في اجتماع حضره عدد من قادة «لواء التوحيد» من بينهم عبد القادر الصالح في مدرسة المشاة بريف حلب، والتي أصبحت تعرف بمدرسة «الشهيد يوسف الجادر» أبي الفرات، قامت طائرة حربية تابعة للنظام بشن غارة جوية بصاروخ فراغي استهدف مكان الاجتماع؛ ما أدى إلى إصابته إصابة خطيرة نقل على أثرها إلى تركيا لتلقي العلاج، ولكن المنية وافته متأثرًا بجراحه في تاريخ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013. دفن الصالح في مسقط رأسه بمدينة مارع شمال حلب، وتم تشييعه ودفنه دون أي حضور جماهيري خوفًا من استهدافهم من قبل الطائرات الحربية.
بعد مقتل حجي مارع تفتت «لواء التوحيد»، وتحول من أكبر قوة عسكرية معارضة في الشمال السوري إلى هيكل ينخر الدود فيه، حيث تقدم النظام بعد ذلك، وسيطر على عدة مدن وبلدات خاصة في ريف حلب الشرقي، وانتهى الأمر بسقوط أهم قلاع الصالح (مدينة حلب).
8- غياث مطر.. «حامل الورود»
غياث مطر هو ناشط سوري من مواليد مدينة داريا بريف دمشق عام 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1986، وأحد أهم الوجوه الثورية التي خرجت في بدايات الثورة للمطالبة بإسقاط نظام الأسد، كان يدعو لسلمية الثورة على الرغم من البطش الكبير الذي تعرض له المتظاهرون وأصر على سلميتها.
كان غياث مطر أحد أهم المنظمين للمظاهرات الحاشدة التي كانت تخرج في مدينة داريا، حيث عرف بتقديم الماء والورود لعناصر الأمن السوري والجيش أثناء المظاهرات. اعتقل غياث خلال كمين نصبته قوات الأمن السورية، وذلك بحركة خبيثة، حيث أجبر أحد إخوة أصدقاء غياث على الاتصال والادعاء بأنه مصاب، فتوجه إلى المكان ليتم اعتقاله على الفور.
في يوم 10 سبتمبر (أيلول) 2011 سلم النظام السوري جثمان غياث لذويه إثر وفاته جراء التعذيب الذي تعرض له أثناء الاعتقال، حيث ظهرت على جسده آثار التعذيب وتم شق بطنه وتخيطها بخيوط سوداء غليظة، وتم تشييع جثمانه في نفس اليوم، حيث خرجت مظاهرة كبيرة جدًا نادت «خاين من يقتل شعبه»، وقامت قوات الأسد بإطلاق النار على المتظاهرين؛ ما أدى لمقتل وجرح عدد منهم.
أقيم لغياث مراسم عزاء حضره سفراء كل من الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وألمانيا والدنمارك. وبعد مغادرة السفراء قامت قوات الأمن باقتحام مجلس العزاء حيث أطلقت العيارات النارية والقنابل المسيلة للدموع لفض المجلس.
9- حسين هرموش.. من رعيل الثورة الأول
حسين هرموش من مواليد بلدة إبلين بجبل الزاوية بريف ادلب (شمال سوريا) عام 25 مايو (أيار) 1972، وهو أول ضابط برتبة مقدم ينشق عن نظام الأسد، وهو القائد السابق لحركة «لواء الضباط الأحرار»، درس العلوم العسكرية في روسيا، وله عدة دراسات وبحوث علمية في المجال العسكري.
أعلن الهرموش انشقاقه عن الجيش السوري بعد اندلاع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط نظام الأسد، حيث كان وقتها ضابطا برتبة مقدم في الفرقة 11، وأعلن انشقاقه في 10 يونيو 2011 خلال الحملة على مدينة جسر الشغور بريف ادلب الغربي معَ عددٍ من رفاقه مبررًا ذلك بأنه بسبب «قتل المدنيين العزل».
