وسائل التواصل الاجتماعي في الحراك السوري المعارض 2011-2021

يناير 4, 2023

دراسات

في أواخر عام 2010 اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في العديد من بلدان العالم العربي دخلت على إثرها المنطقة في مرحلة من التغيير وعدم الاستقرار.

كان لتقنيات الاتصال الجديدة أثر ودور بارز في تحديد المعالم والشكل والكيفيات التي يسير عليها هذا التغيير غير المستقر.

تُجادل “نظرية الاعتماد على الإعلام” على قدرة وسائل الاتصال في تحقيق أكبر قدر من التأثير المعرفي والسلوكي والعاطفي على الجماهير(1)، وهو ما سوف يزداد عندما يكون الإعلام الافتراضي حاضراً في عملية تغيير المجتمعات التي تشهد صراعاً وعدم استقرار؛ على اعتبار أن وظائف نقل المعلومات تتم بشكل مختلف ومكثف.

تتناول هذه الدراسة الحيز الذي شغلته وسائل التواصل الاجتماعي في الثورة السورية، لا سيما وأنّ وسائل الإعلام الافتراضي شغلت حيزاً كبيراً في إطار عملية التغيير، يشمل ذلك بطبيعة الحال الثورة السورية التي اندلعت عام 2011. في الواقع، أدّى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي إلى إعادة بناء الصورة السائدة حول موقع الجماهير السوري من الأحداث الرئيسية.

وقد تم اختيار المنهج الوصفي، بالتركيز على عينات غير عشوائية خلال إجراء المقابلات، على اعتبار أنّ تناول وسائل الإعلام الاجتماعي مرتبط بالدراسات الاجتماعية، والتي يصعب فيها تعميم النتائج وتكون فيها الظواهر غير ثابتة ومستقرة عدا عن عدم دقّة المصطلحات والمفاهيم. إذ تحاول هذه الدراسة تقديم فهم جديد لدور وسائل التواصل الاجتماعي في الثورة السورية دون ادّعاء احتكار الفهم الحقيقي بذاته.

حدد فريق البحث الحدود الموضوعية لدراسة الظواهر على النحو الآتي “التعاطي مع التحولات الرئيسية – التعاطي مع المسار السياسي – التعاطي مع المسار العسكري – التعاطي مع القضايا الإقليمية”. كما تم اختيار الحدود الزمانية للدراسة بين العامين 2011 2021. وفيما يخص مجتمع الدراسة فقد تم اختيار عدد من العينات بشكل نوعي وغير عشوائي وبما يتناسب مع المنهج البحثي.

تنبع أهمية الدراسة من كونها تحاول الإجابة على أهمية وسائل التواصل الاجتماعي بالنسبة للجمهور الرافض للنظام، والسياق الذي نشأت فيه بعض الظواهر الافتراضية والدور الذي أدّته تلك الوسائل والأثر الذي أحدثته، إضافة إلى تقييم التجربة.

 

الفصل الأول: أهمية مواقع التواصل الاجتماعي والظواهر الافتراضية

أولاً: مواقع التواصل الاجتماعي في الثورة السورية

حتى تاريخ 9 شباط/ فبراير 2011، كان السوريون يدخلون إلى مواقع التواصل الاجتماعي عبر برامج خاصة لكسر الحجب الذي فرضه النظام منذ عام 2007. بطبيعة الحال، كان عدد رواد تلك الشبكات محدود نسبياً، وبعد رفع الحظر الحكومي عنها بدأ الانتقال إليها على نحو تدريجي، ومع دخول سورية في الاحتجاجات الشعبية العارمة اتسع نطاق الانخراط بوسائل التواصل الاجتماعي.

كان الانضمام إلى مواقع التواصل الاجتماعي يُشكّل عامل ريبة لدى السوريين بسبب سلطة الخوف التي كرّسها تعامل النظام مع تلك المواقع منذ منعه الوصول إلى موقع فيس بوك في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، لأسباب قال إنها متعلقة بما تروّج له تلك المنصة الافتراضية من أخبار تحرّض على الهجوم ضد السلطات.

في شباط/ فبراير 2011، أعلن النظام السوري رفع الحظر الحكومي عن بعض وسائل التواصل الاجتماعي(2)؛ يبدو كمحاولة للتعبير عن الثقة بالأداء وعدم الخشية من أي تهديد بعد اندلاع التظاهرات في مصر وتونس. كان الإعلام السوري الرسمي يعمل على تعزيز هذا التصوّر بالنسبة للمواطنين من خلال التأكيد على الخطوات التي يتم اتخاذها في سبيل مواكبة التطور وممارسة حرية التعبير، وساهم هذا الإجراء في تلك الأثناء نوعاً ما بتجاوز نسبي للريبة لدى بعض السوريين وفتح المجال أمام الانضمام لشرائح أوسع إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وإشهار الذين كانوا يستخدمونها مسبقاً بحساباتهم الشخصية عليها.

ومع ذلك، لم يمنح المواطن السوري الثقة الكاملة بمواقع التواصل الاجتماعي، عندما كان هناك تصوّر سائد بأن الرقابة الرقمية الممارسة على العديد من المواقع الالكترونية وعدم رفع الحظر عن كثير من المواقع، تعني وجود شكل من أنواع التتبع على فيس بوك ويوتيوب حتى بعد رفع الحجب عنهما. كان القليل من السوريين لديهم الخبرة الكافية في مجال الاتصالات ولديه القدرة على استخدام الأدوات اللازمة للحد ولو جزئياً من إمكانية امتلاك النظام قدرة تعقب الأنشطة على مواقع التواصل.

كما كان هناك هاجس كبير لدى السوريين من عين الرقيب الأمنية، سواء كان ذلك داخل سورية أو خارجها، بما جعل الولوج إلى هذا الفضاء الإلكتروني يشوبه الحذر والقلق.

1) أهمية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

بدأت استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في سورية في المجال السياسي بحدود عام 2010، حيث أصبح العديد من المعارضين داخل سورية وخارجها يقومون بالتواصل عبره، لكن هذا الاستخدام بقي محدوداً، لاعتبارات تقنية في الغالب، أبرزها ضعف شبكات الإنترنت داخل سورية وارتفاع تكاليفها، وغياب أجهزة الهاتف الذكية آنذاك.

مع بداية الربيع العربي، بدأ المزيد من الأشخاص داخل سورية وخارجها بمتابعة الإعلام الاجتماعي بصورة أكبر، وخاصة في مصر، لكن هذه المتابعة كانت صامتة في الغالب، أي دون إعجاب بالصفحات التي يتم متابعتها، ودون مشاركة -بطبيعة الحال- لأي محتوى فيها.

في 18 كانون الثاني/يناير 2011 تأسست “صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011” (أي قبل حوالي شهرين من انطلاق الثورة)، والذي كان اسمها في حدّ ذاته “ثورياً” أكثر مما يحتمله المشهد السوري آنذاك، وهو ما اعتبر من قبل العديد من الموالين دلالة على “حجم المؤامرة الكونية” التي تواجه سورية(3). وبعد أسابيع تأسست “شبكة شام الإخبارية”.

لم تتمكن هذه الصفحات من جمع أكثر من عدّة آلاف من الإعجابات قبل انطلاق الثورة في منتصف آذار/مارس 2011 (لكنها تجاوزات الملايين لاحقاً). ويعود السبب الرئيسي إلى عامل الخوف الذي كان يعتري السوريين آنذاك، بما فيهم السوريين الموجودين في الخارج، والذين كانوا يخشون أن تتمكن الأجهزة الأمنية السورية من كشف تفاعلهم مع هذه الصفحات، كما كان المقيمون في بعض الدول العربية يخشون حتى من ردود فعل أجهزة الأمن في بلدان إقامتهم.

في 4 شباط/ فبراير 2011، كانت أوّل محاولة جادّة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الثورة السورية، عندما تمت دعوة المواطنين لـ “يوم الغضب” لكن تلك الدعوة لم تلقَ استجابة؛ لأسباب متعددة منها عدم القدرة على الوصول في ظل الحجب المفروض على المواقع، وعدم القدرة على التأثير مع استمرار سلطة الخوف.

