سورية: لماذا ضُحّي بجيل من الأطفال؟

ديسمبر 21, 2022

مقالات

القصة: وُلد خلال الحرب في سورية ما يقرب من 6 ملايين طفل، بحسب إحصاءات (يونيسيف). هذا الجيل، الذي لم يعرف شيئًا سوى التفجيرات والعنف والخطر، سيكون مضطرًا يومًا ما إلى بناء مستقبل هذا البلد.

وُلد قرابة 6 ملايين سوري، في إبان الحرب التي اجتاحت سورية منذ عشر سنوات، وذلك بحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) في كانون الثاني/ يناير. هذا الجيل، الذي فتح عينيه في أولى مراحل حياته على مشاهد الدمار، ولم يذق طعمًا للحياة إلا وكان ممزوجًا بمشاهد القصف والعنف والخطر، سيبني سورية المستقبل يومًا ما.

تم توثيق جميع البيانات المتعلقة بانتهاكات حقوق الأطفال المستخدمة في هذه المقالة، بحسب تقارير الأمم المتحدة. وهي لا تمثل سوى جزء بسيط من الجرائم المرتكبة ضدهم.

في سورية المنكوبة، يقف الأطفال على الخطوط الأمامية

يُعتبر الأطفال أكثر فئات النازحين ضعفًا. إن عدم الاستقرار المرتبط بالنزوح المتكرر، وفقدان أحد الوالدين أو كليهما، والفقر المدقع في بيئة اقتصادية متدهورة بشكل عام، عوامل تدفع الأطفال إلى البحث عن عملٍ -غالبًا ما يكون شاقًا، ودائمًا بأجور زهيدة- لضمان بقائهم أو مساعدة عائلاتهم. في حين أن سورية قبل الحرب كانت تتمتع بأعلى معدل تعليمي بين الدول العربية، فإن مئات الآلاف من الأطفال السوريين باتوا اليوم أمّيين.

استحالة استئناف العملية التعليمية

تعتبر حالة النازحين، في المخيمات الواقعة تحت سيطرة الإدارة الكردية في شمال شرق سورية، أكثر تعقيدًا. حيث يبلغ عدد سكان مخيم الهول ما يقرب من 65 ألف نسمة، 94% منهم من النساء والأطفال، وأكثر من نصفهم من الأطفال دون سن الثانية عشرة. ومن المجموع الكلي هناك 48% عراقيون، و 37% سوريون، و 15% من 57 جنسية أخرى.

يأتي معظم الأطفال السوريين من مناطق كان تنظيم الدولة الإسلامية (IS) – يسيطر عليها في السابق، وينحدرون من الرقة وبلدات أخرى على طول نهر الفرات. وشَهِد كثير منهم حالات إعدامات وقطع رؤوس؛ وتم إجبار القاصرات على الزواج؛ وجُند الفتيان في صفوف التنظيم. وكان مركز (هوري) في مدينة الحسكة نقطة تجمع لمعظم “أشبال الخلافة” هؤلاء.

العنف ضد الأطفال

تابع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الوضع في ست عشرة دولة عام 2019، للتحقيق في “مصير الأطفال أثناء فترة النزاع المسلح”. احتلت سورية في هذا التقرير المرتبة الثانية في مجال تجنيد الأطفال. بينما كان سجل الصومال أسوأ من حيث عدد الأطفال المجندين.

منذ أن فقد تنظيم داعش آخر معاقله في سورية، تم استخدام أكثر من ثلث الأطفال في القتال من قبل القوات الكردية -من إجمالي 820 قاصرًا، بينهم 147 تحت سنّ 15- بما في ذلك جميع الفتيات (55 حالة تم التحقق منها). وجاء في المرتبة الثانية، هيئة تحرير الشام (المنبثقة عن تنظيم القاعدة) المسيطرة على محافظة إدلب المتمردة، فقد جندت ما مجموعه 245 قاصرًا.

وبحسب مسح للأمم المتحدة، تعتبر سورية الدولة التي قُتل فيها أكبر عدد من الأطفال في عام 2019، قُتل الغالبية العظمى منهم على يد قوات النظام، واعتبر التقرير أن جيش بشار الأسد وحلفاءه مسؤولون أيضًا عن كل الضربات التي شُنت على المدارس تقريبًا. وتأتي سورية في المرتبة الأخيرة ضمن هذا المجال أيضًا. وبالنتيجة يُظهر التقرير قلقًا بشأن “الاتجاه الجديد لمهاجمة مرافق إمدادات المياه”، و”زيادة عدد الهجمات على المدارس والمستشفيات، [وبالأخص] احتجاز الأطفال لأسباب أمنية”. وعلى الرغم من انخفاض عدد هذه الاعتقالات في عام 2020، لا يزال هناك ما لا يقل عن 4956 طفلًا محتجزًا، بينهم 3609 أطفال معتقلين عند النظام. ولا تعرف عائلات العديد منهم أماكن وجودهم، ولا يُعرف مصير هؤلاء الأطفال ألا يزالون على قيد الحياة أم لا. وقد اعتُبرت هذه الحالات بحكم “المفقودين”.

المصادر: نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية 2019، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية؛ “التقرير السنوي العاشر: أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سورية عام 2020″، الشبكة السورية لحقوق الإنسان. “محنة الأطفال في أوقات النزاع المسلح”، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، 9 يونيو/ حزيران 2020؛ اليونيسف. صحيفة لوموند

* رسم الخرائط العالم: فيكتوريا دينيس، سيسيل هينيون، فلافي هولزينغر وفيكتور سيمونيت

العنوان الأصلي للموضوع: Syrie : les enfants, une génération sacrifiée

الكاتب: سيسيل هينيون، وفلافي هولزينغر، وإريك ديدير، وفيكتور سيمونيت

الناشر: لو موند – Le Monde

ترجمة: ن. ص.

تعريب المخططات: حرمون

رابط النشر: https://bit.ly/3rrvRdF

عدد الكلمات: 835

المزيد
من المقالات