10 أفلام تساعدك على فهم المأساة السورية خلال العقد الماضي

ديسمبر 21, 2022

مقالات

قبل 10 أيام تقريبًا، كان فيلم «من أجل سما» ينافس على إحدى جوائز الأوسكار، بعد أن حصد جائزة بافتا لأفضل فيلم وثائقي، ما منح العمل الذي يوثق أحداث الثورة السورية، من خلال حياة أسرة صغيرة في مدينة حلب شمال شرقي البلاد، فرصة الوصول إلى الجمهور العالمي، وتسليط الضوء على معاناة السوريين.

يتضح من هذا الفيلم وغيره، أنه بينما كان النظام السوري يقمع جذوة الثورة والمقاومة بوسائل وحشية؛ كان فنانون ومخرجون يبذلون جهودًا حثيثة لتوثيق أحداث ثورتهم ومعاناتهم، من خلال أفلام وثائقية وروائية.

وبعد 10 سنوات من الثورة والقمع، والترنُّح على الشريط الفاصل بين الحياة والموت، والكرّ والفرّ، قدم الفنانون السوريون عدة أعمال فنية قوية، تمثل مرآة لبعض ما مر به وطنهم من أهوال، نستعرض 10 منها في السطور التالية.

1. «من أجل سما».. فَضْح وحشية نظام سوريا عالميًا 

في عام 2019، كان العالم على موعد مع صدور فيلم «من أجل سما» من إخراج وعد الخطيب والمخرج البريطاني إدوارد واتس، ليجذب انتباه العالم للمأساة السورية المستمرة منذ 10 سنوات.

كانت فكرة تصوير الفيلم غير اعتيادية، إذ قامت وعد الخطيب بتصوير أكثر من 300 ساعة في مدينة حلب التي مزقتها الحرب. وطيلة 95 دقيقة، تدور أحداث الفيلم عن نضال شابة من أجل الحب والأمومة تحت القصف.

 

كانت وعد التي تحولت من طالبة إلى صحافية مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، تزوجت بأحد أطباء مدينة حلب، وأنجبت ابنتهما سما في 2015.

ومع اندلاع الثورة في مارس (آذار) 2011، بدأت وعد الخطيب تصوير أولى التظاهرات المناهضة لبشار الأسد في جامعتها في حلب؛ إذ كانت تتصور أنّ الثّورة المشتعلة آنذاك ستكون بداية حقبة جديدة للسوريين، فالوصول إلى هذه المرحلة لم يكن سهلًا في بلدٍ يعاقب معارضي النّظام بالسّجن في زنازين انفرادية، والضّرب حتى الموت. ومع تصوير المظاهرة تلو الأخرى، كان الأمل يملأ نفس الشابة، وتتخيل لحظة تمكن الشّعب من إرخاء قبضة الأسد على الحكم، وترسيخ الكرامة والحرية اللتين طالما تاق إليهما المواطن السوري.

مع مرور الأيام، سجلت الخطيب التفاصيل اليومية للمواطنين العاديين في وقت الحرب، وكانت عدستها شاهدًا  على وحشية نظام الأسد، وشركائه الروس من جهة، وبسالة السوريين ونضالهم من أجل البقاء من جهة أخرى.

وكثيرًا ما ترى في هذا التوثيق مشاهد سفك الدماء والموت والحزن التي غلفت حياة السوريين اليومية، في مقابل مشاهد أخرى مبهجة، وكأن السوريين قرروا انتزاع السعادة من رحم المعاناة. ولحظات مثل حفل زفاف وعد الخطيب وحمزة، وانتقال الثنائي إلى منزلٍ جديد، وابتهاج الأطفال برسمهم بقايا سيارة متفجّرة، وكتابة حمزة رسالة حب لزوجته في الثلج، ولحظة اكتشاف الخطيب حملها بطفلتها الأولى، هي وأمثالها ما مكّن الشعب من الصمود كل هذه السنوات.

لكن محاولات مد أمد السعادة، والقفز على المعاناة، وصلت نهايتها عندما حاصرت قوات النظام وحلفاؤها حلب، وأحكموا قبضتهم عليها، وخيروا السكان بين الرّحيل والبقاء لتحمّل العواقب.

وبالفعل اختارت الخطيب، وزوجها حمزة، مؤسس «مستشفى القدس» التي اتخذا مقرها محل إقامة لهما شرقي حلب، الرّحيل إلى المنفى وطلب اللجوء في المملكة المتحدة مع ابنتيهما الصغيرة. وعلى اسم الصغيرة، سما، أسمت وعد اسم الفيلم، الذي يعتبر دليلًا قويًا من قلب الحرب في سوريا، وسلاحًا في النضال ضد المعلومات المضللة.

