تجربة الأطباء في سورية بين السلم والحرب

يناير 4, 2023

عبد الوهاب عاصي

دراسات

لغاية 2011، كانت الكثير من العوائل في سورية تشجّع أبناءها؛ وأحياناً تجبرهم على الدراسة في إحدى كليات الطب، أملاً بأن يحظى المتعلّم على شهادة الاختصاص ذات العائد المادي المرتفع، والمكانة الاجتماعية المتميزة.
ويعود التميز الاجتماعي لمهنة الطب في سورية إلى الفترة التي تلت الاستقلال؛ حيث اشتهر أطباء قاموا بأدوار مهمة في الشأن العام، من أبرزهم عبد الرحمن الشهبندر ووهيب الغانم ووجيه البارودي وعبد السلام العجيلي ونور الدين الأتاسي ويوسف زعين وإبراهيم ماخوس وغيرهم، والذين تولّوا أدواراً سياسية واجتماعية في رئاسة الجمهورية والوزراء والخارجية، إضافة إلى عضوية البرلمان والوجاهة المحليّة(1).
وتنبع مكانة الطبيب في سورية أيضاً من الكفاءة العالية في مزاولة المهنة، والمرتبة العلمية التي تحتلها دراسة الطب البشري المتقدمة على بقية الاختصاصات الجامعية، بما يعني أن طالب كلية الطب كان متميزاً في دراسته.
بعد عام 2011، ومع الأيام الأولى من انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري، تصدّر اسم الطبيب المشهد بالانخراط في صفوف المتظاهرين وعمليات التنسيق لها وغير ذلك من الأدوار الرئيسية التي شملت بطبيعة الحال الجانب الإنساني الطبي. كما نال الطبيب السوري سمعة جيّدة في معظم بلاد اللجوء التي هاجر إليها نتيجة الصراع المسلّح وما ترتب عليه من تحدّيات على استقرار وسلامة الأطباء كغيرهم من السكان.
في الواقع، تحاول هذه الدراسة تقديم صورة عامّة عن دور وموقع الأطباء في التعامل مع الأحداث التي شهدتها سورية بعد عام 2011، من الحراك الشعبي إلى الصراع العسكري، وما بينها من تحركات مدنية وإنسانية وسياسية.
ويقتضي تناول دور الأطباء في هذه المرحلة استعراض أدوارهم داخل سورية وخارجها أيضاً، حيث نشط العديد من الأطباء السوريين حول العالم في تقديم الدعم الإنساني والطبي، وقام العديد منهم -وخاصة من أولئك المغتربين لسنوات طويلة قبل 2011- بتأسيس جمعيات لتقديم العون للسوريين، وبتنظيم قوافل إغاثية وتنظيم زيارات دورية لتقديم العلاج للجرحى والمصابين داخل سورية وخارجها.
وتحاول الدراسة تسليط الضوء على الأطباء دون غيرهم من العاملين في القطاع الطبي، كما أنها تُركز على دراسة العنصر البشري، دون الحديث عن واقع القطاع الصحّي إلّا بالقدر الذي يتطلبه السياق البحثي.
وقد اعتمدت بيانات هذه الدراسة بشكل كبير على عينة عشوائية من الأطباء السوريين، وصلت إلى 25 طبيباً، مختلفين بشكل كبير من حيث التخصص والتموضع الجغرافي والانتماء المناطقي.. إلخ.
أوّلاً: واقع الأطباء في سورية قبل عام 2011
كان عدد الأطباء في سورية وفق النشرة الإحصائية لعام 2011 يبلغ حوالي 33 ألفاً(2) ؛ بما يعادل 15 طبيباً لكل 10 آلاف نسمة، أي بنسبة عجز 42.3%.
وغالباً ما تعود النسبة المتدنية لعدد الأطباء في سورية قبل عام 2011 إلى الهجرة التي بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، لأسباب اقتصادية وسياسية وإدارية. وفي الفترة بين عامي 2000 و2010 كان هناك تسرّب متزايد في الأطباء المتدربين ضمن وزارة الصحة، التي فرضت بالتعاون مع نقابة الأطباء قيوداً على السفر.
كانت دول الخليج العربي تُعتبر سوق العمل المفضّل للأطباء السوريين، وبدرجة أقل الاتّحاد الأوروبي والولايات المتّحدة(3) .
لكن، في الواقع لم يُشكّل نقص عدد الأطباء وفق المعايير العالمية مشكلة كبيرة، فالمدن السورية متقاربة إلى حد بعيد، في حين كان الخلل الأبرز يتمثل في تمركز الأطباء، وخاصة ذوي الاختصاص، في مراكز المدن الرئيسية(4) .
ومنذ بداية العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، كان هناك توجّه من قبل السلطة في سورية لإرسال الأطباء نحو الأرياف؛ نظراً للطلب المتزايد على الرعاية ولتحصيل الأموال من الاتّحاد الأوروبي الذي دعم إنشاء 15 مشفى بسعة 200 سرير في المناطق الريفية مثل مشفى الطبقة وأعزاز وغيرهم، مقابل حصوله على مكاتب في وزارة الصحة للإشراف على تلك المشافي(5) .
في الواقع، إنّ سياسة الانفتاح على القطاع الخاص التي تبناها بشار الأسد مع توليه السلطة عام 2000، شملت الجانب الصحي، وكانت تعكس الحاجة الماسّة للأطباء العاملين في القطاع الخاص بعد تردي العمل في القطاع العام، فقد أعفى قانون الاستثمار رقم (10) المشافي من الضرائب، وأتاح المجال أمام الأطباء لافتتاح المشافي الخاصة.
أعادت سياسة السلطة في تلك الفترة والقائمة على الانفتاح والإصلاح حضور الأطباء في الشأن العام، فقد تشجّع أعضاء نقابة الأطباء في سورية على المطالبة بين عامي 2001 و2002 خلال المؤتمر العام في دمشق برفع وصاية حزب البعث وانتخاب رئيس بآلية ديمقراطية بعيدة عن مبدأ الاستئناس الحزبي، وبالفعل حصل ذلك برئاسة رمضان رمضان للنقابة مدّة 4 سنوات، لكن هذه التجربة لم تستمر طويلاً؛ ففي عام 2005 تم إقصاؤه ومنعه من الترشّح(6) .
وليس المقصود من ذلك أن يفهم وجود قدرة لدى الأطباء حينها على تغيير طبيعة العلاقة بين النقابة والسلطة، والتي أخضعت العمل النقابي بين عامي 1963 و1981 لها(7) ، بشكل جعله جزءاً من أجهزة الدولة الشمولية وأخرجه من نطاق المجتمع المدني. بل إن إعطاء السلطة لنقابة الأطباء في الفترة بين عامي 2001 و2005، هامشاً داخلياً كان لأجل احتواء الأطباء وتأثيرهم في المجتمع تزامناً مع الحاجة لتوسيع القاعدة الاجتماعية(8) . وهذا لا يعني أنّ نقابة الأطباء استطاعت التمتع بقدرة على توفير الحماية والمساعدة للأعضاء على حساب الدور المناط بها بتحصيل الأموال.
