فهرس الدراسة
تقديم
1- الخسائر البشرية
2- الاعتداء الجنسي
3- النزوح
4- أضرار القطاع الصحي
5-التدهور الاقتصادي
6- تدني مستوى التعليم
7- ارتفاع معدلات الجريمة
8- نمو ظاهرة البغاء
9- الارتزاق
10- تجنيد الأطفال
11- فوضى السلاح
12- المشكلات الاجتماعية
خلاصة
تقديم
قبل أربعة أعوام، مع دخول الصراع عامه السابع، صنفت الأمم المتحدة النزاع في سورية بوصفه “أسوأ كارثة من صنع الإنسان منذ الحرب العالمية الثانية”([1])، واليوم -وهذا النزاع يوشك أن يتم عامه العاشر- صارت هذه الكارثة أسوأ كثيرًا كمًا وكيفًا، وامتدت إلى كافة مجالات الحياة وميادين المجتمع، ووضعت عليها بصماتها الطاغية التي ما زالت تنمو بشراسة، ولا يبدو أن نهاية ذلك قريبة.
هذه الدراسة مساهمة في توضيح تفاصيل الواقع السوري المأساوي بعد عشر سنوات من الحرب المدمّرة، وما أصيب به من أضرار فادحة إنسانيًا واقتصاديًا وأخلاقيًاوعلميًا وسوى ذلك.
1- الخسائر البشرية
تشمل هذه الخسائر القتلى والمصابين بإعاقات دائمة والمفقودين بين المحاربين والمدنيين من الرجال وبين النساء والأطفال، وليس هناك إحصائية رسمية دقيقة شاملة لعدد هؤلاء الضحايا، ولكن المعطيات المختلفة جميعها تجمع على ضخامة أعدادهم، ووفقًا لجريدة الشرق الأوسط في عددها 15013 الصادر في 5 كانون الثاني/ يناير 2020، ونقلًا عن (المرصد السوري لحقوق الإنسان)، فقد تسببت الحرب السورية، منذ اندلاعها في 2011 بمقتل نحو 585.000 شخص، جرى التأكد من مقتل نحو 380.000 منهم، بينهم أكثر من 115.000 مدني يدخل في عدادهم نحو 22.000 طفل وأكثر من 13.000 امرأة، إضافة إلى إصابة مليوني شخص بجروح مختلفة وإعاقات دائمة وتشريد 12 مليونًا من سكان سورية الذين بلغ عددهم 23 مليونًا في 2011([2]).
تقول (الشبكة السورية لحقوق الإنسان) في تقريرها الصادر في 30 حزيران/ يونيو 2020 بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب إن 14388 شخصًا قتلوا بسبب التعذيب على أيدي أطراف النزاع الرئيسة الفاعلة في سورية منذ آذار/ مارس 2011 وحتى حزيران/ يونيو 0202([3]).
فيما ترى منظمة الصحة العالمية أن الأزمة السورية هي إحدى أكثر الحالات الطارئة خطورة وتعقيدًا في العالم، لا سيما وأن النزاع ألحق الضرر وأضعف المرافق الصحية إلى حد كبير، ووفقًا لبياناتها في آذار/ مارس 2019 تصل نسب الإعاقة في بعض المناطق إلى 30% من السكان، ويعاني حوالى 45% من مصابي الحرب إعاقة دائمة تتطلب عناية متخصصة لمدة طويلة بعد انتهاء الأعمال الحربية([4]).
2- الاعتداء الجنسي
تشير كثير من المعطيات الموثقة إلى تفشي العدوان الجنسي في الصراع السوري واستخدامه بشكل ممنهج من معظم أطراف الصراع، وإلى استهدافه الرجال والأولاد، لا النساء والفتيات وحدهن، وهذا ما تؤكده (لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سورية) التي تقول في تقاريرها إن العنف الجنسي والجنساني المُوجَه ضد النساء والفتيات والرجال والأولاد هو سمة من بين سمات النزاع المُدمِرة والمُستشرية، وأن أطراف النزاع السوري أخضعت -على مدى السنوات الماضية- النساء والفتيات والرجال والأولاد للعنف الجنسي والجنساني بوصفه أداة لنشر الرُعب وللإذلال أو للعقاب، أو أداة لفرض نظام اجتماعي صارم في حالة المجموعات الإرهابية([5]).
تقول شارو لاتا هوغ (Charu Lata Hogg) الباحثة في تشاسام هاوس (Chatham House) والمديرة التنفيذية لمنظمة (مشروع جميع الناجين) في مقال لها على موقع (الحقوق العالمية المفتوحة Open Global Rights): “يُعدّ العنف الجنسي المتعلق بالنزاع من بين انتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي اتّسم بها النزاع المسلح في سورية. وفي حين ما زال العنف الجنسي مشكلة جسيمة تواجه النساء والفتيات، فقد قامت أيضًا الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية دولية وقطرية بتوثيق وقائع عنف جنسي ارتُكبَت بحقّ الرجال والفتية. وتكشف البحوث السابقة أيضًا عن الخطر القائم بحق الرجال والفتية… وقد صدر تقرير جديد يُشير إلى تفشّي العنف ضد الرجال والفتية في النزاع السوري، وهو انتهاك لا يحظى -إلى حدّ بعيد- بالمتابعة والاهتمام، وتكاد الاستجابات الإنسانية للأزمة لا تتصدّى له بالمرّة”([6]).
