أطلق المجلس الإسلامي السوري وثيقة «المبادئ الخمسة للثورة السورية» في مؤتمر صحفي حضره شخصيات سياسية وعسكرية ودينية، في مدينة اسطنبول التركية، الجمعة 18 أيلول.
وتلا الدكتور حسان الصفدي، عضو الأمانة العامة للمجلس الإسلامي، بيان الوثيقة وبنودها الموقع عليها من «هيئات شرعية وقضائية وفصائل ثورية وكيانات سياسية ومنظمات وروابط المجتمع المدني والمجالس المحلية والشخصيات والرموز الوطنية».
ما هي المبادئ؟
بيان الوثيقة تضمن خمسة مبادئ أساسية للثورة السورية، رعاها المجلس الإسلامي «لتحقيق توافق بين الكيانات والفصائل الثورية على مجموعة مبادئ وثوابت وطنية، ولقطع الطريق على المحاولات التي تبذل حاليًا لإجهاض الثورة السورية وإعادة تأهيل نظام الأسد».
والمبادئ هي: إسقاط بشار الأسد وكافة أركان نظامه، وتقديمهم للمحاكمة العادلة، وتفكيك أجهزة القمع الاستخباراتية والعسكرية، وبناء أجهزة أمنية وعسكرية على أسس وطنية نزيهة، مع المحافظة على مؤسسات الدولة الأخرى، وخروج كافة القوى الأجنبية والطائفية والإرهابية من سـوريا، ممثلة بالحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، وميليشيا أبي الفضل العباس، وتنظيم الدولة، والحفاظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا واستقلالها وسيادتها وهوية شعبها، ورفض المحاصصة السياسية والطائفية.
«تأهيل الأسد وإخفاق لمجلس الأمن»
واعتبر البيان أن «أي نهج يتبع في مفاوضات الحل السياسي لا يأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب السوري، هو محاولة للالتفاف على أهداف السوريين، ويعتبر نتيجة لذلك عملًا عبثيًا».
وأضاف «أي جهد في معالجة القضايا المهمة كإعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والسلم الأهليين وإقامة النظام الدستوري، لا ينطلق من ثوابت شعبنا الكبرى لن يكتب له القبول عند السوريين؛ لأنه يقزم قضيتهم ويبحث في الأعراض، تاركًا معالجة أصل المشكلة».
الصفدي، رأى أن «تأجيل البتِّ في القضية الأساسية وهي رحيل الأسد وميليشياته، وبناء الدولة السورية الوطنية الواحدة المستقلة، مع عدم تقديم أي ضمانات جدية في هذا الإطار، لن يزيد المشكلة إلا تعقيدًا والجراح إلا عمقًا».
ولفت إلى أن مجلس الأمن الدولي «أخفق في الدفاع عن الشعب السوري والمساهمة في تحقيق أهدافه النبيلة والحيلولة دون المجازر التي ترتكب في حقه»، تزامنًا مع «محاولات لإعادة تأهيل النظام والسعي الحثيث لجعله جزءًا من حاضر سوريا ومستقبلها».
وختم قائلًا «إن القوى الوطنية الموقعة على هذه الوثيقة، لتؤكد تمسُّكها بثوابت الشعب السوري في ثورته المجيدة، وتعد أي تجاوز لهذه المبادئ تفريطًا بحقوق السوريين، واستهانة بدمائهم وتضحياتهم، وعملًا لن يكتب له النجاح، لأنه يفرض ويفترض أسسًا مرفوضة قانونيًا وسياسيًا وأخلاقيًا».
توضيحات في المؤتمر الصحفي
ردًا على سؤال لعنب بلدي حول الآليات والقنوات لإدراج هذه المبادئ خلال المفاوضات الرسمية التي يجريها الائتلاف مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، اعتبر الصفدي أن آليات التفاوض هي «عمل سياسي بامتياز والمجلس الإسلامي لا يدخل في هذه التفاصيل لأنها ليست جزءًا من مهمته ولا يملك الأدوات الصحيحة لها، وهو مهمة السياسيين».
ورأى عضو الأمانة العامة للمجلس أن الوثيقة «ستشكل ورقة قوة للمفاوض السوري لأنه أصبح يفاوض ولديه مرتكزات وثوابت لا يمكن الخروج عنها، أما الآليات فهي متروكة للمفاوضين السياسيين ليقوموا بما يستطيعون من جهد وتحقيق إنجازات للشعب السوري على ألا تتجاوز هذه الثوابت».