برزت أهمية الفيلم عندما استعانت به مديرة السّياسة في جمعيّة «أطباء لحقوق الإنسان»، سوزانا سيركين، في شهادتها أمام مجلس الأمن في 30 يوليو (تموز) الماضي 2019، لدعم نقاشها عن «التدمير المنهجي وواسع النطاق للمرافق الصحية ومقتل مئات الأطباء والممرضين والصيادلة والمسعفين على يد النّظام السوري وحلفائه الرّوس».

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل دخل الفيلم التاريخ عندما فاز بجائزة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون «بافتا» لأفضل فيلم وثائقي في الرابع من فبراير (شباط) الجاري، بعد أن ترشح في أربع فئات في جوائز بافتا، وهو ما جعله الفيلم الوثائقي الأكثر ترشيحًا على الإطلاق. كذلك كسب الفيلم أرضًا جديدة، وجذب الانتباه أكثر وأكثر لمعاناة السوريين، عندما تم ترشيحه لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي، رغم أنه لم يحصل عليها.

وحصل الفيلم على جائزة «L’oeil d’or»، أفضل فيلم وثائقي في مهرجان كان السينمائي في عام 2019، بالإضافة جائزة «العين الذّهبية». وفاز بجوائز متعددة في جوائز الفيلم البريطاني المستقل في ديسمبر (كانون الأول) 2019 بما في ذلك أفضل فيلم بريطاني مستقل، وأفضل فيلم وثائقي، وأفضل مخرج وأفضل تحرير.

2. «جندي مجهول».. توثيق بطولات مقاتلي حمص 

في قلب الأحداث الجسام، دائمًا ما يكون هناك أبطال مجهولون؛ هؤلاء الذين تركوا كل شيء دفاعًا عن فكرة، وتأتي السينما لتخليد ذكراهم. وبالفعل، لعب فيلم «جندي مجهول» هذا الدور الكلاسيكي للسينما.

وجرى إنتاج هذا الفيلم وإعداده وتمثيله من خلال ممثّلين غير مشهورين؛ إلا أنهم جعلوا من شخصيّات الثوار التي جسدوها، أبطالًا في عين المشاهد في آخر الفيلم، ما جعله أكثر الأفلام تعبيرًا عن روح الثورة السوريّة.

ويحكي الفيلم عن مقاتلي مدينة حمص المجهولين، الذين تركوا عائلاتهم وأطفالهم وفضلوا البقاء على جبهات القتال دفاعًا عن حياة المدنيين تحت وطأة القصف المستمر للنظام السوري، وبالأخص قرية تعرف بـ«المزرعة» التي عانى أهاليها الويلات من القصف المتواصل للنظام.

ويركز الفيلم على معركة «برج الحافظ» في 2013، التي أحدثت حالة من التخبط في صفوف قوات «حزب الله» وقوات النظام بعد الهزيمة التي تلقوها داخل هذا البرج. وكشف الفيلم أن من حاصر حي الوعر بحمص هي مليشيات «حزب الله» اللبناني وليس قوات النظام، وهو ما ظهر في رفع الرايات الخضراء والسوداء وأعلام الحزب في الحي.

وفي تصريحات صحافية، قال مخرج الفيلم، همام أبو زين، «الجندي المجهول في فيلمي ليس كما يعتقد الناس أنه مجهول الهوية ولم يُر أبدًا، ولكنه بين ظهرانيهم»، مضيفًا: «الجندي المجهول هو: ذاك المجاهد الذي ترك أهله وعائلته وربما مدينته لكي يستبسل بالدفاع عن الناس، وهو الذي رفض الظهور بسلاحه وعتاده أمامهم، لأنه يعلم أن هذا السلاح أتى للدفاع عنهم وليس لرفعه في وجههم».

3. «درب الحرية.. بوصلة الثورة».. هنا قلب «عاصمة الثورة» السورية

ما زلنا مع حمص، حيث يروي الفيلم الوثائقي «درب الحرية.. بوصلة الثورة»،  يوميّات معيشة من واقع عاصمة الثورة السوريّة، وهي المدينة التي اختزلت مسار الثورة وشهدت شوارعها وأزقّتها تاريخًا كتبه أبناؤها الأبطال، ما جعلها تعبر رمزيًا عمّا حدث في سوريا خلال السنوات الماضية.

 

ويسلط الفيلم الضوء على حمل أبناء حمص السلاح في وجه آلة القتل التي كان يوظفها النظام السوريّ على مظاهراتهم السلميّة المطالبة بالحريّة والكرامة والديمقراطية، وحفاظهم على مسار ثورتهم رغم اضطرارهم للدفاع عن أنفسهم بالقوة.

