عادت فصائل الثورة السورية المقاتلة لاستئناف عملية فكّ الحصار عن مدينة حلب، ضمن ما سمي “ملحمة حلب الكبرى”، لتحرر عشرات النقاط الجديدة وتقترب من فك الحصار عن المدينة المنقسمة إلى شطرين منذ العام 2012، والتي استطاع النظام حصارها بعد أن استولى على طريق الكاستيلو شمال غرب المدينة، والذي كان الشريان الوحيد المتبقي والواصل بينها وبين ريفها الشمالي، ليصطدم تقدم الثوار بأول قلاع النظام جنوبي حلب، ألا وهي “مدرسة المدفعية” التي حولت لاحقاً إلى “كلية”، وأطلق على المعركة اسم “معركة الشهيد ابراهيم اليوسف”.
من هو ابراهيم اليوسف ولماذا سُمّيت المعركة باسمه؟
النقيب ابراهيم اليوسف أحد ضباط الجيش السوري، وهو من مواليد عام 1950 في قرية تادف من ريف حلب، درس في مدارس الرقة، قبل أن يلتقي في المرحلة الثانوية بـ عدنان عقلة، الذي سيصبح لاحقاً زعيم “الطليعة المقاتلة” الفرع المسلح لجماعة الأخوان المسلمين في سبعينات القرن الماضي، خلفاً لمروان حديد.
بعد الثانوية دخل ابراهيم اليوسف إلى الكلية الحربية وشارك في حرب تشرين، ويروى أنه تعرض في أكثر من مرة لممارسات طائفية من قبل رؤسائه، كونه كان ملتزماً دينياً، ما أثار لديه رغبة الانتقام، خاصة بعد أن نقل من قطعته العسكرية في الجبهة السورية إلى مدرسة المدفعية بحلب على خلفية محاكمة حزبية تعرض لها.
التقى ابراهيم اليوسف مجدداً بصديقه عدنان عقلة الذي كان قد بات عضواً في تنظيم جماعة الأخوان المسلمين، وعرف الأخير ما يدور بذهنه، فعرض عليه الانضمام لجماعة مروان حديد، فوافق ابراهيم وبات أحد المنظمين لجماعة سرية “الطليعة المقاتلة” ليقوم بأحد أكبر العمليات في سوريا آنذاك.
ففي 16 حزيران 1979 كان النقيب ابراهيم اليوسف مناوباً، فجمع طلاب مدرسة المدفعية من العلويين في المطعم وفتح النار عليهم مردياً 80 منهم وجرح آخرين، ولاذ بالفرار.
عاش ابراهيم اليوسف هاجس الاعتقال طوال عام من فترة ملاحقته، حتى استطاع الأمن السوري قتله في 2 حزيران 1980 في منطقة الميسّر بحلب.
يعود ذكر ابراهيم اليوسف من جديد مع معارك حلب، في وقت تطرف فيه كل شي، وذلك بعد ممارسات النظام سياسة الشيطنة لجميع الطوائف والأقليات، الأمر الذي جعل سياسة التعميم هي الغالبة لدى معظم السوريين، حسب من عاصروا تلك الفترة.
واعتمدت تسمية “معركة الشهيد ابراهيم اليوسف”، كنوع من التحدي للنظام في نفس المكان (كلية المدفعية)، كما أظهر مقطع فيديو لـ “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقاً) يشرح فيه سبب التسمية، على الرغم من الخلاف المنهجي بين النصرة والأخوان.
معركة “ابراهيم اليوسف”
لم تمض سوى ساعات قليلة من إعلان المعركة حتى أخذت المكاسب العسكرية لفصائل جيش الفتح تتوالى، حيث تمكنوا من استعادة السيطرة على منطقة الجمعيات وكسر خطوط الدفاع الأولى في قرية العامرية، فيما استمرت الاشتباكات العنيفة على تلة المحروقات.