إحياء صيغة العيش المشترك بين السوريين ودور التربية في تأكيدها ونشرها

ديسمبر 21, 2022

ريمون المعلولي

دراسات

تنطلق مادة هذه الورقة من فرضية زعمها أن التعصّب، بوصفه اتجاهًا، هو حصيلة التفاعل بين الفرد والبيئة المادية والثقافية، فهو متعلم/ مكتسب، وليس فطريًا أو موروثًا. إذًا يمكن مقاومة التعصّب بالتعلم.

كي يتمكن الناس المتباينون وفق أي اعتبار كان -إثنيًا أو دينيًا…- من العيش معًا أو التعايش، عليهم الانخراط في حوارٍ واختلافٍ، ثم تفاهم واتفاق على ما يجمعهم من مصالح وأهداف مشتركة، مع وعي تام لنقاط الاختلاف والاتفاق على أنها لا تفسد جوهر العلاقة، ولا تقلل من أهمية ما يجمعهم وتم التوافق عليه، وستكون المشتركات بمنزلة الوشائج التي تشدهم إلى بعضهم، وتقوي من قناعاتهم بصيغة العيش المشترك، بما تتضمنه من تفاعلات فيها الأخذ والعطاء بين الأطراف الثقافية.

إذًا، تتجاوز صيغة التعايش، أو العيش المشترك حالة ارتصاف المجموعات إلى جانب بعضها فحسب، وتتعدى ذلك إلى قيام روابط وعلاقات ومصالح مشتركة ومنافع متبادلة، مع الوعي بما يمايزها من بعضها ورضى أفرادها بوجودها، وفي مراحل لاحقة يمكن عدُّ تلك التمايزات والروابط ميزات تُغني المجموعات الثقافية، وتؤدي إلى مزيد من التماسك لعناصر المنظومة المجتمعية العامة، وفق صيغة التنوع في إطار الوحدة.

لقد أنتجت الأقاليم الجغرافية السورية، من خلال تنويعاتها -بالتحالف مع تاريخ مديد ومعقد لسكانها- تنويعات بشرية/ ثقافية، هي في الحصيلة تعبيرات عن مجموعات فريدة من القيم والمعتقدات والمواقف والتوقعات، إضافة إلى اللغات والرموز والعادات والسلوكات التي يمتلكها الأفراد بحكم مشاركاتهم الآخرين بعض الخصائص المشتركة، ما يمنحها مزيدًا من الغنى والتوازن والاستقرار والقدرة على النمو والتطور، حيثما توفرت لها ظروف التفاعل والتشابك. لذلك يمكن القول إن غنى المجتمع بالتكوينات الثقافية، ونجاحه في توفير بيئة ملائمة لتفاعلها وتناغمها، يحتاج بالضرورة إلى بيئة سياسية ذات طابع ديمقراطي يوفر متطلبات الإدارة الناجحة لتنوعاتها. فبينما تتمكن مجتمعاتٌ من إدارة تنوعاتها الديموغرافية الثقافية بنجاح مستفيدة من مزاياها، تفشل مجتمعات أخرى في تحقيق إدارة مكوناتها، ويكون مصيرها الانجرار إلى الفوضى والتفكك الاجتماعي.

لقدشهدت سورية أحداثًا عاصفة خلال العقد الثاني من هذه الألفية، وما زالت، وأدت إلى زعزعة استقرارها النسبي، على جميع الصُعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإيكولوجية… ما عرّض المجتمع وتكويناته المختلفة للأذى الشديد، حيث نمت عوامل الفرقة والتعصب والعداوة بين مختلف تلك التكوينات، وبات عدد من المسلمات المتصلة بالتنوع والتعايش وقبول الآخر مهددًا في العمق.

لقد خلخلت الأزمة السورية المنظومات القيمية، وأحلت مكانها قيمًا أخرى تجد تعبيراتها الواضحة عند سؤال السوريين عن اتجاهاتهم بخصوص تلك القيم، ونحو بعضهم.