لكن، في 15 آذار/ مارس 2011، استجاب العديد من المواطنين للدعوة التي تم توجيهها من قبل “صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011” من أجل التجمع والاحتجاج في سوق الحميدية بالعاصمة دمشق، وهو تاريخ انطلاق شرارة الثورة السورية.

مع انطلاق المظاهرات بشكل واسع في الأسابيع التالية، تداعى حاجز الخوف الذي تم بناؤه على مدار عقود بشكل سريع لدى السوريين، وتوجه عشرات الآلاف منهم إلى وسائل الإعلام الاجتماعي لمتابعة المستجدات في سورية أولاً بأول، ولجأ الكثيرون منهم إلى الأسماء المستعارة أول الأمر، لاعتبارات أمنهم، أو اعتبارات أمن أقاربهم لمن يعيشون خارج سورية.

وأدّى هذه الاهتمام الشعبي من جهة، وقدرة وسائل التواصل الاجتماعي على عرض الأخبار بشكل سريع مقارنة مع وسائل الإعلام التقليدية، في منح الصفحات السورية على فيسبوك تحديداً أهمية بالغة، بل يمكن القول إنها أصبحت بمثابة غرفة التنسيق للحراك المدني بشكل عام.

مع تحول الحراك إلى العمل المسلح ودخول التنظيمات الإسلامية والمتطرفة في مرحلة لاحقة، تراجعت المظاهرات والحراك المدني، بما أدّى لتراجع أهمية صفحات الثورة في التوجيه والتنسيق، لكن أهميتها ارتفعت من الناحية الإخبارية، حيث كانت تنقل أخبار الاقتحامات والتحركات أولاً بأول، وأصبحت مصدراً أساسياً لكبريات وسائل الإعلام العربية والدولية.

لكن من الملاحظ أن الشهور الأولى للثورة وما تلاها شهدت بشكل متزايد ارتفاعاً هائلاً في عدد الصفحات الثورية، الأمر الذي شتّت الأهمية من صفحات قليلة محدودة في البداية إلى طيف واسع من الصفحات.

كما أن الانقسامات الأفقية والعمودية التي شهدتها الثورة لاحقاً تركت أثرها أيضاً على وسائل الإعلام الاجتماعي وساهمت في نموّ عددها وتشتت متابعيها، حيث انقسمت الصفحات بين مؤيد لهذا الفصيل أو ذاك، وبين توجه أيديولوجي وآخر.. وهكذا.

2) الثقافة الأمنية في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي 

أدى الإقبال المرتفع لدى السوريين على وسائل الاتصال الاجتماعي بدءاً من عام 2011 إلى توليد ثقافة أمنية موازية، وهي ثقافة اختلفت بحسب توزعات المستخدمين، سواء من ناحية خبراتهم التقنية أو الأدوار التي يقومون بها، أو من حيث أماكن تواجدهم وأوضاعهم القانونية. كما أن هذه الثقافة اختلفت من الناحية الزمنية، بحسب طبيعة المعطيات التي رافقت كل مرحلة.

وعلى العموم، فإنّ السوريين كانوا يمتلكون حسّاً أمنياً مرتفعاً نتيجة لعقود من الحكم الأمني الشمولي، إلا أنهم في المقابل كانوا يفتقرون في الغالب لثقافة التعامل مع التقنيات الحديثة بشكل عام، بما في ذلك وسائل الاتصال الاجتماعي، حيث كان معظمهم في عام 2011 حديثو عهد في آليات التعامل مع هذه التقنيات.

كما ساهم “الجو الثوري” الذي ساد في الفترات الأولى للثورة، وخاصة في عام 2011، في فرض معطيات ساهمت في انفتاح النشطاء على بعضهم البعض، بما حدّ من الرقابة الأمنية الداخلية.

وقد استغلّ النظام وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الوصول إلى المعارضين، إما لاعتقالهم إن كانوا موجودين في مناطق سيطرته، أو لكشف شبكاتهم، أو لحرف مسارهم.

وقد استغلّ النظام في هذا الإطار كل الأدوات الأمنية الكلاسيكية والتقنيات الحديثة التي تمكن من الوصول لها، ابتداء من طريقة اعتقال أحد النشطاء واستعمال حسابه للتواصل مع بقية قوائم اتصاله، إلى فكرة إدخال العناصر الأمنية بأسماء مستعارة كنشطاء وتنسيقيات ضمن الحراك الثوري، ومحاولة اختراق الحسابات عبر الروابط الملغومة إلى غير ذلك من الوسائل.

وبالتوازي مع ارتفاع حجم الاختراقات الأمنية، طوّر النشطاء بدورهم آليات وإرشادات لكيفية التعامل مع الاختراقات، وخاصة من جهة التعامل مع الأشخاص الذين لا يكشفون أسماءهم الصريحة، والذين شكلوا مصدر الاختراق الأكبر في الفضاء الإلكتروني. ومن ذلك أن يقوم شخص واحد على الأقل من الأشخاص المعروفين بأسمائهم الصريحة بتزكية صاحب الاسم المستعار، والتأكيد على معرفته الشخصية له.

ويلاحظ أن النظام اعتمد في المجال الإلكتروني والإعلامي بشكل كبير على حزب الله، والذي كان يمتلك كوادر مهيئة للتعامل مع معطيات قريبة من الوضع السوري بعد عام 2011، فيما لم يكن النظام -وخاصة في البدايات- مستعداً من الناحية الفنية للتعامل مع وضع لا يُسيطر فيه بالكامل على كل الأرض السورية، ولا يملك فيه آليات ضغط كافية حتى على السوريين المقيمين خارج مناطق سيطرته.

ومع انحسار العمل السلمي، انخفضت أهمية الاختراقات المباشرة لمجموعات النشطاء، ليتحول تركيز النظام في وسائل التواصل الاجتماعي إلى مجالين أساسيين، الأول هو نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة، حتى تلك التي تستهدفه، بما يُضعف من مصداقية الإعلام المعارض بشكل عام بعد انكشاف عدم دقة هذه الأخبار (من النماذج الشائعة الأنباء عن انشقاقات شخصيات بعينها)، والتركيز على حرف المزاج العام من خلال الجيوش الإلكترونية الموالية له.

وقد ساهمت الانشقاقات التي شهدها الوسط المعارض، وطبيعة المشهد السوري المتحرك الذي يُشجع على انتشار الإشاعات، وامتلاك النظام للقدرة على إدارة فرق موحّدة القيادة والهدف، إلى نجاح نسبي لاستراتيجية النظام وحلفائه في تكريس اتجاهات معينة لدى الرأي العام المعارض وحتى الرمادي.

ثانياً: الظواهر الافتراضية في الثورة السورية

1) المواطن الصحفي

تُعتبر ظاهرة المواطن الصحفي جديدة على المجتمع السوري خصوصاً وفي العالم العربي عموماً، وهي ظاهرة نشأت منذ ثمانينات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية بتركيز مجموعة من المواطنين على القضايا التي يتجاهلها الإعلام المحلي.

دخلت ظاهرة المواطن الصحفي على الثورة السورية بشكل تلقائي، وكنتيجة طبيعية لتوفر التكنولوجيا والاستفادة من تجارب المحتجين في مصر وتونس وليبيا وغيرها. سارع السوريون لاستخدام الهواتف النقالة لتصوير الاحتجاجات والانتهاكات ونقل أخبارها إلى الرأي العام العربي والعالمي بعد أن استحال أمامهم قيام الإعلام الرسمي بأداء دور حيادي وموضوعي في نقل الأحداث، وبعد أن منع النظام السوري دخول معظم وسائل الإعلام والصحافة لنقل الأحداث ومتابعتها، ضمن نظرية الصمت المطبق حتى مرور الأحداث.

استطاع العديد من المواطنين الصحفيين في سورية امتلاك خبرات عالية في مجال العمل الإعلامي، مع استفادتهم من كوادر الإعلام العربي والعالمي الذين كانوا يستقبلون المواد الإعلامية ويضعون بعض الملاحظات والتوجيهات التقنية حولها.

