلى ظالم.
و”لعل الدمار المجتمعي هو الأخطر والأبعد أثرًا… حيث وصلت العلاقة بين الجماعات السورية إلى مستويات تُهدد فرص العيش المشترك وفرص استمرار وحدة الكيان. فثمة فائض من الغضب والحقد، وفائض من الاستقطابات الهُوَوية، وفائض من عدم الثقة وسوء النيات… وأدى كل ذلك إلى تصاعد مع انسداد الأفق وضعف الأمل والرجاء… والمطلوب أن تعالج المسائل الخلافية الكبرى بين الجماعات السورية، وأن تعالج مخاوفها وهواجسها المختلفة بشأن حقوقها وحرياتها ومستقبلها، بما يكفي لخلق حدٍ من الطمأنينة والثقة بين السوريين، ينقلهم إلى مرحلة العمل المشترك والتفكير بالمستقبل” ([4]).
الخطير في موضوعة المظلومية أن تتحوّل عند مكوّن ما إلى صفة من صفات هويته الشخصية، وتصبح ركنًا من أركان خلافه مع الآخر! إذ يؤسس ذلك لثقافة ثأرية ضد من ظلمهم أو من لم يناصرهم أثناء مظلوميتهم، والأخطر حينما تتحول إلى أيديولوجية ثأرية، تدعو إلى استئصال الظلمة، والانتقام من ذرياتهم، ثم تتحول في الحالة السياسية إلى نوع من أنواع الابتزاز السياسي، يعرقل بناء مجتمع المواطنة على أساس سليم، فلا تتحقق العدالة الاجتماعية. وهنا تتحول المظلومية إلى عقيدة تجمع المظلومين، لتكون فوق أي اعتبار وطني أو إنساني! عقيدة تتربى عليها الأجيال الناشئة، لتخاصم من ظلمهما، وتعادي من لم يناصرها، وتكره من لم يشاركها حديث المظلومية.
إن سرديات المظلومية، من دون البحث عن طرائق لرفعها، ستحوّلها من حالة حقوقية إلى حالة سياسية، ستعمل بشكل أو بآخر لعرقلة أي حل يريد إنتاج سلم أهلي حقيقي، يجعل السوريين يتجاوزون مأساتهم التي شملت الجميع أثناء ثورتهم ضد الطغيان الأسدي في الربيع العربي. وللمظلومية مولدات متنوعة، تجعل إمكانية ولادتها في المجتمع سهلة، ويجب منعها، من هذه المولدات التحريض الطائفي، والعرقية الشوفونية، والحكم الدكتاتوري المطلق، والأولغارشية الحاكمة، وتهميش المستضعفين، ومناهج تربوية فيها عنصرية تمسّ حرية وكرامة الآخر السوري.
ما العمل لإنهاء المظلوميات؟
يعتقد كثير منا أن تأسيس دولة المواطنة، من خلال دستور عصري وقانون منبثق عنه، هو الحل الأمثل لإنهاء هذه المظلوميات، ولو أننا فكّرنا بعمق فسنجد أن هذا الحلّ ربما يبني دولة المواطنة على شفا جرفٍ هارٍ، لتنهار عند أول عقبة تصطدم بها! لذا يجب علينا العمل لتأصيل مفهوم المواطنة، ثقافةً وتربيةً وسلوكًا، قبل ذلك، وهذا يعني يجب أن نبدع أسسًا لهذه الدولة، تكون حجر الزاوية لمفهوم المواطنة، تحميها حينما تتعرض لأي هزة أو صدمة، وهذا يفرض علينا تأسيسًا تربويًا وفكريًا وثقافيًا، يحمي دولة المواطنة، التي ينبغي ألا تؤسس على حقوق الأكثرية على حساب أقلية ما، فالمواطنة تعني المساواة الكاملة لكل المواطنين ومكوناتهم كلها، في الحقوق والواجبات، وهذا يدعونا قبل إعلان دولة المواطنة ومعها إلى العمل على ما يلي:
- – الإيمان بقدسية الإنسان كمخلوق مكرّم إلهيًا، بغض النظر عن دينه وطائفته وعرقه.
- – الإيمان بأن كل السوريين مواطنون متساوون دون تمييز.
- – أن يتكاتف السوريون جميعهم لتحقيق الأهداف الإنسانية المواطِنِية في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
- – إلغاء المادة الثالثة من الدستور السوري، التي تحتكر منصب رئيس الجمهورية بمكوّن محدد، ليكون من حق كل مواطن سوري، أيًا كانت ديانته أو طائفته أو عرقيته.
هذه الخطوات التأصيلية تدفعنا نحو امتلاك الوعي والقفز على الطائفية والمذهبية والعرقية، لنتكامل كمواطنين نتمتع بحقوق إنسانية غير منقوصة.
إنّ التربية الشوهاء التي رُبّينا عليها، والأنظمة التي حكمتنا، جعلتنا نعاني حالة خواء إنساني، وهذا الخواء ناتج عن زراعة ثقافة خاطئة في وعينا، لم تؤصل على أساس إنساني مواطِني. جعلت بعضنا يعتقد أنه أفضل من الآخر، دينيًا أو عرقيًا أو طائفيًا. ومن دون إحياء الثقافة الأخلاقية الإنسانية في تربيتنا ووجداننا؛ سنبقى نعاني احترابًا غبيًا، يعمِّق تخلفنا وتقهقرنا، ويجعل العالم ينظر إلينا باشمئزاز.