ويتميز هذا الفيلم بخصوصية فريدة، ذلك أن أبطاله أشخاص حقيقيون، منهم من قتل، ومنهم من هُجّر، ومنهم من اعتقل، أما البقية فما زالوا يقاومون في سوريا. ويوثق الفيلم صراعاتهم التي عاشوها وواكبتها أفئدتهم وعقولهم، ويعكس رؤيتهم للأحداث التي غيّرت المسارات والتوجّهات في هذه المدينة.

الأكثر من ذلك، أن كل أغنية في الفيلم تعكس مرحلة معينة من الثورة يتم توثيقها بشكل مبسط مع صور أرشيفية، ولقاءات مصغرة مع مختصين في الشأن السوري أو ناشطين من حمص، بل أن جميع الأغاني مأخوذة من قصائد شعبية مشهورة في حمص، وأٌعيد تلحينها ومنحت الفيلم روحًا ورونقًا، فضلًا عن تكرر الهتافات الحماسية التي تثير عاصفة من المشاعر مثل: «حرة وعزيزة هالبلد تكبر معاليها، ما همها جور العدا ولا هابت الإجرام، مع كل دم انسكب أجيال تحييها، شوفوا حمص يا ناس، فيها الوفا قوام».

وبين كل أغنية والأخرى، تحدث قفزة زمنية في أحداث الفيلم وتوثيقه للأحداث في حمص، فمن جمعة الكرامة الأولى إلى إضراب الكرامة الذي جعل المدينة صاحبة أطول إضراب في تاريخ البلاد، إلى خروج أحياء المدينة واحدًا تلو الآخر عن سيطرة النظام بما في ذلك الأحياء الغنية والفقيرة دون تمييز طبقي.

4. «عودة إلى حمص».. حكاية نضال «عاصمة الثورة» السورية

يحكي فيلم «عودة إلى حمص» للمخرج السوري طلال ديركي قصة شابين من المدينة التي يعدها الثوار «عاصمة الثورة» ضد بشار الأسد. ومن خلال قصة الشابين، يرصد الفيلم قصة الثورة وحكايات نضال وصمود من المدينة في وثائقي نال جائزة أفضل فيلم وثائقي أجنبي في مهرجان «ساندانس» الأمريكي للسينما المستقلة عام 2014.

ويتناول الفيلم من خلال حكايات حمص، تطور الأزمة التي بدأت باحتجاجات مناهضة للنظام منتصف مارس (آذار) 2011، ثم تحولت إلى حرب أودت بحياة عشرات الآلاف.

 

ويبرز الفيلم جهود العاملين في مستشفى الغوطة الشرقية تحت القصف، من أجل مساعدة الناس وإنقاذهم. وفي هذا الإطار، تبرز شخصية الطبيبة السورية أماني بطلة الفيلم، وتروي المشاهد المتعاقبة كيف أصبحت أماني مسؤولة عن المشفى وطاقمه والمرضى والمصابين.

وما يضيف موثوقية للفيلم أن جميع أبطاله حقيقيون، حتى أن بطلته الرئيسية أماني، قالت في تصريحات صحافية «هذه قصة مهمة للنساء اليوم وللأجيال المقبلة. تدور حول النساء اللواتي يردن الاستقلال والتغيير في الحياة، آمل أن يراه مزيد من الناس لنقترب أكثر من إنهاء الحرب وتحقيق العدالة، لا بد من أن يتغير أمر ما».

مخرج الفيلم، فراس فياض، قال إن الدافع وراء إنجاز هذا الفيلم تمثل في «شعوره بالمسؤولية لكشف الجرائم التي يشهدها الشعب السوري في ظل الخذلان الدولي إزاء استخدام نظام الأسد الأسلحةَ الكيماوية عام 2013، والتي تُعد واحدة من أكثر جرائم الحرب وحشية في التاريخ الحديث».

ووصل الفيلم العالمية، إذ حصل على 10 جوائز عالمية أبرزها جائزة «مهرجان تورنتو» السينمائي الدولي لعام 2019، وجائزة أفضل فيلم وثائقي بمهرجان «بلد الوليد» السينمائي الدولي، وترشح أيضًا للأوسكار.

6. «الخوذ البيضاء».. من تحت الأنقاض في مواجهة النظام السوري 

«الخوذ البيضاء» أو (The White Helmets) هو فيلم وثائقي من إنتاج شبكة «نتفلكس» الأمريكية، فاز بجائزة «أوسكار» عن أفضل فيلم وثائقي قصير عام 2017، لكن لم يتمكن فريق العمل من حضور الحفل واستلام الجائزة لصعوبة التنقل وانتهاء صلاحيات الأوراق القانونية للبعض منهم.

يحكي الفيلم قصة منظمة الدفاع المدني السوري أو «الخوذ البيضاء» التي تأسست بجهود ذاتية لمتطوعين عكفوا على المساعدة في إنقاذ ضحايا القصف الذي يشنه النظام السوري على المدن.