كيف ينظر السوريون إلى صيغة التعايش في ما بينهم اليوم؟

وهل ما زالوا مستعدين للعيش المشترك: اثنيات وطوائف واتجاهات أيديولوجية، بعدما تعرض عدد من الأواصر التي كانت تربطها -بحدها الأدنى- للتمزق؟

لقد تمكَّنا من الوقوف على اتجاهات عينة عشوائية من السوريين، بخصوص فكرة التعايش الآن وفي المستقبل، من خلال عدد من العبارات التي قُدمت لهم كفرضيات، وكان المطلوب إثباتها أو نفيها عبر استجاباتهم لها، وكانت النتائج كما يأتي:

سأشعر بالأمان إن تمكّنت من العيش في بيئة تشبهني اجتماعيًا: في المستوى الإجمالي للعينة، لوحظ وجود اتجاه قوي لدى الأغلبية (83.8%) للعيش في وسط اجتماعي يغلب عليه التشابه الاجتماعي، في مقابل (10.8%) من المستجيبين عبّروا عن رفضهم صيغة التجانس تلك. فيما لم يُعلن صراحة عن اتجاهه (5.0%) من المستجيبين.

سوف يتمكن السوريون من العيش معًا على الرغم من اختلافاتهم السياسية:64.3% من عينة السوريين يرون أنهم قادرون على التعايش معًا في بيئة تضم تباينات سياسية، وهذه النسبة موزعة على شدّتي الموافقة (23.8%) والموافقة بقوة و(40.6%) موافق، ولم يحدد 11.5% موقفهم تجاه الفكرة، فيما لا يرى (24%) من العينة إمكانية تعايش المختلفين سياسيًا في المستقبل.

* لم يعد بإمكان السوريين المتباينين، دينيًا أو مذهبيًا، العيش معًا بعد ما جرى في سورية: لقد فَقَدَ (37%) من أفراد العينة الثقة في إمكان تعايش المختلفين دينيًا أو مذهبيًا من السوريين. في مقابل ذلك يملك (46.5%) الثقة في إمكان العيش المشترك بين السوريين المختلفين على أسس دينية أو مذهبية، بينما لم يقدم رأيه (16.5%) من أفراد العينة، فقد اتخذوا موقف الحياد. بمعنى أنهم غير متأكدين من إمكان العيش المشترك أو عدمه.

يعجبني أنني أنتمي إلى شعب سوري متنوع المكونات الدينية والإثنية: الإعجاب بفكرة أنك تنتمي إلى شعب متنوع جذبت (64.68%) من العينة إليها، وأبدوا إعجابهم بها، في مقابل (28%) لم تعجبهم فكرة التنوع الإثني والديني. بينما لم يصرح (7.2%) من المستجيبين عن اتجاهاتهم حيال تلك الفكرة.

توزيع اتجاهات السوريين (العيّنة) بخصوص قيمة التعايش

توزيع اتجاهات السوريين (العينة) بخصوص قيمة التعايش

هذه حصيلة عامة لاتجاهات عينة عَرَضية – متيسرة من السوريين ممثلة لأماكن وجودهم المختلفة، واتجاهاتهم السياسية وكذلك انتماءاتهم الإثنية والدينية والمذهبية والجندرية (جنسهم). وقد بلغ متوسط درجات الاتجاهات على كل البنود عند مستويي (موافق وموافق بقوة) (62.4%) وللموقف المحايد (10%)، في مقابل (27.4%) في مستوييها المخالفين (غير موافق وغير موافق بقوة).

واللافت أن البند الثالث “لم يعد بإمكان السوريين المتباينين دينيًا أو مذهبيًا العيش معًا بعد ما جرى في سورية”. قد لاقى أعلى نسبة في مستوى (لا رأي لي) (16.5%) مقارنة بباقي البنود، ويبدو أن العبارة كانت محيرة، وغير يقينية والحسم فيها بالموافقة أو الرفض كان محيرًا، ولو أضفنا نسبته إلى نسبة المصدقين للعبارة بشقيها (37.0%) لارتفعت نسبتهما معًا إلى (53%)، وهم الموافقون أو أصحاب الاتجاه الغامض ما يعني أن أكثر من نصف العينة سجل موقفًا مؤيدًا أو حياديًا نحو بند مهم وذي مغزى.