وبعد ثماني سنوات من بدء الصراع أصبحت الثورة السورية الأكثر توثيقاً للأحداث ويومياتها مقارنة مع التحركات الاجتماعية والاحتجاجية السابقة في العالم على مرّ التاريخ(4)، ويعود السبب في ذلك إلى سيولة المعلومات في ظل صراع بات معقّداً على نحو بالغ، وإلى رغبة وقدرة السوريين على توظيف الثورة التقنية، بما ميّز الثورة وكل ما تضمنته وما تلاها بتوثيقها على يد المواطنين أو المواطنين الصحفيين.

كانت مواقع التواصل الاجتماعي البيئة المساحة المتاحة بشكل حر وآمن نسبياً للنشطاء الإعلاميون للقيام بمهام نقل المعلومات إلى الرأي العام.

وجد النشطاء الإعلاميون في البداية الإعلام الافتراضي وسيلة اتصال بينهم وبين الإعلام التقليدي، ولجأ البعض إلى تأمين الاتصال المباشر، في حين عمد بعضهم إلى العمل المنتظم تحت مظلة الشبكات الإعلامية المحلية، مثل “صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011”(5)، والتي تأسست في 18 كانون الثاني/يناير 2011، و”شبكة شام الإخبارية” التي تأسست في شباط/ فبراير 2011(6)، وذلك بنقل الأخبار والصور والتسجيلات ومقاطع الفيديو إليها، والتي تقوم بدورها بإيصالها إلى وسائل الإعلام التقليدي.

وجد الإعلام التقليدي نفسه أمام ضرورة التعامل مع النشطاء الإعلاميين في سورية في ظل اتساع رقعة الأحداث وعدم القدرة على تغطيتها بالسرعة والمساحة الكافية، لكن لاحقاً مع بروز ملامح دخول سورية في صراع معقّد لجأت القنوات الإعلامية إلى البحث عن معايير وقواعد ضابطة للتعامل مع المواطن الصحفي والشبكات الإعلامية في ظل السيولة المعلوماتية التي اتّسم بها الإعلام الافتراضي؛ خصوصاً وأن الفترة السابقة كانت تركز على نقل الأحداث دون ضوابط صارمة للتعامل مع النشاط الإعلامي الفردي والشبكي.

اتخذ الإعلام التقليدي وبعض المؤسسات العالمية الداعمة للإعلام بعض الصفات والقواعد لاختيار النشطاء الإعلاميين والشبكات للتعامل معهم بصفة أقرب إلى المهنية الصحفية وبناء عليهم تمّت إقامة دورات وورشات تدريبية لتمكين العمل الإعلامي الميداني على نحو احترافي وكان العديد من النشطاء يذهب باتجاه الدول الإقليمية المجاورة لحضورها ويتم تزويده أيضاً بالأدوات اللازمة لتسهيل وتحسين مستوى عمله.

سارع العديد من المواطنين الصحفيين لاحقاً إلى العمل ضمن شبكات الإعلام التقليدي والافتراضي المحلي منها والدولي، للبحث عن الاستمرار في ظل انقطاع موارد الدخل. لاحقاً لم تعد وسائل الإعلام والشبكات التي تقلّص عددها في ظل انقطاع الدعم وتغير السياسيات التحريرية تستجيب للتعامل إلّا مع عدد محدود من المواطنين الصحفيين الذين أصبحوا بحكم الصحافيين المحترفين بما اكتسبوه من خبرة ومهارة.

وقد ساهمت الشبكات الإخبارية في صناعة أسماء النشطاء الإعلاميين الذي برزوا لاحقاً، حيث عملت على تقديمهم للجمهور ولوسائل الإعلام التقليدية، حتى أصبح بعض هؤلاء النشطاء لاحقاً شخصيات اعتبارية قادرة على الوصول إلى الجمهور بصورة مباشرة بعيدة عن تلك الشبكات، وفي بعض الأحيان التفوق عليها من حيث نسبة الوصول.

بناءً على ما سبق، يُمكن القول إن المواطن الصحفي في الثورة السورية اكتسب على نحو تدريجي أهمية بالغة بالنسبة للرأي العام لكن ضمن الإعلام الافتراضي، بشكل يماثل الأهمية التي كان يحوزها الإعلامي والصحفي العامل في الإعلام التقليدي قبل الاحتجاجات الشعبية.

2) المجال العام الافتراضي

كان المجال العام في سورية قبل عام 2002 مُسيطراً عليه من قبل نظام الحكم، الذي احتكر النقاشات والحوارات ضمن مؤسسات الدولة ونقاباتها الرسمية وجعل تداول المواضيع فيها مُعدّاً بشكل مسبق، ما أدّى إلى شبه انعدام النقاشات والحوارات التي تخص الشأن أو الصالح العام في الأوساط المجتمعية المفتوحة والمغلقة.

مع قدوم بشار الأسد إلى السلطة وضمن سياسة انفتاح على العالم والغرب والرأسمالية قام بإدخال فضاء الاتصال عبر الانترنت إلى سورية، لكن بنفس الوقت حاول فرض رقابة عليه وقيود على الأنشطة؛ خشية أن يساهم في خلق “مجال عام” افتراضي بديل عن الواقعي، وتصاعدت تباعاً إجراءات التشديد منذ عام 2002 حيث شهد مستخدمو الانترنت داخل سورية حجب العديد من المواقع المحلية والعربية والعالمية، من سياسية واجتماعية وثقافية وخدمية، وشمل ذلك أيضاً المدونات الشخصية، ويضاف إلى ذلك قرارات الحجب الفعلية على المخدمات المحلية ومحاصرة مقاهي الانترنت بالشروط والزواجر، والتباطؤ في توفير التقنيات الحديثة الميسّرة للخدمة(7).

في عام 2010 وصلت إجراءات الرقابة على الفضاء الافتراضي في سورية إلى ذروتها حينما تم تطبيق شبه رسمي لمسودة قانون حول الإعلام الالكتروني، والذي أقره لاحقاً مجلس الشعب مطلع عام 2011، وتضمّن مواداً تصل فيها العقوبات إلى الحبس وإمكانية إحالة الصحفيين والمدونين للمحاكم الجزائية(8). علماً، أنّه تم إلغاء القانون لصالح قانون الإعلام الذي صدر في آب/ أغسطس 2011، والذي يتضمن الأحكام ذاتها(9).

وجاءت حزمة القوانين هذه بعدما أخفقت إجراءات التشديد السابقة على كثرتها في الحد من نشاط المواطنين السوريين على الفضاء الافتراضي؛ بعدما كان يتم اللجوء في أغلب الأحيان إلى وسائط مساعدة لتجاوز حالة الحجب الحكومي. ويبدو أن الثورة التقنية المعلوماتية ساهمت في تبديد حاجز الخوف من السلطات الحاكمة في سورية؛ على اعتبار أنها خلقت حاجزاً بين الأجيال إذ لم يعد الجيل الذي عاش حقبة القمع الشديدة في ثمانينات القرن الماضي قادراً على إقناع الجيل الجديد بالمخاوف التي مرّ بها.

واكب الجيل الجديد من السوريين الذين شاركوا في الثورة السورية الثورة التقنية؛ وبالتالي باتت المواقع الالكترونية -لا سيما المدونات- وسيلة للتحقق من شرعية النظام الحاكم والقوانين المعمول بها؛ مما خلق ظاهرة “المجال العام الافتراضي” كبديل عن “المجال العام الواقعي” وبدأت النقاشات والحوارات التي كانت غير ممكنة في المجتمع يتم تداولها على الانترنت ووصل الأمر للشروع بالانتقادات الواسعة للحكم.

