ستنهي سوريا بعد أسابيع تقريبا عامها الحادي عشر من الثورة التي بدأت كثورة سلمية لها مطالبها المحددة في الإصلاح السياسي وإعادة هيكلة النظام السياسي على أسس ديمقراطية تستجيب لحاجات الشعب السوري سياسيا واقتصاديا.
استطاع نظام الأسد تدريجيا تحويل هذه الثورة السلمية إلى حرب أهلية طاحنة، كما وتحول النظام السوري نفسه وتدريجيا إلى ميليشيا قوية تشارك في صراع يائس مع الشعب السوري. استنزف بشار الأسد سوريا من الموارد المالية والبشرية، والأكثر خطورة من كل ذلك هو تدمير النسيج الاجتماعي السوري من خلال خلق صراع طائفي بغيض. لقد تجاهل النظام، أو تحلل منذ بداية الثورة من جميع الالتزامات في زمني الحرب والسلم. واجه الثورة السلمية بالرصاص الحي، والتي حصدت أرواح خيرة الشباب في سوريا، ومع تحول الثورة إلى ثورة مسلحة لم يتردد النظام في سحق ودوس قواعد الحرب أيضا، وبالتالي تحولت كل المستشفيات والمناطق السكنية والمساجد، والكنائس إلى أهداف للقصف بالبراميل والصواريخ، وامتلأت الفروع الأمنية بمئات الآلاف من السوريين الذين يقتلون تحت التعذيب وقد أظهرت الصور التي تم تسريبها من الفروع الأمنية حجم ومستوى التعذيب والوحشية التي يعيشها السوريون في أقبية المخابرات. وهكذا، نجد أن الشعب السوري يكافح على مدى السنوات الماضية ليس فقط للحفاظ على المقاومة، ولكن الأهم من ذلك، تماسكه ضد سياسة منهجية تهدف إلى كسره وتحويله إلى أقليات متناحرة ومتصارعة.
بعد كل هذه السنوات بلغ عدد القتلى أكثر من ستمئة ألف وتحول أكثر من ثلثي سكان البلاد إلى مشردين نازحين أو لاجئين، وظهرت الجماعات الإرهابية مثل داعش وغيرها التي سيطرت على أجزاء كبيرة من سوريا، قبل أن تتدخل الولايات المتحدة ومن ثم روسيا، الأولى للقضاء على داعش والثانية للقضاء على المعارضة المسلحة.
انتهى تركيز المجتمع الدولي اليوم على سوريا والسوريين وتركوا لمصيرهم كي يعيشوا الألم لوحدهم حيث الوضع الاقتصادي المزري وفوق ذلك الوضع الأمني الأكثر صعوبة حيث ما زال الأسد يستمر في قصفه للمدنيين وأكثر من 3 مليون يقبعون في الخيام على الحدود السورية – التركية حيث تنعدم الحدود الدنيا لأي حياة إنسانية كريمة، لكنهم لا يستطيعون عبور الحدود باتجاه تركيا التي أغلقت الحدود بشكل كامل ولا يستطيعون العودة إلى بيوتهم حيث نظام الأسد حيث سيلقون مصيرهم في الاعتقال والتعذيب والموت.
هذه هي المعضلة التي تواجه الشعب السوري اليوم بين حكومة الأسد التي تعني القصف اليومي بالبراميل المتفجرة وبين مجتمع دولي تعب من القضية السورية ولم تعد أولويته بأي شكل، ينبغي على المجتمع الدولي ألا يسمح لهذا أن يستمر، عليه مسؤولية ودور لمساعدة الشعب السوري لإنهاء هذا الكابوس وفتح مستقبل ديمقراطي بالنسبة لهم.
بدون ذلك سيبقى الأسد وتبقى معه سوريا رهينة لخياراته في الحكم والتي تقوم على الاعتقال والقتل والتعذيب، لم يتغير الأسد بعد 22 عاما من الحكم أصبح أكثر دكتاتورية وأكثر شراسة ودموية والشعب السوري اليوم هو من يدفع الثمن.
حكم على السوريين أن يكون نضالهم طويلا لكن مع سنوات النضال يستمر الألم وهو ما يجبر السوريين على الصبر ومحاولة الدفع باتجاه الأمام من أجل إبقاء شعلة الحرية حاضرة، ومن أجل تحقيق هدفهم في بناء سوريا المستقبل كسورية أفضل لكل السوريين بحيث يكون لهم دور في بناء بلدهم وتحقيق حلمهم.
لكن هذا لن يتحقق بدون وحدة السوريين وبدون دورهم في التنسيق فيما بينهم بحيث يكون التنظيم كدور رئيسي في حمايتهم ونقل قصصهم وصورهم، صحيح أن السوريين ليس لديهم الخبرة في العمل الجماعي لكن لا بد من امتلاك هذه المهارات من أجل تحقيق التنظيم الذي يعتبر المدخل الوحيد من أجل تحقيق صوتهم في الخارج والداخل.