أسس هرموش حركة «لواء الضباط الأحرار»، وكان النواة الأولى لتأسيس الجيش السوري الحر، حيث وجه نداءه إلى عسكريِّي الجيش للانشقاق والالتحاق بحركته، وتبنى عدة عمليات استهدفت قوات الأسد في عموم المناطق السورية. انتقل هرموش بعد مدة قصيرة من إعلان حركته إلى تركيا واستقرَّ فيها، حيث وضع هو وعدد من الضباط المنشقين في مخيم خاص بهم على الحدود التركية السورية، وواصل من مكانه الدعوة إلى الانشقاق عن نظام الأسد
انشقاق المقدم حسين هرموش
في صباح يوم الاثنين 29 أغسطس (آب) 2011 ذهب هرموش لمقابلة مسؤولين أمنيين أتراك على الحدود السورية التركية، ولكنه اختفى بعد ذلك في ظروف غامضة، وبعد أقل من شهر ظهر هرموش على شاشة قناة «الدنيا» التابعة للنظام في مساء الخميس 15 سبتمبر (أيلول) 2011 ، ليقول إنه قرر العودة الى سوريا بشكل طوعي؛ لأنه تلقى وعودًا كاذبة من معارضين في تركيا، ويظهر على وجه هرموش في المقابلة أنه تعرض للتعذيب والتهديد، وقد أجريت العديد من التعديلات والمونتاج على المقابلة.
ما يزال مصير هرموش مجهولًا لغاية اليوم، في الوقت الذي يرجح فيه فريق أنه قد تمت تصفيته وإعدامه، حيث حاولت فصائل المعارضة مرات عديدة القيام بعمليات تبادل اسرى وطالبت بالهرموش، إلا أن النظام كان يرفض هذا العرض؛ ما أعطى إشارة واضحة على أنه قد تم قتله. نشرت مئات الصور لعدد من الجثث قتلوا تحت التعذيب في سجون الأسد، بما بات يعرف بصور «قيصر»، ومن بين هذه الصور صورة ما قيل أنها تشبه ملامح هرموش، دون أن يتم تأكيدها لغاية اليوم.
10- رزان زيتونة.. حياة حافلة بالثورة ومصير مجهول
المحامية رزان زيتونة مواليد عام 1977، هي محامية وناشطة حقوقية وأيضًا كاتبة، تخرجت من كلية الحقوق بدمشق عام 1999، وفي عام 2001 بدأت عملها كمحامية تحت التدريب، وهي متزوجة من الناشط السياسي وائل حمادة. كانت عضوًا في فريق الدفاع عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي قبل الثورة، كما كانت عضوًا مؤسسًا في «جمعية حقوق الإنسان في سوريا» واستمرت في عملها مع الجمعية حتى عام 2004.
وفي عام 2005 أسست «رابطة معلومات حقوق الإنسان في سوريا» ليكون بمثابة قاعدة بيانات لانتهاكات النظام لحقوق الإنسان في البلاد، بالاِضافة إلى نشاطها في لجنة دعم عائلات المعتقلين السياسيين بسوريا. رزان حاصلة على جائزة «آنا بوليتكوفسكايا» للمدافعات عن حقوق الإنسان، وعلى جائزة «ساخاروف» الممنوحة من البرلمان الأوروبي بالاشتراك مع رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات.
مع اندلاع الاحتجاجات في بداية الثورة السورية شاركت زيتونة في المظاهرات، ولكنها اضطرت للتخفي بسبب نشاطها الإعلامي لنقل الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون لوسائل الإعلام المختلفة.
أسست هي ومجموعة من الشباب ما عرف باسم «لجان التنسيق المحلية في سوريا» في أبريل، كانت مهمتها نقل الأخبار والانتهاكات على مواقع التواصل الاجتماعي، وإرسالها أيضًا إلى القنوات والمجلات والصحف.
حاول النظام السوري اعتقالها أكثر من مرة وفشل في ذلك؛ حيث كانت تختبئ بشكل جيد وتغير مكانها بشكل مستمر، واقتحمت المخابرات الجوية منزلها الكائن في العاصمة دمشق وصادر كامل المحتويات، كما اعتقل النظام زوجها وأخاه، وأفرج عنهما بعد ثلاثة أشهر قضياها في الحبس الانفرادي؛ ما اضطرها للهروب والانتقال إلى غوطة دمشق.
انتقدت زيتونة بشكل صريح في أكثر من مناسبة فصائل المعارضة في كتابتها وتصريحاتها الصحافية، وهاجمت بشكل مباشر «المتطرفين»، ودعت إلى سلمية الثورة، ووثقت الانتهاكات التي قامت بها بعض الفصائل.
وفي 10 ديسمبر (كانون الأول) 2013 قام مجهولون ملثمون باقتحام مكتب لجان التنسيق في مدينة دوما بالغوطة الشرقية بريف دمشق الشرقي واختطفوا زيتونة وزوجها وشقيقه والسيدة جميلة خليل زوجة ياسين الحاج صالح.
