يستمر “راديو فريش” في بثه رغم المصاعب والتهديدات، من داخل إدلب وخارجها، حاملًا شعار مؤسسه الراحل رائد الفارس، بأن “الثورة فكرة.. والفكرة لا يقتلها السلاح”.
مر عام على اغتيال الفارس، عاشت خلاله محافظته إدلب ومدينته الأم كفرنبل أشهرًا تعد الأقسى خلال سنوات النزاع السوري، مع تقدم قوات النظام والحليف الروسي بحملة أوقعت مئات القتلى وسببت نزوح نحو مليون شخص من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي إلى الشمال، بحسب أرقام فريق “منسقو الاستجابة”.
وتعرض الراديو، الذي أُسس في تشرين الأول من عام 2013 في مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، للاستهداف ببرميل متفجر في أيار الماضي، ما دفع أغلب فريقه للنزوح والعمل بـ”خطة الطوارئ”.
آخر الأصوات من إدلب
يمتاز “راديو فريش” بكونه الإذاعة الوحيدة التي تبث من داخل محافظة إدلب، بعد تعرضه لتهديدات ومضايقات استمرت لأعوام، قبل أن يضطره القصف لنقل مركزه من جنوب إدلب إلى شمالها، حسبما قال مسؤول قسم النشر والترويج في الراديو، عمار بيوش، لعنب بلدي.
توجد في المحافظة مكاتب لوسائل إعلامية أخرى، مثل مكتب المرأة التابع لموقع “SY24″، ومكتب لصحيفة “حبر” في مدينة إدلب، مع استمرار الصفحات الإعلامية لمدينتي معرة النعمان وكفرنبل بالعمل، إضافة إلى مركز إدلب الإعلامي، ووكالة “إباء” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”.
إلا أن الراديو، الذي أسسته مجموعة من الناشطين الثوريين، بقي الصوت الوحيد الصادر عبر أثير الإذاعة من أراضي المحافظة، مقدمًا مجموعة من البرامج والتغطيات الإخبارية المنوعة.
إعلام ينشد “الحرية” ويرفض “القمع”
هز اغتيال رائد الفارس مع صديقه الناشط حمود جنيد على يد ملثمين في وسط كفرنبل، في 23 من تشرين الثاني من عام 2018، الناشطين في الثورة السورية، وهو المعروف بـ”مهندس اللافتات الشهيرة”، الذي داوم على نشاطه السلمي طوال أعوام النزاع، ولم يتردد بنقد السلطات من النظام السوري حتى الجماعات المتشددة.
التزم الفارس بمبادئه الثورية وأفكاره التي تنشد للحرية، رغم ما تعرض له من تهديدات واعتقالات من قبل “هيئة تحرير الشام”، ولم تثنه محاولات الاغتيال عن نقل صوت السوريين، داخل إدلب وخارجها.
وكان الناشط، الذي ولد عام 1972، قد تلقى عروضًا متعددة لمغادرة سوريا، قابلها بالرفض، ما رفع من مكانته ورسالته، التي رددتها وسلطت الضوء عليها وسائل الإعلام العالمية عند مقتله.
واعتبر المدير التنفيذي لـ”راديو فريش”، عبد الله كليدو، الفارس “الركيزة الأساسية التي يستند إليها عمل الإذاعة”، ولكن وفاته، حسبما قال لعنب بلدي، لم تكن نهايتها لأن “رائد أنشأ جيلًا من الناشطين والإعلاميين القادرين على السير على نهجه”.
محمد السطيف، أحد هؤلاء الإعلاميين، الذي انضم إلى “راديو فريش” منذ عام 2014، وعمل بقسم الأخبار كمحرر ومذيع قبل انتقاله إلى قسم البرامج الحوارية المعنية بطرح القضايا الداخلية والخارجية الخاصة بالشأن السوري، و”المهمة لجمهور الثورة”.
وحمل السطيف، ابن مدينة كفرنبل، هدف “بث هموم الناس وطرح أفكار الثورة، والمشاركة الفاعلة فيها”، حسبما قال لعنب بلدي.
غابت التهديدات المباشرة للراديو من الجهات المحلية، إلا أنه يمر الآن بظروف “صعبة جدًا”، على حد وصف كليدو، الذي أضاف أن الفريق تكيف معها لمتابعة العمل وتطوير الأداء، الذي تضمن خططًا لتعزيز دور المرأة وتمكين المجتمع المدني من فهم حقوقه وواجباته والدفاع عنها.
وقال كليدو إن استمرارية “راديو فريش” هي أهم أهدافه، التي تدفع فريقه للمتابعة انطلاقًا من الإيمان بقضيته، ولأن الاستمرارية تعني أن رائد الفارس “انتصر حتى على قاتليه”.