شكّل المجال العام الافتراضي في سورية قبل عام 2010 مدخلاً رئيسياً لتشكيل رأي عام مشكك بالسلطة والحكم، وبالتالي أصبحت البيئة ملائمة لتأثر شرائح من المجتمع بالتحركات الاحتجاجية التي قامت في العالم العربي عام 2011، أي محاولة إسقاط المطالب التي نادت بها وطرح تساؤلات جوهرية تتعلق بالإصلاح والشرعية في الحكم.

مع بدء الاحتجاجات الشعبية في سورية لجأ العديد من المواطنين إلى الاستفادة من المدخل الذي وفّره الإعلام الافتراضي في الفترة السابقة لفتح باب الحوار والنقاش الداخلي، كانت النقاشات والحوارات في مرحلة الحراك السلمي تتناول الحقوق والواجبات بين السلطة والمواطنين وعن نظام الحكم المغلق وغير التمثيلي، بالإضافة إلى القمع الشديد الذي تعاني منه سورية وعن المستوى المعيشي للأفراد والتفاوت الكبير الذي لم تتم معالجته.

بعد دخول سورية في نزاع مسلّح باتت العديد من النقاشات والحوارات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الجمهور الرافض للنظام تتسم بسرعة الانفعال والرفض للرأي الآخر وتبنّي خطاب العنف والإقصاء مما شكل نوعاً من الدوائر المغلقة وبوادر للانقسام حول الهوية على اختلافاتها.

في الواقع، كان المجال العام الافتراضي –وما زال– بالنسبة للجمهور الرافض للنظام بيئة بديلة للحوار والنقاش المجتمعي خارج إرادة ورقابة النظام أو سلطات الأمر الواقع.

3) الاحتجاجات الافتراضية

في 30 آذار/ مارس 2011، وصف رئيس النظام السوري بشار الأسد في خطاب له أمام مجلس الشعب الاحتجاجات الشعبية في سورية بأنها عبارة عن “موجة افتراضية” نشأت في وسائل التواصل الاجتماعي(10). مقدماً في ذلك فهم السلطة الحقيقي أو المزعوم لدوافع الاحتجاجات الشعبية في سورية، وكيفية تعاطي النظام مع الاحتجاجات التي بدأت عبر دعوات افتراضية.

نشأت الاحتجاجات الافتراضية في ظل القيود الصارمة في سورية قبل عام 2011، عندما كانت النقاشات في المجال العام الافتراضي تبعث لدى الجيل الجديد على القلق من المستقبل، والرغبة في الاستمرار والاستقرار، والرغبة في المساهمة في صنع القرار، والشعور بعدم الجدوى.

تباعاً، اكتسب الجمهور الرافض للنظام خبرة في التعامل مع الاحتجاجات الافتراضية وتنوعت أشكال التعبير عنها من ضغط وحملات مقاطعة ودعوة للعصيان أو المقاطعة ودعوة للتظاهر المنظم وتوقيع العرائض، لكن جميع تلك الخطوات لم تصل لمرحلة عرض برنامج احتجاجي متكامل على مستوى واسع يوجّه الرأي العام ويخلق اتجاهاً عاماً يتناسب مع الظروف الميدانية والسياسية.

وبرزت نتيجة لهذه الخبرة العديد من المظاهر الاحتجاجية الافتراضية على شكل دعوات لحملات مناصرة بعضها ذات طابع سياسي وأخرى اقتصادي وأيضاً اجتماعي، مثل “انتخابات الدم” في 2014، و”استنشاق الموت” في 2014، و”أنا جوعان” 2015، و”حلب تحترق” في 2016.

4) الرأي العام الافتراضي

كان الرأي العام في سورية قبل ظهور الإعلام الافتراضي محجوباً ومقيداً بسلطة الخوف التي فرضها النظام عبر احتكار المجال العام واحتكار التوجهات بما يتناوله الإعلام الرسمي.

مع دخول الإعلام الافتراضي والثورة التقنية إلى سورية بدأت المحاولات تظهر لخلق رأي عام جديد خارج السلطة من خلال النقاشات والحوارات التي انتشرت على المجال العام الافتراضي ولو ضمن نطاق ضيق، وحينما اندلعت الاحتجاجات الشعبية عام 2011، بدا واضحاً انبثاق رأي عام جديد ضمن المجال الافتراضي.

يُمكن القول إن الرأي العام الافتراضي في سورية امتاز بوجود جمهور ذي سلوكيات متعددة ومتقلب القناعات والأفكار من النقيض إلى النقيض الآخر، وبالتالي كانت اتجاهات غير ثابتة تتلاءم مع الدوائر الضيقة وفي كثير من الأحيان تتبع بيئة فوضى المجال العام الافتراضي.

 

الفصل الثاني: وسائل التواصل الاجتماعي لدى الجمهور الرافض للنظام

أولاً: فيس بوك Facebook 

1) الأهمية

كان فيس بوك أحد المواقع الرئيسية التي شملها الحجب الحكومي عام 2007 ورفع عنها لاحقاً عام 2011، عندما تنبّه النظام إلى ضرورة مراقبة السوريين مع اندلاع ثورات الربيع العربي في ظل استخدام نظام حماية PROXY –وهي خوادم بديلة تعمل خارج البلاد وتتيح خاصية إخفاء العناوين IP– وللحيلولة من أن يصبح فيس بوك منصة يتم فيها تداول الرواية المعارضة لسياسات السلطة دون غيرها، حيث أن استمرار المنع يعني أن تكون المنصة مجالاً حراً للمناوئين للنظام دون حضور للموالين له.

أولى الجمهور السوري المعارض اهتماماً بالغاً بموقع فيس بوك أكثر من غيره كوسائل تواصل اجتماعي؛ سواءً كان ذلك عبر الصفحات الشخصية أو العامة أو المجموعات، كما هو موضّح أدناه:

1.1. الصفحات الشخصية

تنبع أهمية الصفحات الشخصية على موقع فيس بوك بالنسبة للجمهور الرافض للنظام من كونها :

• منصة لتداول الروايات الخبرية، والتي لا يُمكن طرحها على وسائل الإعلام التقليدي. كنقل أي تجاوز أو انتهاك يقوم به النظام السوري مثل إيقاف حافلة والتعدي بالضرب على أحد الركاب لمجرّد حمله هوية من درعا. شكّل هذا الأسلوب البسيط فرصة لاستمالة وتعاطف شرائح كبيرة من الجمهور السوري، وفرصة لإعادة تشكيل الصورة الذهنية حول النظام وأجهزة الحكم.

• منصة أسست للحوارات والنقاشات النصيّة والمرئية لاحقاً، وقد أتاح ذلك الفرصة لأشخاص يحملون آراء مختلفة، وإن كان ذلك ضمن المجال الافتراضي، في الوقت الذي لم يكن فيه السوريون يمتلكون أيّة منصة حوار.

• منصة للتواصل تشكّلت فيها دائرة اجتماعية جديدة –بدأت افتراضية وتحوّلت في أحيان كثيرة إلى واقعية– خارج نطاق العائلة والصداقة وزمالة العمل، يحمل فيها الجميع توجّهاً سياسياً مشتركاً حول النظام السوري.

• منصة للتعبير ولتحدي النظام السوري على غرار المظاهرات، مع كل المخاطر التي يُمكن أن يتعرّض لها الشخص من اعتقال.

2.1. المجموعات

تنبع أهمية المجموعات المغلقة والسرية على موقع فيس بوك بالنسبة للجمهور الرافض للنظام من كونها:

• منصة للتنظيم، في الوقت الذي كانت فيه وسائل تواصل اجتماعي أخرى مثل Skype تُستخدم للتنسيق. على سبيل المثال، كانت “تنسيقية جامعة حلب” تعتمد على فيس بوك لتنظيم عمل أعضائها مثل اختيار الشعارات ونقاط ومواعيد التظاهر ليتم نقلها وتعميمها على غرف الأخبار في وسائل التواصل الأخرى(12). يشمل ذلك أيضاً تنظيم وتنسيق حملات المناصرة.