3- النزوح
لم تشهد أي كارثة من صنع البشر بعد الحرب العالمية الثانية حالة تشريد ونزوح مثل الكارثة السورية التي لم يتوقف حتى اليوم نزيفها الدموي والبشري والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي وسواه، والنازحون السوريون -سواء كانوا داخليين أم خارجيين- يواجهون ظروفًا بالغة القسوة والتعقيد في الحصول على الحد الأدنى من متطلبات العيش الكريم، حيث يعيش كثيرون منهم في مخيمات تفتقر إلى معظم شروط الحياة الصحية، ويتعرضون إلى مخاطر كبيرة على صعيد الحماية في مناطق عدة، وكثيرًا ما يتعرضون للاستغلال والابتزاز بأشكالهما المختلفة، إضافة إلى الاعتداءات العنصرية الكثيرة في بلاد اللجوء التي يضاف إليها سوء المعاملة في مراكز الإيواء نفسها، سواء من الموظفين العاملين في هذه المراكز أو من اللاجئين الآخرين، هذا عدا مخاطر التهجير القسري، وهذا كله يحدث إذا لم يدفع هؤلاء النازحون حياتهم في مغامرة النزوح بسبب مخاطر الطريق كالموت غرقًا، أو قتلًا على أيدي عصابات التهريب لسبب أو لآخر.
وتفيد المعطيات بأنه منذ اندلاع الحرب في سورية وحتى نهاية 2019، نزح أكثر من نصف سكان سورية، إذ وصلت نسبة اللاجئين السوريين إلى 8,25% من نسبة اللاجئين عالميًا حتى نهاية ذلك العام، وأصبحت سورية بذلك بلد المنشأ الأول للاجئين منذ 2014، وقد ذكر تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة أن عدد اللاجئين السوريين أصبح نحو 6,6 مليون لاجئ موزعين في 126 دولة حتى نهاية 2019.. وبلغ عدد النازحين نحو 13 مليون سوري نزحوا منذ اشتعال الصراع 2011، وهذا يشكل نحو 60% من عدد السكان قبل الحرب، وهناك قرابة 5,6 مليون لاجئ في كل من مصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا، إضافة إلى نحو مليون لاجئ في أوروبا وأميركا الشمالية، وعلى الرغم من تراجع العمليات العسكرية في عدد المناطق بشكل كبير، فما تزال الاحتياجات الإنسانية في سورية هائلة، وهناك نحو 12,8 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية منهم 5,2 مليون شخص بحاجة ماسة إلى الدعم([7]).
ووفقًا لأحدث إحصائية لفريق (منسقو الاستجابة) في الشمال السوري، فإن أعداد النازحين السوريين بلغت حتى الآن نحو 2,1 مليون نازح، من أصل حوالى 4 ملايين سوري يسكنون مناطق المعارضة السورية. في حين يبلغ عدد سكان المخيمات 2.043.869 نازحًا، يعيشون ضمن 1293 مخيمًا، من بينها 282 مخيمًا عشوائيًا أقيمت في أراض زراعية، ولا تحصل على أي دعم أو مساعدة إنسانية أممية([8]).
وبدورها قالت الأمم المتحدة مؤخرًا إن أكثر من 120.000 لاجئ يعيشون في مخيمات شمال سورية يكافحون للبقاء على قيد الحياة، بسبب التساقط الكثيف للأمطار والرياح العاتية التي ألحقت ضررًا كبيرًا بمخيماتهم. ووصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الوضع بأنه كارثي([9]).
أما تقرير هيومان رايتس ووتش عن الوضع في سورية في 2019، فيقول إن اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة يواجهون ضغوطًا للعودة إلى سورية، على الرغم من المخاوف الخطرة المتعلقة بالسلامة وانعدام الشفافية حول الظروف في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وتشير سجلات مفوضية اللجوء إلى أن أكثر من 40.000 لاجئ قد عادوا حتى حزيران/ يونيو 2019، وقد ظهرت تقارير عن حالات الاعتقال وسوء معاملة الذين عادوا إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة([10]).
4- أضرار القطاع الصحي
تعرض القطاع الصحي -كسواه من القطاعات الأخرى- على مدى سنوات الصراع لخسائر كبيرة، وذلك بشكل رئيس نتيجة دمار المرافق الصحية في الأعمال القتالية أو القصف المتعمد، أو هجرة الكوادر الطبية والصحية أو نزوحهم أو مقتلهم، أو بسبب العقوبات الاقتصادية، هذا في الوقت الذي ضوعفت فيه الاحتياجات الصحية للسوريين أضعافًا، بسبب الإصابات الناجمة عن الأعمال القتالية والنزوح وتدهور ظروف المعيشة في الغذاء والسكن والخدمات، وسوى ذلك.
عن هذا الأمر يقول تقرير حديث لمنظمة (أطباء بلا حدود): “خلال سنوات النزاع هذه، لحقت أضرار بجزء كبير من البنية التحتية السورية، وطال الدمار بشكل خاص النظام الصحي الذي اعتاد أن يعمل بشكل جيد نسبيًا. تعرّضت المئات من المرافق الطبية للقصف، وقُتل عدد كبير من العاملين في المجال الطبي بينما فرّ آخرون كُثر، وما زالت أجزاء كثيرة من البلاد تشهد نقصًا حادًا في الإمدادات الطبية، واليوم، بلغت احتياجات الشعب السوري الطبية حدًّا هائلًا”([11]).
ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة في ربيع 2020، فقد خلّفت سنوات الصراع آثارًا مدمّرة في السوريين، وتفيد المعطيات بأن 64% من المستشفيات و54% من مراكز الرعاية الصحية الأولية فقط كانت تقوم بوظائفها بشكل كامل حتى نهاية 2019، ونحو 70% من العاملين في القطاع الصحي تركوا البلاد([12]).
وتفيد مصادر أخرى أنه حتى أواخر تشرين الأول/ أكتوبر 2020 تعرض القطاع الصحي في سورية لخسائر كبيرة في عشر سنوات من الحرب، وتحتاج البلاد لإعادة هذا القطاع إلى سابق عهده إلى ما يزيد على مبلغ 25 مليار دولار، حيث كان في سورية 1826 مركزًا صحيًا، 631 منها خرجت من الخدمة نتيجة الحرب، و89 مستشفى خرج 52 منها من الخدمة، و700 سيارة إسعاف وقعت خسارة 350 منها نتيجة النهب أو الاستهداف([13]).
