دفع توسّع المواجهات جنوبي وغربي حلب أواسط عام 2013 ثوار المدينة للتفكير في ضرب طريق الإمداد حولها انطلاقاً من الريف، ليدخلوا ضمن غرفة عمليات مشتركة مع كتائب الريف بدؤوا فيها معركة “رصّ الصفوف”، والتي كان لها من اسمها نصيب.
فأهمية هذه المعركة لا تقتصر على المناطق التي استهدفَت تحريرها فقط جنوبي المدينة، بل في كونها أول تجربة عسكرية واسعة مشتركة بين ثوار المدينة والريف الغربي، ولأول مرة بات التخطيط للعمل العسكري يتم على مستوى المحافظة ككل، فكتائب الثوار من ريفي حلب الشرقي والشمالي كانت توجد بكثافة داخل الأحياء الشرقية من المدينة منذ تحريرها، لتأتي معركة “رص الصفوف” رفعاً لسوية التواصل العسكري ليشمل أرياف المدينة الغربية والجنوبية، وليصبح الثوار في أرياف حلب الشمالية والشرقية والغربية والجنوبية مع المدينة يتحركون بتنسيق مشترك عالٍ، ليس على مستوى القيادة فحسب، بل على المستوى الميداني أيضاً.
كما سمحَت المعركة بخلق تواصل من نوع خاص بين “تجمع فاستقم” من المدينة مع لوائي “الأنصار” و”أمجاد الإسلام” من ريف حلب الغربي، فانشغال تشكيلات الريف الغربي في معارك منطقتهم منعهم -باستثناء كتائب نور الدين الزنكي- من المشاركة في معركة تحرير المدينة، والتي خلقَت حساسيّة بين كتائب ثوارها وكتائب ثوار الريف الحلبي الشمالي والشرقي المشاركين في تحريرها، وهو ما جعل التواصل بينهم (التجمع – الأنصار – الأمجاد) يبدأ دون حساسية مسبقة، مختبِرين إمكانياتهم ضمن معركة عسكرية يستهدفون فيها تحرير منطقة لا ينتمي إليها أكثر مقاتليهم (ريف حلب الجنوبي)، فجنّبهم ذلك حساسيّةً -كالموجودة في مدينة حلب- تنشأ بشكل طبيعي عند تحرير أي منطقة يشترك فيها أبناؤها وأبناء مناطق أخرى.