11 ديسمبر, 2011

إضراب الكرامة

سوريا

أنشطة ثورية

إضراب عام أطلقه ناشطون ليشمل جميع المحافظات والمدن السورية ردًا على ممارسات وانتهاكات النظام السوري

نهاية تشرين الأول 2011 بدأ ناشطون يدرسون إمكانية تفعيل خيار البدء بإضراب عام ودراسة كيفية تطبيقه واختيار الوقت المناسب للبدء به، بغية تحقيق أكبر مشاركة ممكنة، حيث كانت أغلب النقاشات بين الناشطين تدور آنذاك حول توقيت البدء، وطريقة تطبيق ذلك، ومدى استجابة الناس للدعوة إلى الإضراب والتفاعل معها، مع البحث في إيجاد أفضل وسيلة تمكن الجمهور المحايد والمتخوف حتى الآن من الانخراط في عملية التغيير، لأن الإضراب يوفر له إمكانية ذلك دون أن يتعرض لخطر مباشر كما هو الحال في التظاهر.

تم الاتفاق على أن  يبدأ الإضراب في يوم الأحد 11/12/2011، على أن يكون اسم الجمعة السابقة “إضراب الكرامة” (9/12/2011) لكي تكون إعلانا عن بدء الإضراب الذي عبر عنه بيان إضراب الكرامة بأنه ” “انطلاق تطوّر جديد داخل الثورة السوريّة”، داعيا “الشعب السوري العظيم” للالتزام “بالإضراب والالتزام به وتصعيده نحو العصيان المدني نستعيد زمام الفعل السياسي، وننزع فتيل الانقسام المجتمعي، ونرد خطر التدّخل الخارجي، ونضع الثوّرة على طريق الديمقراطية الحقيقيّة وتثبيت مفهوم المواطنة الكاملة بالحقوق والواجبات”، محددا هدفه بسحب الجيش والأمن من الشارع، وإطلاق سراح كافة معتقلي الثوّرة، وصولا لإسقاط النظام.

وحدد بيان الإضراب المراحل بست مراحل تسبقها مرحلة تحضيرية/إعلامية، تبدأ بامتناع تلاميذ المدارس عن دخول مدارسهم (يومي/ 11 و12 و13 ديسمير 2011)، مرفقة ببرنامج تفصيلي، على أن تكون المراحل كالتالي:

المرحلة الأولى: إغلاق الحارات الفرعية والشوارع الجانبية بشكل جزئي والذهاب إلى أماكن العمل دون القيام بأي عمل أو تأخيره ما أمكن، وإغلاق الهواتف المحمولة مدة أربع ساعات يوميا، من الثانية ظهرا وحتى السادسة مساءا، وتبدأ في يوم 14/12/2011، لتنهي في 16 من الشهر نفسه.

المرحلة الثانيّة: إضراب المحلات التجارية وهي مرحلة الإضراب القسري عبر إغلاق المحال عبر تزويد أبوابها بأقفال جديدة أو وضع مادة الصمغ في الأقفال. وتمتد من 16 الشهر نفسه حتى العشرين منه.

المرحلة الثالثة: وتشمل إضراب الجامعات، وتمتد من 21 الشهر حتى 23 منه.

 المرحلة الرابعة: وتشمل إغلاق الطرق في المدن والأرياف وقطع الطرق بين المدن والريف في كل محافظة على حدة وبين المحافظات، وتستمر من 24 الشهر وحتى 26 منه.

المرحلة الخامسة: إضراب موظفي الدولة، وتمتد من 27 الشهر حتى 29 الشهر نفسه.

المرحلة السادسة: مرحلة العصيان المدني الشامل، وتبدأ في الثلاثين من الشهر لتستمر حتى تحقيق المطالب المرفوعة.

بدا واضحا أن اليوم الأول من الإضراب كان نقلة نوعية جدا في مسار الانتفاضة السورية، حيث فرض الخبر نفسه على كافة وسائل الإعلام التي غطت الأمر بكثافة ساهمت في إيصال فكرة الإضراب إلى أغلبية السوريين، الأمر الذي يعطي مؤشر لمدى نجاح الحملة الإعلامية السابقة التي قام بها ناشطو الانتفاضة في المجال الإعلامي، حيث أفردت محطتا الجزيرة والعربية وغيرهما المجال واسعا لتغطية اليوم الأول و بداية المرحلة الثانية من الإضراب. إن التدقيق في الأنشطة التي قام بها الناشطون في الأيام الأولى من الإضراب تدل على فعالية النشاط الذي نجح في مناطق كثيرة، ولعل متابعة المقاطع المنشورة على الموقع حول هذا الأمر تدل على ذلك، كما أن بعض المحطات التلفزيونية خصصت برامجها وتقاريرها للحديث عنه كالجزيرة و العربية غيرها. ولكن رغم ذلك لم يتمكن الإضراب من التمدد نحو مفاصل هامة جدا في العاصمة السورية (دمشق) والعاصمة الاقتصادية ( حلب)، اللتين بقيتا بعيدتين عن الانخراط الفاعل في النشاطات السلمية بشكل جذري، رغم التزام بعض الأسواق التجارية بالإضراب، إذ رغم أن الناشطين عمدوا فعليا إلى قطع شوارع رئيسية في تلك العواصم ومدن أخرى، وعمدوا إلى قطع الطريق الدولي في درعا و حمص وقطعوا صلة الوصل بين الأرياف والمدن من جهة، وبين المدن فيما بينها من جهة ثانية، وبين المدن السورية والخارج من جهة ثالثة، إلا أن الإضراب لم يتمكن من التوصل إلى هدفه النهائي المعلن بالعصيان المدني، لأسباب كثيرة يأتي في مقدمتها، عنف النظام المفرط تجاه كل من ساهم في الإضراب الذي شمل عملية كسر أقفال المحلات المضربة ونهب محتوياتها وإجبار السكان تحت قوة السلاح على فتح محلاتهم وهو أمر تمكن الناشطون من رصده لفضح النظام عبر إرسال الفيديوهات للإعلام ، الأمر الذي دفع السكان إلى الخوف من الإضراب عدا عن ضعف التنسيق بين تنسيقات الانتفاضة نفسها لجعل الإضراب متكاملا، إضافة إلى دخول الانتفاضة مرحلة العسكرة التي باتت تتزايد يوما بعد يوم، الأمر الذي جعل قطاعات شعبية كثيرة تحجم عن المشاركة، إضافة إلى انقسام كوادر الانتفاضة نفسها بين مؤيدين للعمل السلمي ومؤيدين للعمل العسكري الذي كان إضراب الكرامة أول ضحاياه رغم الجهود الصادقة والنبيلة التي بذلت في هذا الشأن.