يظن البعض أن السوريين قاموا بثورتهم “بالخطأ” وأنهم لو كانوا يعلمون النتائج لكانوا اكتفوا “باﻹصلاحات” التجميلية التي قام بها الرئيس الوريث ولحمدوا الله على متلازمة “اﻷمن واللقمة فقط”.
هل تفجرت الثورة ﻷن النظام “سفاح”؟
لا شك أن عسف النظام كان عاملًا مهمًا في تفجير الوضع السوري لكنه على بشاعته لم يكن كافيًا، فجزار “رابعة” ذبح في يوم واحد مئات المصريين دون أن يطلق ثورة عارمة ضد زمرته.
الطبيعة الطائفية للنظام أيضًا لا تكفي، ففي لبنان يقوم “حالش” بقمع السنة بشراسة دون أن ينفجر البركان السني في وجهه.
كذلك اﻷمر فيما يخص الفقر وانسداد اﻷفق أمام الشباب السوري، فهذا الوضع تتشارك فيه كل دول العرب بما فيها دول نفطية غنية تشتري السلم اﻷهلي عبر معونات و”ضمادات” هدفها تأخير الانفجار وتخفيف الاحتقان لا أكثر.
تختلف الثورة السورية عن باقي ثورات الربيع العربي فيما يخص طبيعة النظام اﻷسدي وتموضعه الدولي وتفكك المجتمع السوري مع غياب الحس الوطني والمسؤولية الجمعية لدى السوريين.
نظام اﻷسد ليس نظامًا سياسيًا، بل عصابة تمتلك تفويضًا مطلقًا من ٳسرائيل وأمريكا وروسيا وتتلقى دعمًا ٳيرانيًا مفتوحًا. بنية النظام اﻹجرامية تمنح عصابة اﻷسد سلطة مطلقة على أتباعها فلا يبقى أمام من تورط مع العصابة سوى الهروب ٳلى اﻷمام، كذلك التزامات النظام تجاه داعميه وسادته لا تترك له مجالًا للمناورة بما لا يسمح بحل سياسي.
بهذا المنطق يتشابه الوضع السوري مع ليبيا القذافي. لماذأ لماذا ٳذًا لم يحصل تدخل خارجي ليخلص السوريين كما حصل في ليبيا؟
في ليبيا هناك حسابات دولية مختلفة عن سوريا فيما يتعلق بالتوازنات الدولية واﻹقليمية وخاصة بالدور اﻹسرائيلي الحاسم.
ثم، من قال إن الغرب لم يتدخل في سوريا؟
اﻷمريكيون لم يكفوا للحظة عن التدخل في سوريا، تدخلوا في البداية لزعزعة نظام اﻷسد، ثم لمنعه من السقوط عبر أعوانهم وشركائهم في “طهران” و”موسكو” و”تل أبيب”.
الثورة السورية فتحت “نافذة فرص” لكل اللاعبين اﻹقليميين والدوليين وأولهم “اوباما” الذي يدير اﻷزمة، يوقدها ويخفف نارها بحسب مصالحه ومزاجه ومزاج “نتنياهو”… وللحديث صلة.