• منصّة لتداول الأخبار مثل شبكة INT وشبكة IRT، وهي عبارة عن غرف إخبارية تفاعلية مفتوحة المصدر، يُشارك فيها المستخدم كمواطن صحفي في نقل ورصد الأحداث الخاصة بسورية، فيما يتم التأكد من صحّة ما يُنشر عبر تقاطع المصادر. شكّل هذا النوع من الشبكات مرجعاً أساسياً لوسائل الإعلام التقليدي ولجمهور واسع من السوريين على موقع فيس بوك.

• منصة للحوار وتبادل الآراء بين السوريين وللتشجيع على تحليل المعلومات والقضايا الخاصة بالنزاع. ومثال ذلك، مجموعة الحوار السوري، في كثير من الأحيان يُشارك بهذه المجموعات نخب من المعارضة السورية السياسية والعسكرية والمدنية.

3.1. الصفحات العامّة

تنبع أهمية الصفحات العامّة على موقع فيس بوك بالنسبة للجمهور الرافض للنظام من كونها(11):

• أداة تحريض، وذلك عبر الدعوة للاحتجاجات الشعبية في سورية وتكرار نموذج ليبيا وتونس ومصر في سورية، والدعوة لمواجهة الأفكار والتنظيمات المتطرفة. تُعتبر صفحة “شبكة الثورة السورية” التي تأسست في 18 كانون الثاني/ يناير 2011، نموذجاً لأبرز الصفحات التي تولّت التحريض المبكر ضد النظام السوري وشجّعت السوريين على القيام بالثورة، كما ساهمت في تنظيم الاحتجاجات، وقيادة الرأي العام فيما يتعلق ببعض الظواهر التي طرأت لاحقاً في المشهد السوري، مثل ظهور القاعدة وداعش(13).

• أداة حشد؛ كانت الصفحات العامة إحدى أبرز الأدوات التي عملت على توسيع القواعد الاجتماعية المناهضة للنظام السوري والتنظيمات المتطرفة عبر الدعوات المنتظمة والمنسّقة للمظاهرات والعصيان المدني وحملات الإضراب وغيرها من وسائل.

• أداة تأثير؛ على قناعات واتجاه الرأي العام السوري، عبر إعادة تشكيل الصورة الذهنية حول القضايا والأشخاص. على سبيل المثال، تعمّدت صفحة “شبكة الثورة السورية” تسمية نفسها قبل عام 2014 بـ “صفحة الثورة السورية ضد بشار الأسد”؛ بغرض كسر الصورة النمطية للأسد لدى السوريين، عبر التقليل من مكانته وتحميله مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية واستخدام العنف المفرط وغيرها، بإرفاق معلومات واستعراضها بأسلوب ساخر كنص منشور أو صورة كاريكاتورية.

• أداة رصد؛ حيث وفّرت الصفحات العامة، على غرار المجموعات المفتوحة في فيس بوك، قدرة أكبر على الوصول إلى الأخبار والأحداث الخاصة بسورية، إضافة إلى منح إمكانية الاختيار والبحث عبر الكلمات المفتاحية، وهي خصائص غير متوفّرة في الإعلام التقليدي الذي كان هو نفسه يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الوصول إلى الخبر والمعلومة حول سورية.

2) التأثير

حقّق استخدام موقع فيس بوك أثراً كبيراً، إيجاباً وسلباً، على الجمهور الرافض للنظام منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، كما هو موضّح أدناه:

• كسْر حاجز الخوف، فقد ساهم فيس بوك بالتخلّص تدريجياً من مشاعر القلق والخشية التي كانت تُسيطر على أنشطة وتفاعلات السوريين على صفحات وحسابات ومجموعة جمهور المعارضة. كما أنّه منح شعوراً بالثقة من خلال توسيع دائرة الوصول الآمن للأشخاص الذين يتبادلون الآراء والمشاعر ذاتها تجاه القضايا السياسية والاجتماعية المشتركة. عليه، أصبح شائعاً انتقاد الجمهور الرافض للنظام لأيّ فرد أو كيان دون محاذير مسبقة، مستفيدين من سهولة عملية التنميط.

• صياغة اتجاهات الرأي العام، حيث أدّى فيس بوك دوراً رئيسياً على غرار وسائل الإعلام التقليدي، في إعادة تشكيل القناعات لدى الجمهور السوري المعارض تجاه قضايا سياسية واجتماعية مختلفة. على سبيل المثال، ساهمت حملة “منتخب البراميل” التي تم إطلاقها في مطلع كانون الثاني/ يناير 2019، عبر مجموعة مغلقة تحمل اسم “وزارة الرياضة العالمية” والتي أنشأها نشطاء معارضون للنظام السوري، في مواجهة الدعاية التي مارسها هذه الأخير لتوليد قناعة لدى جمهور المعارضة بضرورة فصل الرياضة عن السياسة ودعم المنتخب السوري خلال بطولة كأس آسيا. حاولت الحملة التأكيد على أنّ النظام السوري طوّع كل المؤسسات والأجندة لصالح دعم استراتيجية الحرب الشاملة التي يقودها ضد كل من يعارضه(14).

• مكافحة الفساد والانتهاكات والدعوة المستمرة للمساءلة والمحاسبة، حيث ساهم فيس بوك بشكل ما في مواجهة الأخطاء والانتهاكات ضمن صفوف المعارضة السورية منذ بداية انتشار مظاهرها، من قبيل تسليط الضوء على عمليات السرقة الواسعة والاعتداء على الممتلكات الشخصية والعامة التي عرفت باسم “التشويل”، وقد استدعت عمليات الرصد من قبل الصفحات مثل “شبكة الثورة السورية” قيام قادة من فصائل المعارضة السورية بالتواصل معها لنفي مسؤوليتهم عن الأخطاء والانتهاكات، من قبيل موافقة عصام بويضاني عام 2015 إجراء مقابلة معه لسؤاله عن مصير رزان زيتونه ورفاقها(15).

• مكافحة الإرهاب، حيث ساهم العديد من الأشخاص والصفحات مبكّراً في انتشار التنظيمات المتطرفة(16)، ومن ثم ملاحقة انتهاكاتها، كالأنشطة التفاعلية التي قامت بها صفحة “الرقة تذبح بصمت” عبر الحشد والتحريض والرصد لانتهاكات تنظيم داعش في سورية، والتي بموجبها تم منح المسؤولين عنها جائزة حرية الصحافة العالمية في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015(17).

• التقليل من مشاعر الإحباط تجاه قضايا الرأي العام، سواءً عبر المشاركة أو التفاعل مع الدعوات والمنشورات، والتي قد لا تحقّق الاستجابة المطلوبة، إنّما تكتفي بتفريع حاجة افتراضية لدى المتفاعلين والمتأثرين بها دون الدفع نحو تحقيق سلوك مرتبط بها على أرض الواقع.

• أداة للتشويش على الطرف المقابل، على سبيل المثال، أثناء إصابة العقيد رياض الأسعد في 25 آذار/ مارس 2013، نشرت صفحة “شبكة الثورة السورية” خبراً يفيد بمقتله، بعد أن كان طاقمها على اتصال مع فريقه المرافق عند إصابته، وكان يُسمع في المكان صوت الطيران، مما يعني أن هناك محاولة للبحث عنه واستهدافه أو اعتقاله. وقد ساهم هذا الإعلان في انسحاب الطيران فوراً، بعد أن قامت وسائل الإعلام الموالية بنشر خبر مقتله نقلاً عن “شبكة الثورة السورية”.

• التنسيق اللوجستي الإنساني، حيث ساعد موقع فيس بوك بتوفير وصول المساعدات إلى العديد من المحتاجين في سورية والذين تضرروا نتيجة النزاع.

• بث خطاب العنصرية والتطرف، والذي بدأ مع انتشار خطاب المناطقية بعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة، في الواقع لم تُفلح جميع الدعوات والجهود للتقليل من حدّة وأثر هذا الخطاب والي ساهم في تعزيز الانقسام في صفوف المعارضة السورية. على سبيل المثال، استدعى تنامي مظاهر الانقسام الناتج عن التحيّز الجغرافي والفكري قيام مجموعة من النشطاء في مدينة حلب في شباط/ فبراير 2016، إطلاق مبادرة بعنوان “يوم بلا انترنت” والتي استمرّت مدّة شهرين(18).

