انتقلت احتجاجات الربيع العربي التي انطلقت من تونس في أواخر عام 2010، إلى سورية، ابتداء من 15 آذار/ مارس 2011، وظهرت آثارها السلبية هناك، حيث تحوّلت الأحداث سريعًا إلى حرب أهلية دامية، أدت إلى أزمة سياسية وإنسانية كبيرة في سورية منذ ذلك الحين. وبينما يمسك نظام الأسد نصف أراضي سورية التي تنقسم اليوم إلى أجزاء عدة، يسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب (الذراع السوري لتنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي) على 35%، فيما تخضع مدينة إدلب الواقعة في الشمال الغربي من البلاد لسيطرة قوات المعارضة. وثمة عمليات عسكرية تركية في بعض المناطق التي تمتد بدءًا من الحدود التركية.
أكثر من 60% من سكان سورية اليوم باتوا في وضع لاجئ؛ وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب السوري ظلمًا كبيرًا، بسبب الجمود السياسي منذ عشر سنوات، هناك أكثر 12 مليون إنسان في وضع اللجوء، حيث نزح 6 ملايين منهم داخل البلاد (لجوء داخلي) وترك مثلُهم أماكنهم وديارهم، لاجئين إلى بلدان أخرى. وخرجت موارد البلاد المائية والزراعية، وكذلك النفطية، من يد السوريين إلى حد بعيد. وتسبب هذا الوضع في حدوث صدمة اجتماعية وحالةِ تصدّع مجتمعي كبير، وانقلبت الحياة اليومية للناس وحالتهم الاقتصادية، وكذلك حالتهم الروحية والنفسية، رأسًا على عقب.
ما تزال الحرب المتواصلة في سورية تتسبب في حصاد كثير من الأرواح والخسائر في الممتلكات، وتُلحق أضرارًا عظيمة بالبنية التحتية للبلاد، إضافة إلى أن منع الفاعلين، من القوات الحكومية والجهات المسلحة الأخرى في البلاد، لوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي يتركز فيها اللاجئون، يَزيد تعقيد الظروف المعيشية السيئة أصلًا.
وبالمحصلة؛ تحتوي الحرب المستمرة في سورية على أمثلةٍ لا تعدّ ولا تُحصى من التغاضي والإهمال والانتهاكات للقانون الإنساني الدولي، ولحقوق الإنسان، ولمبدأ حماية المدنيين بأوسع أشكالها.
وبحسب بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، فإن من بقي في الحرب التي أودت بحياة أكثر من 600 ألف شخص، يواجهون أزمة إنسانية كبيرة. وإن من بين الضحايا 96 ألف مدني، والباقون من عناصر الجماعات والفصائل المتقاتلة. وقد سجلت وفاة 29.357 طفلًا و28.394 امرأة في الاشتباكات التي جرت خلال الفترة من عام 2011 حتى آذار/ مارس عام 2020. وثَبت بحسب البيانات وفاة 14.454 شخصًا، بسبب التعذيب الذي مارسته قوات الأسد. وعلى الرغم من إعلان المصادر الرسمية السورية عدد المعتقلين في سورية في السنوات العشر الأخيرة بـ 148.191 شخصًا، فإن المعارضة تؤكد تجاوز عدد المعتقلين والمفقودين في البلاد 500.000 ألف إنسان [1].
أبصر ما يقرب من مليون طفل سوري وُلدوا منذ عام 2011 النورَ، وفتحوا أعينهم على العالم لاجئين. وحُرم ما يقرب من 2.1 مليون طفل في سن المدرسة من فرص التعليم النظامي، في الولايات الثمانية الواقعة في شمال سورية. وتضررت مدرسة واحدة من كل أربع مدارس في سورية أو دُمّرت أو فقدت وظيفتها بسبب استخدامها كمأوى. ووفقًا لبيانات البنك الدولي، فإن ثُلث المنازل ونصف المستشفيات والمؤسسات التعليمية في سورية قد دمّرت أو أصبحت غير صالحة للاستعمال.