 

وثائقي / الخوذ البيضاء

 

وتمكنت المنظمة من إنقاذ عشرات الآلاف من تحت أنقاض الأحياء التي يطالها قصف النظام، وساعدت مئات الألوف الآخرين من النازحين والمنكوبين في مناطق متعددة من سوريا. وتعرضت المنظمة لحرب من النظام السوري وروسيا، إذ تعمدا تشويه صورتها.

واللافت للنظر أن مصور الفيلم، خالد الخطيب، هو مسعف في إحدى فرق الخوذ البيضاء، ما أضاف لمصداقية الفيلم ومنحه شهرة عالمية كبيرة، ما ساهم بالتالي في إيصال معاناة السوريين للعالم. ويتحدث الفيلم عن البطولات اليومية لمتطوعي المنظمة، وتضحياتهم لإنقاذ المدنيين من تحت الأنقاض نتيجة قصف قوات الأسد، على مناطق سيطرة المعارضة.

7. «آخر الرجال في حلب».. التمسك بالأمل في مواجهة براميل الموت

فيلم آخر يصل للأوسكار، ويقف وراءه المخرج فراس فياض، هو فيلم آخر الرجال في حلب، الذي وصل في عام 2018 للقائمة النهائية لأفضل خمسة أفلام وثائقية، مرشحة للحصول على جائزة الأوسكار.

يحكي الفيلم الوثائقي أيضًا بطولات رجال «الخوذات البيضاء» الذين كرسوا حياتهم لإنقاذ ضحايا القصف السوري منذ بداية حصار مدينة حلب، وتمسكوا بالأرض على أمل هزيمة النظام السوري، رغم الظروف الصعبة والقنابل التي تسقط من السماء دون توقف.

8. «مدينة الأشباح».. أن تكون صحافيًا في الجحيم السوريّ

يسلط فيلم «مدينة الأشباح» الضوء على التحديات والمخاطر واسعة النطاق التي يتعرض لها الصحافيون المواطنون في تغطية الصراع السوري، جنبًا إلى جنب مع فظائع «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» في مدينة الرقة.

وتدور أحداث الفيلم حول الحرب الأهلية في سوريا، حيث يخاطر أعضاء مجموعة «الرقة تذبح بصمت» البطولية -التي تتألف من عدد من الصحافيين- بحياتهم لتسجيل الأعمال الوحشية التي يرتكبها تنظيم «داعش». وفي 2017، وصل الفيلم الذي قام بإخراجه الأمريكي ماثيو هاينمان، القائمة القصيرة للأفلام الوثائقية المرشحة لجوائز الأوسكار.

9. «حب في الحصار».. العشق في زمن الثورة

لطالما ارتبطت قصص الحب تاريخيًا بالثورة والثوار، وكُتبت الروايات لتخليدها، والثورة السورية ليست استثناء، إذ يحكي فيلم «حب في الحصار» يوميات عائلة سوريّة مكونة من أب وأم وأربعة أطفال، تقيم في منطقة محاصرة، ويأخذ المشاهد في رحلة عبر الظروف المحيطة وأدق تفاصيل الحصار، ونضال الأسرة يوميًّا للبقاء على قيد الحياة، وتمسك الأب والأم بحبهما رغم الظروف الصعبة.

 

حب في الحصار

 

وتدور أحداث الفيلم في الفترة بين عامي 2012 و2017، وفيها عايشت العديد من المدن والبلدات السورية حصارًا خانقًا كان يفرضه النظام. وفاز الفيلم الذي يمتد لـ15 دقيقة، بجائزة سمير قصير لحرية الصحافة عن فئة التقرير السمعي البصري، عام 2016.

10. «ضائع في لبنان».. مآسٍ إنسانية من قلب مخيم اللاجئين

يصور الفيلم الذي جرى تصويره في مخيم للاجئين في لبنان، الحياة اليومية للهاربين من جحيم الحرب في سوريا، بما في ذلك فنان وسيم علق بين الإبداع وتناول الكحوليات، وشابة تدعى ريم، تحطمت آمالها في أن تصبح مهندسة معمارية بعد إدراجها في القائمة السوداء لمشاركتها في الاحتجاجات ضد النظام السوري.

الفيلم الذي صدر في 2017، يركز على الآثار النفسية للصراعات والبعد عن الوطن. وعلى مدار الفيلم، تتحدث ريم عن مشاهدتها حالات انتحار بين الأطفال، وعن الأطفال الذين شهدوا الحرب والموت والقتل والتعذيب. وتقول «هؤلاء الأطفال قنابل موقوتة».

 

المصـــدر

المزيد
من المقالات