ولفت إلى أن «السوريين عندما تتوحد كلمتهم، هم أصحاب الأرض وأصحاب القضية، والآخرون عليهم أن يمضوا ضمن هذا الركب، وعندما لا يمضوا في الركب فمعنى ذلك أنهم أصبحوا لا يسيرون في تحقيق أهداف السوريين، وسوف يرفضهم المجتمع السوري قبل أن يرفضهم غيره»، وأضاف «أما من يمد يده بالعون للسوريين بإخلاص وصدق وضمن الأجندة التي يضعها السوريون فهم الأخوة والأحباب والنصير الذين نحترمهم ونقدرهم ونثمن عاليًا تضحياتهم».
واعتبر الصفدي أن الوثيقة جاءت تلبية لاحتياجات حقيقية موجودة لدى السوريين، في سياق حملة «نرى من خلالها محاولة إعادة تأهيل النظام أو استنساخه بنسخة مطابقة للأصل القبيح».
وأردف «أعتقد أن السوريين معنيون اليوم بالثبات على هذه المبادئ التي تعاهدوا عليها وبثها ونشرها واعتمادها ثقافة أيقونية للثورة السورية، ثم البناء على هذه المبادئ والثوابت مشروعًا سياسيًا واقعيًا له متطلباته الظرفية والمكانية والزمانية، بمعنى أنه ومع الثبات على المبادئ، يجب أن يقترن هذا بحراك حقيقي لدى السياسيين والثوار في سوريا لبناء مشروع سياسي واقعي مبني على هذه الثوابت».
المعارض السوري، رياض سيف، اعتبر أن المبادئ الخمسة هي «مسلمات لنا كشعب»، لكنه استطرد قائلًا «يجب أن نفكر بجدية ونطرح ما يبدد مخاوف كل مكونات الشعب السوري»، آملًا أن يكون هناك حوار حول هذا الموضوع وإضافة مبادئ جديدة نكمل بها المبادئ الخمسة.
وأجاب عضو الأمانة العامة «كان هناك سباق ماراثوني لإخراج الوثيقة ضمن التفاهمات والتوافقات التي يمكن أن يتفق عليها ألوان الطيف السوري، هذه المبادئ الخمسة هي ما تم التوافق عليه من مجموعة واسعة جدًا من كل ألوان الطيف السوري، وهو إنجاز للثورة السورية».
وأضاف «المرحلة المقبلة هي بناء على هذه المبادئ لإضافة أشياء يمكن التوصل إلى تفاهمات حولها، ربما لن نستطيع أن نصل إلى مرحلة الإجماع الوطني، لكن ممكن أن نصل إلى التوافق العام الوطني».
من جهته، رأى أحمد غسان تيناوي، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض، أن هناك من يرى رعاية المجلس الإسلامي للمبادئ الخمسة، هي «رعاية أبوية»، وهناك من يراها ابتعادًا عن دوره كمرجعية شرعية حاضنة للثورة السورية.
وأوضح الصفدي أن المجلس الإسلامي السوري هو كيان يضم المؤسسات العلمية والدعوية والشرعية ويمتد عبر الجغرافية السورية وعبر كل ألوان الطيف الشرعي الدعوي، ودوره في الوثيقة هو «الحث والحض والرعاية، وإيجاد أرضية من أجل أن يجلس الفرقاء جميعًا ليتوافقوا ويتفاهموا على كلمة سواء».
ونفى أن يكون هذا الدور سياسيًا للمجلس «هذا دور وطني أخلاقي قيمي، وهو يدخل في لب وصلب دور المجلس الإسلامي السوري في أنه مرجعية قيمية من أجل الحفاظ على سوريا والسوريين».
الموقعون على وثيقة المبادئ
وقع على وثيقة المبادئ 19 فصيلًا عسكريًا معارضًا، أبرزهم: جيش الإسلام، الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، فيلق الشام، الجبهة الشامية، حركة نور الدين زنكي، فيلق الرحمن، فرقة حمص، فرقة عامودا حوران، إضافة إلى 27 هيئة ورابطة شرعية ودينية تعمل في الداخل السوري، منها الهيئات الشرعية في حلب والرقة ودمشق والغوطة الشرقية، ودار العدل في حوران.
الكيانات السياسية كانت حاضرة في التوقيع على وثيقة المبادئ، وأبرزها المجلس الوطني السوري، جماعة الإخوان المسلمون في سوريا، حزب النهضة التركماني، الكتلة الوطنية التركمانية السورية، حزب وعد.
كما وقع على وثيقة المبادئ الخمسة، 50 شخصية «وطنية»، منهم جورج صبرا، ميشيل كيلو، زهير سالم، محمد فاروق طيفور، هيثم المالح، رياض حجاب، رضوان زيادة، خالد خوجة، وليد البني، سهير الأتاسي، الشيخ أحمد الصياصنة، هادي البحرة، العقيد عبد الجبار العكيدي، وآخرون.