فيما تذكر منظمة الصحة العالمية في بيانات لها عن الوضع الصحي في سورية في آذار/ مارس 2019 أنه:
يحتاج 13,2 مليون شخص إلى مساعدات صحية في سورية، لكن الملايين يفتقرون إلى سبل الحصول عليها، ونتيجة الهجمات أو نقص العاملين، لا تتجاوز نسبة المرافق الصحية العمومية العاملة بكامل طاقتها في سورية قرابة النصف، ومع وجود ما يزيد على 80% من السكان ممن يعيشون تحت خط الفقر، لا يقدر كثير من الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية صحية على تحمّل تكلفة الانتقال للوصول إلى مرافق الرعاية الصحية المجهزة تجهيزًا ملائمًا أو المتخصصة، وتقول أيضا إن نسبة إتاحة العاملين في مجال الرعاية الصحية في إدلب وحلب على سبيل المثال لا تتجاوز لكل 10.000 شخص 26% مما يحدده مؤشر أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يؤثر -بصفة خاصة- في الخدمات المتخصصة مثل طب الأمراض الباطنية والقلب ورعاية الأمراض المزمنة؛ وبعد ثماني سنوات من الصراع، ازدادت احتياجات الصحة النفسية حاليًا، وتشير تقديرات المنظمة إلى أنه نتيجة طول أمد التعرض للعنف، يعاني واحد من كل 30 شخصًا في سورية حالة صحية نفسية وخيمة مع إصابة واحد على الأقل من كل خمسة أشخاص بحالة صحية نفسية خفيفة إلى معتدلة. وتشير التقارير إلى ارتفاع معدلات الإعاقة في بعض أجزاء سورية حيث وصلت إلى 30% من السكان، أي ضعف المعدل العالمي، ويُتوقع أن يعاني 45% على الأقل من المصابين نتيجة الصراع عاهة مستدامة تتطلب دعمًا متخصصًا بعد انتهاء أعمال القتال بوقت طويل. إضافة إلى ما تقدم فنتيجة الانخفاض الخطر لمعدلات التطعيم في بعض المناطق، إلى جانب الانهيار في نظم المياه والصرف الصحي وبؤر سوء التغذية، يتواتر تفشي الأمراض المميتة في سورية بمعدلات أكبر([14]).
5-التدهور الاقتصادي
وصل التدهور الاقتصادي في سورية إلى أرقام قياسية غير مسبوقة، في عشر سنوات من الصراع الداخلي والحصار الخارجي، وما تزال وتيرته تتسارع، فقبل 2011، كان سعر الدولار في حدود 50 ليرة سورية، واليوم قد بلغت قيمة الدولار أمام الليرة المنهارة قرابة أربعة آلاف، وقد ضوعف سعر الدولار أربع مرات تقريبًا منذ بداية العام الماضي وحتى اليوم، وفي الوقت الذي تتبع فيه الأسعار الدولار، بل باتت ترتفع حتى مقابله بشكل ملحوظ في ظروف منفلتة لا يخشى فيها جشع معظم التجار أي رقيب أو حسيب، والدولة فيها غائبة في معظم المستويات، فالرواتب بالكاد ضوعفت وسطيًا ثلاث مرات، ومتوسطها هو 50.000 ليرة سورية، ما يعني أن مستوى معيشة أصحاب الدخل المحدود من المواطنين السوريين حتى في المناطق التي لم تشهد عنفًا حربيًا قد تدهورت أكثر من 25 مرة، وأصحاب الدخل المحدود في سورية هم الأغلبية الساحقة من المواطنين.
عن تدهور الوضع المعيشي للسوريين قال (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية/ أوتشا) في 1 كانون الأول/ ديسمبر 2020، إن هناك 13 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية داخل سورية، ويضاف إلى ذلك 5,5 مليون لاجئ سوري في المنطقة.
فيما يقول تقرير هيومان رايتس ووتش 2021: إن أكثر من 9,3 مليون سوري يفتقرون إلى الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر([15]).
ويقول تشارلز ليستر مدير قسم مكافحة الإرهاب في (معهد الشرق الأوسط/ Middle East Institute) والزميل الزائر السابق في مركز بروكنجز في الدوحة: “أسفر الانزلاق السوري المستمر في هوة الأزمات المالية العميقة عن تأكل شديد في الطبقة الوسطى في البلاد، حيث بات ما نسبتهم 90% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر حاليًا. وأصبح شراء رغيف الخبز لوضعه على المائدة محنة من المحن اليومية المستمرة”([16]).
وتقول بوابة التنمية العربية إنه وفقًا لمؤشر السلام العالمي، حلّت سورية في المرتبة الأخيرة بوصفها أقلّ الدول سلمًا في السنوات الست قبل 2019، ثم في المرتبة ما قبل الأخيرة عالميًا في 2019، نظرًا إلى انخفاض حدة الصراع، وأن الصراع تسبب في سورية بخسائر فادحة في الاقتصاد، وأنه وفقًا للبنك الدولي بلغت خسائر الناتج المحلي الإجمالي التراكمية 226 مليار دولار أميركي في سورية بين عامي 2011 و2016، وأن سورية تكبدت أكبر تكلفة اقتصادية ناتجة من العنف في العالم، وتقدر بنحو 67% من ناتجها المحلي في 2019، وأنها في مؤشر التنمية البشرية في 2018 حلت في المرتبة 154 من أصل 189 دولة، وأن البطالة ارتفعت فيها في 2019 إلى 55 % مقارنة بـ 8,6 % في 2010([17]).