يحتاج 11.1 مليون سوري اليوم إلى مساعدات إنسانية، وغالبية هؤلاء الناس لا يتلقون إلا مساعدة محدودة، وهناك 9 مليون سوري لا يحصلون على القدر الكافي من الغذاء. وقد أعلنت الأمم المتحدة أن 2.9 مليون شخص تعرضوا إلى إعاقة دائمة، في سورية التي تعيش أسوأ أزمة إنسانية حدثت بعد الحرب العالمية الثانية [2]. والمتوقع أنه إذا انتهت الحرب في سورية اليوم، فإن البلد سيستغرق 40 عامًا حتى يتعافى ويقف على قدميه اقتصاديًا واجتماعيًا.
في سورية، اليوم، هناك مليون شخص هم بحاجة ماسة إلى الغذاء. واللاجئون الذين يصارعون المشاكل الاقتصادية الحادة هم أقل حماية ضد وباء كورونا (Covid-19). وازدادت احتياجات اللاجئين السوريين الذين دخلوا فترة أكثر صعوبة مع قدوم فصل الشتاء، إلى المساعدات الإنسانية العاجلة، وخاصة في ظل الظروف الراهنة.
الأزمة الإنسانية السورية بالأرقام |
أكثر من 600 ألف إنسان فقد حياته |
ما يقرب من 500 ألف شخص مفقود أو معتقل |
نزوح أكثر من 6 مليون إنسان داخل البلاد |
لجوء أكثر من 6 مليون إنسان إلى بلدان أخرى |
ثلث المنازل دمرت أو تعرضت للتلف والضرر |
عدد السوريين المحتاجين للمساعدات الإنسانية 11.1 مليون إنسان |
عدد الذين لقوا حتفهم في السجون والمعتقلات نحو 100.000 إنسان |
نصف المستشفيات والمدارس في سورية تضررت من الحرب. |
الوضع الإنساني
بات 11.1 مليون شخص في عموم أنحاء البلاد بحاجة إلى مساعدات إنسانية، إضافة إلى عدم تمكن تسعة ملايين شخص من الحصول على الغذاء الكافي، بسبب تطور الأوضاع الناتجة عن الصراع في سورية. فوفقًا لبيانات الأمم المتحدة، تُعدّ البطالة وعدم توفر المأوى الآمن من المشكلات الأساسية الرئيسية للسوريين الذين يعيش غالبيتهم تحت خط الفقر. فالحرب والعقوبات الأميركية ووباء كوفيد -19 والصراعات الأخيرة في إدلب، كلّها أسهمت بدرجة كبيرة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود وغيرها من المنتجات الحيوية في البلاد؛ إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بأكثر من مئة بالمئة، منذ نهاية عام 2019 حتى الآن. وتبين أن كل 6 من بين 10 أشخاص يقبعون تحت فقر مدقع في سورية التي ارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية اليوم 20 ضعفًا، مقارنة بما كانت عليه قبل اندلاع النزاع.
هناك ما يقرب من 2.8 مليون نازح في شمال غرب سورية القريبة من الحدود التركية، هم بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، وقد تعطلت بشدة إمكانية الوصول إلى المرافق والبنية التحتية والخدمات الصحية وإلى مياه الشرب النظيفة الصالحة للشرب والاستعمال. إضافة إلى أن منظومة التزويد والتوريد والخدمات الكهربائية والقدرة على الصيانة والإصلاح قد انهارت في عموم أنحاء البلاد تقريبًا، وتظهر آثار هذا الوضع ونتائجه؛ في حلب والرقة ودير الزور وإدلب وحمص وريف دمشق، على وجه الخصوص [3]. ولا تزال مرافق الرعاية الصحية في البلاد تستهدف، وتزداد صعوبة تقديم خدمات الرعاية الصحية والإمدادات الطبية يومًا بعد يوم، إضافة إلى أن بعض الجماعات والفصائل المسلحة في الرقة- على سبيل المثال- تمنع دخول الإمدادات الطبية إلى المنطقة. وبحسب البيانات الرسمية السورية، قُتل أكثر من 460 من العاملين في مجال الخدمات الصحية، منذ بداية الصراع في سورية.
