مع توسع المظاهرات السلمية للمطالبة بالحرية، بدأ السوريون يزيلون من قلوبهم الخوف الذي زرعه النظام السوري منذ سبعينيات القرن الماضي.
لكن السوريين عامة لم يكونوا يتخيلون أن يأتي اليوم الذي يتجرأ أي منهم على إهانة تمثال الرئيس السابق حافظ الأسد.
وبدأت أسطورة الخوف المزروعة من قبل حكم آل الأسد تزول منذ منتصف آذار 2011، في عموم المحافظات السورية، وفي 25 من آذار 2011 كان السوريون على موعد مع “جمعة العزة”، لكن أهل الصنمين كانوا على موعد مع أولى المجازر التي شهدتها المدينة.
اعتصم متظاهرون من أبناء مدينة الصنمين شمالي درعا والقرى المحيطة بها حينها، ولم يكن السوريون وقتها يطالبون بإسقاط النظام، لكن قوات النظام و”الشبيحة” أطلقت النيران عليهم وقتلت 20 متظاهرًا سلميًا، بحسب ما رواه أحد المشاركين في المظاهرة لعنب بلدي (تحفظ على ذكر اسمه).
وصل خبر مقتل المتظاهرين في الصنمين إلى متظاهري مدينة درعا، ما أدى إلى غضب في الشارع، وتوجه عدد من المتظاهرين إلى تمثال حافظ الأسد في ساحة “6 تشرين” وسط مدينة درعا وحطموه، لتسجل أول حادثة من هذا النوع في الثورة السورية وتاريخ سوريا منذ وصول الأسد إلى السلطة.
واعتبر مدير مكتب وزير الإدارة المحلية بالحكومة المؤقتة سابقًا، أحمد العمار، أن تاريخ 25 من آذار 2011، لن ينسى لأنه “حطم القيود وكسر حاجز الخوف وأسهم في نشر فكرة الثورة في سوريا”.
وأضاف العمار، في حديثه لعنب بلدي، “لقد كان خبر استشهاد 20 متظاهرًا أثر كبير في رفع سقف التظاهر، وإسقاط النظام، عبر تحطيم صنم حافظ الأسد في مركز محافظة درعا”.
كما أحرق المتظاهرون استراحة المحافظ في الساحة، لترد قوات الأمن السورية بإطلاق النار عليهم وتقتل 12 منهم.
وهتف المتظاهرون، بعد إطلاق النار، لأول مرة بإسقاط النظام.
وأعاد ناشطون اليوم نشر مقطع مصور للحظة هجوم المتظاهرين على تمثال حافظ الأسد، مع مرور عشر سنوات على الحادثة.
وشهدت مدينة الصنمين بعدها عدة مجازر على يد قوات النظام، عبر القصف أو عمليات الاقتحام التي كانت تنفذها إلى جانب “الشبيحة”.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 48 من أبناء المدينة ذبحًا بينهم ستة أطفال وسبع نساء، على يد قوات النظام خلال اقتحامها للمدينة، في 10 من نيسان 2013.
وسيطرت قوات النظام على محافظة درعا بدعم روسي بموجب اتفاق “تسوية” في تموز 2018، وأعادت التمثال بعد السيطرة على المدينة.
لكنها اقتحمت الصنمين بداية آذار 2020، واستهدف الحي الشمالي في المدينة، حيث تتركز مجموعات من عناصر فصائل المعارضة الذين رفضوا الخروج من درعا، وظلوا فيها بناء على اتفاق التسوية الذي جرى في تموز 2018.
وبعد دخول قوات النظام إلى الحي، اندلعت اشتباكات بين الطرفين، أسفرت عن مقتل مدني وإصابة زوجته، وفق مراسل عنب بلدي.
وتشهد مدينة الصنمين انتشارًا واسعًا لـ “الفرقة التاسعة” التابعة لقوات النظام.
وانتهت العملية بإجراء تسوية ين قوات النظام السوري ومقاتلين سابقين في “الجيش الحر”.
ونصت “التسوية” على خروج الرافضين لها إلى الشمال السوري، أما الذين بقوا في المدينة، فقسم منهم سلم سلاحه وأجرى “تسوية” مع النظام، وقسم طلب الخروج إلى بصرى الشام والانضمام إلى “اللواء الثامن” في “الفيلق الخامس” الذي شكلته روسيا، بقيادة أحمد العودة.