لقد تمكنَّا من خلال تعرّف اتجاهات بعض السوريين (عينة منهم) بخصوص قيمة التعايش، من استنتاج أن جزءًا منهم بات متشككًا في عدد من الصيغ والمضامين المعبرة عن قيمة العيش المشترك، فيما عبر بعضهم عن ترددهم وخوفهم وعدم ثقتهم في مستقبل العلاقات المفترضة بين مكونات المجتمع السوري. إنها ثغرة خطرة تمس صميم صيغة العيش المشترك، ولا بد من مواجهتها.

ولأن الاتجاهات هي عواطف مكتسبة، متعلمة، وهي نتاج الخبرات المعيشة إلى حد كبير، فلا بد إذًا من الاستعانة بالمنظومة التربوية، بوصفها ميدانَ فعلٍ مؤكد النتائج (لو أحسنّا تشغيلها) من حيث قدراتها على تعديل الاتجاهات، بل إعادة بنائها وفق أسس جديدة مرغوب فيها بغية ترسيخ قيمة التعايش بين السوريين.

إذًا، في مقابل بروز اتجاهات سلبية لدى بعض السوريين تناصر التعصب والتشدد، والكره وعدم القبول بصيغ العيش المشترك، تطرح التربية سؤالها الأهم: أي إنسان نريد من التربية أن تُعده؟

إنه سؤال يقع في صميم فلسفة التربية ما يستوجب إصلاحًا حقيقيًا للمنظومة التربوية بدءًا برسم سياستها وغاياتها البعيدة وأهدافها القريبة، فضلًا عن إعادة صوغ خصائص مدخلاتها وعملياتها.

ومن دون شك تُعدُّ وحدة التعليم الأساسي، وعموميته إحدى ضمانات الوحدة الثقافية المؤسسة على مضامين تعليمية تتسم بالانفتاح والمرونة، مضامين تربي على مبادئ المواطنة المتساوية الموجهة بحقوق الإنسان، مؤكدة النوعية التي تُبرز قيم التنوع والوحدة معًا، وتعززها، يشارك في صوغ أهدافها ممثلون عن الثقافات السورية المختلفة.

لذلك دعا خبراء التربية العرب إلى اعتماد “النوعية التي تعكس استراتيجيات شاملة للجميع وتعددية تتماشى مع سياقات التلاميذ، من حيث المضمون والشكل، وإلى جانب عناية التربية بتنمية (النحن)، لا بُدَّ أن تهتم بخلق الشخصية الإنسانية، المستقلة، وتنمية التفكير النقدي لدى المتعلم، ومساعدته على بلورة أحكامه الخاصة حول المتغيرات، مزودًا بمهارات الحوار وحل النزاعات بطرائق سلمية، متقنًا فنون الذكاءين الثقافي والعاطفي”[1].

وتتطلب تربية الشخصية المستقلة تدريب المتعلمين على ممارسة الديمقراطية والوعي بالحقوق والواجبات، وتزويدهم بمهارات التواصل مع الآخرين واحترام الآراء المغايرة، ومواجهة التعصب.

لذلك، تُعلق آمال كبيرة على أهمية إعداد المعلمين قبل الخدمة وفي أثنائها لهذه المهمة.

وتؤدي العلوم الاجتماعية، باعتبارها أحد مناهج إعداد المعلّمين في كلياتهم، دورًا مهمًا في تمكين المعلم/ الطالب من اتخاذ موقف نقدي، في ما يتعلق بسرعة التعميم على الجماعات المختلفة، ونشر اتجاهات التسامح والمحبة بين الشعوب.

ولمادة التاريخ أهمية بالغة في إكساب المعلمين والمتعلمين الاتجاهات والقيم المؤكدة لفكرة التنوع الثقافي عبر التاريخ، وعرض التجارب الإيجابية والسلبية عن التعايش أو الصراع بين المختلفين، والآثار المترتبة عليها نتيجة تلك التجارب.

ومن مستلزمات النظام التربوي المقترح والساعي إلى تنمية الشخصية المستقلة، اعتماد العلاقات التربوية الاجتماعية مبدأ الديمقراطية الإنسانية داخل مؤسساته، كي تكون المؤسسة التعليمية أقرب إلى الورشات التي يتدرب فيها المتعلمون والمعلمون على ممارسة الديمقراطية في ما بينهم.