وبدورهما ذكرت لجنة الأمم المتحدة (الإسكوا) وجامعة (سانت أندروز) في تقرير لهما بعنوان (بعد ثماني سنوات من الحرب)، أنّه في المرحلة الممتدة من 2011 حتى 2019، تسبب الصراع بخسائر فادحة وأدى إلى خسائر اقتصادية تفوق 442 مليار دولار أميركي، وتهجير 5,6 مليون شخص على الأقل، فضلًا عن نزوح داخلي لـ 6,5 مليون مواطن، وانعدام الأمن الغذائي وحاجة 11,7 مليون شخص إلى نوع من أنواع المساعدة الإنسانية([18]).
أما نقابة عمال المصارف، فتفيد في تقريرها في 30 كانون الثاني/ يناير 2021 أن نسبة دمار البنية التحتية في المساكن وشبكات الكهرباء والمدارس والمستشفيات ومرافق الخدمات تجاوزت 40%، فيما هبط إنتاج النفط مقارنة بعام 2010 أكثر من 13 مرة([19]).
6- تدني مستوى التعليم
كما كان الحال قي عامي 2017 و2018، فسورية هي اليوم خارج تصنيف جودة التعليم العالمي وفقًا لـ (مؤشر جودة التعليم العالمي) السنوي لعام 2019، الصادر عن (المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس) الذي شمل 140 دولة من العالم، رُتِّبَت بحسب تطور جودة التعليم فيها، وقد كشف هذا الترتيب خروج 6 دول عربية من التقييم العالمي في جودة التعليم، وهي سورية والعراق واليمن وليبيا والسودان والصومال، وذلك لافتقادهما إلى معايير الجودة التعليمية([20]).
وعن واقع التعليم الراهن في سورية قالت يونيسف في 15 آذار/ مارس 2020 إن هناك أكثر من 2,8 مليون طفل داخل سورية وفي دول الجوار لا يذهبون إلى المدارس، وأن اثنتين من كل خمس مدارس لا يمكن استخدامها لأنها تعرّضت للدمار أو الضرر أو لإيوائها عائلات نازحة أو لأنها تستخدم لأغراض عسكرية ([21]).
أما التعليم العالي فوفقًا لتحقيق صادر ضمن مشروع (سوريا بعمق)، نُشر في أيار/ مايو 2018، فقدْ فقدَ التعليم العالي في سورية نحو 20% من أعضاء هيئات التدريس بسبب الهجرة خارج البلاد بشكل أساسي، وبسبب تدني الأجور بشكل رئيس، وبلغت نسبة الغياب 90% في بعض الكليات بحسب ما أفاد طلاب، وقد انخفضت نسبة الخريجين المؤهلين لفرص العمل المتاحة إلى ما بين 1,5 و2% بحسب ما أفاد مسؤولو توظيف في بعض الشركات([22]).
7- ارتفاع معدلات الجريمة
تسببت سنوات الحرب المدمرة في سورية بدرجات عالية من الانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي، أسفرت بدورها عن درجات مماثلة من تفشي الجريمة المنظمة وغير المنظمة في المجتمع السوري، وتتنوع أشكال هذه الجريمة ما بين القتل والاغتصاب والسطو والخطف والسرقة وتجارة السلاح والمخدرات والمنتجات الفاسدة وسواها، وهكذا تصدرت سورية قائمة الدول العربية بارتفاع معدل الجريمة لتحتل المرتبة الأولى عربيًا والتاسعة عالميًا، للعام 2021، وذلك بحسب موقع (Numbeo Crime Index) المتخصص بمؤشرات الجريمة حول العالم، واحتلت مدينة دمشق المرتبة الثانية بارتفاع معدل الجريمة في الدول الآسيوية بعد مدينة كابول في أفغانستان([23]).
ووفقًا لإحصاءات وزارة الداخلية في سورية وقعت 7161 جريمة اختطاف بين 2012 و2016، وتشير الأرقام الرسميّة الصادرة عن إدارة مكافحة المخدّرات إلى تسجيل أكثر من 4000 قضية في 2015 وحدها، تجاوز عدد المتهمين فيها 5200 متهم، وهذا رقم غير مسبوق في مثل هذا النوع من الجرائم، إضافة إلى ذلك ضُبطت أكثر من 255 شبكة تتاجر بالمخدرات وتروّج لها في العاصمة دمشق وفي غيرها من المدن السوريّة التي لم تخرج عن سيطرة السلطة الرسميّة، وبين 2012 و2016 ارتكبت أكثر من 12.000 جريمة قتل، وقد ارتفع عدد جرائم السرقة ليبلغ قرابة 45.000 جريمة وقعت كلّها ما بين 2012 و2016 بحسب الأرقام الرسمية([24]).
مع ذلك يرفض رئيس الطبابة الشرعية في سورية زاهر حجو تصنيف هذه الجرائم تحت سقف الجريمة المنظمة، ويقول: “في سورية لا توجد جريمة منظمة، أيّ لا توجد عقلية إجرامية لدى المجتمع”([25]).
وهذا ليس غريبًا على ذهنية سلطوية تعودت دائمًا تجاهل أكثر الحقائق وضوحًا وإنكارها.
8- نمو ظاهرة البغاء
دفع الجوع -وسواه من عواقب الفقر الوخيمة التي أنتجتها الأزمة الكارثية في سورية- سوريات كثيرات إلى هذا الدرب الأسود، بعد أن انسدت أمامهن كل سبل الحد الأدنى من العيش الكريم، وما يضاعف مأساة الضحية التي تهوي بها ظروف الحياة إلى هذا الحد في المجتمعات المحافظة، هو أن هذه المجتمعات لا تراها إلا في ما وصلت إليه من سقوط، فتحملها وزره كاملًا، وتصمها بأنها ساقطة وعاهرة.. وتحتقرها وتهينها وتعاقبها بشدة في المستويين الرسمي والشعبي، وكثيرًا ما تقتلها بذريعة الدفاع عن الشرف، وكأنها اختارت بإرادتها هذا السبيل المزري، في وقت يجب فيه على الشرفاء الحقيقيين أن يتعاطفوا معها ويساعدوها على الخروج مما أجبرتها بربرية الظروف على الوقوع فيه.