• الاختراق، كان لغياب المعرفة والاهتمام الكافي من قبل النشطاء بأدوات التحقق والأمان في التواصل ونشر المحتوى، سبباً بخلق ثغرة أمنية كبيرة لصالح النظام السوري الذي استطاع اعتقال بعض النشطاء واختراق الصفوف. على سبيل المثال في عام 2011 أنشأ النظام السوري تنسيقية حملت اسم “أحفاد الكواكبي” على موقع فيس بوك وسكايب، واستطاع من خلالها الوصول إلى العديد من التنسيقيات(19).

كما كان النظام يُجبر المعتقلين تحت التهديد والتعذيب على فتح حساباتهم والاعتراف عن أصحاب الحسابات والصفحات التي يتفاعلون معها.

ثانياً: يوتيوب YouTube 

يُعتبر يوتيوب أيضاً أحد المواقع الرئيسية التي لجأ الجمهور الرافض للنظام للاعتماد عليها، ومع أنّ درجة استخدامه لا تقارن مع فيس بوك، لكنّ أهميته قد تفوق هذا الأخير.

1) الأهمية

• أداة توثيق؛ حيث استخدم جمهور المعارضة السوري موقع يوتيوب كمنصة رئيسية لتوثيق وأرشفة المظاهرات والاعتصامات والمقاطعة، والبيانات العسكرية من انشقاق وتأسيس واندماج واستعراض، والعمليات العسكرية من قصف واقتحام وسيطرة، والبيانات السياسية من تأسيس وإصدار مواقف، والأغاني الثورية، والمداخلات المتلفزة.

قامت العديد من القنوات بتسجيل ونقل الأحداث إلى موقع يوتيوب. لكن الموقع قام خلال السنوات الماضية بحذف العديد منها نتيجة وجود مواد تعتبر انتهاكات لمعايير الموقع، ما أدّى إلى خسارة عدد كبير من المقاطع المرئية المسجّلة. على سبيل المثال، كانت إحدى القنوات تحتوي على 55 ألف مشترك و300 ألف مقطع فيديو 70% منها تغطي الأحداث في الثورة السورية(20). ومع ذلك، تم الاحتفاظ من قبل بعض النشطاء بمعظم الأرشيف على أقراص تخزين خاصة، بعد أن كانوا يعملون على تنزيل المحتوى المرئي لديهم مع نهاية كل شهر(21).

• أداة رصد؛ أدّى يوتيوب دوراً رئيسياً في رصد كافة الأنشطة والعمليات العسكرية والسياسية والمدنية الخاصة بالثورة السورية، حيث لجأ الناشطون، وهم مواطنون صحفيون، إلى استعراض المحتوى المرئي على قنواتهم ونقله إلى القنوات الإعلامية أو إلى وسائل التواصل الأخرى.

• أداة تحقق؛ أدّى موقع يوتيوب –وما يزال– دوراً مهماً في التحقق من مصادر المعلومات ومعالجة البيانات بالنسبة للمعارضة السورية وحتى للأجهزة والمؤسسات الدولية. على سبيل المثال، يُعتبر الأرشيف العسكري لعمليات المعارضة السورية وغيرها من أطراف النزاع مرجعاً مهماً في تقييم وتقدير المواقف وتحديد حجم الخسائر وتحسين الأداء المطلوب.

• أداة حشد؛ أدّى وصول المقاطع المسجّلة عن المظاهرات والإضراب وعمليات الانشقاق وغيرها، إلى توسيع القواعد الاجتماعية المناهضة للنظام السوري وتشجيع السكان والعاملين في قطاعات الدولة على الانضمام لصفوف المعارضة السورية.

• أداة تأثير على قناعات واتجاه الرأي العام السوري، عبر إعادة تشكيل الصورة الذهنية حول القضايا والأشخاص، وذلك باستخدام وسائل منها تكرار المحتوى بصيغ مختلفة والتناول الساخر للقضايا والأشخاص(22). يُمكن القول إنّ أداة التأثير في اليوتيوب ذات أهمية أقل مقارنة مع غيرها من الأدوات بالنسبة للجمهور الرافض للنظام.

• أداة وصول؛ ساهمت منصة يوتيوب في وصول المعلومات حول سورية إلى أكبر عدد من الجمهور داخل وخارج سورية، ووجد العديد من الصحفيين والمواطنين الصحفيين في ذلك فرصة لتوسيع قاعدة المتابعين بعد استقطابهم عبر تنويع المحتوى، وإن كان دخول منشئ أو ناقل المحتوى إلى موقع يوتيوب لغرض الوصول ذا أهمية وأولوية منخفضة مقارنة مع الأهداف الأخرى سابقة الذكر.

• أداة تسويق؛ حيث استخدمتها الأطراف المختلفة لعرض إنجازاتها أمام الداعمين والممولين الفعليين والمحتملين.

2) التأثير

ساهم موقع يوتيوب في التأثير على الجمهور الرافض للنظام وإن كان بدرجة أقل من موقع فيس بوك. ومن الملاحظ وجود اختلاف في تأثير موقع يوتيوب حسب ظروف الزمان، إذ أنّ عملية عرض المحتوى الخاص بالمظاهرات وبيانات الانشقاق والسيطرة وغيرها كانت تنال اهتماماً كبيراً من الجمهور السوري وغير السوري في السنوات الأولى من النزاع، لكن ذلك تراجع لاحقاً على حساب الاهتمام بمقاطع مرئية يُقدّمها صنّاع محتوى (يوتيوبرز Youtubers) سوريين تتناول قضايا الشأن العام.

وعلى قلّة عدد اليوتيوبرز السوريين الذين يتناولون قضايا الشأن العام، هناك تركيز على المحتوى الساخر، ويكاد يندر وجود المحتوى الجاد. في كثير من الأحيان، كان يتم دمج أكثر من نوع للمحتوى في حلقة واحدة. على سبيل المثال، لجأ العديد من اليوتيوبرز السوريين الذين يُقدّمون محتوى غير هادف إلى التطرق إلى القضايا الإنسانية سواءً كإجراء جولات داخل المخيمات، وغالباً ما كان الهدف تحقيق وصول وشهرة أكبر وبالتالي زيادة الأرباح، هذا بصرف النظر عن الدور الذي ساهموا فيه بتسليط الضوء على تردي الواقع المعيشي(23).

عموماً، حقّق استخدام موقع يوتيوب أثراً ملموساً، إيجاباً وسلباً، على الجمهور الرافض للنظام منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، كما هو موضّح أدناه وفق تسلسل زمني:

• كسر حاجز الخوف، والذي ساهمت فيه مقاطع المظاهرات وبيانات الانشقاق والسيطرة العسكرية وغيرها، لكن هذا التأثير انخفض بشكل تدريجي بعد عام 2013 على حساب عوامل أخرى. على سبيل المثال، لم يعد نشر مقطع مرئي لإعلان انشقاق مجموعة من الجنود والضباط مؤثراً من ناحية تشجيع مجموعات أو أفراد آخرين لمغادرة الخدمة العسكرية.

• التقليل من مشاعر الإحباط تجاه قضايا الرأي العام، والذي قد يُفسّر لجوء اليوتيوبرز السوريين إلى إنشاء المحتوى الساخر بالدرجة الأولى، لا سيما في ظل عدم وجود رغبة من قبل الجمهور بمتابعة القضايا السياسية والعسكرية والاقتصادية بأسلوب جدّي وجاف(24).

• تصدير جيل جديد من صناع الأفلام السوريين، ومنذ وقت مبكّر، وذلك باستخدام الأرشيف الذي تم تسجيله من مقاطع الفيديو في إنتاج وإخراج الأفلام الوثائقية والتسجيلية التي تتناول قضايا تدعم المعارضة السورية(25).

