بين الخطيب والساروت ثورة شعب

نوفمبر 17, 2022

محمد نور حمدان

مقالات

بدأت الحكاية من أطفال درعا عندما كتبوا على الجدران مطالبين بإسقاط النظام ثم اشتعلت هذه الثورة عندما تسربت صور لذلك الطفل حمزة الخطيب الذي استشهد على يد جلاديه من النظام وآثار التعذيب الوحشي على كل جزء من أجزاء جسده فأصبح أيقونة للثورة التي امتدت روحها في نفوس الشباب الفطريين الذين اندفعوا رافضين للظلم والاستبداد دون أدلجة أو تحزب في معظم المدن السورية كان جسد حمزة الخطيب ملهما لكثير من الشباب للتحرك ضد الظلم والاستبداد الذي قام به النظام المجرم ولأن النظام لا يعرف إلا لغة الحديد والنار والبطش والاعتقال والتعذيب ولغ أكثر وأكثر في دماء الشباب الطاهرة البريئة التي خرجت سلمية ظناً منه أنه قادر على إخمادها بهذه اللغة ولم يدرك هذا النظام أن العنف لا يولد إلا العنف وأن الفعل لا بد فيه من ردات الفعل ثم تتابعت قوافل الشهداء لشباب وهم في مقتبل العمل يخرجون في المظاهرات السلمية مطالبين بالحرية وبدلا من أن يعودوا إلى منازلهم كانت تختطفهم طلقة قناص أو يد مجرمة أثيمة والأسماء أكثر من أن تعد وتحصى في كل مدينة سورية بل في كل في منطقة سورية تروي لنا حكاية شاب اعتقل أو استشهد أو حرة اغتصبت في المعتقلات وكان ذنبه الوحيد أنه نادى بإسقاط النظام ونادى بالحرية والكرامة .

هذه هي البداية ثم تسلحت الثورة للدفاع عن الأرض والأهل والعرض وبعد أن تحررت معظم أجزاء سورية قام النظام بلعبته الخبيثة واعتقد النظام أنه بتسليح الثورة سيصرف أنظار العالم عنها وسيبعد تعاطفهم معها وصور أن القضية في سوريا هي قضية حرب أهلية بين نظام وعصابات مسلحة خرجت عن الشرعية وقد استطاع النظام خلال السنوات الماضية صرف أنظار العالم عن قضية الشعب الثائر وحاول النظام أن يعيد شرعيته أمام المجتمع الدولي من خلال الترويج بأنه يحارب مجموعات إرهابية في سورية ثم عمل على تدويل القضية من خلال إبعاد الشعب السوري عن التفكير بالقضية وأن الموضوع أصبح دوليا ولا علاقة للشعب به فالشعب أصبح بين مهجر لاجئ يبحث عن حياة آمنة وخائف يترقب الموت في كل لحظة ويتمنى أن تعود سوريا كما كانت قبل عام 2011.

وبينما النظام ينفذ هذه اللعبة الخبيثة على حساب الشعب السوري المسكين الذي أصبح شعبا منقسما متفرقا ضائعا في بلاد اللجوء والمهجر والخيام جاء استشهاد الساروت.

إن استشهاد الساروت أعاد بنا الذاكرة إلى تلك الأيام التي كانت تخرج فيه الجموع من الشباب تحت علم الثورة السورية هتافها واحد هدفها واحد وهو إسقاط النظام.

الساروت ذلك الشاب الذي رفض قمع النظام وظلمه وإجرامه وخرج مع الجموع الثائرة ليقودها بأغانيه وصوته العذب الذي دخلت بيت كل سوري.

جاء استشهاد الساروت ليذكر المجتمع الدولي أن ثورتنا ثورة خرجت ضد ظالم متجبر خرب البلاد وقتل العباد وليست حربا أهلية كما يصورها النظام.

جاء استشهاد الساروت ليذكر الشباب السوري والأجيال التي نشأت في ظل الثورة ولم تدرك بداياتها ماذا تعني الثورة ولماذا خرجت الشباب عام 2011 وواجهت الرصاص الحي بالهتافات السلمية.

إن أي ثورة في العالم لا تعيش بالشعارات والدعاوى الرنانة وإنما الثورة تحتاج تضحيات جسام وتتطلب بذل الدماء حتى تنتصر وهذه هي الثورة السورية بعد طول الطريق والسنوات التي مرت والتآمر الدولي على هذا الشعب المسكين تعود إلى الواجهة من جديد لتذكر العالم في الرسالة السامية والقيم التي قامت لأجلها الثورة ولتعلن أنها لن تموت حتى تحقق أهدافها في زوال النظام المجرم وأجهزته القمعية ومؤسساته الأمنية، وحتى تعيش الثورة وتستمر فهي بحاجة لأيقونات وقدوات صادقة تكون رمزا للأجيال القادمة وملهمة لها بالتحرك تلك الأجيال التي عاشت في بلاد الاغتراب والمخيمات وولدت في ظل الثورة والخراب الذي نشره النظام المجرم في جميع أجزاء سوريا.

إن الساروت يمثل كل شاب سوري أراد أن يعيش بكرامة وأراد أن يحيا في دولة عادلة بعيدة عن الظلم والطغيان فقدم روحه ودمه رخيصة من أجل بناء دولة العدل والحرية والكرامة كالكثير من الشباب الذين قدموا أرواحهم في بدايات الثورة وما زالوا يقدمونها في معركة الحرية والعدالة والكرامة.

ستبقى ذكرى الساروت خالدة في وجدان وضمير كل شاب سوري عاش من أجل بناء دولة العدل والحرية والقضاء على نظام الطغيان والظلم والفساد، إن قصة الساروت هي قصة كل شاب سوري عاش من أجل أمته واستشهد من أجل أهله وبلده ففي كل بيت سوري عندنا قصة شبيهة بقصة الساروت والخطيب، من خلال الساروت والشباب الذين استشهدوا قي الثورة سنعلم الشباب والأجيال القادمة ماذا تعني الثورة وماذا تعني التضحية وماذا تعني الشهادة في سبيل الله.

المصـــدر

المزيد
من المقالات