كما، تشجّع العديد من الأطباء على تأسيس منظمات مجتمع مدني ذات طابع خيري، مستفيدين من سماح السلطة لتوسيع أنشطة الجمعيات الخيرية بعد ترخيصها من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وكانت معظهما مثل “جمعية الصحة الخيرية” في دوما تهدف إلى دعم الحالات المرضيّة غير الميسورة وغير القادرة على تأمين مستحقات العلاج أو الاستشفاء، وعادة ما كان التجار في القطاع الخاص هم من يقومون بتأمين الموارد المالية الأساسية لتغطية نفقات الجمعيات الطبية الخيرية.
وقامت هذه الجمعيات بدور بارز في تعزيز حضور الطبيب في المجتمع، من ناحية التضامن والتكافل؛ فقد وجد العديد من الأطباء أنفسهم في موقع يتطلب حل المشاكل الاجتماعية وتقديم استشارات غير طبية(9) .
وفي الجيش، انقسم الأطباء بين متطوعين ومختصين، وكانت معظم التعيينات وفق الاختصاص تتم عبر معياري الولاء والانتماء الطائفي.. وكان قبول المتطوعين متاحاً، وهؤلاء كانوا أكثر استجابة على المستوى الإنساني، وبشكل لا يختلف كثيراً عن الأطباء العاملين في القطاع المدني.
وعلى العموم، كان واقع الأطباء في سورية قبل عام 2011 مقبولاً إلى حد ما من حيث الدخل والقدرة على الادّخار نسبيّاً، بما يضع الطبيب في أعلى مستوى من الطبقة المتوسّطة، لكن ذلك يأتي بعد مسيرة مجهدة لإثبات الجدارة والكفاءة في مدّة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات. بالمقابل كان الأطباء يفتقرون للظروف والبيئة الملائمة من أجل تحسين المستوى العلمي ما بعد التحصيل الجامعي، عدا عن كون البعثات الخارجية لا يُعلن عنها، مع حصر آلية الاختيار على الولاء، وبطبيعة الحال لا يعني ذلك عدم وجود استثناءات(10) .
أيضاً، لا بدّ من القول إنّ سوء توزيع الخدمة الصحية في سورية مع غياب الرقابة على النظام الصحي وعمل النقابات، ساهم في تقويض قدرة الأطباء على تطوير العمل والارتقاء.
عموماً، شكّل واقع الأطباء على كافة المستويات قبل عام 2011 أرضية أساسية لمواقف العديد منهم مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية.
ثانياً: واقع الأطباء بعد عام 2011 
أ. الحراك السلمي
مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سورية منتصف آذار/ مارس 2011، سارع الأطباء للانضمام إلى المطالب المنادية بالإصلاح والتغيير ورفض وسائل العنف المفرط من قبل السلطة، وانخرط العديد منهم بالاحتجاجات، مثلما فعل أعضاء في “نقابة أطباء حلب” حينما نظّموا اعتصاماً في مشفيي المدينة والكندي الجامعيين أواخر تموز/ يوليو 2011، تضامناً مع الإضراب الذي نفّذه زملاء لهم في “مشفى الرازي” على خلفية إلقاء أجهزة الأمن القبض على الطبيب أيمن حنّاوي؛ حيث طالبوا بإطلاق سراحه وإنهاء الاعتقال التعسفي بحق المتظاهرين(11) .
ولا يعني التعميم حول موقف الأطباء من السلطة، عدم وجود قسم لا بأس به فضّل النأي بنفسه عن الانخراط أو الميول لأي طرف، كما هو الحال مع كثيرين من الطبقة الغنية والمتوسطة العليا، عدا عن آخرين فضّلوا الانسجام مع خطاب وسلوك النظام السوري.
كان الموقف الإنساني الذي اتّخذه العديد من الأطباء سببّاً في تعرضهم لممارسات العنف التي لجأت إليها السلطة مع المتظاهرين؛ ففي درعا خسر الطبيب علي المحاميد حياته في 23 آذار/ مراس 2011، جرّاء محاولته إسعاف الجرحى الذين تعرّضوا للاستهداف من قناصة متمركزين على أحد المنشآت الطبية في المدينة، ليكون أول طبيب يفقد حياته في الثورة، وفي حلب قُتِل الطبيب صخر حلّاق في الأوّل من حزيران/ يونيو 2011، تحت التعذيب بعد استدعائه واستجوابه، وفي العاصمة تم اعتقال الطبيب معاذ الخولي من عيادته في حي القدم في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، وفي اللاذقية تعرّض الطبيب بشار فرحات للاعتقال أثناء تواجده في “مشفى الأطفال” في 26 تموز/ يوليو 2012.
وحتى أيار/ مايو 2020، بلغ عدد الكوادر الطبية التي يتحمّل النظام السوري مسؤولية اعتقالها أو إخفائها قسراً 3 آلاف و327 شخصاً(12) .
في الواقع، كان النظام السوري مدركاً لخطورة انخراط الأطباء في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في سورية، لذلك لجأ لاستخدام قائمة على استخدام ممارسات العنف ضدهم من اعتقال وقتل واختطاف.
وفي ذات الوقت، تمّت دعوة بعض الأطباء لحضور اجتماعات بين قيادة حزب البعث والنقابات الفرعية والرئيسية، وحضور اجتماع مع بشار الأسد إلى جانب عدد من المثقفين والوجهاء وغيرهم منتصف عام 2011.
اختار الأطباء نماذج مختلفة في الاستجابة للحالات الطارئة التي ولدها استخدام السلطة للعنف المفرط تجاه المتظاهرين منذ الأيام الأولى للاحتجاجات؛ وكان من أبرز هذه النماذج:
1) مبادرات جماعية
ضمّت مبادرة عدداً محدوداً من الأطباء أو طلاب الطب في سنة التخرّج، ولم تحمل أي شكل تنظيمي، واقتصر نشاط الأفراد فيها على التنسيق وضمان السرية في معالجة المصابين سواءً في منازلهم أو ضمن نقاط ميدانية مختلفة.
ويُمكن القول إنّ هذا النموذج انتشر على نطاق واسع في معظم المناطق التي شهدت احتجاجات شعبية.
كان مصير هذه الفرق إمّا أنّها تطورت إلى نماذج أخرى مع بدء الصراع المسلّح، أو تلاشت ولم تستمر، بعد أن تخلّي بعض الأطباء عن الرغبة في النشاط مع تصاعد المخاطر الأمنية، أو بعد اعتقال أو مقتل أو هجرة بعض أعضاء فريق العمل في المبادرة.
2) مبادرات فردية
شمل هذا النموذج قيام عدد كبير من الأطباء في سورية بالمبادرة لاستقبال المصابين في التظاهرات إمّا داخل عياداتهم أو في منازلهم أو في نقاط ميدانية دون تعيين، وصولاً إلى التعامل مع الإصابات في المشافي الحكومية أو الخاصة، بكل ما يحمله هذا الامر من خطر على السلامة الشخصية للطبيب.
لم يستمر هذا النموذج كثيراً بعد استهداف السلطة للأطباء الذين يقومون بمثل هذه الأعمال بعنف يعادل أو يزيد عن العنف المستخدم ضد المعتقلين من المتظاهرين أو حتى المسلحين.