• تحسين الأداء التقني والمهني، سواءً بالنسبة للنشطاء الذين كانوا يقومون بتصوير الأحداث، أو بالنسبة للمعلّقين على القنوات الإعلامية أو بالنسبة لصنّاع المحتوى، حيث ساهم موقع يوتيوب في تلافي العديد من الأخطاء؛ مثل تصوير المعارك الذي يسمح بتحديد المواقع وبالتالي استهدافها(26).

ثالثاً: سكايب Skype

في الفترة بين عامي 2011 و2014، كان برنامج سكايب Skype وسيلة التواصل الاجتماعي الأكثر استخداماً بالنسبة للجمهور الرافض للنظام وبما يفوق دخولهم إلى موقع فيس بوك Facebook، لكنّ هذا الاهتمام تراجع لاحقاً؛ نتيجة الاستعاضة بوسائل أخرى للحصول على الخدمات وتراجع الثقة بمستوى أمان وحماية المستخدم التي يُقدّمها البرنامج.

كانت أهمية البرنامج تنبع من كونه:

• أداة تنسيق؛ إذ كان هناك اعتماد رئيسي في تنسيق المظاهرات والاحتجاجات على برنامج سكايب، عندما تم إنشاء غرف، تُنسب لها التنسيقيات، تخضع لإدارة شخص أو عدد من الأشخاص المعروفين لبعضهم ويستخدمون أسماء مستعارة، ويقومون بضم أو قبول انضمام أعضاء جدد بناء على توصية من أشخاص آخرين كوسيلة لضمان الحماية والأمان، لذلك كان يصعب على النظام السوري اختراق التنسيقيات إلا من خلال روابط أو من خلال أشخاص بشكل محدود جداً(27).

علماً أنّ إدارة غرفة التنسيقية مسؤولة عن نشر مواعيد ومواقع التجمعات وأسماء الجمع ومراقبة النقاش، بعد أن يقوم المدراء بتنظيم عملهم ضمن مجموعات سرية مغلقة على موقع Facebook.

• أداة وصول؛ إذ كان معظم النشطاء (الصحفيون المواطنون) يستخدمون برنامج سكايب للتحدّث مع المؤسسة الإعلامية للتعليق على المظاهرات أو الانتهاكات التي يقوم بها النظام السوري، مما ساعد على وصول المعلومات بشكل أوسع للرأي العام السوري والعالمي.

• أداة اتصال؛ قبل أن يوفّر برنامج واتساب Whatsapp ميزة الاتصال للمستخدمين عام 2015، كان عدد كبير من الفاعلين في المعارضة السورية المدنية والعسكرية يستخدمون برنامج سكايب لإرسال تحذيرات أو معلومات حول تحركاتهم الخاصة أو أنشطة النظام السوري(28). ومن الأمثلة على استخدام سكايب كأداة اتصال رئيسية، إشراف طبيب بريطاني عام 2016 على عملية جراحية معقدة في مدينة حلب عبر خدمة الفيديو التي يوفرها البرنامج(29).

رابعاً: تلغرام Telegram

في عام 2015، بدأ الجمهور الرافض للنظام باستخدام برنامج تلغرام Telegram أي بعد أقل من سنتين من انطلاقه، نظراً إلى الخدمات المميزة التي يقدّمها ولمعدّل الخصوصية والأمان العالي الذي يوفّره باعتباره تطبيقاً مفتوح المصدر جزئياً.

كما لقي انتشاراً واسعاً داخل سورية، وخاصة في المناطق المحاصرة، نظراً لما يتمتع به البرنامج من سهولة وسرعة، وعدم استهلاك مساحة تخزين على جهاز الهاتف. كما أن البرنامج يتميز في عدم حاجته إلى سرعة مرتفعة للاتصال مع الإنترنت، ولا يستهلك الكثير من حُزم البيانات.

كانت أهمية البرنامج تنبع من كونه:

• أداة تنسيق؛ حيث بدأ عدد من قادة المعارضة السورية لا سيما العسكريين منذ عام 2017، باستخدام برنامج تلغرام للتنسيق فيما بينهم ضمن غرف خاصة، مستفيدين من تجربة التنظيمات الجهادية التي كانت تعتمد بشكل رئيسي على التطبيق على اعتبار أنّ درجة الأمان فيه أعلى من غيره من البرامج. غالباً ما يتم اللجوء إلى المحادثات المشفرة في حال كانت هناك ضرورة أو استخدام خدمة الاتصال التي أيضاً تعتمد على تشفير يصعب اختراقه.

• أداة عرض؛ وهي خدمة نشر الأخبار التي يوفّرها برنامج تلغرام عبر القنوات، حتى بات المصدر الرئيسي للحصول على المعلومات بالنسبة للجمهور الرافض للنظام، بعد أن لجأت غالبية الفصائل العسكرية والتنظيمات الجهادية والمؤسسات السياسية لإنشاء قنوات خاصة بها من أجل التعريف السريع بأنشطتها وفعالياتها.

• أداة تأثير؛ على قناعات الرأي العام السوري المعارض، سلباً وإيجاباً؛ لسهولة تداول الأخبار وتحليل البيانات من خلال قنوات معروفة ومجهولة. على سبيل المثال؛ كانت تنتشر خلال العمليات القتالية بين النظام والمعارضة أخبار وصور تستعرض مواقع السيطرة، في كثير من الأحيان تحوّلت هذه المعلومات والتحليل المرفق لها إلى مصدر للتضليل أثر حتى المقاتلين.

خامساً: واتساب WhatsApp

منذ عام 2011، كان الجمهور الرافض للنظام يستخدم برنامج واتساب Whatsapp بشكل كبير، لسهولة خدمات التواصل التي يقدمها، والتي باتت البديل المفضّل عن برامج المحادثة الأولية التي كان يستخدمها السوريون قبل ظهور التطبيق عام 2009، مثل SH وUltra. كانت أهمية البرنامج تنبع من كونه:

• أداة اتصال؛ حيث تطوّر استخدام الجمهور الرافض للنظام لبرنامج واتساب من الدردشة النصيّة عبر الرسائل إلى المكالمات الصوتية بعد تفعيلها، حتى بات التطبيق الوسيلة الأساسية للتواصل الصوتي؛ بسبب التشفير الذي يصعب اختراقه وجودة الخدمة المقدّمة. وقد تخلّت نسبة كبيرة من قادة ونشطاء المعارضة السورية عن استخدام وسائل التواصل الأخرى التي كانوا يعتمدون عليها من أجل الاتصال مثل تطبيق Viber لصالح الاعتماد على واتساب.

• أداة تأثير؛ حيث كان هناك استخدام واتساب كمنصة رئيسية لتداول المعلومات والأخبار من قبل الجمهور الرافض للنظام. في الواقع، تم تداول نسبة كبيرة من الإشاعات عبر التطبيق؛ مما ساعد على انتشارها بشكل واسع، وبالتالي التأثير على اتجاه الرأي العام، كان من أبرزها انشقاق فاروق الشرع، وساعة الصفر لسقوط النظام السوري، ومقتل بشار الأسد، وتدخّل قوات حلف الناتو(30). كذلك، تم استخدام واتساب كمنصة للحوار بين صفوف المعارضة السورية. على سبيل المثال، في نهاية شباط/ فبراير 2012، تم تأسيس غرفة أخبار سورية والتي ضمت إليها تباعاً معظم المؤثرين في المعارضة السورية ويتم فيها تناول قضايا الشأن العام.

سادساً: تويتر Twitter

يُعتبر موقع التدوين المصغّر تويتر Twitter من مواقع التواصل الاجتماعي التي استعملها الجمهور الرافض للنظام، وإن كان بدرجة أقل بكثير مقارنة مع غيره من المنصات، ويُمكن القول إن توتر بقي نخبوياً إلى حد كبير بالنسبة للجمهور السوري.

وعليه، تكمن أهمية تويتر من كونه:

• أداة عرض؛ إذ يتم نشر التصريحات والبيانات الرسمية من قادة المعارضة السورية العسكرية والسياسية والمدنية على موقع تويتر، وذلك على غرار الاستخدام الشائع لهذا الأخير من قبل الزعماء والقادة لدى الدول والأحزاب والكيانات. طبعاً يتم استخدام الموقع لمتابعة الأخبار لكن بدرجة أقل.

