في الثامن عشر من شهر أبريل/ نيسان 2011، وعند الساعة الثانية إلا عشر دقائق فجراً ارتكبت قوات النظام السوري “أول مجزرة منظمة” بحق المتظاهرين السلميين، الذين خرجوا في ساحة الساعة الجديدة بمدينة حمص، ونادوا بإسقاط بشار الأسد.
بعد شهر على اندلاع الثورة السورية شهدت مدينة حمص أول اعتصام في ساحة ساعتها الشهيرة، رداً على تزايد العنف من قبل قوات الأسد ضد متظاهرين.
وسبق الاعتصام، يوم 17 من أبريل/ نيسان 2011، مظاهرات عمت أحياء حمص وريفها، فيما تعاملت قوات الأسد معها بعنف، وقتلت ثمانية أشخاص في حي باب السباع والمريجة، وأربعة أشخاص في مدينة تلبيسة.
في اليوم التالي شارك الآلاف في تشييع قتلى باب السباع، انطلاقاً من الجامع النوري الكبير وصولاً إلى مقبرة الكتيب الأحمر، مرددين هتافات تطالب بإسقاط نظام الأسد.
وعقب ذلك توجه المتظاهرون إلى ساحة الساعة للاعتصام، وبدأ الآلاف منهم بالتوافد من البلدات والقرى المجاورة.
واستمروا على هذا المنوال حتى منتصف الليل، رغم الوصول العديد من التهديدات من قبل قوات الأسد لبعض الأشخاص، بضرورة فض الاعتصام والذهاب إلى المنازل.
ومع إصرار أهالي على استمرار الاعتصام، بدأت عناصر من “الفرقة الرابعة” و”المخابرات الجوية” بعمليات اقتحام لتجمعات المتظاهرين، مطلقين الرصاص الحي لساعتين متواصلتين.
وفي تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، نقلت عن أحد الشهود قوله: “حوالي منتصف الليل اقترب شيخ من المنصة تحت برج الساعة، وأعلن أنه تلقى مكالمة من ضابط في قصر الرئاسة يهدد بأنه على جميع المتظاهرين التفرق، وإلا فهم يتحملون النتيجة”.
بعد ذلك، ولمدة عشرين دقيقة متواصلة، لم يُسمع في الأرجاء سوى إطلاق النار الكثيف من قبل عناصر نظام الأسد.
حتى الآن لا يعرف عدد القتلى الذين سقطوا في المجزرة لسببين، حسب تقرير صادر عن “اللجنة السورية لحقوق الإنسان“.
الأول: أن قوات الأمن سحبت جثث القتلى، ولم يكن من الممكن لأي من المعتصمين العودة إلى الساحة للتعرف على جثث القتلى وإجراء التوثيق، وبالتالي لم يتمكن ذوو الضحايا من معرفة مصيرهم، وما إذا كانوا في عداد المختطفين أو القتلى.
أما السبب الثاني فإن “المجزرة كانت من أوائل المجازر التي شهدتها سورية، وبالتالي فإن مهارات التوثيق التي تطورت لاحقاً بشكل كبير لم تكن متوفرة في ذلك الوقت”.