27 أغسطس, 2011

ليلة القدر في مسجد الرفاعي

مسجد الرفاعي، دمشق، سوريا

مظاهرات

مظاهرة حاشدة في مسجد الرفاعي بدمشق في أول رمضان بالثورة السورية.

بدأت القصة مع الدعاء، ولا سيما عندما ذُكِر المعتقلون طلباً للإفراج عنهم، فارتجّ المكان بصوت الحشد مؤمّناً بحرقةٍ، واقتحم مزيجٌ من الحزن والأمل نفوس الجميع. وعقب الصلاة ارتفعت أصوات التكبير، إيذاناً ببدء التظاهر، وارتفعت الهتافات بسرعة، وبدأت الصفوف الأولى من المتظاهرين قرب الباب الخارجي للجامع تتعرض لقمع رجال الأمن وشبّيحتهم، بالقنابل الصوتية والدخانية، ثم بالرصاص المطاطيّ والحيّ. مما أدى إلى انكفاء هذه الصفوف إلى الداخل، وبدء تشكّل حلم كلّ المتظاهرين السوريين في تلك المرحلة، وهو «الاعتصام»، الذي كان أكثر ما حرصت السلطة على منعه مهما كان الثمن.

وهو ما حدث بالفعل، فما أن ارتدّ المتظاهرون إلى داخل المساحة المغلقة من الجامع حتى اقتحم رجال الأمن الباب الرئيسي والساحة المكشوفة والممر الخارجي، وصاروا على الأبواب الداخلية الخشبية والزجاجية، يحاولون تحطيمها والدخول لقمع المعتصمين واعتقالهم. ولكن هؤلاء عمدوا بسرعةٍ إلى تدعيم الأبواب بالخزائن الموجودة، بعد أن تأكدوا أنّ سلميّتهم، وقدسيّة المكان، لا تعني لمهاجميهم شيئاً.

احتدّ الوضع، ولاسيّما بعد أن سيطر المقتحمون على الطابق العلوي، وأخذوا يقذفون المعتصمين بكل ما استطاعوا من خزائن… نيونات الإضاءة… الكراسي… حاملات المصاحف… بل والمصاحف نفسها! وفجأة ينبعث صوت الشيخ «أسامة الرفاعي»، إمام الجامع وخطيبه، يهدّئ توتّر المشهد منبئاً بقدوم عميدٍ عرض على الموجودين الخروج بسلامٍ من الباب الخلفي. انقسمت الآراء بين من أنهكه الوضع وخشي حدوث مجزرة، وبين من لا يصدّق هذه المزاعم والتعهدات، وهو ما صحّ بالفعل عندما تعرّض الخارجون للضرب، الذي لم يسلم منه الشيخ أسامة نفسه، على مكانته المعروفة في دمشق.

ولكن، عندما حملت لهم الهواتف النقّالة لبقية الموجودين أن خبر اعتصامهم ظهر على قنواتٍ عربيةٍ معروفة، واستفزّ مظاهراتٍ خرجت عقب صلاة الصبح من عددٍ من مساجد دمشق وريفها، شعروا بأنهم قد انتصروا بالفعل. ولم يبقَ أخيراً إلا أن يستجيبوا لأسرهم التي تجمهرت خارج الجامع في فقاعةٍ متحرّكةٍ كبيرةٍ تتلقّف كلّ من يخرج، وتبتلعه داخلها حتى تبتعد به عن متناول الشبّيحة، الذين كانوا قد أوقعوا عشرات الجرحى، وشهيداً واحداً، هو «محمد العلبي».