ونقترح اعتماد نهج التعلم النشط الذي يمكن المتعلمين من:

* اكتساب قيم المواطنة المسؤولة وسلوكاتها.

* تعلم العيش والعمل المشترك الذي يجب تعميمه في المناهج المدرسية معًا.

مع التشديد على اللغة الأم ودورها في بناء هوية الفرد وتعزيز شعوره بالفخر والانتماء.

إليكم بعض الأمثلة على أهمية التعلم النشط في تمكين المعلم -بوصفه مُيسرًا- من مساعدة طلابه في حل النزاعات، ومنع الإساءات المتبادلة، مع احترام قيمة التنوع القائم في ما بينهم[2]:

أولًا- حل النزاعات بالحوار: يحدث النزاع عندما يكون الأشخاص في حالة خلاف. وقد يحدث ذلك مع صديق، أو والد أو والدة أو شقيق أو شقيقة، أو مع الأقران في العمل أو في المدرسة، أو حتى مع غريب. ويمكن أن تحدث النزاعات عندما لا يحصل الشخص على ما يريد، ويشعر بعدم العدالة في المعاملة.

فالنزاعات جزء من الحياة اليومية، ومن الطبيعي ألا يتفق المرء دائمًا مع الآخرين، وأن يدخل في نزاع معهم. لذا فإن من الأهمية بمكان معرفة كيفية إدارة النزاعات وحلها سلميًا.

ثمة طريقتان للتصدي للنزاع:

الرد العنيف (المجابهة): وهذا الرد لا يساعد في حل النزاع، بل ربما يزيده سوءًا في الحقيقة.

الرد غير العنيف (الحوار): وهذا الرد يجعل من الممكن إيجاد حل إيجابي للنزاع عن طريق إشراك جميع المعنيين به إشراكًا فاعلًا.

– الرد العنيف على النزاع:

* يقوم الرد العنيف على المجابهة والعدوانية. ويمكن أن يكون العنف لفظيًا، أو جسديًا، أو نفسيًا.

* يحاول أحد الأشخاص الضالعين في النزاع الهيمنة على الآخر أو إيذاءه.

* يكون الأشخاص الضالعون غاضبين ويرغبون في الشجار أحيانًا.

* ينظر الأشخاص الضالعون في النزاع إلى بعضهم كأعداء.

* في النهاية، يبدو الأمر كأن الأشخاص الأقوى ينتصرون، لكن لا أحد ينتصر في الحقيقة، لأن لا شيء يُحل، ويستمر النزاع.

– الرد غير العنيف على النزاع:

* يقوم الرد غير العنيف على الحوار.

* يعبّر الأشخاص عن حاجاتهم ويستمعون إلى حاجات الآخرين.

* يستمع الأشخاص بآذانهم، ولكنهم يستمعون بقلوبهم قبل كل شيء.

* الحوار يجعل من الممكن إيجاد حل إيجابي للمشكلة. في نهاية المطاف ينتصر الجميع ويُحَل النزاع.

وعليه، فإن حل النزاع سلميًا يتضمن تسوية القضايا من خلال التعاون والحوار. وينخرط الأشخاص في نقاش من أجل إيجاد حلول ملائمة للمشكلات. وربما تكون هناك حاجة إلى وسيط لضمان نجاح عملية حل النزاع في بعض الأحيان.

ويتمثل دور المعلم/ القائد في مساعدة المتعلمين على بناء القدرات الضرورية، وذلك كي يتمكنوا من تعلم كيفية حل النزاعات بأنفسهم تدريجيًا.

وعندما يحدث خلاف أو شجار، يمكن للمعلم أن يتصرف كوسيط،وأن يوجه المتعلمين إلى استخدام الأسلوب السلمي لحل النزاعات لتسوية خلافاتهم.

وكي يُعزز الحل السلمي للنزاع من المفيد للمعلم:

* الاعتراف بوجود نزاعات، وتجنب التقليل من شأنها، ويذكِّر المتعلمين بأنه من الطبيعي أن تكون هناك نزاعات، وأنهم كي يتمكنوا من حل مشكلة ما، يجب أولًا أن يعترفوا بوجود المشكلة.