ومع تأثيرات الحرب التي تشهدها البلاد، توقفت جميع الأنشطة الاقتصادية، وانخفض الإنتاج ونفدت احتياطيات البلاد من العملات الأجنبية كلها تقريبًا، وتضاعف الدين العام إلى أضعاف أضعاف الناتج القومي. حيث انخفض الناتج الإجمالي، بالنظر إلى حسابات الدخل القومي، بنسبة 63%، بحسب بيانات عام 2010. وتُظهر هذه الحسابات أن خسائر البلاد ارتفعت إلى 226 مليار دولار، في السنوات السبع الماضية. وتقول السلطات السورية إن الخسائر في قطاع النفط والغاز بلغت 74 مليار دولار منذ 2011. وهناك بالفعل نقص خطير في الوقود في البلاد، إذ يجد الناس صعوبة في تدفئة منازلهم حتى في مناطق سيطرة النظام [4].
وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، فإن 13 مليونًا، من أصل 17 مليون مدني في سورية، لا يتمكنون من الوصول إلى الاحتياجات الأساسية الضرورية بشكل منظم ودوري، بسبب الحرب، إذ هم مضطرون، إلى جانب الكفاح ضد المخاوف الأمنية التي سببتها الحرب، إلى الكفاح ضد الجوع أيضًا. وقد أشار برنامج الغذاء العالمي (WFP) إلى خطورة “انعدام الأمن الغذائي العام” في سورية، وأعلن أن 6.5 مليون سوري لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية، وبذلك هم يحتاجون إلى مساعدة مستدامة. فوفق التقرير الذي أعده البرنامج، فقد ارتفع الإنفاق الأسري على الغذاء في سورية بنسبة 12% في نيسان/ أبريل، مقارنة بالشهر السابق، وازداد أكثر من 100% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد سجل التقرير المذكور أن عدم التمكن من الحصاد وعدم تزويد الأسواق بالمواد الغذائية، نتيجة الاشتباكات من جهة وجائحة كورونا (كوفيد- 19) من جهة ثانية، كانت من الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار المواد الأساسية [5]. فهذه الزيادة في الأسعار جعلت من المستحيل تقريبًا وصول الناس إلى الحاجيات الضرورية، كالماء والخبز والغذاء. علاوة على أن استهداف المخابز والأفران بالقصف، في بلدٍ يعاني أصلًا من نقص مادة الطحين، سبب نفصًا حادًا في كمية الخبز، سواء في المدن أو في المخيمات [6]. إن قضايا الغذاء والمأوى هي من أهم المشكلات الأساسية في المخيمات؛ إذ لا توجد في ظل الظروف الحالية ضمانات بشأن وصول الوجبة الغذائية التالية أو موعد وصولها إلى المخيمات، حيث يتوفر عادة إمكانية الحصول على وجبتين في اليوم. ويواجه المقيمون في المخيمات صعوبة كبيرة في الحصول على الطعام من الأسواق المحلية، بسبب الفقر المدقع.
اللاجئون والمخيمات
تفككت مئات الآلاف من العائلات في سورية التي شهدت أكبر عملية نزوح قسري، بعد الحرب العالمية الثانية. إذ لجأ ملايين الأشخاص الذين اضطروا إلى مغادرة ديارهم ووطنهم، إلى بلدان أخرى. فانخفض عدد سكان سورية البالغ 22 مليون نسمة عام 2011، إلى 18 مليون نسمة عام 2019. (لا يشتمل هذا الرقم على الـ 6 ملايين سوري من اللاجئين في دول أخرى). فمنذ بداية الأزمة السورية حتى اليوم، نزح 12،270،000 شخص [7]، ووُلد ما يقرب من مليون طفل سوري كلاجئين.
ووفقًا لأرقام الأمم المتحدة، فقد لجأ 6.7 مليون سوري من مناطق الصراع الرئيسية إلى دول الجوار، وفي مقدمتها تركيا التي احتضنت 3.6 مليون منهم، فيما لجأ الباقون إلى دول المنطقة الأخرى، كلبنان والأردن والعراق ومصر، ودول أوروبا وشمال أفريقيا. يقيم 93.7% من اللاجئين السوريين (البالغ عددهم 6.7 مليون شخص) الذين عبروا إلى دول الجوار، خارج مخيمات اللاجئين، حيث يعاني 60% منهم فقرًا مدقعًا.
