رحلت الفنانة السورية مي سكاف، تاركة وراءها ذاكرة ثورية، جعلت منها شخصية فريدة وعصية على النسيان أو الغياب.
مي سكاف ابنة دمشق، درست الأدب الفرنسي في جامعة دمشق، وشاركت في العديد من الأعمال المسرحية بالمركز الثقافي الفرنسي بالجامعة.
بدأت العمل الفني في عام 1991، ومن أوائل الأعمال التي شاركت فيها فيلم “صهيل الجهات”، وفيلم “صعود المطر”.
بدأت الأنظار تتوجه إليها بعدما حققت نجاحًا واضحًا في مسلسل “العبابيد”، وفيه قدمت دور شخصية “تيما”.
بعد فترة من الانقطاع عادت وقدمت فيلمًا قصيرًا يحمل عنوان “سراب”، تدور أحداثه حول سيدة سورية تهاجر إلى فرنسا بسبب الحرب، وتحلم بانتخابات ديمقراطية في بلادها.
وكان آخر مسلسل شاركت فيه سكاف هو “أوركيديا” الذي عُرض في شهر رمضان عام 2017.
اقترن اسمها بالثورة منذ انطلاقتها، فكانت من بين الفنانين الرافضين لانتهاكات للنظام السوري، ومن أوائل الموقّعين على “بيان الحليب” الذي طالب النظام بإدخال الحليب إلى أطفال درعا، وأيضًا من أوائل الذين توافدوا إلى اعتصام الفنانين السوريين الذي جرى في 13 من تموز 2011.
تركت سوريا “مجبرة” و عاشت لمدة شهر في لبنان لكنها لم تشعر بالأمان، رغم رغبتها في العيش في بلد يجاور وطنها سوريا، واختارت أن تكون فرنسا البلد الذي تقيم فيه منذ عام 2013.
شاركت سكاف مع مركز الجمال السياسي في العاصمة الألمانيّة برلين، في عرض بعنوان “التهام اللاجئين”، حيث تم تصميم حلبة مصارعة رومانيّة تحوي نمورًا حيّة، لتقف مي إلى جانب آخرين مُهددين بإلقاء أنفسهم للنمور، في حال لم تغير الحكومة الألمانيّة القوانين المرتبطة بالطيران، التي تفرض على خطوط الطيران غرامات هائلة في حال نقلوا لاجئين دون تأشيرات سفر.
نظّمت سكاف أيضًا إلى جانب مجموعة من الراقصين والمؤدين في العاصمة الفرنسيّة باريس، عرضًا راقصًا في ساحة تروكاديرو الشهيرة، في ذكرى مجزرة الكيماوي في سوريا، لتذكر الآمنين والصامتين أن هناك موتًا وإبادة تواطأ الكثيرون على تجاهلهما.
بقيت مي وفيّة لمبادئها ولنهجها الثّوري، حاملة لهموم شعبها المنتفض ضدّ النظام، وبقيت تقاوم إلى أن وافتها المنيّة في في باريس في 23 من تموز 2018، عن سنّ ناهز 49 سنة.
وكان آخر ما كتبته سكاف عبر صفحتها في “فيس بوك” هو: “لن أفقد الأمل.. لن أفقد الأمل.. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد”.