* تشجيع المتعلمين على التعبير عن مشاعرهم، ولا سيما المشاعر السلبية، وتذكرهم بأن من الطبيعي أن يشعر المرء بالغضب أحيانًا، وأن يرغب في التعبير عن ذلك الغضب.

* التدخل فور وقوع عمل عنيف: لا يجوز للمعلم التعامل مع الأفعال العنيفة، الجسدية أو اللفظية، على أنها غير ذات أهمية.

* تذكير المتعلمين بأنه: في حين إن من الطبيعي أن يشعر المرء بالغضب، فإن من غير المقبول أن يمارسه ضد الآخرين.

* يعرض المعلم أسلوب حل النزاع سلميًا على الجدار، ويقترح استخدامه كلما نشأ نزاع، وربما يمكن إدماجه في قائمة قواعد السلوك.

* من المهم أن يكون المعلم نموذجًا يُحتذى للمتعلمين باستخدام الأسلوب السلمي لحل النزاعات بهدف حل أي نزاعات قد تنشأ.

ثانيًا استراتيجيات غرس القيم:

وهي أنشطة تربوية يمكن للمعلم/ المعلمة اعتمادها بيسر داخل الصف، خلال جزء من الحصة الدرسية. من أمثلة القيم: التعايش، تقبل الاختلاف، احترام الرأي المختلف… الخ.

مثال: غرس قيمة التعايش[0]:

تتحدد معالم وشروط قيمة التعايش بالأهداف التالية:

– محاربة الكراهية وتعزيز قيمة التعايش.

– تدريبات لتعزيز قيمة التسامح: (داخل الفرد، داخل الأسرة، داخل المدرسة، داخل بيئة العمل، داخل المجتمع بصورة عامة).

وفي المدرسة، يمكن تشجيع التلميذ على أن:

– يتبرع بكتب أو أفلام أو مجلات أو أي مواد تعزز التسامح وتنبذ العنف، ويقدّمها إلى مكتبة المدرسة.

– يشارك في جماعة “لتسوية النزاعات في المدرسة”.

– يتأكد من مدى خضوع مدرسته لنظام قبول المعوقين فيها.

– يعمل المعلم على توفير ضمانات ووسائل توفر ثقة التلاميذ للإبلاغ عن المضايقات أو التحرشات.

– يقوم المعلم بإعداد ندوات لعرض أنماط الحياة لدى شعوب وثقافات مختلفة.

– يدعو تلميذًا يتحدث بلغة مختلفة أو لهجة مختلفة، ليلقي تحية الصباح على رفاقه.

– يجعل مدرسته حريصة على ألا تعقد امتحانات أو لقاءات مهمة في أوقات الأعياد المهمة للجماعات الدينية والعرقية، وذلك لتشجيع التلاميذ على احترام التنوع الديني والعرقي.

ثالثًا- استراتيجيات تعديل الاتجاهات

حظيت مسألة تعديل الاتجاهات وتغييرها باهتمام كبير من علماء النفس، وهي غالبًا ما تكون في نطاق التوجهات السلوكية أو التوجهات المعرفية في علم النفس الاجتماعي.

وأهم الأساليب المتبعة في تعديل الاتجاهات وتغييرها:

1- الاتصال المباشر بموضوع الاتجاه: إن الاتصال المباشر بموضوع الاتجاه يسمح للفرد بأن يتعرف على الموضوع من جوانب جديدة، ما يؤدي إلى تغيير اتجاه الفرد نحوه.

2- تأثير الأحداث المهمة: يؤثر تغيير الأحداث في تغيير الإطار المرجعي، وتغيير الإطار المرجعي يؤثر في تغيير الاتجاهات.

3- تأثير رأي الأغلبية ورأي الخبراء: تتأثر الاتجاهات، ويمكن تغييرها بالإقناع باستخدام رأي الأغلبية ورأي الخبراء “المشهورين”[4].

4- أثر وسائل الإعلام والاتصال الجمعي: تقدم وسائل الإعلام المختلفة المعلومات والحقائق والأخبار والأفكار والآراء حول موضوع الاتجاه، وهذا يساعد بطريقة مباشرة في تغيير الاتجاه، إما إلى الإيجابية أو السلبية[5].