عدد اللاجئين السوريين بحسب الدول (إحصاءات تشرين الأول/ أكتوبر 2020) | |
الدولة | عدد اللاجئين السوريين |
تركيا | 3.635.410 |
لبنان | 1.200.000 |
الدول الأوروبية | 884.461 |
الأردن | 657.000 |
العراق | 233.224 |
مصر | 120.154 |
دول شمال أفريقيا | 29.275 |
وبحسب الأمم المتحدة أيضًا، فإن أكثر من 60% من عائلات اللاجئين السوريين، لديها فرد معوّق على الأقل. وتشير بعض المصادر إلى أن خُمس (1/5) اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان والأردن معاقون [8]. وهناك ما يقرب من 6.2 مليون نازح داخل سورية، ويشكل الأطفال 2.5 مليون منهم. ومن الجدير بالذكر أن 2 مليون من هؤلاء الناس نزح مرتين أو ثلاث مرات [9]. ويقيم النازحون في الغالب في المخيمات، إما مع معارفهم وإما في أماكن يستأجرونها في حدود إمكاناتهم [10].
وتُعدّ مدينة إدلب، التي علق فيها المعارضون والمدنيون السوريون المساندون لهم، من أكثر الأماكن اضطرابًا من حيث اللاجئين؛ حيث يعيش 1.1 مليون من سكان المدينة، وقد وصل عددهم إلى أكثر من 3 ملايين نسمة، في خيام أو في وحدات سكنية مؤقتة، ويقيم معظم الناس في معسكرات الخيام أو في منازل الطوب (البلوك) التي بنتها المنظمات الإغاثية.
ولكونها ملاذًا آمنًا للنازحين الذين هجرهم النظام السوري، كانت مناطق الحدود مثابة لملايين الأشخاص الذين تدفقوا إليها. ففي البداية، قام أولئك الذين قدموا إلى هذه المناطق بتقييم البدائل “الأفضل”، وذهبوا إلى أحد معارفهم أو أقاربهم أو استقروا في بيوت استأجروها بحسب ما أتاحت لهم إمكاناتهم، بدلًا من الإقامة في المخيمات؛ إذ اعتبر الاستقرار في المخيمات عمومًا على أنه الملاذ الأخير. غير أن طول أمد النزاع قد استنفد بسرعة الخيارات المفضلة، فاضطر كثير من النازحين إلى اللجوء مباشرة إلى المخيمات [11].
وتجدر الإشارة إلى وجود 405 مخيمات ومراكز إيواء مؤقتة، في الشمال الغربي من سورية، بالقرب من الحدود السورية-التركية. وعلى الرغم من عدم دقة الأرقام والإحصاءات، فإن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 575.000 شخص يعيشون في هذه المخيمات البدائية [12]. وقد أدت ظروف المخيمات غير الملائمة إلى ظهور العديد من المشكلات بين اللاجئين. ولأن الأطفال والنساء يشكلون ما نسبته 81%، من عدد المقيمين في هذه المخيمات، غدا الوضع أكثر سوءًا فيها.
يُعدّ مخيم “أطمة” أكبر المخيمات المقامة على الحدود التركية، ويتكون معظم سكان مخيمات المنطقة من النازحين من محافظات إدلب وحماة وحلب، وتتزايد أعداد سكان المخيمات باستمرار. ولأن معظم مخيمات الشمال السوري بنيت من دون تخطيط مناسب، فإن أي تدخل إنساني (حتى في سياق تقديم الخدمات الأساسية) هو أمرٌ صعب للغاية. فالطبيعة غير المنتظمة للمخيمات التي تفتقر إلى التنسيق تنعكس على إدارة المخيمات أيضًا، حيث تحدث بين الحين والآخر مشكلات أمنية خطرة في المخيمات التي تديرها طواقم لا تملك المؤهلات والكفاءات الإدارية اللازمة [13].
ويتسبّب اكتظاظ المخيمات باللاجئين والتركيبة الاجتماعية للأسر التي تعيش في الخيام معًا، وانعدام الخصوصية والبطالة وما إلى ذلك، في خلق العديد من المشكلات الجسدية والنفسية لدى الناس. حيث إن الخيام المستخدمة منذ سنوات في المخيّمات (التي تعاني مشكلات حقيقية في البنية التحتية بسبب إنشائها من غير تخطيط) تعرّضت للتلف والاهتراء، وعلى الرغم من اتخاذ الأمهات تدابير مختلفة، للحفاظ على دفء أطفالهن، فإنهن لم يستطعن الحيلولة دون الوفيات الناجمة عن البرد.