عن نمو ظاهرة البغاء في الأزمة السورية يقول الصحافي السوري ثامر قرقوط: إنه ثمرة للسياسات الاقتصادية الحكومية المتتابعة، ونتيجة ثماني سنوات مدمِّرَة من الحرب، ولانتشار الفقر وتغوله في المجتمع، ما أسقط مقولة الحرة لا تأكل بثدييها، فالحرب قلبت الموازين، والفقر أسس قواعد جديدة للحياة الصعبة، بخاصة أن أكثر من ثلثي عدد السكان يعيشون تحت خط الفقر، كما أن الانهيار الأخلاقي يرافق سوء الحالة الاقتصادية وغياب التنمية وعدم وجود أمل يلوح في الأفق ليتمسك به الناس([26]).
ليس هناك بالطبع أي إحصاءات موثوقة يمكن الاعتماد عليها لتقدير عدد من تحولن إلى هذا النوع من الضحايا من السوريات في الداخل والخارج، فهذا الموضوع الموصوم بالعار يبقى عادة في طي الكتمان في مستوى الفرد والمجتمع والسلطة.
مع ذلك ذكر محمد نضال الشعار وزير الاقتصاد السوري السابق في أيلول/ سبتمبر 2013 أن عدد الشقق السكنية التي تحتضن مهنة الدعارة في سورية تبلغ نحو 55.000 شقة([27]) .
أما الطريقة المزرية التي تتعامل بها السلطات الرسمية مع هذه الظاهرة فيقول عنها الصحافي السوري أيمن الشوفي: “أما عاملات الجنس عاثرات الحظ اللواتي يعملن بصورة مسّتقلة عن الشبكات المحميّة وعن القوادين… فإنهن يصرن طرائد لشرطة الآداب ومجرّد أرقام بائسة تعْبر في تصريحاتهم الرسمية كما حدث مع وزارة الداخلية عام 2013 حين ألقت القبض على نحو 80 عصابة تعمل في الدعارة، وأرسلت 250 إمرأة إلى السجن، بينما كانت ألقت القبض عام 2012 على 30 عصابة دعارة فقط. وفي أرقامها هذه إيحاء بأن الدعارة ارتفعت في سورية ضعفين ونصف الضعف بين العامين 2012 و2013. أو أن تصرّح مصادر قضائية إلى إعلام السلطة بأن عدد حالات الدعارة منذ بداية العام 2013 وحتى شهر أيلول/ سبتمبر منه بلغت فقط 600 حالة، منها 200 حالة في دمشق وريفها، و150 حالة في حلب”([28]).
وفي كلام الشوفي هناك أيضًا إشارة واضحة إلى وجود شبكات بغاء منظمة ومحمية ويديرها محترفون نافذون، ومحتضنة من مسؤولين فاسدين كبار، وزبائنها من هذه البطانة، وهذه الشبكات كانت ناشطة قبل الأزمة بكثير، لكن ازداد نشاطها فيها أكثر كثيرًا من قبل.
9- الارتزاق
تعرف موسوعة ويكيبيديا المرتزق بأنه “كل شخص يقوم بأى عمل بمقابل مادي بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه، وغالبًا يطلق اسم (مرتزق) على من يخدم في القوات المسلحة لبلد أجنبي من أجل المال”، وتضيف عن المرتزقة أنه “في وقتنا الحالي تم استخدامهم بكثرة في بعض الدول العربية من مختلف الجنسيات نظرًا للحروب الدائرة في المنطقة وخصوصا في سورية وليبيا”([29]).
هذا الكلام يتفق مع كثير من الأحاديث المتداولة والكلام الموثق عن مرتزقة أجانب استقدموا من أطراف وجهات مختلفة ليستخدموا في الصراع داخل سورية، وعن سوريين استخدموا لأغراض مماثلة في ليبيا وأذربيجان([30]) وفنزويلا وجندوا بشكل رئيس من تركيا([31]) أو روسيا([32])، حيث يُستغل فقر السوريين ومعاناتهم المعيشية داخل سورية سواء في المناطق التي يسيطر عليها النظام أم المعارضة المسلحة، ويُستغل في ذلك أيضًا اللاجئون السوريون وحتى المقاتلون الذين تستغلهم الدول الراعية لهم أو تفرض عليهم المشاركة في أعمال ذات طابع عسكري خارج بلدانهم، وقد جرى تبادل التهم بين روسيا وتركيا وسواهما بهذا الشأن، ففي الوقت الذي تُتهم تركيا مثلًا بتجنيد السوريين في أذربيجان، تتهم هي بدورها أرمينيا بفعل شيء مماثل وبأنها تستغل أرمن سورية في حربها مع أذربيجان([33]).
وقد يدفع هؤلاء المرتزقة أحيانًا حيواتهم ثمنًا لهذا الارتزاق([34])، وأحيانًا يُجند حتى الأطفال بينهم.
10- تجنيد الأطفال
عن تجنيد الأطفال في سورية تقول هيومان رايتس ووتش: “منذ بدأ النزاع المسلح السوري في أواخر عام 2011، وقعت انتهاكات جسيمة كثيرة للقانون الدولي. تتحمل القوات المسلحة السورية النظامية بالأساس المسؤولية عن هذه الانتهاكات، لكن الجماعات المسلحة التي تقاتل الحكومة ارتكبت بدورها انتهاكات جسيمة كثيرة، ومنها تجنيد واستخدام الأطفال تحت سن 18 عامًا في القتال وفي الاضطلاع بأدوار دعم مباشر للقتال” .وتضيف هيومن رايتس ووتش “أنها وثقت هذه الممارسة للمرة الأولى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، حيث وجدت أن فتية تبلغ أعمار صغارهم نحو الرابعة عشرة ساعدوا في أدوار داعمة لـ (الجيش السوري الحر)، ومنذ ذلك التوقيت، زاد عدد الجماعات المسلحة في سورية، وأصبح منها جماعات إسلامية متطرفة مثل جبهة النصرة وداعش، لجأت بحسب قول سكان محليين وجنود أطفال سابقين، بشكل ممنهج إلى تجنيد الأطفال”([35]).