اعتبر «جيش الإسلام» من أكبر الفصائل العسكرية المعارضة، والتي كانت تسيطر على غالبية الغوطة الشرقية، واتخذت من مدينة دوما مقرًا ومعقلًا رئيسًا لها، وقد اتهمه ناشطون بالمسؤولية المباشرة عن اختفاء زيتونة ورفاقها، إلا أن «جيش الإسلام» وعلى لسان قائده العام زهران علوش نفى أية مسؤولية عن ذلك. وكانت اتهامات قد طالت أيضًا تنظيم (داعش) بالمسؤولية عن اختطافهم.
بعد سقوط الغوطة الشرقية وخاصة مدينة دوما وسيطرة قوات الأسد عليها، وتهجير الفصائل العسكرية الى الشمال السوري وتسليم كل ما لديهم من محتجزين بدأت تطفو على السطح التساؤلات والتحليلات والتكهنات التي تسأل عن مصير رزان ورفاقها، حيث رجح حقوقيون وناشطون فرضية تصفيتهم جميعًا، فلا معلومات عنهم منذ خمسة أعوام، كما أن الحالات المشابهة كثيرة، والفوضى الأمنية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، باتت سمة مميزة للوضع في تلك المناطق.
11- مي سكاف.. الفنانة الثائرة
الفنانة السورية مي سكاف مواليد 13 أبريل 1969 من مواليد مدينة دمشق، درست الأدب الفرنسي في جامعة دمشق، وشاركت في العديد من الأدوار المسرحية والتلفزيونية والسينمائية. ولدت سكاف لعائلة مسيحية، بدأت موهبتها في جامعة دمشق، حيث شاركت زملاءها بتقديم أعمال مسرحية في «المركز الثقافي الفرنسي»، وقد لفتت اهتمام المخرج السينمائي ماهر كدو، الذي اختارها لبطولة فيلمه «صهيل الجهات» في عام 1991، فتألقت، ومثلت قرابة 39 مسلسلًا وفيلمًا متنوعًا، وانتسبت لنقابة الفنانين السوريين عام 2001.
كانت مي سكاف أحد الموقعين على «إعلان دمشق» الصادر عام 2005، والذي طالب بالديمقراطية والتعددية الحزبية، وعرفت بمواقفها المناهضة لنظام الحكم في سوريا قبل الثورة، وعند اندلاعها شاركت الفنانة السورية في مظاهرات سلمية وخرجت على القنوات الإخبارية حيث تحدثت فيها عن الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون.
اعتصام الفنانة مي سكاف أمام القصر العدلي
خرجت مي سكاف مع عدد من المثقفين والفنانين والكتاب في مظاهرة سلمية في منطقة الميدان وسط دمشق يوم الأربعاء في يوليو (تموز) 2011، وتم إعتقالها مع عدد من الأشخاص، وتم توجيه تهم الخيانة لها، إلا أنه تم الإفراج عنها بعد عدة أيام، لكنها تعرضت للاعتقال مرة أخرى بعد نحو شهر، أثناء ذهابها لمنزلها عند أحد حواجز التفتيش في مشروع دمر، شمال غرب دمشق، حيث تم حجزها لعدة ساعات إلى أن تم الإفراج عنها.
في محاكمتها الأولى سألها القاضي عن الشيء الذي تريده جراء انخراطها في المظاهرات، فأجابت: «لا أريد لابني أن يحكمه حافظ بشار الأسد»، كما انتقدت الفنانين الموالين للنظام بقوة واتهمتهم أنهم «يدعمون طاغية يقتل الأبرياء».
بعد اعتقالها في 2013 اضطرت لمغادرة سوريا إلى لبنان بشكل سري، ومن ثم توجهت الأردن واستقرت فيها لفترة قصيرة، لتنتقل بعدها إلى فرنسا برفقة ابنها عام 2013، وكتبت على صفحتها على «فيسبوك» منشورًا قالت فيه: «ما بدي موت برات سوريا.. بس».
توفيت في 23 يوليو 2018 في العاصمة الفرنسية باريس، بسبب نزيف دماغي حاد، وتم تشييع جثمانها ودفنها في مقبرة بضاحية دوردان بباريس، وأكد ابنها جود الزعبي في تصريحات صحافية أن مدفن والدته سيكون مؤقتًا حتى «تتوفر الفرصة الممكنة لنقلها إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد».
