تعد تجربة تلفزيون “حلب اليوم” من التجارب الفريدة على الساحة الإعلامية السورية، فالتلفزيون الذي انطلق من داخل مدينة حلب قبيل اندلاع الثورة بفترة وجيزة، بطريقة “ناعمة” ذات توجه تجاري “لا شأن له بالسياسة”، سرعان ما استقطب إعلانات، وبدأ يتحول إلى مشروع استثماري.
لكنه مع الثورة عمل على تغطية المظاهرات، فلوحق أمنيًا، ما اضطر كوادره للانتقال إلى تركيا وتعيين مراسلين في الداخل. ومنذ عام ونصف تقريبًا اتخذت إدارة المحطة قرارًا بتغطية سوريا بالكامل، وأصبح للمحطة مراسلون في كل أنحاء البلاد وفي مناطق النظام أيضًا.
حاولت المحطة الاعتماد على البرامج المحلية، مثل برنامج “هنا حمص” المحلي الأسبوعي، وبرنامج “نوافذ دمشقية” المحلي أيضًا، وتناولت الشأن السياسي عبر البرامج ونشرات الأخبار.
يقول المهندس خليل أحمد، مدير التلفزيون، “منذ البداية، لم تكن القناة حيادية أو موضوعية، العاملون في القناة مع الثورة ضد النظام السوري، وبرغم ذلك، من اللحظة الأولى كانت ناقدة لأخطاء من يسيء في الثورة، كالنقد الموجه لكتائب عسكرية خالفت وارتكبت أخطاءً، وهذا خلق لنا أعداءً كثر، وكان عاملًا سلبيًا”.
يرفض أحمد، وبالرغم من الموقف المعلن للتلفزيون والعاملين فيه، أن تكون المحطة “تشبيحية” أو “بروباغندا” للثورة.
أضاف تلفزيون “حلب اليوم” بصمة جديدة للإعلام السوري الجديد، كما يقول مديره، لكن لا يوجد رضا كامل عما قدم “كنا إعلامًا مجتمعيًا يتناول هموم الناس، لكن لم ننجح بهذا الجانب، ومنذ تأسيس القناة عملنا على الجانب الإخباري، وقدمنا أخبارًا وجوانب مجتمعية لكن لم نكن مقتنعين بها، إننا تحتاج إلى تطوير أكثر”.
يرى أحمد أن “سقف الحرية” الذي ارتفع خلال الثورة السورية ساعد كثيرًا في تطوير عمل المؤسسة، ورغم سوء الوضع الإعلامي إلا أنه أفضل من السابق، يقول “أنت تعمل دون ضابط أو رقيب أو وزارة إعلام، وتتلقى تهديدات، لكن بالنهاية لست كما كنت في الفترة الماضية تُمنع من الكلام نهائيًا”.
كبقية الصحفيين السوريين المهددين في الداخل والخارج، يخيم الخوف على مجريات حياتهم اليومية، فهناك من ينبذهم ويحاول الانتقام منهم، وبالنسبة لتلفزيون “حلب اليوم” يعد الخوف والعمل في ظروف التهديد من أبرز العقبات التي تواجه كادر المحطة، وخاصة أنها فقدت أحد أهم كوادرها، الصحفي زاهر الشرقاط، الذي تبنى تنظيم “الدولة” اغتياله في مدينة غازي عنتاب التركية، في نيسان الماضي.
المحطة تموّل من قبل بعض المغتربين السوريين، الذين إذا أوقفوا الدعم فجأة فسيكون الإغلاق مصير التلفزيون، كما يقول أحمد، إذ إن التمويل من الموارد المحلية غير متاح، بسبب ارتفاع تكاليف العمل التلفزيوني.
وكحال بقية وسائل الإعلام السورية الجديدة، يعدّ نقص الكوادر من أكثر العوائق التي تحد من تطور المحطة، فالبحث عن محرر أخبار، أو تقني صوت لسد شاغر في القناة قد يستغرق شهورًا، يقول أحمد “هناك صعوبة بتأمين الكوادر الإعلامية، لأن عددًا كبيرًا من المهنيين والصحفيين، هاجروا أو غيّروا مهنتهم، ومنهم من رفض العمل في هذه المؤسسات الجديدة كونها ضد النظام”.
تخطط حلب اليوم للانتقال إلى البث المباشر في خطة مستقبلية واستراتيجية، وهذا يقتضي تطوير كل شيء، المعدات والمراسلين، وهذه أهم خطة، وعلى التوازي مع ذلك تحاول تغطية سوريا بالكامل. مدير المحطة، خليل أحمد.