ويجند الأطفال أحيانًا قسريًا، فيما يجري تطويعهم أحيانًا في الجماعات المسلحة مقابل بعض الأجر لمساعدة أسرهم التي تعاني تدهور أوضاعها المعيشية بسبب الصراع.
وتقول وكالة رويترز في تقرير نشرته في 12 شباط/ فبراير 2021 إن سورية هي واحدة من أربع دول في العالم تضم أكبر عدد من الجنود الأطفال في العالم، وقد جاء ذلك في بيان مشترك صدر عن الممثلة الخاصة للأمين العام للأطفال والصراعات المسلحة، فيرجينيا غامبا، والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوسيب بوريل، بمناسبة اليوم الدولي لمناهضة استخدام الجنود الأطفال، ويضيف التقرير أن الجماعات المسلحة تجند الفتيات أيضًا، وتستخدمهن مخبرين وجواسيس وعبيد منزليين ولصوصًا([36]).
وفي السياق نفسه تقول اليونيسف إنه وفقًا للبيانات التي جرى التحقق منها منذ 2014 عندما بدأ الرصد الرسمي وحتى 2019 قد جُنِّد نحو 5,000 طفل في القتال.. لا يتجاوز عمر بعضهم سبع سنوات([37])، وهذا الرقم هو ما تم التحقق منه، أما الرقم الحقيقي فمن المرجح أنه أكبر.
11- فوضى السلاح
فوضى السلاح والتسلح في سورية هي أحد أخطر نتائج الصراع العنيف، وأحد أخطر جوانب الأزمة المتفاقمة، وبخصوصها يقول الكاتب السياسي الليبي غازي دحمان: “تشكّل الفوضى الحاصلة في سورية أحد أبرز عناصر استدامة الأزمة فيها، وتلك الفوضى مسؤولة، بدرجة أو أخرى، عن تأخر الحسم وإطالة الصراع. كما أنها تقف وجه عثرة في إمكانية التوصل إلى تسويات بين الأطراف المتصارعة، وذلك لسيطرة التفكير الفوضوي وانعدام التقديرات السليمة التي من شأنها تحديد الفرص والمخاطر وترتيب الأولويات. الفوضى في سورية، على صعيد الكيانات والسلاح، لم تعد مسألة مقاربتها مهمّة فقط من حيث تأثيرها على الصراع في المرحلة السابقة، بل هي قضية سورية في المرحلة المقبلة التي من شأنها أن تحدّد مسار هذا البلد وحجم المصاعب والمآزق التي تنتظره ما لم يجرِ تفكيك تلك الحالة”([38]).
هذه الظاهرة حدثت بسبب عسكرة الانتفاضة الشعبية التي دفعت إليها أطراف مقامرة على جانبي جبهة المواجهة داخل سورية، وكان كل منها يتوهم أن التحول إلى المواجهة المسلحة سيحسمها سريعًا لمصلحته، ويضاف إلى ذلك بالطبع التدخلات الخارجية المغرضة التي ارتأت هي الأخرى أن المواجهة المسلحة تخدم مصالحها السياسية أو التجارية، -أي تجارة السلاح نفسه- أكثر.
في الحصيلة انتشر السلاح على نطاق شديد الاتساع، فحملته:
الجماعات المقاتلة المناهضة، والتنظيمات الإرهابية، والعناصر الإجرامية المنظمة وغير المنظمة، وحمله عامة الناس للدفاع عن النفس أيضًا.
هذا السلاح لم يستخدم فقط في الصراع بين النظام والمعارضة، فالجماعات المسلحة التي نشأت عشوائيًا تصارعت في ما بينها بشدة، وتصارعت كذلك مع التنظيمات الإرهابية التي تصارعت هي الأخرى مع بعضها بعنف، وهذا أدى إلى حالة من حرب الكل ضد الكل، وهذا ما حدث في المناطق التي خسرها النظام، أما في المناطق التي بقيت تحت سيطرته فقد انتشر السلاح أيضًا نتيجة حشد النظام نفسه للموالين لحاجته إليهم في الصراع، ونتيجة اضطرار الأهالي إلى التسلح للدفاع عن أنفسهم بسبب الفلتان الأمني ونمو الجريمة المنظمة وغير المنظمة.
وفي الحصيلة أصبح السلاح، إضافة إلى وجوده في أيدي الجماعات والتنظيمات المسلحة ذات الطابع العسكري، أيضًا في أيدي العصابات الإجرامية والعناصر الإجرامية غير المنظمة التي تستغله في نشاطها الإجرامي والعدوان على المواطنين، وأصبح أيضًا في أيدي عامة الناس، وصار يستخدم في كثير من الأحيان في الشجارات وحسم الخلافات التقليدية، ووصل حتى إلى أيدي المراهقين والقاصرين الذين صاروا يستخدمونه بطيش فيؤذون غيرهم.. أو بجهل فيؤذون أنفسهم، وأحيانًا يكون هذا الأذى فادحًا ويصل إلى القتل.
وهكذا زادت فوضى السلاح والتسلح هذه من درجة العنف والفوضى في المجتمع السوري، وفي قابلية المجتمع لمزيد منها، وأصبحت أحد أكبر الجوانب الخطرة والصعبة في الأزمة.