3) فرق عمل
بمرور الوقت، انتقل الأطباء من النشاط والمبادرة غير المنظمة لإطار أكثر تماسكاً وتواصلاً. واتصف هذا النموذج بضعف تنظيمه الهيكلي في البدايات، نظراً لعدم وضوح الإطار الزمني المتوقع للأحداث، والتغير المستمر في الوضع الميداني.
وانعكس هذا النموذج في ظهور تنسيقيات خاصة بالأطباء، تهدف إلى تعزيز التواصل وضمان تقديم الرعاية الطبية للمصابين والحرص على السلامة الأمنية(13) ، مستفيدين من تجربة التنسيقيات العامّة التي نشأت خلال مرحلة الاحتجاج السلمي.
وتولت هذه الفرق تأسيس نقاط طبيّة بأقل التجهيزات، والتي كانت تقتصر أحياناً على حقيبتين، واحدة إسعافية وأخرى للجراحة. وكانت العمليات تُجرى أحياناً في المنازل أو المستودعات أو أي مكان يوفّر أدنى درجات السلامة(14) .
تباعاً، أخذت بعض النقاط الطبية صفة جديدة تحت مسمّى “المشافي الميدانية” بعد توسيع مستوى التجهيزات فيها، لتصبح قادرة على استيعاب عدد أكبر من الحالات الساخنة، بعدما لم يعد الأطباء قادرين على الاستمرار في استقبال المصابين في المشافي المدنية العامة والخاصة على حد سواء(15) .
ب. خلال الصراع المسلّح
حينما اندلع الصرّاع المسلّح في سورية وبدأت العديد من المناطق تخلو من تواجد النظام، كان على الأطباء الذين شاركوا في أعمال تُصنّف باعتبارها معارضة للنظام خلال فترة الاحتجاجات الشعبية (بما في ذلك معالجة الجرحى) أن يختاروا إمّا النزوح بين مناطق نفوذ الطرفين أو البقاء فيها؛ على سبيل المثال اضطر قسم من الأطباء العاملين في مدينة حلب للنزوح نحو الأحياء الشرقية الخارجة عن سيطرة النظام، في حين فضّل قسم آخر البقاء في مناطق النظام لأسباب مختلفة في مقدّمتها الاقتصادية والأمنية.
يصعب تحديد نسبة الذين فضّلوا النزوح إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام أو البقاء في مناطق سيطرته؛ إذ لا يُمكن الاعتماد على الأرقام الرسمية الصادرة عن النظام السوري والتي توحي بأنّ الغالبية لم تغادر مناطق سيطرته بل وأنّ قسماً كبيراً نزح إليها قادماً من المناطق الخارجة عن سيطرته(16) ، وما يزيد من صعوبة الإحصاء أن العديد من الأطباء قاموا أصلاً بعد عام 2012 بمغادرة سورية بكاملها.
لكن، بطبيعة الحال تأثّرت بعض المناطق أكثر بالصراع المسلّح من غيرها؛ من ناحية العجز في قدرتها على الاستجابة نتيجة التراجع الجديد لعدد الأطباء بسبب النزوح والهجرة وهي التي كانت تعاني أصلاً من نقص في الكوادر الصحيّة حتى قبل عام 2011، إضافة إلى صعوبة الوصول لمناطق أكثر قدرة على الاستجابة، ويُمكن ملاحظة ذلك في أحياء حمص القديمة التي خضعت لحصار شديد ولم تتمكّن الفصائل المسلحة من فتح ممرّات آمنة عبر الأمم المتّحدة أو حتى بشكل سري على خلاف مناطق أخرى مثل الغوطة الشرقية التي استطاع الأطباء فيها نقل الحالات الساخنة خارجها وإدخال المستلزمات الطبية رغم الحصار(17) .
حتى الأطباء الذين هاجروا خارج سورية والذين تصل نسبتهم –وفق تقديرات رسميّة– إلى ثلث العدد الكلي من مختلف الاختصاصات، كانوا قد انخرطوا في أنشطة ومبادرات لخدمة السوريين، وقد تمثّل ذلك بتأسيس مشافٍ ونقاط طبية ومنظمات مجتمع مدني تعمل على توفير الرعاية الصحيّة للسوريين داخل وخارج سورية(18) .
ثالثاً: دور الأطباء في الحراك المناهض للنظام
أ. داخل سورية
أدّى الأطباء داخل سورية أدواراً مختلفة في الحراك المناهض للنظام، وشمل ذلك القطاعات الإنسانية والمدنية والعسكرية، وأدواراً فاعلة في داخل هذا الحراك، وأخرى ضمن الإطار الإنساني غير المسيس.
1) إنسانيّاً
ألقى الأطباء على عاتقهم مسؤولية علاج الجرحى والمصابين خلال الاحتجاجات الشعبية رغم المخاطر الأمنية، ومع بدء الصراع المسلّح وجدوا أنفسهم أمام واقع تطوير أنشطتهم ومستوى التنسيق بشكل أكثر تنظيماً وتماسكاً، مقارنة مع حجم الكارثة الذي أخذ يتفاقم تباعاً.
بناءً عليه، تحوّلت فرق العمل التي تم إنشاؤها مسبقاً إلى مكاتب أو هيئات طبية عملت على تحقيق أكبر قدر من الاستجابة في ظل ضعف القدرات والموارد، سواءً من خلال تعزيز قنوات التواصل مع المنظمات الطبية الداعمة السورية و/ أو الدولية، وبذل الجهود لتجاوز التحديات على اختلافها، أو عبر البحث عن بدائل وفق الإمكانيات المتوفّرة.
استطاع الأطباء رغم العجز في الكوادر والتجهيزات وقلّة الخبرة تحقيق استجابة إنسانية كبيرة، فقد تمت الاستفادة من المشافي الخاصة المتوفّرة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وتجهيزها عبر المساعدات من المنظمات المحلية والدولية وكذلك الأفراد، ما لم يَحُلِ الحصار دون ذلك، في معالجة الجرحى والمصابين من مدنيين وعسكريين على حدّ سواءً. وكذلك افتتاح نقاط طبيّة تحتوي على عيادات وممرضين ومسعفين بإشراف من الأطباء؛ بغرض تخفيف الضغط عن المشافي وعدم إهمال الحالات الباردة من مرضى ومصابين(19) .
ولم يمنع الصراع المسلّح كثيراً من الأطباء من استمرار مزاولة المهنة واستقبال الحالات الباردة في عيادات خاصة أو المنازل، وغالباً ما كان يتم التخلي عن الأجور عندما تكون الظروف المادية للمرضى والمصابين سيئة، بل لجأ عدد جيّد من الأطباء في بعض المناطق كالغوطة الشرقية إلى تعزيز التضامن والتكافل الاجتماعي لتحقيق أكبر قدر من الرعاية الصحيّة، مستفيدين من تجارب سابقة في هذا الصدد(20) .
