أواسط عام 2012 كان الثوار قد أنهوا معركة تحرير معظم ريف حلب الشمالي، وذلك بإعلانهم عن تحرير “إعزاز” على الحدود السورية التركية في 19 تموز، بعد معركة شرسة استبسل فيها ثوار الشمال، وأظهروا شجاعة كبيرة في مواجهة أرتال دبابات جيش الأسد حتى أُطلِق على البلدة اسم “مقبرة الدبابات”.
تمّ الإعلان عن تأسيس لواء التوحيد في 18 تموز بالتزامن مع تحرير إعزاز، والذي اندمجَتْ فيه أغلب تشكيلات ريفَي حلب الشماليّ والشرقيّ، مع عدد من مجموعات ريف حلب الغربيّ ومدينة حلب، بقيادةٍ عامةٍ لـ “عبد العزيز سلامة” وقيادةٍ عسكرية لحجي مارع، ليَدخُل بعدها اللواء بيومين في الجمعة 20 تموز من عام 2012 إلى مدينة حلب مع أوّل أيام شهر رمضان، ابتداءً من منطقة “أرض الحمرا” في أحيائها الشرقية، في الوقت نفسه الذي حمَل فيه بعض ثوار حي “صلاح الدين” السلاح مُعلِنين تحرير حيِّهم، لتتحرَّك جموع الثوار في الأحياء الشرقية من حلب بشكل قوس انطلقوا من طرفَيه والتقوا في منتصفه تقريباً عند مخفر “حي الصالحين”، فخرج ثلثا المدينة تقريباً عن سيطرة نظام الأسد بشكل حرف U، فيما حافظ النظام على سيطرته على “حلب المفيدة” بين الأحياء المحررة!
وفي الفترة منذ شهر آب عام 2012 وحتى بدايات عام 2013، كان قسما المدينة مفصولَيْن بقُدرَة كلّ من الطرَفين على التقدّم أو الصمود، ولم ينشَأ خطّ رباط عسكري حقيقيّ بين المنطقتين باستثناء “شارع 15” الذي يفصل حي “صلاح الدين” عن “أستراد الحمدانية”، والذي كان واضحاً فيه إصرار قوات الأسد على منع الثوار من تجاوزه، وكذلك كان الحال بالنسبة لحيَّي الإذاعة والميدان، والمسجد الأموي في حلب القديمة، أما بقيّة حدود المنطقَتَين فشكَّلَتها معالم المدينة مثل الشوارع العريضة أو الحدائق..، وهو ما سمح للعديد من الثوار القاطنين في الأحياء المُحتَلّة -الخاضعة لسيطرة النظام- في تلك الشهور القليلة أنْ يعيشوا حياتهم حرفيّاً بين مدينتين، مدينةٌ تضم الأحياء الخاضعة لسيطرة متوترة لنظام الأسد، ومدينة أخرى تحيط بالأولى أعلنها الثوار مُحَرَّرَة في الأحياء الشعبية لمدينة حلب.
إلى المناطق المحررة
آنذاك كنتُ أدير المكتب الإعلامي لتنسيقية جامعة الثورة، وذلك مِن منزلنا في حيّ “المارتيني” الحلبي، والذي تواجدَتْ فيه عدد من الكاميرات التي جمعناها على شكل تبرّعات من جهات مختلفة، كانت أكثرها تطوّراً تلك التي جاءتنا هديةً من تنسيقية بلدة “طيبة الإمام” في ريف حماة عن طريق أحد أعضاء المكتب “أبو عروة”، إضافة إلى امتلاكنا لكثير من شرائح 3G لرفع المقاطع على الانترنت، فضلاً عن شبكة علاقات واسعة مع كثير من الجهات الإعلامية والقنوات التلفزيونية المهتمّة بتغطية الثورة السورية.
وقُبَيْل دخول الثوار إلى مدينة حلب بدأنا في تنسيقية الجامعة جُهداً لتأسيس “مجلس ثوري موحد لمدينة حلب” من اتحاد تنسيقيات المدينة، وبالترافق مع ذلك الجهد كُنّا في المكتب الإعلامي نسعى لتوحيد إعلام المدينة التي نشطَتْ في أغلب تنسيقيات أحيائها مكاتب إعلامية.
ترافَقَ تحرير مدينة حلب مع بَدء قوات نظام الأسد قصفَ الأحياء المحررة بالمدافع والطائرات، وصار لِزاماً علينا في مكتب جامعة الثورة الإعلامي أنْ نُغطّي النقص في الإعلام المحلّي لتوثيق الأيام الأولى للتحرير، لذلك سخَّرنا إمكانيّاتنا المتواضعة لتغطية تلك المرحلة المفصليّة في تاريخ سوريا.