12- المشكلات الاجتماعية
تسببت سنوات الصراع أيضًا في أضرار كبيرة على الصعيد الاجتماعي، وترتبط بشكل رئيس بتدهور الاقتصاد والفلتان الأمني وغياب القانون سواء في المناطق التي بقيت تحت سيطرة النظام أم في المناطق التي سيطرت عليها المعارضة.
ووفقًا لهيومان رايتس ووتش في آذار/ مارس 2020، أربعة من كل خمسة أشخاص في سورية يعيشون تحت خطّ الفقر، ما يتسبب في تجنيدهم في القتال، وعمالة الأطفال، وزواج الأطفال([39]).
أما العنوسة فقد وصلت نسبتها في سورية إلى مستويات غير مسبوقة، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في السنوات الأخيرة، وبحسب صحيفة البعث السورية الرسمية بلغت نسبة العنوسة في سورية 70%([40]).
وفي ما يتعلق بزواج القاصرات، نبه القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي في 18 آذار/ مارس 2019، إلى أن نسبة زواج القاصرات في سنوات الأزمة ارتفعت إلى 13%، بعد أن كانت لا تتجاوز 3% قبلها، وقال إن أغلب الحالات هي عقود عرفية، وذكر أيضًا أن حالات زواج القاصرات في دمشق ارتفعت من 24.000 في 2017 إلى 28.000 في 2018([41]).
وهذه الظاهرة تتفشى أيضًا في مناطق سيطرة الفصائل المسلحة، وإضافة إلى العامل الاقتصادي، ففي كثير من الأحيان يكون سبب زواج القاصر هو خوف الأهل عليها من تعرضها للاعتداء، أو يكون رضوخًا لإرادة العناصر المسلحة.
وفي دول اللجوء أيضًا النسب عالية، فمثلًا في الأردن 55% من مجموع زيجات اللاجئات السوريات و32% من حالات الزواج بين اللاجئين في لبنان هي لفتيات تحت سن الثامنة عشر([42]).
وبالنسبة إلى الطلاق ارتفعت معدلاته هو الآخر، وغالبًا ما يرتبط ذلك بزواج القصّر، أو بالأزمة الاقتصادية أو الخلاف على الهجرة، أو غياب الزوج مدة طويلة أو جهل مصيره، وهذا كله مرتبط بتداعيات ومفرزات الأزمة، وعلى سبيل المثال أكد القاضي المعراوي أن عدد حالات الطلاق ارتفع بين عامي 2017 و2018، وقال إن نسبتها بلغت 31%([43]).
أصبحت عمالة الأطفال بدورها ظاهرة شائعة في سورية، وفي 2016 كشفت دراسة أجراها (المعهد العالي للدراسات السكانية) عن ارتفاع نسبة عمالة الأطفال في سورية في الحرب إلى 49%، وأن نصف الأسر السورية في دول الجوار تعتمد في معيشتها على دخل أبنائها الأطفال، وبدورها أشارت هناء سنجار ممثلة اليونيسف لشؤون الأطفال إلى أن 55% من المناطق السورية يعمل أطفالها، وبعضهم يخضع لأسوأ أشكال العمالة وبخاصة في المناطق المحاصرة التي يصعب الوصول إليها، حيث يتعرض الأطفال فيها إلى التجنيد والاستغلال الجنسي والأنشطة غير المشروعة([44])، فيما قالت اليونيسف إن في دول الجوار المضيفة للاجئين هناك ما يقرب من 10.000 لاجئ سوري من الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم، ما يجعل هؤلاء الأطفال في وضع هشّ وعرضة للاستغلال بطرائق مختلفة من بينها عمالة الأطفال([45]).
خلاصة
ما تقدم لا يستنفد كل جوانب الأزمة وتداعياتها الكارثية التي وصلت إليها سورية التي أصبحت مسرحًا تتنازع فيه وعليه الأطماع الخبيثة لأطراف داخلية وإقليمية ودولية، وبشكل مسعور لا يبالي بالثمن الباهظ الذي يدفعه الشعب السوري في هذا النزاع.
وعدا ما تقدم هناك جوانب على درجات عالية من الخطر وسوء الأثر لا يمكن التعبير عنها بلغة الأرقام، يأتي في طليعتها انقسام البلاد ووقوع أقسامها تحت هيمنة قوى أجنبية دولية أو إقليمية، إضافة إلى العدد الكبير من الميليشيات والمقاتلين الأجانب الذين لا يعرف عددهم بالضبط على الأرض السورية، وهذا كله يعني في الحصيلة أن الدولة الآن مفككة وسيادتها مفقودة ووحدتها في خطر ومستقبلها مجهول، وهذا ما يفاقمه أيضًا التمزق الداخلي لنسيج المجتمع السوري الذي تنامت فيه بقوة النزعات الفِرَقية من عائلية وطائفية وعرقية وسواها، وصارت بدورها عاملًا من عوامل التوظيف الرئيسة في الصراع، وجانبًا كبيرًا من جوانب الاستثمار السياسي فيه، وليس أمام السوريين سوى انتظار الخلاص، والانتقال لبلد آمن أمين حر ديمقراطي وقوي.
[1] – سوريا.. العام السابع على انطلاق ثورة تحولت إلى حرب كارثية، DW عربية، 15 آذار/ مارس 2017.
[2] – سوريا بعد 9 سنوات من الحرب: 585 ألف ضحية ومليونا جريح، الشرق الأوسط، 05 كانون الثاني/ يناير 2020
[3] – مركز الشرق العربي- لندن، من أخبار حقوق الإنسان في سورية 30 حزيران/ يونيو 2020
[4] – الصراع في سوريا.. أرقام مأساوية، موقع “ارفع صوتك”، 24 حزيران/ يونيو 2020
[5] – مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، العنف الجنسي والجنساني المُوجَه ضد النساء والفتيات والرجال والأولاد، 15 آذار/ مارس 2018.
[6] – الانتهاك الخفي – العنف الجنسي ضدّ الرجال والفتية في سورية وتركيا OpenGlobalRights ، 19 أيلول/ سبتمبر 2018.
