في السجن لا حياة، فأنت مجبر على اختراعها، بل أنت مطالب بأن تمنح ذاكرتك ما يمكنّها اختراع الحياة أيضًا. نعم؛ في السجن نخترع الحياة ونصوغها، كما تستطيع ذاكرتنا أن تفعل، نخترع شخوصًا ونحبهم أو نكرههم، وربما نقتلهم، ونخترع مطارح ومعارك ننتصر فيها أو نهزم، ونخترع نساءً لكي نبكي حنينًا إليهن، فنضاجعهن كما لو أننا نصلي، ونكتئب إن هجرننا، وربما نحاول الانتحار. في السجن، من لا يتقن اختراع الحياة، سيسحبه اليأس إلى لجّة الموت. في السجن، في هذا المضيق الذي يفصل بين موت وحياة، نتعلق بذاكرتنا وكأنها طوق نجاة، وحدهم من سُجنوا ومن يسجنون، لآماد طويلة وفي شروط شديدة القسوة والبشاعة والحرمان