2) مدنيّاً
شارك الأطباء في العمل المدني ضمن مجالات مختلفة بعد عام 2011، والباكورة كانت بالانخراط في المظاهرات إلى جانب بقيّة المحتجين، ومن ثم تشكيل تنسيقيات خاصة بالأطباء والتي تُعتبر الكيان الذي عاد المجتمع المدني للحضور من خلاله، والهدف منها حماية الأعضاء في ظل تزايد المخاطر الأمنية.
وقد سعى الأطباء إلى دعم عملية الإصلاح في السلطة أثناء الاحتجاجات السلمية، وتم التعبير عنه بوسائل مختلفة، منها الوثيقة التي تم تقديمها عبر نقابة أطباء إدلب في نيسان/ أبريل 2011 إلى فرع حزب البعث في المحافظة(21) .
وعلى غرار مختلف القوى الاجتماعية، كان الأطباء قد سارعوا بدورهم مع انحسار النظام السوري عن منطقة ما لتأسيس منظمات للمجتمع المدني تُعنى بالرعاية والتنمية الصحيّة، ومع أنّها ظاهرة تأثّرت بشكل كبير بنماذج تم تشكيلها خارج سورية، إلّا أنّ المنظمات المحليّة التي نشأت استطاعت سدّ حاجة كبيرة على مستوى تقليل حجم العجز في الموارد من تجهيزات ومستلزمات وكوادر وأيضاً تخفيض التكاليف وتحسين ومن ثم تعزيز التواصل بين الأطباء في الداخل والخارج(22) .
لكن الشروع بتأسيس نقابات داخل سورية تأخر حتى منتصف عام 2016، عندما لجأ الأطباء في محافظة درعا إلى هذه الخطوة، ومن ثم تبعتهم فيها الكثير من المناطق مثل حلب وإدلب والساحل وحماة، حتى تأسيس نقابة أطباء الشمال السوري في آب/ أغسطس 2019.
كان الهدف من تأسيس نقابات فرعية ومن ثم عامّة هو حماية حقوق الأطباء من القوى المحلية المسيطرة عسكرياً وإدارياً، وتحسين ظروف عمل وحركة الأطباء، والارتقاء بمهنة العمل الطبي في ظل الفوضى وبيئة عدم الاستقرار.
ولا يعني ذلك أنّ الأطباء استطاعوا فعلاً تحقيق جميع الأهداف المذكورة، لكنّ الفعاليات والأنشطة والمبادرات الصادرة عن العمل النقابي ساهمت في الحد من تزوير الشهادات والتعدّي على مزاولة المهنة عبر وسائل التشهير والإبلاغ والادّعاء وفرض الغرامات مع التهديد بالسجن، وكذلك الدفاع عن الأعضاء باستخدام وسائل المناصرة في حال تعرّض أحدهم للاختطاف أو السجن دون تقديم طلب استدعاء(23) .
لاحقاً، استطاع الأطباء داخل سورية تطوير مهاراتهم في العمل المدني عبر المساهمة في تأسيس شبكات حماية ودعم مثل اللجنة الوطنية للمناصرة المؤلفة من 14 نقابة ومنظمة، والتي انبثقت في 7 نيسان/ أبريل 2020، على خلفية مخاوف من تحوّل سورية إلى بؤرة لانتشار فايروس كورونا.
ومع ذلك، لم يستطع الأطباء توحيد جهودهم على نحو أكثر فاعلية، فكثيراً ما واجهوا صعوبة في إيجاد معايير مشتركة وخلال جرد الاحتياجات، وصولاً لإيجاد هيئة طبية تمثل الجميع في كيان واحد، بل كان تعدد النقابات مثالاً على العراقيل والاختلاف بين الأطباء.
3) سياسيّاً
ولّد انحسار النظام السوري عن العديد من المناطق فراغاً كبيراً في القطاع الصحي، ما دفع الأطباء إلى البحث عن أشكال حوكمة جديدة وليدة الظروف مثل الهيئات أو المكاتب الطبية التي كانت مستقلة أحياناً أو تابعة لمجالس قيادة.
ومع تشكيل الحكومة السورية المؤقتة عام 2013، تحوّلت تلك الهيئات والمكاتب إلى مديريات صحّة أو شعب فرعية حسب التوزيع الجغرافي، وكانت هذه الخطوة ناجمة عن الحاجة إلى تنظيم العمل الطبي من تخطيط وإشراف وإصدار تراخيص وتطوير الأداء والهياكل التنظيمية وتوحيد السياسات والإجراءات وغير ذلك، لكن بعد الاستفادة من الموارد والخبرة التي تم تقديمها من قبل المنظمات الدولية غير الحكومية وكذلك الاتّحاد الأوروبي.
وغالباً ما وجد الأطباء أنفسهم أمام استحقاق ملء الفراغ الحكومي داخل سورية، ولم يكن أمامهم مجال سوى إثبات قدرتهم على الإنجاز والعمل؛ خصوصاً مع سعي النظام المستمر لإظهار إخفاق المعارضة في العمل المؤسساتي(24) .
إذاً، لم يحصر كثير من الأطباء عملهم في القطاع الإنساني والمدني، بل انخرطوا أيضاً في القطاع الحكومي والذي فرضته المسؤولية عليهم، لا سيما وأنه لا يُمكن فصل أحدهم عن الآخر في ظل سياسات النظام السوري ذات الطابع الشمولي.
من جانب آخر، فضّل بعض الأطباء، وبشكل محدود جداً، عدم مزاولة المهنة على حساب النشاط السياسي داخل سورية، من قبيل العمل في صفوف الفصائل المسلّحة عبر المكاتب السياسية التي انبثقت عنها أو ضمن هيئات سياسية مستقلة أو كممثلين عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة(25) .
ويبدو أنّ انشغال الأطباء بالعمل في القطاع الصحي، حدّ من انخراط الكثير في العمل السياسي، رغم وجود قناعة بين العديد من الأطباء بضرورة أداء دور أكبر على الصعيد السياسي.
4) عسكريّاً
ساهم بعض الأطباء في تقديم الرعاية الصحيّة للقطاع العسكري المعارض، فمنذ اندلاع الصراع المسلّح لجأت معظم الفصائل إلى تأسيس مكاتب طبية تابعة لها، علماً، أنّ بعضها لم تضم أطباء إنّما طلاباً في مراحل الدراسة الجامعية و/ أو ممرضين، عدا عن كون كوادرها قليلة لا تتجاوز في أحسن الأحوال 6 أشخاص للمكتب الواحد(26) .
وعلى أهميتها لم يستطع الأطباء تطوير أداء ودور المكاتب الطبية، ما جعل نموذجها يقتصر على العمل والنشاط البدائي وحال دون تحويله إلى شكل مماثل للعمل الطبي في القطاع العسكري. علماً، أنّ المكاتب الطبية لم تكن معنية يوماً بالحياة والخدمات العامة أو تصدير أي موقف رسمي، فقد كانت مفصولة تماماً عن العمل الطبي المدني.
5) حقوقيّاً
ساهم بعض الأطباء في المجال الحقوقي، على سبيل المثال استندت بعثة المراقبين العرب عام 2011 على شهادات أطباء قاموا بتوثيق عمليات القصف والانتهاكات بحق المدنيين عبر القطع العسكرية(27) . وكذلك اعتمدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة على شهادات العديد من الأطباء خلال مجازر الكيماوي المتكررة لا سيما التي وقعت في غوطة دمشق الشرقية في آب/ أغسطس 2013(28).