وإنْ بقينا نجترُّ مظلومياتنا، من دون العمل على تجاوزها من خلال حلول وأفكار جادة، فهذا يعني أننا سنورّث لأولادنا وأحفادنا ثقافة ثأرية، تجعل تحقيق دولة المواطنة حلمًا بعيد المنال. وهُنا يبرز السؤال التالي: كيف نحوّل هذه المثاليات إلى خطوات ممكنة التحقق في المجتمع السوري؟
إن ثقافة الانتمائية إلى سورية كوطن، وتعزيز الإنسانية كمذهب، وتحقيق المساواة للجميع كمبدأ، وجعل العطاء في سورية المستقبل على أساس الكفاءة، لا الولاء الحزبي أو الطائفي أو العرقي، مقدّمات تأسيسية، تُسهم في القضاء على المظلومية وتمنع ولادتها من جديد.
هناك خطوات جريئة لا بد منها لإنهاء المظلوميات السورية وتأسيس مجتمع سوري على أسس سليمة، منها:
- – تدريس مادة التربية الإنسانية والأخلاق لطلاب مرحلتي الابتدائية والإعدادية، والتوقف عن تدريس التربية الدينية بمناهجها القديمة، وبذلك تصبح نظرة كلّ منّا إلى الآخر السوري، من دين مختلف أو طائفة أو عرق، نظرةً إنسانيةً، ومن ثم نُنشئ جيلًا خلال سنوات قليلة سليمًا من تشوهاتنا التربوية والثقافية التي أسهمت بشكل ما في تلك المظلوميات السابقة ([5]).
- – العمل بجدية على تأسيس منظمات المجتمع المدني بعمقها الإنساني، لتعمل على ردم الهوة بين السوريين المختلفين، أو المتخاصمين، لتحقيق حالة تعايش سلمي أرقى.
- – سنّ قوانين رادعة تجرِّم وتعاقب كلّ تلَّفظ أو سلوك ضدّ الآخر على أساس عنصري أو ديني أو طائفي.
- – دعم المنظمات النسوية التي تهتم بوعي المرأة، لكونها المدرسة الأمثل في تجذير تلك الثقافات الإنسانية المواطِنِية.
- – القيام بحملات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، يقدّمها مثقفون من المكونات المختلفة، لتأسيس ثقافة الحوار وعدم تجاوزها نحو احتراب أو عدوان.
- – إجراء ندوات ومحاضرات دورية، توضح أثر التحول إلى ثقافة المواطنة الحقيقية، ودورها في نهضة المجتمع وتطوره وتحقيق السلم الأهلي بين المكونات السورية.
- – إيجاد حل لحفظ ثقافة كل مكون وتاريخيته، بما لا يؤثر سلبًا على السلم الأهلي، ومستقبل الوطن ووحدة أراضيه.
- – العمل على مشروع تنويري حقيقي مؤسساتي، فالمشروع التنويري هو الوحيد القادر على تخليصنا من الخلافات والمشكلات الدينية بمختلف أنواعها.
- – تأسيس دولة المواطنة بمعناها العميق لا يلغي الانتماء الديني أو القومي أو الطائفي! ولكنه ينهي التفضيل على أساسها، لتحقق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لكل مواطنيها.
أخيـــرًا
أعتقد أنّ مناقشة السبل والأفكار التي تنهي كل مظلومية وتُؤسس لدولة سورية المستقبل، الدولة التي تحترم حقوق الإنسان وتجعلها فوق أي اعتبار، هي مقدمة لإنهاء خطاب المظلومية، ومؤسِسِة لمبدأ إنساني لا مظلومية فيه لفرد أو جماعة ولصناعة غدٍ سوري أرقى، وهذا يستدعي وعيًا نخبويًا ثقافيًا وسياسيًا، وعصفًا ذهنيًا لإبداع حلول استراتيجية، تحقق السلم الأهلي للجميع بلا مظلومية، وتقضي على أي بذرة لمظلومية فرد أو مكون سوري، فهل هذا ممكن؟
[1] ـ البروليتاريا (باللاتينية: Proletarius) هو مصطلح ظهر في القرن التاسع عشر ضمن كتاب بيان الحزب الشيوعي لكارل ماركس وفريدريك أنجلز، يشير فيه إلى الطبقة التي ستتولد بعد تحول اقتصاد العالم من اقتصاد تنافسي إلى اقتصاد احتكاري، ويقصد كارل ماركس بالبروليتاريا الطبقة التي لا تملك أي وسائل إنتاج وتعيش من بيع مجهودها العضلي أو الفكري. (ويكيبيديا).
[2] ـ وَعْدُ بَلفُور أو إعلان بَلفُور بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى، لإعلان دعم تأسيس “وطن قوميّ للشعب اليهوديّ” في فلسطين التي كانت منطقة عثمانية ذات أقليّة يهوديّة (حوالي 3-5% من إجماليّ السكان آنذاك). (ويكيبيديا).
[3] ـ راجع ما كتبه الأستاذ نادر جبلي في بحثه المهم “وثيقة مبادئ فوق دستورية لسورية الجديدة” https://bit.ly/2Tulvyt
[4] ـ نادر جبلي: المصدر السابق.
[5] ـ عملتُ مدرسًا لمادة التربية الدينية وأعرف ما تحتوي هذه المادة في تلك المرحلة من نصوص فقهية بشرية؛ لا تنظر للآخر في الوطن بعين العدل والرحمة والمساواة؛ ولذلك وضعت هذا المقترح في أولى الخطوات التي ينبغي العمل على تحقيقها.