5- طريقة قرار الجماعة: وهي أقوى الطرائق لتغيير الاتجاهات، فحين تتغير معايير الجماعة المرجعية للفرد، فإن معايير الأفراد تتغير أيضًا وتقل مقاومتهم للتغيير، وذلك لأن كثيرًا من مقاومة التغيير يتصل بالعلاقة بين الذات والجماعة المرجعية، أي إنه كان دفاعًا عن الأنا في طبيعته، ولعل التأثير الكبير لقرار الجماعة في تغيير الاتجاهات يرجع إلى أنه يقلل من حاجة الأنا إلى الدفاع عن نفسها[6].

6- المناقشة: أكدت الدراسات أن اتجاهات الفرد تتأثر وتتغير عن طريق المناقشة الجماعية بنسبة أكبر من تأثرها بالمحاضرات النظرية.

خلاصة:

– الحوار بين السوريين مهمّ جدًا، فهم بصدد السعي إلى صوغ عقدهم الاجتماعي على أسس جديدة تنظم علاقاتهم مع السلطة القادمة، وفي ما بينهم. ويستعدون أيضًا لصوغ دستور جديد للبلاد.

إذًا لا بد من تنشيط الحوار بين ممثلي التكوينات الديموغرافية – الثقافية، من أجل ردم الفجوات القائمة في ما بينهم من خلال البحث عما يجمعهم، ويسمح ببناء مستقبل مستدام لفكرة التعايش والسلام الأهلي.

– لا بد من دراسة أوجه الاختلاف التي تباعد بين السوريين الذين ينتمون إلى جماعات متنوعة، من دون الانتقاص من مركزية المواطن السوري – الإنسان.

– الحوار البيني (السوري- السوري) يحتاج إلى تنمية قدرات من طبيعة معرفية ومهارية مستمدة أساسًا من ميدانيّ الذكاءين الثقافي والعاطفي، قدرات تُمكن الإنسان من فهم الآخر، والنجاح في التعامل معه. وسيكون لهذه القدرات نتائج باهرة في مستويات عدة، منها: التفاهم سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا وحضاريًا، وإزالة التوتر ونزع مبررات الخلاف والصراع بمختلف أنواعه.

المراجع:

– دويدار، محمود. علم النفس الاجتماعي، بيروت، دار النهضة العربية، 1994.

– زهران، حامد عبد السلام. علم نفس نمو الطفولة والمراهقة، القاهرة، عالم الكتب، 1977

– المعلولي، ريمون: مقاربة نظرية لفهم تنويعات المنظومة الديمغرافية السورية، مركز حرمون للدراسات المعاصرة أيلول/ سبتمبر 2020 انظر المقالة عبر الرابط: https://2u.pw/WhvYp

– مرعي، توفيق وبلقيس أحمد. الميسر في علـم الـنفس الاجتماعـي، ط 2 عمان، مطـابع الجمعية العلمية الملكية، 1984.

– اليونسكو/ المكتب الإقليمي- بيروت، تعزيز الحوار بين الثقافات في الدول العربية، تقرير الاجتماع الدولـــي للخبـــراء، بيروت 2012.

International Centre for Human Rights Education- Equitas. Montreal, Canada 2008, (www.equitas.org


[1] اليونسكو/ المكتب الاقليمي – بيروت، تعزيز الحوار بين الثقافات في الدول العربية، تقرير الاجتماع الدولـــي للخبـــراء، بيروت 2012 ص 41

[2] -International Centre for Human Rights Education- Equitas. (2008). Montreal,Canada (www.equitas.org

[3] https://bit.ly/3Pbfj5J

[4] حامد عبد السلام زهران، علم نفس نمو الطفولة والمراهقة، (القاهرة، عالم الكتب، 1977)

[5] محمود دويدار، علم النفس الاجتماعي، (بيروت، دار النهضة العربية، 1994).

[6] توفيق مرعي وبلقيس أحمد، الميسر في علـم الـنفس الاجتماعـي، ط ٢ (عمان، مطـابع الجمعية العلمية الملكية، 1984).

[0] راجع المعلولي، ريمون، التربية وتنمية الشخصية الاجتماعية، دار الاعصار العلمي، عمان، الاردن: 2015

المزيد
من المقالات