ومن إحدى المشكلات المهمة والجدية في المخيمات، مسألة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية؛ حيث إن مرض الإسهال والأمراض الجلدية والحمى وأمراض الجهاز التنفسي والصدمات النفسية هي أكثر الأمراض شيوعًا، نتيجة نقص الأدوية والمرافق الصحية والكادر الطبي العامل في مجال الرعاية الصحية في هذه المخيمات. وكذلك قضية النظافة، وهي أهم مشكلة يواجهها سكان المخيم على الإطلاق. فغالبية المخيمات تفتقر إلى (الحمامات النظامية) وإلى شبكات الصرف الصحي، فليس ثمة ظروف مناسبة للاستحمام. وبسبب قلة وصعوبة الوصول إلى المياه النظيفة الصالحة في المخيمات، لا تتمكن النساء والأطفال -بسبب المخاوف المتعلقة بالأمن والخصوصية- من استخدام (الحمامات) المتوفرة.
ونظرًا لأن ثلثي (2/3) المخيمات في المنطقة الحدودية تفتقر إلى المدارس، يضطر الأطفال إلى الذهاب إلى المخيمات الأخرى على مسافات بعيدة، لتلقي تعليمهم. غير أن أغلب العائلات -بسبب الأخطار الأمنية- تحجم عن إرسال أولادها إلى مخيمات أخرى، علاوة على أن جودة التعليم في المدارس القائمة، وهي تعمل بنظام الورديات، منخفضة للغاية [14].
في شرقي الفرات، هناك سبعة مخيمات، يسيطر عليها جميعًا حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات الشعب. وبينما لا تتوفر بيانات عن مخيمات عين عيسى ومبروكة، يُقدّر عدد اللاجئين بـ 95 ألف لاجئ تقريبًا موزعين [15] على مخيّمات عدة: منبج الشرقي القديم ومنبج الشرقي الجديد (2.833)، مخيم الطويحينة (1.941)، مخيم محمودلي (6.122)، مخيم أبو خشب (5.466)، مخيم العريشة (5.585) ومخيم الهول (69.015). ويعيش 90% من السوريين المقيمين في هذه المخيمات التي يشرف حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات الشعب، في خيام ومآوٍ عشوائية غير منتظمة بُنيت على عجل، وهم بحاجة دائمة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، ويسهم الافتقار إلى النظافة والصرف الصحي في انتشار الأمراض المختلفة، ويعدّ عدم كفاية الحمامات، وانعدام الأمن الغذائي، من المشكلات الرئيسية في هذه المخيمات.
البنية التحتية
على الرغم من عدم إمكان تحديد نسبة الدمار الذي حدث في البلاد بشكل تام منذ عام 2011، بسبب تواصل المعارك في سورية، فإن الأرقام الحالية كافية لإظهار خطورة الوضع وسوئه. وقد أعدّ البنك الدولي عام 2017 تقريرًا شاملًا، حاول فيه تحديد التكاليف التي أنتجتها الحرب الدائرة في سورية، وبحسب التقرير، فقد تضررت البنية التحتية للبلاد بشكل خطير، وخاصة في حلب وحمص اللتين تركزت فيهما المعارك والاشتباكات؛ حيث تم تدمير 8% من إجمالي المساكن في البلاد تدميرًا كاملًا، فيما تعرضت 23% منها لدمار جزئي وأضرار. وإضافة إلى الإسكان، تلقت البنية التحتية لقطاعي الصحة والتعليم طعنةً كبيرة نتيجة هذه الحرب أيضًا، ففي الوقت الذي دمّر فيه 16% من المرافق الصحية، لحقت أضرار بالغة بـ 50% منها. وبالمقابل، لحق الدمار التام بـ 10% من المؤسسات التعليمية، وتعرضت 53% منها لأضرار. كما تعرضت منشآت إنتاج المياه ومعالجتها لأضرار أيضًا؛ حيث دمّر ثُلثا (2/3) منشآت معالجة المياه، ونصف (1/2) محطات الضخ، وثلث (1/3) أبراج المياه وخزاناتها، وربع (1/4) محطات التحلية، وسُدس (1/6) آبار المياه قد دمّرت، إما كليًا أو جزئيًا. وقد قدرت الأمم المتحدة تكلفة المنازل التي سُوّيت بالأرض، منذ بداية الحرب التي تشهدها البلاد، بحوالي 400 مليار دولار [16].