ب. خارج سورية
أدّى الأطباء خارج سورية أدواراً مختلفة بعد عام 2011، وشمل ذلك القطاعات الإنسانية والمدنية والسياسية والحقوقية.
1) إنسانيّاً 
لم يحدّ اللجوء من قدرة الأطباء على الاستجابة الإنسانية، حيث قدّموا الرعاية الصحيّة للمهجرين السوريين وحتى المجتمعات المضيفة، هذا عدا عن استمرار المساعدة لمناطق الداخل السوري.
على سبيل المثال استطاع بعض الأطباء الذين هاجروا إلى الأردن بعد التواصل مع رجال أعمال سوريين استئجار أجنحة وأسرة في أحد المشافي وإدارته بتغطية من أطباء محليين، مما وفّر أكثر من 80% من التكاليف على اللاجئين مقارنة بأسعار علاج الجرحى في المشافي الخاصة(29) .
ولا يختلف الأمر كثيراً عن تركيا فقد كانت هناك مبادرات من أطباء لإنشاء نقاط طبية للعناية بالجرحى القادمين من سورية قبل وبعد دخول المشافي الحكومية، ونقاط أخرى لتقديم الرعاية للاجئين في مختلف الولايات في ظل ارتفاع التكاليف وعدم استقبال المشافي لجميع الحالات لا سيما التي لا تستدعي عملاً جراحيّاً أو تدخلّاً عاجلاً.
ولم يدّخر الأطباء السوريون في دول اللجوء جهداً لتقديم المساعدة للمجتمعات المضيفة، فعلى سبيل المثال يأتي السوريون في مقدّمة الكوادر الطبية من بين الجنسيات الأجنبية في ألمانيا بواقع 2895 شخصاً (30).
وفي أثناء انتشار جائحة كورونا مطلع عام 2020، سارع الأطباء السوريون في تركيا لتقديم خدماتهم والتطوع لمكافحة الوباء (31) . ولا يختلف الأمر كثيراً عن بقية دول اللجوء لا سيما أوروبا؛ حيث خسر العديد من الأطباء السوريين حياتهم خلال جهود التصدي للفايروس.
2) سياسيّاً
أدّى الأطباء خارج سورية منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية دوراً سياسياً رئيسياً ضمن الحراك المناهض للنظام، وبعض هؤلاء كان نشاطهم امتداداً لحضورهم في المشهد السياسي المعارض قبل عام 2011 ضمن ربيع دمشق والمجلس الوطني لإعلان دمشق. وبالتالي استطاع العديد من الأطباء الانتقال من مزاولة المهنة داخل سورية وتقديم الرعاية الصحية لشغل مناصب قيادية في كيانات سياسية معارضة.
ومن أبرز هؤلاء الأطباء د. نصر الحريري(32)  الذي تولّى رئاسة الهيئة العليا للمفاوضات، و د. أحمد طعمة(33) الذي تولّى العديد من المهام كان آخرها رئاسة وفد المعارضة السورية إلى مباحثات أستانا، ود.مرام الشيخ الذي أصبح وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة وغيرهم.
3) مدنيّاً
ساهم الأطباء السوريون في المهجر بتأسيس كيانات للمجتمع المدني سواءً المختصة بالعمل الطبي أو الإغاثي والإنساني أو التنموي. مستفيدين من تجربة منظمات رائدة في هذا المجال كان قد أنشأها سوريون في بعض الدول.
وتُعتبر “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (SAMS) التي تأسست 1998 واحدة من المنظمات غير الحكومية الدولية الأكثر نشاطاً وثقة في تقديم الخدمات داخل وخارج سورية. وكذلك “الرابطة الطبية للمغتربين السوريين” (SEMA) التي تأسست منتصف عام 2011 كمنظمة غير حكومية دولية بغرض تقديم الاستجابة للقطاع الصحي في سورية والرعاية والتنمية للاجئين حول دول العالم.
وحملت المنظمات الطبية أو التي تقدّم خدمات طبية على عاتقها مسؤولية دعم المشاريع الطبية داخل سورية مثل المشافي والعيادات ومراكز الوقاية والنقاط الطبية وغيرها، كما قامت المنظمات بتأمين المنح للعاملين في القطاع الصحي وتوفير الوظائف للأطباء(34) .
كما ساهمت تلك المنظمات في تقديم الدعم التنموي للمنظمات المحلية والهيئات والإدارات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام داخل سورية، على أمل أن يساهم ذلك في تنظيم العمل الطبي وتحقيق مزيد من التنسيق بين المؤسسات العاملة في هذا المجال . وقد ساهم الأطباء في المهجر بشكل فاعل في تأسيس نقابات عديدة، أبرزها “نقابة الأطباء في درعا” التي تم تسجيلها رسمياً في الأردن عام 2013، و”نقابة الأطباء السوريين” نهاية عام 2013، و”رابطة الأطباء السوريين” في غازي عينتاب عام 2017. وجميع هذه النقابات وضعت على عاتقها تنظيم العمل الطبي ووضع معايير له وحماية العاملين في هذا المجال وغير ذلك، لكن غالباً ما كانت تلك الأهداف تصطدم بتحديات كبيرة تحول دون تحقيقها بالشكل المطلوب.
4) حقوقيّاً
نجح الأطباء السوريون في المهجر بدفع قضايا المساءلة والمحاسبة قدماً نحو الأمام، فقد شغل البعض مهاماً في توثيق الجرائم الكيماوية التي ارتكبها النظام السوري، وكان لآخرين دور بارز (36) في بلورة قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين عام 2019، في إطار الأنشطة التي قاموا بها ضمن الجالية السورية – الأمريكية في الولايات المتّحدة.
رابعاً: التحدّيات التي واجهت الأطباء 
واجه الأطباء في سورية منذ إبداء موقف من تعامل السلطة مع الاحتجاجات الشعبية عام 2011، تحدّيات عديدة وكبيرة تتنوع بين أمنيّة واقتصادية واجتماعية وشخصية ومهنية (37) . ومع أنّ تلك الصعوبات قد تتغير بين منطقة وأخرى أو بين طبيب وغيره لكنها غالباً ما تأخذ طابعاً عاماً مثلما هو موضّح أدناه:
1) تحدّيات أمنيّة
غالباً ما تقتصر التحدّيات الأمنية على الأطباء الذين تواجدوا داخل سورية، بدءاً من عمليّات الاختطاف والملاحقة والابتزاز والتهديد التي لم تنتهِ مع اندلاع الصراع المسلّح وانحسار سيطرة النظام السوري، بل امتدّت للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، مما أثر سلباً على جودة خدمات الرعاية الصحيّة؛ فلطالما اضطر الأطباء لتقليل الاستجابة ليلاً إلى الحالات الباردة والساخنة نتيجة المخاوف من التعرّض للخطر.