[7] – بالأرقام.. البوابة نيوز ترصد خريطة تواجد اللاجئين السوريين حول العالم، البوابة نيوز، 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
[8] – النازحون السوريون 2021.. أرقام كارثية تكشف حجم المأساة، شيكة الجزيرة، 5 كانون الثاني/ يناير 2021.
[9] – الأمم المتحدة تحذر: 120 ألف شخص شمال سورية في وضع خطر – RT Arabic، 01 شباط/ فبراير 2021
[10] – الصراع في سوريا.. أرقام مأساوية، موقع “ارفع صوتك”، 24 حزيران/ يونيو 2020
[11] – عقد من الحرب في سوريا، أطباء بلا حدود، 4 آذار 2021.
[12] – شمال سورية محاولات لتصدي فيروس كورونا ومخاوف من انهيار النظام الصحي – مهاجر نيوز، 1 نيسان 2020
[13] – دعم إضافي من الصحة العالمية لترميم أضرار القطاع الصحي في سورية – قناة العالم الاخبارية، ٢٨تشرين الأول ٢٠٢٠
[14] – المنظمة تدعم الصحة في سورية بثماني طرق، منظمة الصحة العالمية، 14 آذار/ مارس 2019.
[15] – هيومان رايتس ووتش، التقرير العالمي 2021- سورية
[16] – 2021 سيكون عامًا حاسمًا بالنسبة إلى سوريا، جريدة الشرق الأوسط، العدد 15386، 12 كانون الثاني/ يناير 2021.
[17] – البوابة العربية للتنمية، سوريا.
[18] – 8 سنوات من الحرب في سوريا.. خسائر تفوق 400 مليار دولار وملايين المهجرين والنازحين، قناة الحرة، 24 أيلول/ سبتمبر 2020
[19] – سوريا تكشف رقمًا هائلًا عن حجم الخسائر الاقتصادية منذ بداية الحرب! – قناة العالم الإخبارية، 30 كانون الثاني/ يناير 2021.
[20] – بينهم 6 خارج التقييم.. ترتيب الدول العربية حسب مؤشر جودة التعليم، موقع مصر العربية، 18 شباط/ فبراير 2020
[21] – حوالي 5 ملايين طفل وُلدوا أثناء الحرب في سورية ومليون طفل سوري وُلدوا لاجئين في دول الجوار- اليونيسف، 15 آذار/ مارس 2020.
[22] – زينة شهلا، التعليم العالي السوري يحتاج لسنوات من الإنعاش – Al-Fanar Media، 2 أيار/ مايو 2018.
[23] – سوريا الأولى عربيًا والتاسعة عالميًا بارتفاع معدل الجريمة، تلفزيون سوريا، 18 شباط/ فبراير 2021.
[24] – أيمن الشوفي، ربيع الجريمة المنظّمة في سوريّا، السفير العربي، 29 آذار/ مارس 2017.
[25] – نور ملحم، «الفقر والجريمة».. سورية تتحول إلى «شيكاغو الثانية» ؟!Q Media Street journal، 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
[26] – الدعارة عنوة.. الحرب والفقر نهشا أجساد السوريات، TRT عربي.
[27] – أيمن الشوفي، الدعارة في سورية سلطة الظلّ ، السفير العربي، 17 أيار/ مايو 2015.
[30] – رائد جبر، «مرتزقة» سوريون يعودون من ليبيا وآخرون يذهبون إلى أذربيجان وأرمينيا، الشرق الأوسط العدد-15281 ، 29 أيلول/ سبتمبر 2020.
[31] – محمد العربي، مرتزقة سوريون رأس حربة تركيا في ليبيا، إندبندنت عربية، 30 كانون الأول/ أكتوبر 2019.
[32] – DW عربية، مرتزقة موسكو وأنقرة ـ ليبيا ساحة حرب جديدة بين مقاتلين سوريين! 19 أيار/ مايو 2020.
[33] – أذربيجان.. مرتزقة سوريون يقاتلون بصفوف القوات الأرمينية، وكالة الأناضول، 28 أيلول/ سبتمبر 2020.
[34] – لأول مرة.. مقتل 7 من مرتزقة روسيا السوريين بانفجار في ليبيا، قناة الحرة، 4 شباط/ فبراير 2021.
[35] – هيومان رايتس ووتش، تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة في سوريا، 23 حزيران/ يونيو 2014.
[36] – سوريا ضمن أكثر الدول تجنيدًا للأطفال في العالم، موقع عنب بلدي، 12 شباط/ فبراير 2021.
[37] – حوالي 5 ملايين طفل وُلدوا أثناء الحرب في سورية ومليون طفل سوري وُلدوا لاجئين في دول الجوار- اليونيسف، 15 آذار/ مارس 2020.
[38] – غازي دحمان، فوضى الكيانات والسلاح في سورية واقعها ومآلاتها، معهد العام للدراسات، 16 كانون الأول/ ديسمبر 2016.
[39] – هيومان رايتس ووتش، أطفال سوريا، 13 آذار/ مارس 2020.
[40] – حنان الحبش، الزواج في سوريا… فقط للقلة المستطيعة، مجلة المجلة، 10 أيلول/ سبتمبر 2020.
[41] – سوريا.. تزايد نسبة زواج القاصرات خلال الأزمة 13 بالمئة-RT Arabic ، 18 آذار/ مارس 2019.
[42] – ارتفاع نسبة زواج القاصرات في سوريا، بوابة الوفد، 19 حزيران/ يونيو 2017.
[43] – سوريا.. تزايد نسبة زواج القاصرات خلال الأزمة 13 بالمئة-RT Arabic ، 18 آذار/ مارس 2019.
[44] – أسامة مكية، دراسة: نسبة عمالة الأطفال في سورية 50%، موقع الحل، 14 حزيران/ يونيو 2016.