حضر المؤتمر عدد من الشخصيات المعارضة، من بينهم رئيس المجلس الإسلامي السوري الشيخ أسامة الرفاعي، والأمين العام السابق للائتلاف المعارض وعضو هيئته السياسية الدكتور نصر الحريري، والمعارض السوري الأستاذ رياض سيف، وآخرون.
أين حركة أحرار الشام من الوثيقة؟
تم التواصل مع حركة أحرار الشام الإسلامية، لكن عندهم بعض الأفكار أحبوا أن يدرجوها ضمن المبادئ الخمسة أو يجروا شيئًا من التعديل فيها، ونحن نتقبل ذلك، ولكن نحن مضطرون أن نصدرها قبل اجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة.
ليس فقط حركة أحرار الشام الإسلامية، هناك الكثير من الأخوة موافقون على هذه المبادئ، لكن تحتاج إلى شيء من التوافق ليتم توقيع الجميع، ولا يخرج عنها أي إنسان شريف في المعارضة السورية، أي نوع من المعارضة، ولم نستكمل المشوار بعد.
أعضاء من الائتلاف وقعوا بصفتهم الشخصية
لدينا اليوم لغط معين، فهناك من يبادر ويطرح نظريات تبقي بشار الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر في سوريا، بحجة أن الشعب تعب ومل وتهجر، وبتصوره أنه إذا ذهبنا إلى بشار الأسد سينتقل الحال إلى أفضل، على العكس سنذهب إلى مزيد من القتل والدماء لأن بشار الأسد سينتقم من الجميع، وهذا النظام بعد كل الجرائم لا يمكن القبول به بأي حال من الأحوال.
من جانب آخر، هناك من يدعو إلى استمرار الثورة والمعركة حتى يتم التخلص من النظام، مهما كانت التضحيات، وليس منطقيًا عندما ينهار النظام ويصل إلى المرحلة السيئة الحالية أن ننسحب.
التنسيق الذي قام به المجلس الوطني مشكورًا، لِلَم وجمع المنظمات والتيارات والشخصيات الوطنية على الثوابت، هي رسالة إلى السياسيين ليعملوا.
أعتقد أنه لو كان هناك وقت أكبر وتنسيق أكثر وأفسحنا المجال للهيئة العامة أن تدرس وثيقة المبادئ التي لا يختلف عليها اثنان في الثورة السورية، لكان تبنى هذا القرار وخرجنا في وجود رسمي وكامل، لكن البيان أتى قبل اجتماع الهيئة العامة فبالتالي لا يستطيع أحد أخذ هذا القرار بالرغم أنه مسلّم فيه.
هناك شخصيات من الائتلاف موجودة في التوقيع، ولو أتيحت الوثيقة لبقية الزملاء لوقّع قسم كبير منهم، لأننا متفقون حقيقة ولا يمكن أن يختلف أحد على هذه المبادئ.
دور المجلس الإسلامي السوري في سوريا
ربما لا يعرف الكثير من الناس ما هو المجلس الإسلامي السوري، وحقيقته ودوره ولماذا أنشئ، فلذلك لن يعطى الحكم الصحيح، وستجد من يقول عنه إنه ضعيف ومترهل والآن يحاول أن يظهر.
المجلس أنشئ ابتداء ليكون مظلة للعمل الشرعي في سوريا، من خلال مكونات موجودة على الأرض، وتأسس من 40 هيئة ورابطة شرعية، بعضها يضم المئات من حملة العلم الشرعي.
هذه المكونات موجودة على الساحة السورية، وتنشط في المجال الدعوي والعمل الإسلامي والتربية والإعداد والتوجيه والنصح والفتوى، وبعضها هيئات شرعية لمكونات ثورية موجودة على الساحة.
فجاء المجلس ليتوج ويشكل مظلة لمعظم هذه الهيئات والروابط، فعمليًا المجلس موجود من اليوم الأول بمكوناته التي تغطي مساحة كبيرة من سوريا.
أما الدور في قضية وثيقة المبادئ، فربما لاحظ المجلس غياب أو ضعف واجهات سياسية أخرى أو تقصيرها، ولاحظ أيضًا حجم المؤامرة على الثورة والشعب السوري، فكان لابد أن يضطلع المجلس بدوره لتوجيه وترشيد وتجميع الكلمة حول ما حددنا أن يلتقي عليه السوريون، ولعل هذه الوثيقة وإصرار مكونات الشعب السوري عليها يقطع الطريق على مؤامرات ومحاولات إجهاض هذه الثورة.