كما أثّر ذلك على حريّة الرأي والتعبير والقدرة على التأثير، مثلما حصل مع وزير الصحّة د. مرام الشيخ قبيل تسلّمه هذا المنصب، فقد أدّى اعتقاله من قبل هيئة تحرير الشام في كانون الأوّل/ ديسمبر 2017 إلى تقديم استقالته من إدارة مديرية صحة محافظة حماة؛ بعد أنباء عن دوره في تشكيل إدارة عامة للمنطقة تشمل كافة القطّاعات.
وتشمل التحدّيات الأمنية أيضاً القصف والاستهداف المتعمّد والمستمر للمرافق والمنشآت الصحيّة عبر الطائرات أو القذائف أو العبوات الناسفة أو العربات المفخخة؛ مما أدّى لمقتل وجرح العديد من الأطباء ومغادرة آخرين خارج سورية بعد أن فقدوا القدرة على التحمّل، رغم تجاوز هذه المصاعب لاحقاً من خلال إنشاء المشافي المحصّنة داخل الأنفاق أو الأقبية أو ضمن مناطق يصعب فيها الاستهداف، ومن خلال إيجاد مساكن للأطباء قريبة من النقاط الطبية لتسهيل الحركة الشخصية وتقليل المخاطر.
وكانت سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة قد شكّلت تهديداً كبيراً على حياة ومستقبل الأطباء في سورية، سواءً من ناحية إجبارهم على العمل في مناطق سيطرته أو تهديدهم برفع قوائم أسمائهم لمديرية الصحة لدى النظام كمنقطعين عن العمل، هذا عدا عن القيود التي قام بفرضها من قبيل منع معاينة النساء.
وقد شكّل قيام التنظيم بتعذيب وقتل د. حسين سليمان، وهو طبيب أطفال، وقيادي في حركة أحرار الشام، الشرارة التي أطلقت معركة إخراج التنظيم من حلب في بداية عام 2014.
وتشمل التهديدات الأمنية أيضاً، تعرّض بعض الأطباء الذين عملوا في مجال توثيق الكيماوي للخطر الشديد من ملاحقة النظام السوري وحلفائه.
2) تحدّيات اقتصادية
تُعتبر التحدّيات الاقتصادية على قلّتها مقارنة مع غيرها من المصاعب الأكثر تأثيراً على الأطباء والقطّاع الصحي عموماً في سورية، فعلى الرغم من أنّ القدرة المعيشية للأطباء تُعتبر جيدة مقارنة مع غيرهم من السوريين العاملين في قطاعات أخرى، إّلا أنّ كثيراً منهم فقدوا أملاكهم ومدخراتهم كما فقدها الكثير من السوريين، مما انعكس سلباً على واقعهم بعد اندلاع الصراع المسلّح وحدّ من قدرتهم على الاستمرار في العمل التطوعي، لا سيما مع انهيار قدرة المنشآت الطبية في بعض الأحيان على توفير المستحقّات المالية للكوادر، وأجبر هذا الواقع الكثير من الأطباء على القبول بشروط عمل قد لا تتناسب مع رغباتهم.
وخارج سورية، يعاني عدد كبير من الأطباء من عدم القدرة على العمل بشكل قانوني؛ بسبب صعوبة تعديل الشهادة الجامعية، أو الحصول على موافقة للعمل أو تأمين فرص العمل، مما اضطر بعض الأطباء لممارسة أشغال أخرى بعيدة تماماً عن اختصاصهم بغرض توفير الرعاية لأسرهم، أو الهجرة إلى بلدان الاتّحاد الأوروبي. ورغم تواجد العديد من المنظمات إلّا أنّها لم تستطع أن تجد حلّاً لهذه المشكلة، نظراً لارتباطها بإشكالات قانونية في الدول المضيفة، مما يصعب تعديله.
3) تحدّيات شخصية 
تتنوع التحدّيات الشخصية التي مرّ بها الأطباء داخل وخارج سورية، من الاضطرار للنزوح خارج مناطقهم والذي بدأ مع اندلاع الصراع المسلّح، مما شكل عامل عدم استقرار مستمر.
وكان لضغوط العمل الكبيرة وقلّة الأطباء مقارنة مع حجم الكارثة الإنسانية الكبيرة وما يرافقه من إنهاك شديد والضرورة للعمل بجهد مضاعف لساعات طويلة، أثر بالغ على الحياة الشخصية للأطباء وقدرتهم على رعاية الأسرة وتوفير احتياجات الأطفال المالية والنفسية والتعليمية، وقد ساهمت هذه الضغوط إضافة للأمنية بتعزيز قرار الهجرة لدى بعض الأطباء.
وعادة ما كان الأطباء يتجاوزون صعوبة تأمين الاحتياجات لعوائلهم من تعبئة مياه وتوفير الكهرباء وحطب الطبخ والتدفئة حسب المنطقة، من خلال إسكانهم في إحدى دول اللجوء أو في أبنية متجاورة رغم المخاطر الأمنية. هذا عدا عن الضغوط النفسية التي كان يعاني منها بعض الأطباء الذين بقيت عائلاتهم في مناطق سيطرة النظام السوري. أيضاً، هناك مخاوف لدى الأطباء الذين نشطوا في العمل المدني والسياسي من أن يفقدوا مهاراتهم وتطويرها علمياً في ظل الانشغال بالشأن العام.
4) تحدّيات مهنية
يُمكن القول إنّ التحدّيات المهنية التي واجهت الأطباء هي الأكثر صعوبة مقارنة مع غيرها، مثل عدم القدرة على إخراج الحالات الحرجة في بعض المناطق مثل حمص القديمة والوعر للاستشفاء في مناطق تمتلك عناية أفضل سواءً في مناطق سيطرة النظام السوري أو خارجها. وكذلك غياب التجهيزات الطبية اللازمة للاستجابة رغم توفّر الكوادر الصحيّة لا سيما في المناطق التي تعرّضت للحصار، والتي لم يستطع الأطباء تجاوزها دائماً، مع وجود استثناءات كما حصل في الغوطة الشرقية التي أوجدت بديلاً محليّاً عن النقص الحاد في أكياس السيروم والدم.
وقد اضطر العديد من الأطباء لمعالجة إصابات خارج اختصاصهم بسبب تعرّض الكوادر الطبية للاستنزاف تباعاً، أو نقص المشافي في بعض المناطق لبعض الاختصاصات، وغياب القدرة على تدريب كوادر مهنية خلال فترات قصيرة، وانشغال الأطباء بتقديم الخدمات الأساسية. وقد تم تحقيق تقدّم في هذا المجال عبر مشاريع مستقلة أشرفت عليها بعض منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، وعبر برامج تعليمية قدّمتها “جامعة حلب الحرة” التابعة للحكومة السورية المؤقتة.
ومن بين التحدّيات المهنية استنزاف المعدّات والمستهلكات الطبية جرّاء القصف المستمر ونقص الدعم وضعف القطاع الصحي أصلاً؛ مما أعاق قدرة الأطباء على العمل بشكل يتناسب مع حجم الاستجابة الإنسانية اللازمة. في الواقع، كانت هناك صعوبة في التعامل مع المنظمات المانحة، والتي ساهمت بشكل محدود في تعزيز الانقسام الموجود أصلاً ضمن القطّاع الصحي.