• أداة تأثير؛ وذلك من خلال صنّاع المحتوى السوريين (يتيوبرز) لكن حجم هذا التأثير يُعتبر ضعيفاً مقارنة مع بقية مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، نظراً للإقبال المحدود على تويتر من قبل السوريين.

 

خلاصة

كان لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في الثورة السورية أثر إيجابي وسلبي على الجمهور الرافض للنظام، إذ:

• ساهمت في خلق بيئة آمنة للتواصل والتنظيم والعمل بعيداً عن رقابة أجهزة ومؤسسات النظام السوري الأمنية والعسكرية.

• رغم اتساع مستوى الوصول الاجتماعي الذي حققته بين السوريين، لكنّها رسّخت العودة إلى الهويات الضيقة أو الدوائر المغلقة على مستوى المصالح والانتماء والقناعات.

• ساهمت في حشد الجمهور حول قضايا الشأن العام، لكن دون أن يكون لدى العديد من أفراده –في كثير من الأحيان– أدنى فكرة عن الأسباب التي دفعتهم لتبني وجهة النظر والدفاع عنها(31).

• أثّرت أحياناً على القناعات من ناحية القبول وعدم الاعتراض على الأفكار والمواقف ولو على نحو مؤقت حول قضايا تمسّ بالأصل جوهر الثورة السورية.

• وفّرت فرصة للشعور بالرضا عن الذات، حيث يقوم الأشخاص بالتعبير عن احتجاجهم أو تأييدهم على حسابات التواصل الاجتماعي، بما يُشعرهم بأنهم قاموا بما ينبغي أن يقوموا به تجاه ما يجري في المشهد العام.

• أتاحت فرصة أمام العديد من الأشخاص لممارسة العمل الصحفي وكذلك لتأسيس مؤسسات إعلامية، بعد أن أصبح لدى هؤلاء عدد كبير جداً من المتابعين وبالتالي القدرة على التأثير في اتجاهات الرأي العام.

• أظهرت أحياناً عيوباً كبيرة لدى النشطاء والسياسيين في طرح وتناول القضايا الحساسة، مما تسبب بزعزعة الثقة مع الجمهور.

 

الهوامش:

1- “نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام: الأسس والمنطلقات”. المعهد المصري للدراسات، 21-2-2018، https://cutt.us/xb4UQ
2-  “السلطات ترفع تدريجيا الحجب عن بعض المواقع على الانترنت”. France24، 9-2-2011، https://cutt.us/p8IyL
3-  في زحمة التكهنات السورية : أسئلة تبحث عن أجوبة، الجمل بما حمل، 16/10/2013: https://bit.ly/3curbhP

4- “AI Emerges as Crucial Tool for Groups Seeking Justice for Syria War Crimes”. The Wall Street Journal, 13-2-2021, https://cutt.us/SDYQH

5-  يمكن الوصول إلى الصفحة عبر الرابط:  https://www.facebook.com/Syrian.Revolution
6-  يمكن الوصول إلى الصفحة غبر الرابط: https://www.facebook.com/ShaamNetwork.Arabic
7-  د. حمزة مصطفى، “المجال العام الافتراضي في الثورة السورية”. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص18-21.
8- “المرسوم التشريعي 26 لعام 2011 قانون التواصل مع العموم على الشبكة”. موقع مجلس الشعب السوري، 14-2-2011، https://cutt.us/JQq5f
9- “المرسوم التشريعي 108 لعام 2011 قانون الإعلام”. مجلس الشعب السوري، 28-8-2011، https://cutt.us/PEFOE
10- “خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في مجلس الشعب”. أخبار الجديد، 30-3-2011، https://cutt.us/COPAn 
11- فراس ديبة، صحفي سوري يمتلك نشاطاً كبيراً على موقع فيس بوك. مقابلة، مركز جسور للدراسات، 2-3-2021
ديمة السيد، صحفية سورية تمتلك نشاطاً كبيراً على موقع فيس بوك. مقابلة، مركز جسور للدراسات، 3-3-2021
12- منذر عتقي، أحد مسؤولي تنسيقية جامعة حلب، مقابلة أجراها مركز جسور للدراسات. 3-3-2021.
13- محمود المصري، أحد مدراء ومؤسسي صفحة شبكة الثورة السورية، مقابلة أجراها مركز جسور للدراسات، 3-3-2021.
14- عروة قنواتي، صحفي رياضي وأحد مسؤولي حملة منتخب البراميل، مركز جسور للدراسات، 2-3-2021.
15- محمود المصري، أحد مدراء ومؤسسي صفحة شبكة الثورة السورية، مقابلة أجراها مركز جسور للدراسات، 3-3-2021.
16- منشور يُسلّط الضوء على انتهاكات تنظيم داعش بحق المعارضة السورية قبل سنة من إعلانه الخلافة. صفحة شبكة الثورة السورية، موقع فيس بوك، 11-7-2013، https://cutt.us/wsnhl
17- “الرقة تذبح بصمت تفوز بجائزة حرية الصحافة العالمية”. عنب بلدي، 26-11-2015، https://cutt.us/EWZ3S
18- منذر عتقي، أحد مسؤولي تنسيقية جامعة حلب، مقابلة أجراها مركز جسور للدراسات. 3-3-2021.
19- منذر عتقي، أحد مسؤولي تنسيقية جامعة حلب، مقابلة أجراها مركز جسور للدراسات. 3-3-2021.
20- مصطفى النعيمي، منشئ ومدير “قناة مصطفى النعيمي” التي تم حذفها من موقع يوتيوب وتُعتبر مصدر توثيق رئيسي للأحداث في سورية، مقابلة مع مركز جسور للدراسات. 8-3-2021.
21- تامر تركماني، منشئ محتوى ومسؤول عن أرشفة وتوثيق الأحداث في سورية بعد عام 2011 من صور ومقاطع مرئية وصوتية وتقارير صحفية، مقابلة مع مركز جسور للدراسات، 2-3-2021.
22- ماجد شمعة، صحافي وصانع محتوى سوري على يوتيوب يتناول قضايا الثورة بأسلوب ساخر، مقابلة مع مركز جسور للدراسات، 9-3-2021.
23- “هل يستغل اليوتيوبرز السوريين معاناة اللاجئين لزيادة شهرتهم”. عنب بلدي، 3-3-2021، https://cutt.us/hHi0G
24- إياد الشامي، صانع محتوى سوري على اليوتيوب يتناول قضايا الثورة السورية بأسلوب ساخر، مركز جسور للدراسات، 4-3-2021.
25- أحمد طالب الناصر، “هل نجح السوريون في صنع أفلام وثائقية حقيقية عن الثورة؟”. تلفزيون سوريا، 13-12-2020، https://cutt.us/q7wNt
26- مصطفى النعيمي، منشئ ومدير قناة مصطفى النعيمي التي تم حذفها من موقع يوتيوب وتُعتبر مصدر توثيق رئيسي للأحداث في سورية، مركز جسور للدراسات. 8-3-2021.
27-  يوسف علبي، وهو خبير تسويق وأمن معلومات وأحد النشطاء الذين شاركوا في عمل التنسيقيات عام 2011، مقابلة مع مركز جسور للدراسات، 28-2-2021.
28-  “الثورة السورية تتحول إلى ثورة سكايب بدلا من ثورة تويتر”. البوابة، 3-11-2012، https://cutt.us/mcY7u
29-“(بالفيديو) طبيب بريطاني يشرف على عمل جراحي معقد بحلب عبر السكايب”. السورية نت، 15-9-2016، https://cutt.us/TBGjJ
30-  “الإشاعات في سوريا.. دخان لنار الحرب”. عنب بلدي، 4-11-2018، https://cutt.us/55ukG
31- ديما السيد، وهي صحفية ومنشئة محتوى سورية على مواقع التواصل الاجتماعي، مقابلة مع مركز جسور للدراسات، 3-3-2021.

المصـــدر

المزيد
من المقالات