وكان آخر ما كتبته مي سكاف على صفحتها الخاصة على موقع «فيسبوك» يعبر عن استمرارها في موقفها المناهض لحكم الرئيس السوري بشار الأسد: «لن أفقد الأمل.. لن أفقد الأمل.. إنها سوريا العظيمة وليست سوريا الأسد».
12- باسل شحادة.. ترك أمريكا تلبية لـ«نداء الثورة»
باسل شحادة مواليد مدينة دمشق عام 1984، لأسرة مثقفة مسيحية، وكان والده مهندس ميكانيكي وأكاديمي مدرس في جامعة دمشق، ووالدته عائدة بوز مهندسة أيضًا. التحق باسل بكلية الهندسة المعلوماتية، وأيضًا درس في كلية الآثار بجامعة دمشق، وتخرج بدرجة إجازة في قسم الذكاء الصناعي عام 2006، ومن ثم عمل مع إحدى منظمات الأمم المتحدة في دمشق، ولم يستطع المتابعة لشعوره بأن وقته يهدر في العمل المكتبي، فقرر أن يتحول إلى صناعة الأفلام.
كان من الداعمين للربيع العربي؛ حيث نزل مع أصدقائه للاحتفال أمام السفارة المصرية في دمشق بعد سقوط نظام حسني مبارك، متجاهلين تعليمات عناصر الأمن وهاتفين للمرة الأولى: «هبّي يا رياح التغيير»، وتم توقيفه لساعات قليلة، وتم الإفراج عنه.
خرج في مظاهرة سلمية بحي الميدان بالعاصمة دمشق بتاريخ 13 يوليو 2011 فيما باتت تعرف بـ«مظاهرة المثقفين»، وتم اعتقاله وعدد من المثقفين، لكن تم الإفراج عنه بعد عدة أيام.
وبسبب ضغط أهله عليه، انتقل باسل إلى مدينة نيويورك الأمريكية لمواصلة دراسته في مجال صناعة الأفلام، لكنه لم يتحمل الابتعاد عن الثورة وقرر العودة إلى سوريا مجددًا بقوله: «هل سأقول لأطفالي عندما أكبر.. إني تركت وطني وانطلقت وراء طموحي الشخصي».
حمص/تشييع الشهيد باسل شحادة
انخرط باسل في العديد من نشاطات الحراك السلمي، وشارك في مظاهرات بعدة مدن منها حماه والزبداني ومضايا والرستن، وشارك بالتنسيق لمظاهرة المثقفين بلبنان صيف 2011، وقد شارك أيضًا في مشروع «نقود الحرية»، كما قام بتصوير العديد من المظاهرات السلمية وتوثيق اعتداءات الأمن عليها. عمل مراسلًا ميدانيًا لعدد من القنوات الإعلامية العالمية، وانتقل أخيرًا إلى مدينة حمص بعد المعارك العنيفة التي شهدتها أحياؤها، وبقي فيها قرابة ثلاثة أشهر إلى أن قتل فيها.
كان يومًا روتينيًا في مدينة حمص، التي كانت ترزح تحت قصف مدفعي وصاروخي متواصل من قبل قوات الأسد، ففي 28 مايو 2011 خرج باسل مع صديقيه للتصوير وتوثيق إجرام النظام في حي الصفصافة الحمصي، فتعرضوا لقذيفة مباشرة أدت لإصابتهم جميعًا، ونقلوا على إثرها إلى المشافي الميدانية التي تفتقد لأدنى ضروريات الحفاظ على الحياة، حيث توفي متأثرًا بجراحه التي أصيب بها وزميله أحمد الأصم، ودفن في مدينة حمص كما كان قد أوصى، وغنى الساروت في تشييع جثمانه بمدينة حمص.
وأصدرت جامعة سيراكوس بيانًا يستنكر مقتل باسل ويعزي أهله وأصدقاءه بفقيدهم، كما علق المفكر الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي على مقتل باسل بالقول: «هذا خبر حزين للغاية، لقد كان باسل إنسانًا في منتهى الروعة والشجاعة».
13- باسل خرطبيل.. النابغة الذيي انتهى على مشانق الأسد
باسل خرطبيل الصفدي مواليد دمشق عام 1981، فلسطيني سوري، وهو مهندس تقني ومطِّوِّر برمجيات مفتوحة المصدر، وأحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان، وخاصةً فيما يخص الحق في المعرفة وحرية تداول المعلومات. نشط الصفدي من أجل توسيع نطاق وصول الشعب السوري عبر شبكة الإنترنت، ومحاولة فتح سوريا على العالم، وتوثيق وتوصيل المعلومات لهم، خاصةً في ظل التكتم والرقابة على المعلومات من قِبل النظام السوري.