5) تحديات سياسية
واجه الأطباء في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام عدداً من التحديات المتعلقة بأنظمة الحوكمة المسيطرة في هذه المناطق، بما حدّ من انخراطهم في المؤسسات الطبية العاملة في هذه المناطق، وفي العمل العام بالمجمل.
لاحقاً، برزت مشكلة غياب الإدارة المركزية للقطاع الصحي المعنية بتنظيم الدعم والموارد وتوزيعها بحسب الحاجة، ومع أنّ تشكيل وزارة للصحة ومديريات وشعب ودوائر أظهر جانباً من يعدُّ أكثر تنظيماً على المستوى الهيكلي، إلّا أنّه لم يساهم في حل مشكلة الحوكمة التي قد تحتاج إلى ظروف وبيئة أكثر استقراراً.
ولم يستطع الأطباء تجاوز حالة التنافس لا سيما بين كيانات المجتمع المدني مثل المنظمات والنقابات داخل وخارج سورية؛ نتيجة عدم التفاهم على آلية ملائمة للتنسيق تعزز من التضامن وعدم حصول لقاءات جدّية، واختلاف الطموحات الشخصية وغياب ثقافة العمل المشترك. وهناك الكثير من الأطباء فضّلوا عدم الانخراط في النشاط السياسي أو المدني؛ نتيجة الإخفاق والتجارب غير المشجّعة.
وإلى جانب مشكلة التنافس كانت هناك أيضاً حالة من الاستقطاب يعاني منها الأطباء على مستوى العمل المدني أو السياسي.
أمّا على المستوى العسكري، فلم يكن الأطباء قادرين على التواصل الإيجابي والفعّال مع الفصائل العسكرية، دون أن يحول ذلك من استقبال المصابين من كافة الأطراف.
خامساً: تقييم أداء الأطباء 
إنّ عملية تقييم أداء الأطباء بعد عام 2011 يجب أن تأخذ بالاعتبار الاحتياجات وما تم تأمينه لسدّها، والقدرات والجهود المبذولة والظروف التي واجهت عمل الأطباء، لذلك يُمكن اعتبار هذه التجربة بالرائدة إنسانياً، من ناحية الاستجابة للرعاية الصحية مقارنة مع حجم الكارثة والتحدّيات التي واجهتهم منذ اندلاع الاحتجاجات في سورية عام 2011 (38) .
ولا يُمكن تحميل جميع الأطباء في سورية الذين فضّلوا عدم الانخراط في جهود الاستجابة الإنسانية أو تأخروا في اتّخاذ مثل هذا القرار أو تسرّبوا عن ذلك لاحقاً، مسؤولية أخلاقية، إذ لطالما تطلّب عمل الطبيب الجرأة والشجاعة في ظروف الاستقرار، أمّا في بيئة مليئة بالكوارث والتحدّيات كالتي شهدتها الحالة السورية كانت هناك حاجة أيضاً إلى القدرة العالية على التحمّل والتضحية والحاجة المستمرّة والمستدامة إلى تطوير الأداء.
وينطبق على الأطباء في سورية ما ينطبق على غيرهم من المهن في بقية قطاعات الحياة العامة، إذ كان من الصعب تسجيل موقف مشترك إزاء الصراع، لكن كثيراً ما يُحمّل الأطباء بعضهم مسؤولية إضافية في هذا الصدد، نظراً للموقع الاعتباري الذي يشغلوه اجتماعياً، والثقة الكبيرة في قدرتهم الذاتية على أداء دور فاعل في الشأن العام.
لقد كان لاختلاف الظروف الأمنية بين مناطق الصراع في سورية سبباً بارزاً في تغيير توجهات الأطباء، إذ سارع البعض للهجرة نحو الخارج وتوفير بيئة أكثر استقراراً له ولأسرته، في حين وجد آخرون في شمال سورية آخر المناطق الخارجة عن سيطرة النظام ملاذاً آمناً نسبيّاً رغم استمرار المخاطر لحد ما من أجل البقاء وحتى عودة ممارسة الاختصاص والبحث عن سبل تعاون وتضامن جديدة بين الكوادر العاملة في القطاع الصحي. ومن جانب آخر، اضطر البعض للبقاء في المناطق التي ينحدر منها مستبعداً خيار النزوح رغم عودة النظام السوري لها.
عموماً، يحتاج الأطباء في سورية إلى تنظيم جهودهم على نحو أكثر فاعلية، فالعمل والأداء الحكومي ما زال ضعيفاً مقارنة مع القدرات التي يجب توفيرها لملء الفراغ الذي تركه النظام أو الذي يُفترض على الأطباء شغله في مرحلة الاستقرار الأمني الناجم عن عملية سياسية دولية و/ أو أممية. فلم يكن هناك دائماً ثقافة وقدرة لدى الأطباء على ترشيد الاستهلاك الطبي والاستفادة الأمثل من الموجودات والكوادر، ما خلق في بعض الأحيان حالة من الفوضى في العمل الطبي. كما أنّ العمل النقابي ما زال يعاني من تشتيت الجهود بين الكوادر العاملة في الداخل والخارج ويواجه تحدّيات كبيرة لا سيما ما يخصّ العلاقة مع سلطات الأمر الواقع في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
وكان للهياكل الصحية الضعيفة أو المتزعزعة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام دور في هروب عدد كبير من الأطباء خارج سورية، وإضافة إلى القتل وعدم انخراط العديد منهم في الاستجابة الإنسانية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، فقد انعكس ذلك سلباً على واقع الرعاية الصحية، من ناحية نقص إمكانية الوصول للخدمات الطبية الأساسية وتضاعف حالات الوفاة الناجمة عن الأمراض والجروح التي يُمكن علاجها، وتوقّف علاج الأمراض المزمنة وتعطّل العمليات غير الطارئة.
أمّا على المستوى السياسي فإنّ الدور الذي شغله الأطباء مقترن بعامل المبادرة الذاتية ويُشكّل امتداداً لنشاط سابق في الشأن العام، ولا يعكس ذلك بالضرورة وجود قدرة أو رغبة لجميع الأطباء بأداء دور فاعل في هذا الصدد.
وكان لكيانات المجتمع المدني التي تُقدّم خدمات صحيّة دور فاعل وإيجابي في دعم استمرار عمل الأطباء داخل سورية، لكن بنفس الوقت أدّت المنظمات أحياناً دوراً سلبياً من ناحية تقييد عمل الأطباء بشروط التوظيف التي استبعدت العديد منهم، وعدم وجود قدرة أو رغبة لديها لتقديم برامج دعم للكوادر الطبية التي اضطرت للهجرة خارج سورية، هذا عدا عن الفساد الإداري الذي عزّز من الانقسام والتشتت.
وقد استطاع الأطباء في المهجر لا سيما الذين خرجوا من سورية قبل عام 2011، دعم القطاع الصحي والأطباء بشكل كبير جداً، فالجالية السورية – الأمريكية لوحدها قدّمت دعماً يصل إلى 200 مليون دولار، عدا عن الجهود التي تم بذلها في البلدان التي تواجدوا فيها من ناحية دعم اللاجئين والمجتمعات المضيفة وتقديم صورة إيجابية عن السوريين.