وجّه انهيارُ البنية التحتية ودمارها ضربةً قويةً لفرص وإمكانات الوصول إلى خيارات العلاج للمرضى والجرحى، وقد كانت محدودة من قبلُ. وما زالت الهجمات على المستشفيات والمؤسسات الصحية وعلى العاملين في مجال الرعاية الصحية، وخاصة الأطباء ووسائط النقل الصحية، وحتى المرضى والمصابين، تتواصل بشكل منهجي في البلاد، حيث تلقت المنظومة الصحية في سورية طعنة كبيرة، بسبب هذه الهجمات. حتى العمليات الجراحية الحيوية صارت تُجرى بدون تخدير، وتتم عمليات التوليد دون أي مساعدة طبية.
ومع تفشي جائحة كورونا (كوفيد- 19) دخل ملايين النازحين السوريين في مرحلة أكثر صعوبة، حيث بات الناس غير قادرين على العثور حتى على أشغال يومية، فالآثار الاقتصادية للوباء جعلت الوصول إلى المواد الأساسية، مثل الغذاء والدواء والمياه النظيفة.. وما إلى ذلك، أكثر صعوبة. الآلاف من الأشخاص الذين يحاولون بالكاد العيش معًا في مخيمات اللاجئين أو في بيئات مزدحمة، باتوا معرّضين لخطر كبير بسبب الوباء [17]. فالنقص الشديد في المياه، بسبب عدم كفاية البنية التحتية للمنطقة، لا يتيح إمكانية القيام بالنظافة المطلوبة، وهي تعدّ أكثر الوسائل نجاعة في مكافحة الفيروس. وإضافة إلى ذلك، فإن عدم توفر أطقم اختبار (كوفيد- 19) للكشف عن الأشخاص المصابين يمثل مشكلة خطيرة في الحد من انتشار المرض.
الاحتياجات
يجب إعداد خطة عمل طارئة لتلبية احتياجات للاجئين من المأوى، وخاصة في أشهر الشتاء. وعلى الرغم من أن مشروع مساكن الطوب (البلوك) الذي تم تنفيذه قد أسهم إسهامًا كبيرًا في حلّ المشكلة، ما يزال هناك آلاف اللاجئين الذين يعيشون في مخيمات الخيام. كما يجب بناء مراكز صحية مجهزة تجهيزًا جيدًا لمعالجة الجرحى والمرضى. ومن الأهمية بمكان أيضًا إنشاء مساحات اجتماعية مشتركة، من أجل تطبيع حياة الأشخاص الذين يعيشون جنبًا إلى جنب في المخيمات، حيثُ إن بناء الجوامع والمساجد والمراكز الثقافية سيكون مفيدًا جدًا لتحقيق هذا الغرض. وإضافة إلى ذلك يشير الوضع الميداني إلى الحاجة الماسة لما هو مبيّن أدناه:
- – المواد الغذائية بأنواعها، كحاجة من الاحتياجات الأساسية، وأولها مادة الدقيق (الطحين).
- – المواد المنظفة والمعقمة.
- – المواقد والمدافئ وعناصر التدفئة الأخرى المناسبة لظروف المنطقة.
- – الملابس والمستلزمات الشتوية والأحذية للأطفال والكبار.
- – معدات النوم (مثل البطانيات واللحف والوسائد ومفارش الإسفنج).
- – أدوات ومعدات المطبخ.
- – المفروشات بأنواعها.
- – مستلزمات شتوية.
- – حليب وأغذية أطفال (وحفاضات أطفال ومرضى).
المصادر
[7] https://cccmcluster.org/operations/syria
[9] https://www.unhcr.org/sy/internally-displaced-people
اسم المادة الأصلي | Suriye’de İnsani Durum |
الكاتب | Riad Domazeti |
المصدر وتاريخ النشر | مركز البحوث الإنسانية والاجتماعية (insamer) 07.12.2020 |
رابط المادة | https://bit.ly/380bixh |
عدد الكلمات | 2560- 2994 |
المترجم | قسم الترجمة- علي كمخ |