صنف باسل بأنه العقل التاسع عشر في العالم في علم البرمجيات الحديث بسبب مساهمته في عدة مشاريع تتعلق بـ«المصدر المفتوح» للمعلومات في شبكة الإنترنت، مثل «موزيلا فايرفوكس» و «ويكيبيديا» وأطلق في دمشق عام 2010، برنامجه الإلكتروني «إيكي» للتقنيات التعاونية التي منحت الناس أدوات جديدة للتعبير، وكذلك كان المدير التقني لشركة «الأوس» للنشر، وهذه مؤسسة نشر بحثية متخصصة بعلوم وفنون الآثار في سورية.
وهو السوري الفلسطيني الذي شغل منصب مدير مشروع لصالح «منظمة المشاع الإبداعي» في سوريا، والتي حاولت أن تجعل الإنترنت وخدماته الهائلة متاحة للسوريين الذين تأخر كثيرًا عنهم. وكانت لباسل مساهمات حقيقية في إنشاء «ويكيبيديا» العربية كما أنه ساهم في تطبيق برامج «أوبن كليب أرت»، «فابريكيتورز»، و«شاريزم».
قام النظام السوري باعتقال باسل في مارس (آذار) 2012، حيث قامت شعبة الاستخبارات العسكرية باعتقاله في حي المزة بدمشق، وتم التحقيق معه وتعذيبه لخمسة أيام متواصلة، بالإضافة لتفتيش منزله ومصادرة حاسوبه ومتعلقات أخرى، ومُثل باسل أمام قاض عسكريّ بدون محام بتهم تتعلق بـ«المساس بأمن الدولة»، أرسلته الاستخبارات العسكرية إلى سجن عدرا في دمشق، الى أن تم تنفيذ حكم الإعدام بحقه.
لم يكن باسل خرطبيل مجرد ناشط في التقنيات والحريات الرقمية فقط، بل أيضًا عمل على التركيز والربط بين هذه التقنيات، وبين الفنون والآثار، حيث أنشأ «مشروع تدمُر الجديدة»، الذي كان أساسه إصلاح ما أفسده تنظيم (داعش) في المدينة الأثرية، حيث عمل الصفدي على هذا المشروع، وهو قابع في زنزانته، عبر التواصل مع رفقائه خارجها.
والمشروع هو عبارة عن إنشاء صور ثلاثية الأبعاد لمدينة تدمر التي تمثل أهم معالم عراقة سورية وحضارتها، حيث وضع تصورًا مرئيًا في الوقت الحقيقي، وقد كان أول عمل عربي يقام على هذه الشاكلة لمنطقة أثرية. وفي 21 أكتوبر 2015 أعيد وأنشئ «مشروع تدمر الجديدة»، لاستئناف عمل باسل على نموذج ثلاثيّ الأبعاد، في حين أن باسل نفسه كان قد انتقل إلى بارئه.
حصل باسل على المركز التاسع عشر في قائمة «فورين بوليسي» لأفضل مفكرين عالميّين، مع ريما دالي، وذلك «للإصرار على سلمية الثورة السورية ضد كل الظروف»، كما حصل على جائزة «مؤشر الرقابة في مجال الحريات الرقمية» في مارس 2013.
وفي أغسطس 2017 كتبت نورا غازي الصفدي زوجة باسل على حسابها في موقع «فيس بوك» منشورا في تاريخ أكدت فيه خبر إعدام زوجها وقالت: «تغص الكلمات في فمي، وأنا أعلن اليوم باسمي واسم عائلة باسل وعائلتي، تأكيدي لخبر صدور حكم إعدام وتنفيذه بحق زوجي باسل خرطبيل صفدي بعد أيام من نقله من سجن عدرا في أكتوبر 2015.. نهاية تليق ببطل مثله».
كما علقت «منظمة العفو الدولية» على خبر إعدام الصفدي، وقالت أنّا نيستات، المدير العام للبحوث في المنظمة: «نشعر بأسى وغضب عميقين لسماع هذا الخبر المحزن. وسيبقى باسل خرطبيل في ذاكرتنا، على الدوام، كرمز للشجاعة وكمناضل سلمي من أجل الحرية حتى النهاية. وستظل أفكارنا وقلوبنا مع عائلته».