خلاصة
عاين الأطباء في سورية عن كثب الأدلّة على العنف والتعذيب والإصابات الناجمة عن الصراع منذ بدايته؛ كونهم أوّل المستجيبين إنسانيّاً، ما تسبب باستهدافهم من قبل النظام السوري وفرض قيود عليهم من قبل سلطات الأمر الواقع في المناطق الخارجة عن سيطرته، فقد تسبّب تمسّك الأطباء بالتزامهم المهني في معالجة الجرحى بغض النظر عن الانتماء السياسي والأيديولوجي، في تعريضهم دائماً للمخاطر من قتل وسجن وإخفاء وملاحقة وابتزاز وغير ذلك.
لم يثنِ ذلك العديد من الأطباء على استمرار التزامه المهني والأخلاقي في تقديم الاستجابة الإنسانية حتى بعد خروجهم من سورية، تاركين أثراً كبيراً في المجتمعات المحلية والمضيفة. كما وجد الأطباء أنفسهم أمام واقع النشاط في مجالات أخرى غير القطاع الصحي، مثل السياسية والعمل المدني، واستطاعوا نسبيّاً تحقيق نجاحات مقبولة.
وبطبيعة الحال، ما تزال تجربة الأطباء بحاجة إلى مزيد من المعاينة والمراقبة، كون العاملين في هذا القطاع تعرضوا أو واجهوا تحدّيات لم يسبق لغيرهم أن مرّ بها في الكثير من النزاعات، إضافة لاكتسابهم خبرات عديدة واطلاعهم على واقع الرعاية الصحية والعمل الطبي في العديد من دول العالم دون أن يؤثر ذلك في انقطاع تواصلهم مع الداخل، إذ تتطلع نسبة لا بأس بها من الأطباء للعودة إلى سورية مع توفّر البيئة الملائمة لذلك مستقبلاً.
الهوامش
1- ياسين الحاج صالح، “الطبيب والحكيم والسياسي”، الجمهورية، 24-10-2019: https://cutt.us/gNVC1 
2-  “النشرة الإحصائية الصحية لعام 2019″، الإصدار الخامس عشر، وزارة الصحة: https://cutt.us/Yfk2e 
3-  مقابلة مع د. حاتم جبران، مركز جسور للدراسات، 20-5-2020.
4-  مقابلة مع د. خليل الأسمر، مركز جسور للدراسات، 19-5-2020.
5-  مقابلة مع د. حاتم جبران، مركز جسور للدراسات، 20-5-2020.
6-  مقابلة مع د. حاتم جبران، مركز جسور للدراسات، 20-5-2020.
7-  “العمل النقابي في سورية: قراءة عامة في الأنظمة الداخلية للنقابات”، مجلة المشكاة، العدد الأوّل، 1-3-2008.
8- مقابلة مع د. محمد وجيه جمعة، مركز جسور للدراسات.
9- مقابلة مع د. حسام محمد (اسم مستعار)، مركز جسور للدراسات، 4-6-2020.
10-  مقابلة مع د. محمد حسّون، مركز جسور للدراسات، 4-6-2020.
11- “قصة اعتصام أطباء حلب.. ناشطون: سوريا سجن كبير”، زمان الوصل، 27-7-2011: https://cutt.us/Ygdeu 
12- “أبرز تحديات الكوادر الطبية والنازحين والمعتقلين والمحتاجين في سورية وسط انتشار فيروس كورونا المستجد”. الشبكة السورية لحقوق الإنسان، 8-5-2020، https://cutt.us/qgox9
13-  “تنسيقية أطباء دمشق بين مطرقة القمع وسندان الواجب”، DW، 23-12-2011: https://cutt.us/wFBqI 
14- مقابلة مع د. سليم نمّور، مركز جسور للدراسات، 19-5-2020.
15- مقابلة مع د. مرام الشيخ، مركز جسور للدراسات، 20-5-2020.
16-  “نقابة الأطباء: كل طبيب غادر سورية دون إعلام النقابة سيتم شطبه”. الإعلام تايم، 3-3-2014، https://cutt.us/xM8mv
17- مقابلة مع د. محمد الحمصي (اسم مستعار)، مركز جسور للدراسات، 20-5-2020.
18- “مداد تقترح مرصداً وطنياً للكفاءات والعقول المقيمة والمهاجر.. ثلث الأطباء وخمس الصيادلة و8521 مهندساً و21480 مجازاً جامعياً هاجروا”، صحيفة الوطن السورية، 17-12-2018: https://cutt.us/P2FEv
19- مقابلة مع د. إياد خرابة، مركز جسور للدراسات، 19-5-2020.
20- مقابلة مع د. حسام محمد (اسم مستعار)، مركز جسور للدراسات، 4-6-2020.
21- مقابلة مع د. وليد تامر، مركز جسور للدراسات، 18-5-2020.
22- مقابلة مع د. إياد خرابة، مركز جسور للدراسات، 19-5-2020.
23- مقابلة مع د. وليد تامر، مركز جسور للدراسات، 18-5-2020.
24- مقابلة مع د. مرام الشيخ، مركز جسور للدراسات، 20-5-2020.
25- مقابلة مع د. محمد قدّاح، مركز جسور للدراسات، 19-5-2020.
26- مقابلة مع د. منذر خليل، مركز جسور للدراسات، 21-5-2020.
27- مقابلة مع د. منذر خليل، مركز جسور للدراسات، 21-5-2020.
28- مقابلة مع د. سليم نمّور، مركز جسور للدراسات، 19-5-2020.
29- مقابلة مع د. أنس شيخة، مركز جسور للدراسات، 29-5-2020.
30- “أطباء سوريون لاجئون إلى ألمانيا- الواقع والصعوبات”. مهاجر نيوز، 19-6-2017، https://cutt.us/YX93K
31- “توفي أحدهم متأثرا بالمرض.. هكذا يسهم الأطباء السوريون في مواجهة كورونا بتركيا”. الجزيرة، 20-4-2020، https://cutt.us/PYt4R
32- مقابلة مع د. نصر الحريري، مركز جسور للدراسات، 1-6-2020.
33- مقابلة مع د. أحمد طعمة، مركز جسور للدراسات، 30-5-2020.
34- مقابلة مع د. عبد القادر الصباغ، مركز جسور للدراسات، 30-5-2020.
35- مقابلة مع د. منال الفحّام، مركز جسور للدراسات، 4-6-2020.
36-  مقابلة مع د. زكي لبابيدي، مركز جسور للدراسات، 1-6-2020.
37- تستند هذه الفقرة من الدراسة إلى شهادات جميع الأطباء الذين تم إجراء مقابلات معهم أو شاركوا في ورشة العمل التي تم تنظيمها في إطار الإعداد لهذه الدراسة، بالإضافة إلى ملاحظات فريق العمل.
38- تستند هذه الفقرة من الدراسة إلى شهادات جميع الأطباء الذين تم إجراء مقابلات معهم أو شاركوا في ورشة العمل التي تم تنظيمها في إطار الإعداد لهذه الدراسة، بالإضافة إلى ملاحظات فريق العمل.

المصـــدر

المزيد
من المقالات