يعتبر سلمان الإبراهيم، مخرج في فرقة “طريق الخبز”، أنه “من الصعب اعتبار ما تم تقديمه في منطقتنا في إطار الفن المتعارف عليه، ففي هذا الواقع الصعب غاب معظم متصدري الساحة الفنية في سوريا قبل الثورة، حتى الذين تبنوا الثورة وانتموا لها غادر معظمهم إلى الدول المجاورة ودول اللجوء”.
وبحسب رأيه “حاليًا لا يوجد فن في الأراضي المحررة، هناك بعض المحاولات التي نجحت أو فشلت ولكن مجرد المحاولة في هذا الواقع هو نجاح”.
لكن، لهذا الواقع الفني والحالة التي وصل إليها مبررات كثيرة، أبرزها غياب الكوادر البشرية المهتمة والعاملة في هذا المجال، وحداثة التجربة للكثير من الشبان الذين أرادوا ان يسهموا به، وكذلك ضعف الإمكانات المادية، وغياب الأدوات والوسائل المساعدة على إنتاج الأعمال، وبحسب الإبراهيم “لا يوجد مسارح ولا تجهيزات كل شيء يبدأ هنا من الصفر”.
وإضافة إلى ما سبق يبقى رفض بعض القوى على الأرض للأعمال الفنية والتضيق على العامين فيه من أهم العقبات التي تعترض الفن السوري في المناطق المحررة.
فنان بالهواية
علاقة غريبة تربط بين الإبراهيم والمسرح، فهو لا يعتبر نفسه فنانًا وكل ما يشعر به متجه نحو خشبة المسرح هي لحظة “الصدق المطلق”، كما يقول، وبالنسبة له يحاول أن يمتلك مع باقي عناصر الفرقة الأدوات الفنية التي تمكنهم من تقديم عمل مسرحي يحاكي الواقع ويغازله بصورة فنية وجمالية ممتعة.
يقول “لا ندرك السبب الحقيقي وراء هذه المغامرة سوى رغبتنا بالتأثير في مجتمعنا بشكل فعال، وأن نترك وثيقة فنية للتاريخ تعبر عن هذه المرحلة التي نمر فيها، هذا أكثر ما شعرنا به في العمل الأخير (حفلة عربية من أجل الحرية) في 25 كانون الأول الماضي”.
الفن كمحرك اجتماعي
يعتبر المخرج في فرقة طريق الخبز، أن الثورات وحالات التغيير الاجتماعي والسياسي، لابد أن تستحضر محركًا عاطفيًا يلتزم بالقضايا الجوهرية التي تسكن وجدان الشعب، وهنا يبرز دور الفن، فهو يعتقد أن “ثورة بلا فن لا تستحق الوجود”.
وما يميز الثورة السورية أن “التأثير الفني” بدا بشكل واضح وجلي منذ البداية من أغاني “يا حيف” لسميح شقير، إلى وصفي المعصراني ومالك جندلي والعديد من التجارب الفنية لمجموعات من الشبان، وهذا ما مكن الحراك من التطور وأعطاه بعدًا وجدانيًا لدى معظم الشباب.
الصراعات الطائفية تضيع بوصلة الثورة
أمام الشحن الطائفي، ومشاركة الميليشيات الطائفية في القتال إلى جانب النظام، طفت على السطح الصراعات المختلفة (الدينية والعرقية والطائفية)، وهو ما أدى إلى تعثر الثورة، وفق وصف الإبراهيم.
وزاد في ذلك، أن هذه الصراعات أفقدت الثورة بوصلتها الحقيقية نحو التحرر وبناء مجتمع يقوم على العدالة والمساواة، وانعكس على الفن وكان واضحًا وجليًا، وعليه تراجعت الأعمال الفنية كما ونوعا . و”هذا لا يعني النهاية فالفن بمختلف مجالاته يحتاج لفترات زمنية لينضج ويواكب مسيرة التغيير التي تطرأ على المجتمع”.